دراستان تلقيان اللوم على الأمهات فيما يتعلق بوقت تعرّض الأطفال للشاشة

3 دقائق
مصدر الصورة: جيليك فانوتيجيم عبر أنسبلاش

توصَّلت الأبحاث في موضوع الوقت الذي يمضيه الأطفال أمام الشاشة -وهو ما يبعث غالباً على الحيرة- إلى بعض النتائج الجديدة؛ إحدى هذه النتائج بديهية تماماً، لكن الأخرى غريبةٌ بعض الشيء.

تأثير الأم: الجزء الأول
نُشرت دراستان في مجلة الجمعية الطبية الأميركية JAMA في الشهر الماضي. وقد أُجريت الدراسة الأولى بقيادة شيري ماديجان من جامعة كالجاري؛ حيث استخدمت في دراستها بياناتٍ استقصائية للتحقق مما إذا كان الأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة يحققون إرشاداتِ منظمة الصحة العالمية المتعلقة بالوقت الذي يمضونه أمام الشاشة أم لا، وهي توصي بألا يتجاوز هذا الوقت مدةَ ساعةٍ يومياً لهذه الشريحة العمرية. ووجدت ماديجان وزملاؤها أن حوالي 80% من الأطفال في عمر السنتين وحوالي 95% من الأطفال في عمر ثلاث سنوات يمضون أكثر من ساعةٍ يومياً أمام الشاشة. كما وجدت أن الأمهات اللائي يمضين وقتاً طويلاً على أجهزتهن، يميل أطفالهن أيضاً إلى قضاء وقتٍ أطول أمام الشاشة.

تأثير الأم: الجزء الثاني
في الدراسة الثانية، قامت إدوينا يونج وزملاؤها من المعاهد الوطنية للصحة بتفكيك لغز كيفية التقاط الأطفال لعاداتِ التعرُّض للشاشة في المقام الأول. حيث عاين فريق يونج بيانات 3895 طفلاً في مجموعتين؛ الأولى تشمل الأطفال بين عمري سنة وثلاث سنوات، والثانية تضمُّ الأطفال الذين تبلغ أعمارهم حوالي 8 سنوات. وقام الفريق بفحص العديد من العوامل التي يمكن أن تؤثر على الوقت أمام الشاشة، بما فيها عدد أشقاء الطفل ودخل الأهل ومستواهم التعليمي بالإضافة إلى استخدام الأمهات للشاشة، الذي برز مرةً أخرى باعتباره عاملاً هاماً. ومن المثير للاهتمام أنَّ عدد الأطفال في الأسرة قد برز كأحد العوامل المؤثرة أيضاً؛ حيث أمضى الأطفال الذين لديهم أشقاء وقتاً أطول أمام الشاشة.

هل تتحمل الأمهات حقاً مسؤوليةَ تعرُّض أطفالهن للشاشة؟
تتحمّل الأمهات القسطَ الأكبر من اللوم في هذه الدراسات بسبب الطريقة المعتادة التي يتم بها إجراء هذا النوع من الأبحاث. فهذه الطريقة تسمح بجمع البيانات وتحليلها والمقارنة بين مجموعات البيانات لكي تبقى مُتَّسقة مع مرور الوقت (في بحث يونج، تم جمع البيانات على دفعتين بين عامي 2007 و2019). كما أنها في المقابل تتجاهل كميةً كبيرة من المعادلة النموذجية لتربية الأطفال التي تشمل الوالدين معاً. وقد أشارت كلٌّ من يونج وماديجان إلى أنه من المقرر أن يتم إدراج البيانات المتعلقة بكلٍّ من الوالدين -وتأثيرهما بشكلٍ عام (أو عدمه) على الوقت الذي يمضيه أطفالهما أمام الشاشة- في هذا النوع من الأبحاث قريباً.

العادات السيئة لا تتركنا بسهولة
في دراسة يونج، أمضى الأطفال من المجموعة التي في عمر 8 سنوات وقتاً أقلَّ بكثيرٍ أمام شاشاتهم مقارنةً بالأطفال الأصغر سناً، ومن المرجح أن يعود السبب إلى أنهم في هذا العمر يبدؤون تخصيص جزءٍ من يومهم للمدرسة. لكن التعرُّض الكثيف للشاشة يرافقهم في السنوات اللاحقة؛ حيث قالت يونج في بريدٍ إلكتروني: "إن الجديد في الأمر هو أن ازدياد وقت التعرُّض للشاشة، حتى بين عمر السنة والثلاث سنوات، قد توافق مع زيادة وقت التعرض للشاشة حتى بعد بلوغ سن المدرسة".

أي الأطفال الذين هم الأقل تعرضاً للشاشة؟
عندما يكون الأطفال في دور الرعاية النهارية، فإنهم يشاركون في "اللعب الجماعي المنظَّم بعيداً عن مشاهدة الشاشة". كما تشير بيانات يونج إلى وجود علاقةٍ بين انخفاض وقت تعرُّض الأطفال للشاشة وامتلاك الأهل لشهادات تعليم عالٍ.

ليس كل وقت يمضيه الأطفال أمام الشاشة هو ضارٌّ بالضرورة
ما زال الجدل حول وقت التعرض للشاشة مُشوشاً؛ فبعض الخبراء يشيرون إلى ضرورة الاهتمام بنوعية المحتوى الذي يشاهده الأطفال عوضاً عن الاهتمام بالمدة. بينما يقول آخرون إن التعرُّض للشاشة يؤثر على تطور أدمغة الأطفال. ومع ذلك، فإن ماديجان ويونج تقولان إنه من المفضَّل أن يكون هناك اهتمامٌ أكبر من قِبل الأهل بهذا الأمر، بالإضافة إلى تقليل الوقت الذي يمضيه الأطفال أمام الشاشة. وتقول ماديجان: "يمكن تشبيه الشاشات بتقديم الوجبات السريعة غير الصحية للأطفال الصغار؛ فلا مشكلة إن قدمناه لهم بكمياتٍ قليلة، ولكن الإفراط فيه له عواقبُ وخيمة على صحتهم".

تربية الأطفال في وجود التكنولوجيا هي أمٌر جديد وشاقّ
هل من المفاجئ أن تلجأ الأمهات المُرهقات من متطلبات أطفالهن إلى استخدام آي باد بمثابة جليس أطفال لإشغالهم؟ في دول مثل أميركا مثلاً، الأمر ليس غريباً. ومع ذلك، فإن ما يمنح هاتين الدراستين أهميةً خاصة هو إيضاحهما كيف يصبح استخدام الأهل للتكنولوجيا نموذجاً لأطفالهم، مع تأثيراتٍ طويلة الأمد على الأطفال مع مرور الوقت.