رؤية سامسونج للجيل السادس من الشبكات الخلوية

4 دقائق
مصدر الصورة: سامسونج

ما زالت شبكات الجيل الخامس الخلوية في المراحل المبكرة من تطبيقها وانتشارها. وحالياً، فإن النسخة التي تعد الأكثر انتشاراً من خدمة الجيل الخامس هي الشبكات غير المستقلة، أي المبنية بالاعتماد على بنية تحتية موجودة سابقاً، وما زال أمام شبكات الجيل الخامس المستقلة (أي المبنية بالاعتماد كاملاً على بنية تحتية مخصصة لها) طريق طويلة قبل أن يتم تنجيزها. غير أن عالم الاتصالات لا يتوقف، ولهذا -وفي انتظار انتشار شبكات الجيل الخامس عبر العالم- قررت سامسونج أن تضع شبكات الجيل الجديد -السادس- نصب عينيها منذ الآن، ونشرت منذ الآن تقريرها الخاص حول شبكات الجيل السادس.

تدرك سامسونج أن الطريق طويل للغاية، ووفقاً لسونجيون تشوي، مدير مركز أبحاث الاتصالات المتقدمة في سامسونج، فإن الاستعداد للجيل السادس منذ الآن ليس سابقاً لأوانه؛ لأن الانتقال من مرحلة الأبحاث إلى مرحلة الاستثمار التجاري لجيل جديد من تكنولوجيا الاتصالات يستغرق عادة حوالي 10 سنوات. ولهذا، يتوقع مسؤولو سامسونج أن تُعرف معايير الجيل الجديد في 2028، ويبدأ استثماره التجاري في 2030. ولكن، ماذا يقدم الجيل السادس؟

قالت الشركة الكورية العملاقة في مجال الهواتف الذكية إنه سيكون هناك ثلاث خدمات أساسية في الجيل السادس: الواقع الاندماجي الموسَّع (XR)، والهولوجرام الخليوي عالي الدقة، والنسخ الرقمية المطابقة.

لننتقل الآن إلى التفاصيل التي حملتها الورقة البيضاء التي نشرتها شركة سامسونج.

ماذا يمكن أن نتوقع من شبكات الجيل السادس؟

ترى سامسونج أن الانتقال من الجيل الخامس إلى الجيل السادس، سيتيح تحقيق تحسينات واضحة على صعيد كل من السرعة والتأخير والوثوقية. وتقول إنه على الرغم من أن الجيل الخامس مصمم لتحقيق معدل نقل بيانات بذروة 20 جيجا بت في الثانية، إلا أن هدفها التالي هو تحقيق ذروة تصل إلى 1,000 جيجا بت في الثانية، ومعدل نقل بيانات مباشر للمستخدم بقيمة 16 جيجا بت في الثانية.

تعتقد سامسونج أيضاً أن التأخير الزمني للمستخدم سيكون أقل من 10 ملي ثانية، والتأخير الزمني للنقل اللاسلكي سيكون أقل من 100 ميكرو ثانية (حيث يبلغ في الجيل الخامس 1 ملي ثانية). إضافة لذلك، من المتوقع أن نشهد تحسناً بمقدار 10 أضعاف في الوثوقية بالنسبة للخدمات التي تتأثر بالتأخير الزمني، مثل إجراء العمليات الجراحية عن بعد والاستجابة للطوارئ، مقارنة بشبكات الجيل الخامس.

لأية أغراض يمكن أن نستخدم شبكات الجيل السادس؟

مقارنة بين الجيل الخامس (رمادي) والجيل السادس (أزرق)؛ حيث يُفترض بالجيل السادس أن يتفوق على الجيل الخامس من جميع النواحي، وتلعب أنظمة الصيانة الآلية التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي دوراً هاماً في التطبيق التقني، وذلك وفقاً لسامسونج.
مصدر الصورة: سامسونج

بحثت الشركة الكورية الجنوبية أيضاً في عدة حالات استخدام لهذه التكنولوجيا، وأولى هذه الحالات هي الواقع الاندماجي الفعلي الموسع (الذي يجمع بين أنواع الواقع الثلاثة: المعزز والافتراضي والمختلط). تقول سامسونج إن بث الواقع المعزز إلى شاشة بدقة 8K يتطلب حالياً سرعة نقل بمقدار 55.3 ميجا بت في الثانية، وتؤكد أن الواقع المعزز "فعلي الاندماج" يتطلب سرعات تقارب 0.44 جيجا بت في الثانية. وتقول الشركة أيضاً إن بث الواقع الافتراضي بدقة 16K يتطلب سرعات على الوصلة الهابطة تقارب 0.9 جيجا بت في الثانية، وتقول إن وصلات الجيل الخامس الحالية لا يمكن أن تؤمن هذه السرعة.

اقترحت سامسونج أيضاً حالتي استخدام أخريين للجيل السادس، وهما الهولوجرام عالي الدقة والنسخ الرقمية المطابقة أو التوائم الرقمية لبناء نسخ رقمية للأشخاص والأجهزة والأماكن وغير ذلك. ووفقاً للشركة، يحتاج الهولوجرام عالي الدقة بالحجم البشري إلى سرعات من رتبة عدة تيرا بتات في الثانية.

أساس الجيل السادس: استخدام الذكاء الاصطناعي لصيانة الشبكة

يمثل تأسيس وصيانة شبكات الاتصال عملاً مكلفاً للشركات الخلوية. ويمكن أن يقوم الذكاء الاصطناعي بتخفيض تكاليف الاستثمار والتشغيل إلى حد كبير في شبكات الجيل السادس، وذلك مثلاً عن طريق تخفيض استهلاك الطاقة أو توقع مشاكل الشبكة وإطلاق عملية الإصلاح آلياً.

من الأهمية القصوى بمكان أن يأخذ تصميم شبكة الجيل السادس الذكاءَ الاصطناعي بعين الاعتبار منذ البداية، كما تقول الشركة إن هناك كميات هائلة من البيانات التي تخص مئات المليارات من الآلات المتصلة والأشخاص المتصلين، ويجب جمعها واستخدامها ضمن أنظمة الجيل السادس.

واقع موسع ذو اندماج فعلي

يقول باحثو سامسونج إنه توجد فجوة في التوقعات ما بين تكنولوجيا الواقع الموسع الموعودة -وتحديداً ما نراه في أفلام الخيال العلمي من حيث الإسقاط المجسم للمحتوى وواجهات التحكم باستخدام تجهيزات ذات حجم سهل الاستخدام- وقدرات العتاد الصلب المحدودة من حيث سرعة المعالجة وطاقة البطارية لتكنولوجيا الهواتف الخلوية الحالية، وإن هذه الفجوة كفيلة بالمساعدة على تحقيق انتشار كبير لتكنولوجيا الواقع الموسع.

وفقاً لسامسونج، فإن معيار الجيل الخامس المقبل لا يقدم سرعات كافية لتحقيق "واقع موسع فعلي الاندماج"، حيث إن إسقاط الواقع المعزز بجودة عالية باستخدام 16 مليون بيكسل يتطلب على الأقل سرعة قدرها 0.44 جيجا بت في الثانية، كما أن بث الواقع الافتراضي بدقة 16K ومعدل ضغط يعادل 1/400 يتطلب سرعة تقريبية قدرها 0.9 جيجا بت في الثانية. ويُفترض بأن يتمكن الجيل السادس من حل جميع هذه المشاكل عبر الإنترنت عالي السرعة، ونقل استطاعة الحوسبة المحلية إلى السحابة الإلكترونية التي تتمتع باستطاعة أكبر بكثير.

يُفترض أن تتمكن شبكات الجيل السادس من تحقيق وعود الخيال العلمي حول الواقع الافتراضي والمعزز. إضافة إلى ذلك، يعتقد باحثو سامسونج بإمكانية تحقيق اتصالات هاتفية باستخدام هولوجرامات مجسمة وتوائم رقمية عالية الدقة.
مصدر الصورة: سامسونج

قدرة حاسوبية هائلة للهاتف الهولوجرامي

وفقاً لسامسونج، سيصبح بالإمكان بث الهولوجرامات ثلاثية الأبعاد إلى الأجهزة المحمولة في شبكات الجيل السادس، وذلك بفضل عمليات الرسم السحابية السريعة للمجسمات. يُعرّف الباحثون الهولوجرام على أنه تكنولوجيا وسائط قادرة على عرض الإيماءات والتعابير الوجهية للشخص في فضاء ثلاثي الأبعاد باستخدام وسيلة عرض هولوجرامية.

إن بث هذه الصور البشرية المجسمة بدقة عالية في الزمن الحقيقي يتطلب مئات الأضعاف من سرعة شبكات الجيل الخامس، حيث يحتاج بث صورة هولوجرامية على شاشة خلوية بقياس 6.7 إنش (17 سنتيمتراً) وبدقة حوالي 11 جيجا بيكسل إلى سرعة قدرها 0.58 تيرا بت في الثانية على الأقل، أما نقل هولوجرامات بشرية بالحجم الطبيعي فيتطلب سرعة تبلغ عدة تيرا بتات في الثانية. من ناحية أخرى، فإن شبكات الجيل الخامس تصل إلى ذروة أدائها عند سرعة 20 جيجا بت في الثانية فقط.

الجيل السادس واستنساخ الواقع بالذكاء الاصطناعي

أما في السيناريو الثالث لتطبيقات الجيل السادس، يصف باحثو سامسونج التوائم الرقمية التفاعلية للبيئات والأجسام والأشخاص، التي يتم ترسيمها رقمياً باستخدام الذكاء الاصطناعي ونقلها إلى عالم من الواقع الافتراضي أو وسيلة عرض هولوجرامية باستخدام الجيل السادس.

يمكن نقل الأفعال في البيئة الافتراضية إلى الواقع عن طريق مزامنة أفعالك على التوأم الرقمي مع روبوت حقيقي على سبيل المثال، ويعمل الذكاء الاصطناعي على تحديث التوأم الرقمي وتطبيق التغييرات التي تطرأ بصورة تلقائية.

تقول سامسونج إن التحديات التقنية في هذا العمل كبيرة؛ حيث إن المتر المربع الواحد من النسخة الرقمية يحتاج تقريباً إلى 1 تيرا بيكسل، ويجب نقل هذه البيكسلات بسرعة قدرها 0.8 تيرا بت في الثانية بمعدل ضغط 300/1 وفترة تزامن تعادل 100 ملي ثانية.

في الختام

من الواضح أن تنجيز شبكات الجيل السادس ما زال أمراً بعيد المنال، ولكن من الجدير بالذكر أن هناك عدداً كبيراً من الشركات الأخرى -مثل إريكسون وهواوي وشاومي- التي تعمل على هذه التكنولوجيا بشكل أو بآخر.

المحتوى محمي