ربما نستطيع تحمل تكاليف امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي

3 دقائق
محطة التقاط الهواء المباشر التابعة لشركة "كربون إنجنيرنج" في سكواميش في مقاطة كولومبيا البريطانية. مصدر الصورة: كربون إنجنيرنج

بينما قد يتطلب تجنب أسوأ أخطار تغير المناخ على الأرجح امتصاص ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، إلا أن علماء بارزين طالما استبعدوا فكرة استخدام هذه التقنيات لأنها باهظة التكلفة.

لكن توصّل تحليل جديد مفصل نُشر اليوم في مجلة "Joule" إلى أن الالتقاط المباشر للهواء قد يكون في النهاية عمليًا. وخلصت الدراسة إلى أن هذه العملية ستتكلف ما بين 94 و232 دولارًا لكل طن من ثاني أكسيد الكربون المحتجز، إذا استخدمت التقنيات الحالية على نطاق تجاري. وقدرت دراسة نُشرت في دورية "Proceedings of the National Academies" - هذا الرقم بما يزيد على 1000 دولار (لكن الحسابات قد أجريت بناءً على ما يعرف باسم أساس التكلفة المتجنبة والذي سيضيف نحو 10٪ إلى أرقام الدراسة الجديدة).

الأهم من ذلك أن التصميم الأقل تكلفة - المطور بشكل مثالي لإنتاج وبيع أنواع الوقود البديلة المصنوعة من ثاني أكسيد الكربون الملتقط من الهواء - يمكن أن يكون مربحًا بالفعل مع السياسات العامة القائمة في أسواق معينة (انظر "أخيراً قد يبدأ عصر التقاط الكربون "). وتتعلق التقديرات ذات التكلفة الأعلى بالنباتات التي يمكن أن توصّل ثاني أكسيد الكربون المضغوط للتخزين الدائم تحت الأرض.

إن الحد من تكلفة الالتقاط المباشر للهواء قدر الإمكان أمر بالغ الأهمية؛ إذ يشير عدد متزايد من الأبحاث إلى أنه من المستحيل تقريباً منع درجات الحرارة العالمية من الارتفاع أكثر من 1.5 درجة مئوية دون الاستعانة بشكل من أشكال التكنولوجيا على نطاق واسع. ووفقاً لبعض التقديرات، سيُصدر العالم ما يكفي من غازات الدفيئة للوصول إلى هذا المستوى من الاحترار في غضون بضع سنوات وحينها فإن إحدى الطرق الوحيدة لمقاومة هذه التأثيرات تتمثل في إزالة ثاني أكسيد الكربون من الغلاف الجوي، الذي بخلاف ذلك قد يبقى لآلاف السنين. ويقول ديفيد كيث، أستاذ الفيزياء في جامعة هارفارد والمؤلف الرئيسي للبحث، إن النتائج يجب أن تحول مفهوم التقاط الهواء المباشر من فكرة البرمجيات الوهمية "Vaporware" إلى "شيء يمكن بناؤه باستخدام التقنيات الصناعية الحالية".

كيث هو أيضاً مؤسس "كربون إنجنيرينج" (Carbon Engineering)، وهي شركة ناشئة مقرها كالياري قضت السنوات التسع الماضية في تصميم وتنقيح واختبار منشأة تجريبية لإطلاق الهواء في سكواميش في بريتش كولومبيا. (انظر " تعرف على منشأة صناعية تمتص ثاني أكسيد الكربون مباشرة من الهواء".) وتحاكي الدراسة، الممولة جزئيًا من وزارة الطاقة الأمريكية، إصدارًا موسعًا مستنداً إلى الأداء الفعلي للمنشأة وبيانات التكلفة الخاصة بها.

المحطة التجريبية تنتج بالفعل كميات صغيرة من الوقود الاصطناعي.
مصدر الصورة: كربون إنجنيرنج

يقول كيث: "أتمنى أن ينطوي ذلك على تغيير حقيقي في نظرة المجتمع للتكنولوجيا".

في عام 2011، أطلق بحثان مهمان ناقوس الموت للالتقاط المباشر للهواء، وخلصا إلى أن هذا النهج سيكلف أكثر بكثير من تكلفة التقاط غازات الدفيئة من مداخن محطات الطاقة.

 وفي هذا الصدد قال هوارد هيرتزوج - الباحث الرئيسي في مبادرة الطاقة في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا الذي شارك في الدراسة التي توصلت إلى أن التكاليف قد تزيد على ألف دولار للطن في ذلك الوقت "سيكون هذا حلاً عظيماً إذا كان حقيقياً."

وفي مقابلة نشرت هذا الأسبوع، أشاد هيرتزوج بالتحليل المفصل في الدراسة الجديدة، لكنه قال إنه لا يزال يساوره بعض الشكوك في بعض الافتراضات المالية. ويتوقع أن تواجه شركة كربون إنجنيرينج تكاليف وتحديات أعلى مما تتوقع في الوقت الذي تتحرك فيه لبناء مصانع أكبر.

ويقول: "حتى تتمكن من تأكيد التكاليف والأداء على نطاق واسع، عليك دائماً أن تنظر إلى هذه التكاليف بدرجة من الشك، فما زلت أعتقد أن الرقم النهائي قد يكون عدة أضعاف".

تنشأ اختلافات التكلفة عن الدراسات السابقة بصورة أساسية من خيارات التصميم المختلفة. ويشمل ذلك استخدام الهياكل المكدسة أفقياً وليس عمودياً، وانخفاض متطلبات الطاقة نتيجة تحسين التكامل الحراري في هذه العملية، إلى جانب مصادر الطاقة المختارة لتشغيل المحطة.

تسعى شركة كربون إنجنيرينج إلى دمج الكربون الملتقط في مصانعها مع الهيدروجين لإنتاج وقود اصطناعي خالٍ من الكربون، وهي العملية التي تنفذ حاليا في المرفق التجريبي. سينطوي إنتاج أنواع الوقود هذه على تكلفة أكبر من البنزين القياسي والديزل، وبالتالي فإن حجم واستقرار السوق بالنسبة لها يعتمد إلى حد كبير على الدعم.

بعد اختبارات ناجحة في المنشأة التجريبية، تخطط شركة "كربون إنجنيرنج) لبناء منشأة أكبر لبيع الوقود.
مصدر الصورة: كربون إنجنيرنج

وقد حصلت شركة كربون إنجنيرينج على 30 مليون دولار حتى الآن، وهي تبحث حاليًا عن أموال إضافية لبناء منشأة أكبر تبدأ بيع الوقود لكن على نطاق صغير نسبياً.

لكن هذه الأنواع من الوقود الخالي من الكربون لن تساعد مباشرة في خفض الكربون في الغلاف الجوي (ما لم يتم استخدامها في أنظمة تلتقط الكربون أيضًا). ولتحقيق مكاسب حقيقية في التخلص من غازات الدفيئة، قد يحتاج العالم في النهاية إلى أن يخزن بصورة دائمة كميات هائلة من ثاني أكسيد الكربون المحتجز، بدلاً من إطلاقه مرة أخرى عندما يحترق الوقود الاصطناعي. من المؤكد أن القيام بذلك على نطاق واسع سيتطلب تخفيضات كبيرة في التكاليف، أو سعر مرتفع على الكربون، أو دعم آخر من السياسة العامة.

ويقول كيث إن إنتاج الوقود الاصطناعي يوفر نموذج أعمال مستدام يمكن أن يساعد الشركات على التوسع وخفض تكاليف التكنولوجيا، مما ييسر الطريق إلى هذا الهدف النهائي.

لكن هيرتزوج، الذي درس أيضا تحديات تحويل ثاني أكسيد الكربون إلى وقود، ما زال يساوره الشك في أن الأرقام ستناسب حتى نموذج العمل المبدئي هذا.

وهو يقول في هذا الصدد "إنه أمر صعب للغاية، بل أكثر صعوبة إذا كان ثاني أكسيد الكربون مستمد من المصدر الأغلى ألا وهو الهواء".

المحتوى محمي