في الوقت الحالي غالباً ما تعتمد فرق الإنقاذ ووكالات الإغاثة على التكنولوجيا لإجراء مهام الإنقاذ ومساعدة المتضررين، ففي الماضي لم تكن هناك طرق مناسبة لإدارة الكوارث، ومع ذلك مع التطور التقني حالياً يمكن للدول التي شهدت كوارث ضخمة مثل الزلزال المدمر الذي وقع شمال سوريا وجنوب تركيا وبلغت قوته 7.8 على مقياس ريختر فجر يوم الاثنين 6 فبراير/ شباط الحالي، وخلف أكثر من 35 ألف ضحية في تركيا وسوريا وآلاف المصابين، أن تستعين بالتكنولوجيا من أجل إدارة أفضل لمثل هذه الكوارث.
على مر السنين، تم تطوير تقنيات جديدة لتحسين كفاءة وفعالية المستجيبين الأوائل، ما يزيد من تعميق الدور الذي تؤديه التكنولوجيا في الإغاثة في حالات الكوارث، حيث يعتبر دور التكنولوجيا في إدارة الكوارث مهماً للغاية، من خلال القدرة على مساعدتنا في الوصول إلى المنكوبين والتواصل مع بعضنا بعضاً بسهولة حتى نتمكن من العمل معاً لإيجاد حلول لتلافي آثار هذه الكوارث وإنقاذ العالقين وتقديم المساعدات العاجلة لهم.
اقرأ أيضاً: جوجل تتمكن من توقع الزلازل قبل 5 دقائق وعلى بعد 2,000 كيلومتر باستخدام كابلاتها البحرية الضخمة
أبرز الطرق التي يمكن أن تساعدنا بها التكنولوجيا في الاستجابة للكوارث
يجلب الابتكار التكنولوجي الحلول الرقمية للتعامل مع الكوارث الطبيعية التي تحدث فجأة دون سابق إنذار، مثل الزلزال المدمر الذي ضرب مناطق واسعة في المناطق الحدودية بين دولتي تركيا وسوريا مؤخراً، حيث تأتي فائدته غالباً في القطاع الإنساني، من خلال زيادة الكفاءة والاستجابة والوصول إلى المزيد من الأشخاص، خلال زمن قليل وبأقل تكلفة وإنقاذ المزيد من الأرواح.
وفي الوقت الحالي يتم تطبيق العديد من الحلول المعتمدة على التكنولوجيا، والتي تساعد في تقديم العون في أوقات النكبات، وإدارة آثار الكوارث الطبيعية بسرعة وكفاءة، مثل:
استخدام الطائرات المسيرة في تحديد أدق للمناطق المنكوبة
تُظهر الطائرات المسيرة (Drones) إمكانات هائلة في المساعدة في إدارة الكوارث، من خلال القدرة على رسم خرائط للمناطق المنكوبة بشكل أكثر فاعلية، وتقييم الأضرار في الوقت الفعلي، وزيادة الوعي بالموقف. كما يمكنها المساهمة في جهود الإغاثة الإنسانية من خلال تسليم المعونات الإنسانية الخفيفة مثل الأدوية المنقذة للحياة بشكل أسرع وأقل تكلفة وأكثر كفاءة.
علاوة على ذلك، يمكن للطائرات المسيرة الطيران في ظروف أكثر تعقيداً والوصول إلى مناطق يصعب الوصول إليها بواسطة المنقذين البشريين، بالإضافة إلى ذلك تمكّن كاميرات الأشعة تحت الحمراء وأنظمة الاستماع المتقدمة الطائرات المسيرة من الكشف عن الناجين من تحت الأنقاض وتوفر اللقطات الليلية الحية، ما يزيد من نجاح جهود الإنقاذ الحاسمة.
اقرأ أيضاً: خوارزمية تعلم عميق يمكنها كشف الزلازل بفلترة ضجيج المدينة
تمكين الاتصال عندما نكون في أمس الحاجة إليه
في أوقات الكوارث الطبيعية يعد الاتصال شكلاً أساسياً من أشكال المساعدة التي تربط الناس بالموارد الضرورية للبقاء على قيد الحياة، وتمكن المنظمات الإنسانية وفرق البحث والإنقاذ من تقديم المعلومات المنقذة للحياة بسرعة.
على سبيل المثال، تستفيد الحلول التكنولوجية مثل وحدة العمليات التكتيكية تاك أوبس (TacOps) من شركة سيسكو من أحدث تقنيات شبكات الهاتف المحمول، بما في ذلك تقنية ميراكي (Meraki) التي يتم التحكم فيها عبر السحابة، لإنشاء الاتصال عند وقوع الكوارث، وغالباً ما تكون أسرع مما يمكن أن توفره الحكومة أو مقدمو الخدمة المحليين.
تحليلات البيانات الضخمة وحقبة جديدة من الذكاء للاستجابة للكوارث
يتم إنشاء كميات هائلة من البيانات في أوقات الكوارث، والتي تشمل البيانات الشخصية والطبية وبيانات تحديد الموقع الجغرافي للطرق وتعقب الناجين وغيرها، حيث تمثل إدارة هذه البيانات تحديات، ولكن عند استخدامها بشكل فعّال، فإنها توفر معلومات حاسمة يمكن التصرف بناءً عليها، وترتيب أولويات جهود الاستجابة وتحسينها.
على سبيل المثال، يتم استخدام البرنامج مفتوح المصدر يوشاهيدي (Ushahidi)، لرسم خرائط الأزمات من خلال القيام بإنشاء قاعدة بيانات للتقارير ذات العلامات الجغرافية والمختومة بالوقت، والتي يتم جمعها عبر البريد الإلكتروني أو الرسائل القصيرة أو التغريدات، ومن هذه المعلومات يبني البرنامج صورة شاملة في الزمن الفعلي لما يحدث على أرض الواقع. البرنامج متوفر ويمكن لأي شخص الوصول إليه حتى غير المطورين، حيث تم استخدام المنصة في أكثر من 140 دولة.
اقرأ أيضاً: ديناميك ورلد: أداة جديدة من جوجل ترصد التغيرات في المعالم الطبيعية للأرض
أدوات تقنية للمساعدة في مواقع حدوث الزلازل
مع التطور التكنولوجي في الفترة الأخيرة واستجابة للعديد من الكوارث التي وقعت في جميع أنحاء العالم، ظهرت العديد من الأدوات التقنية التي أسهمت بشكل كبير في جهود الإغاثة في كوارث الزلازل، مثل استخدام الطائرات المسيرة والروبوتات لتحديد مكان الناجين ونقل المعلومات إلى فرق الطوارئ، بالإضافة إلى العديد من التقنيات الأخرى، مثل:
- مشروع سيرفال (SERVAL project): يسمح المشروع الذي تم تطويره استجابة لزلزال هايتي للهواتف المحمولة بالاتصال ببعضها بعضاً مباشرة حتى في حالة عدم وجود تغطية للشبكة.
- نظام تيرا (TERA): هو نظام نصي للرسائل النصية القصيرة مصمم للتواصل ثنائي الاتجاه بين وكالات الإغاثة والأشخاص المتضررين من الكوارث الطبيعية.
- نظام ناسا فايندر (NASA Finder): عبارة عن جهاز بحجم حقيبة يمكنه اكتشاف نبضات قلب الإنسان تحت 20 قدماً من الخرسانة الصلبة و30 قدماً من الركام.
- نظام أليرت (ALIRT): هي تقنية يمكنها إنتاج عروض ثلاثية الأبعاد عالية الدقة للتضاريس والبنية التحتية، حيث يمكن أن تساعد في تحديد التغيرات السكانية بالمناطق المنكوبة، ومناطق هبوط طائرات الهليكوبتر وظروف السفر على الطرق، ما يساعد وكالات الإغاثة في إرسال الموارد الحيوية بشكل فعّال، مثل الخيام والبطانيات والمياه والغذاء والإمدادات الطبية.
اقرأ أيضاً: كيف يمكن للتعهيد الجماعي أن ينقذ الأرواح عند وقوع الزلازل؟
دور منصات التواصل الاجتماعي عند حدوث الكوارث
تعتبر منصات التواصل الاجتماعي وسيلة مهمة للغاية لذوي المتأثرين بالكوارث الطبيعية في متابعة جهود الإنقاذ والاطمئنان على أحبائهم وعائلاتهم، فمثلاً توفر ميزة فيسبوك سافيتي شيك (Facebook Safety Check) لمن يتمكن من النجاة أن يُخبر أفراد عائلته وأصدقاءه حول العالم عبر منصة التواصل الاجتماعي بأنه بخير.
فعندما تتلقى إشعاراً من فيسبوك يسألك عما إذا كنت آمناً، انقر على خيار أنا آمن (I'm Safe)، وللسؤال عما إذا كان شخص آخر آمناً أثناء وقوع كارثة، اتبع الخطوات التالية:
- انتقل إلى صفحة الاستجابة للأزمات (Crisis Response) في أسفل الجهة اليسرى من صفحتك الرئيسية أو اضغط على هذا الرابط للانتقال إلى الصفحة مباشرة.
- اضغط في الصفحة وضمن خيار الأزمات الأخيرة (Recent crisis) على خيار متابعة الزلزال الذي ضرب شمال غرب سوريا (The Earthquake Across Northwestern Syria)، أو الزلزال جنوب شرق تركيا (The Earthquake Across Southeastern Turkiye).
- إذا أردت أن يطمئن عليك أحباؤك في الخارج أو في تركيا أو سوريا، اضغط في كلتا الصفحتين على خيار التحقق من الأمان (Safety Check) وسيتلقون إشعاراً بأنك بأمان.
- إذا أردت الاطمئنان على أصدقائك في المنطقة، سترى قائمة بأصدقائك الذين تم وضع علامة (آمن عليهم)، وقائمة بأصدقائك الذين لم يتم وضع علامة (آمن لهم) حتى الآن.
- إذا أردت الاطمئنان على صديق معين، استخدم شريط البحث للبحث عن الصديق باستخدام اسمه، ولكن ضع في اعتبارك أنه يمكنك فقط سؤال الأشخاص الذين تربطك بهم صداقة عبر الفيسبوك إذا كانوا آمنين.
- اضغط على خيار اسأل إذا كان آمناً (Ask If Safe) بجوار اسم صديقك.
- سيتلقى صديقك إشعاراً وسيتمكن من وضع علامة على نفسه إذا كان بأمان، بمجرد أن تسأل عما إذا كان صديقك آمناً.
كما يمكن للمتأثرين من زلزال تركيا وسوريا استخدام تطبيق الويب مفتوح المصدر جوجل بيبول فايندر (Google People Finder) ، المتاح بأكثر من 40 لغة في المساعدة في جهود الإغاثة، حيث يتيح التطبيق للمستخدمين النشر والبحث عن حالة الأشخاص المتضررين من الكوارث الطبيعية مثل الزلازل.
ختاماً، على الرغم من أن التكنولوجيا لا يمكن أن تحل محل الموارد الحيوية التي يحتاجها الناس في حالات الكوارث مثل الغذاء أو الماء أو المأوى، فإنها تعمل على تغيير جهود الإغاثة في حالات الكوارث وتمهّد الطريق لنهج متطور للمساعدات الدولية للوصول إلى المزيد من الناس بشكل أسرع وأكثر فاعلية ومرونة.