تقرير خاص

ما هو دور التقنية في دعم قطاع الدفاع والأمن؟

6 دقيقة
حقوق الصورة: بي أيه إي سيستمز

ملخص: أدركت الحكومات أهمية الاستفادة من الابتكارات التكنولوجية، خاصة في مجالات الدفاع والأمن. وقد أبرزت الحرب الروسية الأوكرانية دور الذكاء الاصطناعي في تعزيز القدرات العسكرية، حيث يُستخدم في جمع المعلومات الاستخبارية والمراقبة. تتسابق الدول مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا لتطوير هذه التقنيات، مع استثمارات ضخمة في أبحاث الذكاء الاصطناعي. تُستخدم الطائرات المسيّرة والصواريخ الذكية لتحسين الدقة وتقليل الأضرار الجانبية. كما تسهم تقنيات المحاكاة والواقع الافتراضي في تطوير الاستراتيجيت العسكرية. تسعى الدول لتعزيز كفاءتها التشغيلية وسرعة اتخاذ القرارات من خلال دمج الذكاء الاصطناعي في العمليات العسكرية الحديثة. وقد دعمت السعودية قطاعها العسكري بتجميع طائرة هوك محلياً، بمشاركة 25 شركة وطنية، ضمن رؤية 2030، بالتعاون مع بي أيه إي سيستمز.

أدركت الحكومات ضرورة اعتماد عقلية رقمية تمكنها من الاستفادة من الطفرات التقنية والكميات الهائلة للمعلومات الرقمية، وأصبحت صناعة الدفاع والأمن في طليعة القطاعات المستفيدة من الابتكار والتقنيات المختلفة، وفي مقدمتها الذكاء الاصطناعي، وهذا ما سلطت الحرب الروسية الأوكرانية الضوء عليه، إذ يجري صراع بين القوات على الأرض، إلى جانب آخر يجري في الفضاء السيبراني.

وتعمل أدوات الذكاء الاصطناعي على تعزيز قدرة الجيشين، إذ يسعى كل منهما إلى تحقيق ميزة استراتيجية على الآخر، فمن التطبيقات الأساسية للذكاء الاصطناعي في الحرب جمع المعلومات الاستخبارية والمراقبة، بالإضافة إلى استعانة الأفراد بالذكاء الاصطناعي للإسهام بالبيانات لصالح المجهود الحربي.

حتى قبل بدء هذا الصراع في فبراير/شباط 2022، كان الذكاء الاصطناعي عاملاً مهماً لدعم الهجمات السيبرانية التي سبقته. ومن ثم، اشتعلت حرب تقنية في القطاع العسكري بين الطرفين استعرض فيها كل منهما قدراته في هذا المجال، كاستخدام تقنيات التعرف على الوجوه لتمييز الجواسيس والتعرف على المتوفيين، أو استخدام الطائرات المسيّرة، وكلاهما يعتمد على الذكاء الاصطناعي.

لذلك، بدأت بعض الشركات العاملة في مجال الذكاء الاصطناعي بالاستثمار في تقنية الدفاع، وقد أصبح توجهاً جديداً بالنسبة لكثير من أصحاب رؤوس الأموال الأوروبيين، وازدادت التجارب العالمية فيما يتعلق بهذا الشأن، مثل إطلاق ساحة التدريب الألمانية الافتراضية المبنية باستخدام الذكاء الاصطناعي. كما سعت كبريات الشركات في قطاع الدفاع إلى تبنّي التقنيات  والذكاء الاصطناعي في خدماتها مثل شركة بي أيه إي سيستمز، التي تُعد من أكبر الشركات العالمية العاملة في مجال تطوير أنظمة الدفاع والفضاء والأمن وتقنية المعلومات المتقدمة، كما تقدم لعملائها في السعودية نطاقاً واسعاً من الخدمات خاصة في قطاع الدفاع والأمن.

لماذا أصبحت القدرات الرقمية عنصراً أساسياً في الاستراتيجيات العسكرية الحديثة؟

جاءت الحاجة إلى الاستعانة بالتقنية في الاستراتيجيات العسكرية منذ القدم، فقد بدأت منذ استخدام الأسلحة التي يمكنها أن تقتل دون التدخل البشري مثل الألغام البحرية والأرضية، وأنظمة الدفاع الصاروخي الجوي؛ إلا أنها كانت أسلحة دفاعية. وللتوصل إلى أخرى هجومية أكثر تعقيداً يمكن استخدامها عن بُعد، برزت قدرات الذكاء الاصطناعي.

وعلى مدى  العشرين سنة الماضية، أحدثت التقنيات الرقمية ثورة في الحروب الحديثة، إذ أصبح تنسيق الضربات الجوية يتم باستخدام وصلة البيانات الرقمية والكمبيوتر اللوحي. كما اعتمد القادة على أجهزة الرادار لتلقي تحديثات المعركة، ومشاهدة موجزات رقمية لمقاطع الفيديو، وأصبحت الصواريخ والقنابل الجوالة تستقبل تحديثات الاستهداف من خلال تحديد المواقع باستخدام الأقمار الصناعية، وعملت البيانات الرقمية المتدفقة على نقل تدفق مستمر من البيانات التي تُعالج عادة لاستخلاص رؤى قيّمة، تسهم في مساعدة الجيوش.

حالياً، يعيد الذكاء الاصطناعي تعريف مفهوم الحرب، إذ تظهر أحدث التقنيات العسكرية الآن بأسلحة وأنظمة تعمل بواسطته، فيمكن للطائرات المسيّرة، على سبيل المثال، المراقبة وتحديد الأهداف، أما الصواريخ الذكية والذخائر الموجهة بدقة، فإنها تستخدم الذكاء الاصطناعي لتحسين الدقة وتقليل الأضرار الجانبية.

وعلى الرغم من أن وادي السيليكون أصبح الآن قريباً من المؤسسات العسكرية في كل أنحاء العالم، فإن العلاقة بين القطاع العسكري والتقني لم تكن قوية هكذا من قبل، خاصة مع احتدام الجدل حول أخلاقية استخدام الذكاء الاصطناعي في الأسلحة المؤتمتة؛ لذلك يظل البشر متحكمين في هذه الأسلحة، حتى إن كان على مستوى بعض الأوامر البسيطة.

بدورها، تتسابق دول مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا لتبنّي هذه التقنية لتعزيز استراتيجيتها العسكرية، إذ تنفق المليارات على أبحاث الذكاء الاصطناعي وتطويره، لتزويد قواتها بهذه الأنظمة المتقدمة، كما تقر بعض الدول ميزانيات كبيرة لدعم الابتكار، فقد أطلقت المملكة المتحدة استراتيجية للذكاء الاصطناعي المخصص للدفاع.

عندما يتعلق الأمر بالاستراتيجيات العسكرية، فإن أهمية الذكاء الاصطناعي تكمن في تعزيز الدقة خاصة لأنه يتمتع بدقة أكبر من البشر، إلى جانب قدرته على العمل ضمن كل البيئات.

كذلك، يسهم الذكاء الاصطناعي في تسريع اتخاذ القرارات، وتحليل البيانات الضخمة، وتحسين الكفاءة التشغيلية، ما يسمح للقوات العسكرية بتنفيذ استراتيجيات معقدة بسرعة ودقة غير مسبوقة.

ثورة في بيئات المحاكاة العسكرية

من تطبيقات التكنولوجيا في قطاع الدفاع أساليب المحاكاة التي تعتمد على الواقع الافتراضي والواقع المعزز، وكانت السعودية أعلنت عن إدراج استراتيجية جديدة حددت 21 تقنية عسكرية، منها الذكاء الاصطناعي، سعياً لسد الفجوة التنافسية مع الصناعة العالمية خلال الفترة المقبلة.

ورصدت المملكة العربية السعودية نحو 71 مليار دولار لدعم القطاع العسكري، ما يشكل 21.5% من مجمل الإنفاق العام ضمن ميزانية عام 2024، علماً أنها خامس أكبر منفق عسكري على مستوى العالم في عام 2023، خاصة بعد أن ارتفع إنفاقها بنسبة 4.3% إلى ما يقدر بنحو 75.8 مليار دولار، وفقاً لبيانات معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام.

وتواصل السعودية دورها في دعم القطاع العسكري لديها، إذ لفتت أنظار العالم عام 2019 عند تدشين أول طائرة نفاثة من طراز هوك تم تجميعها وتصنيع بعض أجزائها محلياً، عقب خضوع الشباب السعودي الذي عمل عليها للتدريب لأكثر من سنتين على يد البرنامج السعودي البريطاني للتعاون الدفاعي بالتعاون مع شركة بي أيه إي سيستمز، وبمشاركة أكثر من 25 شركة وطنية، في إطار تحقيق مستهدفات رؤية 2030.

يأتي ذلك نتيجة تواجد قوي لشركة بي أيه إي سيستمز في السعودية لأكثر من 55 عاماً، حرصت فيها على تزويد القوات المسلحة السعودية بأحدث التقنيات المتطوّرة. وتجلى هذا التعاون في تدشين آخر طائرة نفاثة متقدمة من طراز (هوك تي 165)، جُمِّعت بأيدٍ سعودية بشكل كامل في فبراير/شباط عام 2024.

تقدم بي أيه إي سيستمز في هذه الطائرة، ثورة في تقنية المحاكاة، إذ تساعد المتدربين في التحكم في أحدث تقنيات محاكاة الرادارات فضلاً عن وسائل المساعدة الدفاعية. والمميز في الأمر أن هذه المحاكاة يمكنها أن تدعمهم ببيئة فريدة تدرب عقولهم على الانتقال إلى قمرة القيادة في طائرات الجيل الجديد من المقاتلات مثل طائرة تايفون متعددة المهام الشهيرة بمناوراتها القوية، أو (إف-35) المعروفة بقدرتها الفائقة على الهجوم في جميع الأحوال الجوية.

من هنا، يأتي الدور على قمرة القيادة في تجربة المحاكاة على طائرات هوك التي تقدمها بي أيه إي سيستمز، والمصممة مثل المنظومات الجوية، إذ تتيح للطائرة سلاسة التوجه إلى الخطوط الأمامية، مع نقل البيانات من أنظمة تخطيط المهام وإليها، واستخلاص المعلومات، بهدف تنفيذ المهام بدقة؛ وتأتي هوك بتكاليف أقل من نظيراتها.

وتتضمن قمرة القيادة أيضاً خرائط رقمية متحركة، وشاشة عرض المعلومات والشاشات المتعددة الوظائف المزودة بالألوان، كما تأتي مدعومة بأحدث أجهزة الكمبيوتر؛ حيث تعرض البيانات مثل تايفون و(إف-35)، إضافة إلى نظام هوتاس (HOTAS)  للتحكم في الطيران، وفيه ترتكز اليدان على دواسة السرعة ومقبض القيادة، كما تتميز بنظام الطيران دون الأسلاك.

ووفرت الشركة في ثورة المحاكاة هذه كلاً من أجهزة الاستشعار والرادرات والوسائل الدفاعية.

مستقبل التقنية في الدفاع

تُستخدم طائرات هوك للتدريب بكثرة، حتى بلغ إجمالي عدد ساعات الطيران بها عالمياً أكثر من 3.5 ملايين ساعة، في 18 بلداً حول العالم؛ لكن هذه الطائرة النفاثة لا توفر القدرة على الاستطلاع والمراقبة فحسب، بل إن تقنياتها المتطورة تمكنها من تأدية دور فعّال في المهام القتالية.

لذلك، تواصل بي أيه إي سيستمز عملها لاستحداث قدرات جديدة فيها، وبالفعل، يمكنها تعزيز تقنية الطائرة عن طريق شاشة عرض كبيرة ، فضلاً عن توفير خوذة مجهزة بشاشة عرض (Helmet Mounted Display).

وبرزت قوة خدمات الشركة في أثناء مشاركتها في معرض الدفاع العالمي 2024 الذي أقيم في الرياض، حيث حضرت مع شركائها في المملكة العربية السعودية وقد تلقت عقوداً لمبيعات عسكرية تجاوزت 114 مليون دولار.

وفي نسخة 2022 من المعرض قامت الشركة برعاية مركز القيادة والتحكم في المعرض، باستعراض قدراتها في مجال التوافق العملياتي، لكن ظلت التكنولوجيا تشغل حيزاً مهماً، فقد عرضت الأنظمة الإلكترونية الحيوية مثل أنظمة الحرب الإلكترونية، والتوجيه الدقيق، وأنظمة بقاء الطائرات، والمركبات الأرضية، والقدرات المدفعية، والقدرات البحرية الآلية، وإدارة المعلومات وتكنولوجيا حماية الشبكات والبيانات.

وعرضت القدرات المستقبلية للقتال الجوي، وتقنية طائرة الشحن الكهربائية المسيّرة (T-650)، التي تتميز بحد أقصى للحمولة يبلغ 300 كيلوغرام، لذلك يمكن استخدامها لإجلاء المصابين في ساحة المعركة، أو الخدمات اللوجستية الآلية وإعادة الإمداد في كل من التطبيقات البرية والبحرية، أو الحرب ضد الغواصات من خلال طوربيد ستينغ راي ذي الوزن الخفيف المتقدم، أو إجراء التدابير البحرية المضادة للألغام من خلال أداة تحييد الألغام المستهلكة، وبالطبع يمكنها البحث والإنقاذ البحري، والمراقبة والرصد.

وشمل عرض الشركة أيضاً طائرتها المسيّرة (PHASA-35) التي تعمل بالطاقة الشمسية، والتي تستخدم المصفوفات الكهروضوئية لتوفير الطاقة خلال النهار، وتُخزن في خلايا قابلة لإعادة الشحن للحفاظ على الطيران طوال الليل، لكنها تتميز تقنياً أيضاً بإمكانية استخدامها في توصيل شبكات الاتصالات مثل (5G)، إضافة إلى الخدمات الأخرى من الإغاثة في حالات الكوارث وحماية الحدود.

مع هذه التقنيات التي تدعم القطاع العسكري، يبدو أن المستقبل سيشهد المزيد منها، خاصة في إطار التقدم الذي توفره الكثير من الشركات، والميزانيات الضخمة للأبحاث والتطوير، مع الاستعانة بما يمكن أن يقدمه الذكاء الاصطناعي.

يمكنكم زيارة موقع شركة بي أيه إي سيستمز لمعرفة المزيد عن خدمات الشركة.

المحتوى محمي