يعتبر التخطيط الحضري الجيد ضرورياً لتحسين جودة الحياة في المدن وتوفير المتطلبات الأساسية، ليس للسكان الحاليين فحسب، بل للأجيال القادمة أيضاً.
لكن تواجه المدن اليوم مجموعة من التحديات التي يجب التعامل معها، هذه التحديات تجعل عملية التخطيط الحضري أكثر صعوبة وتعوق التنمية. من أبرز هذه التحديات، معدلات النمو الكبير والسريعة في عدد سكان المدن، بالإضافة إلى الزحف العمراني الأفقي الذي جعل المدن كبيرة للغاية وتتطلب الكثير من الموارد لخدمة سكانها.
مع وجود هذه التحديات، ينبغي أن نبحث عن حلول مناسبة يمكن تطبيقها لتحسين التخطيط الحضري وتوفير الرفاهية ومتطلبات الحياة الرئيسية للسكان.
أمثلة على التخطيط الحضري
في القمة العالمية للحكومات التي استضافتها مدينة دبي في الفترة بين 13- 15 فبراير/ شباط 2023، تحدث مطر الطاير، المفوض العام لمسار البنية التحتية والتخطيط الحضري وجودة الحياة في حكومة دبي، عن التجارب الناجحة لبعض مدن العالم في مجال التخطيط الحضري، كما استعرض تجربة مدينة دبي في هذا المجال.
اقرأ أيضاً: ما الذي يضفي على المدينة عظمتها؟ نظرة جديدة إلى البيانات الحضرية قد تقدم بعض الأدلة
قال الطاير إن هناك 4 عناصر رئيسية للتخطيط الحضري الناجح في أي مدينة وهي:
1. تخطيط استعمال الأراضي
المقصود بتخطيط استعمال الأراضي هو تحقيق التوازن بين الأنشطة سواء كانت اقتصادية أو تجارية أو سكنية أو ترفيهية، وهو عامل ضروري لتحسين جودة الحياة وتحقيق المنفعة الاقتصادية. وتعد العاصمة الدنماركية كوبنهاغن من المدن الرائدة في تخطيط استعمال الأراضي وتوفير احتياجات السكان بالاعتماد على قواعد البيانات.
2. البنية التحتية والنقل
توافر البنية التحتية الأساسية ووسائل النقل ضروري جداً لتلبية احتياجات المجتمع، فالعديد من المدن حول العالم تبنت مبدأ 15-20 دقيقة، ففي مدينة فانكوفر الكندية، يستطيع السكان الوصول إلى الخدمات الأساسية ضمن المدينة خلال مدة لا تتجاوز 15 دقيقة.
3. الاهتمام بالبيئة والاستدامة
يكون ذلك من خلال تقليل البصمة الكربونية وتبني الحلول المستدامة للمحافظة على الموارد وبقائها متاحة للأجيال القادمة. وقد أوضح الطاير أن دولة الإمارات العربية المتحدة تسعى إلى تقليل بصمتها الكربونية، وتطمح إلى الوصول لانبعاثات كربونية صفرية بحلول عام 2050.
وللتأكيد على أهمية الاستدامة والحفاظ على الموارد، أعلن رئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد آل نهيان عام 2023 عاماً للاستدامة، وهو العام نفسه الذي ستستضيف فيه الإمارات مؤتمر المناخ الدولي كوب 28 (COP28) في مدينة المعارض (إكسبو) بدبي.
اقرأ أيضاً: دائرة دبي الذكية توفّر تجربةً ذكية للسفر عبر تطبيق “دبي الآن”
4. المرونة والابتكار
يجب تبني سياسات مرنة، وإنشاء مرافق جديدة تهدف إلى الاستفادة من أهم الابتكارات التكنولوجية. في هذا السياق، قال الطاير إن مدينة دبي تهدف إلى تحويل 25% من وسائل النقل فيها إلى ذاتية القيادة بحلول عام 2030.
وفي نهاية عام 2023، ستكون في مدينة دبي 10 سيارات ذاتية القيادة تسير على الطرقات وتخدم المواطنين. قد يبدو هذا الرقم صغيراً، لكنها البداية فقط، وستتم زيادة عدد السيارات ذاتية القيادة في دبي عاماً بعد عام.
التخطيط الحضري في دبي
في إمارة دبي، هناك سعي لتحقيق هذه العناصر الرئيسية الأربعة المذكورة أعلاه، وقد أطلق حاكم دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عام 2021 ما عُرف باسم خطة دبي الحرية 2040، وهي خطة تحول استراتيجية تركز بشكلٍ أساسي على رفاهية الإنسان.
خطة دبي الحرية هذه هي الخطة السابعة التي يتم تطبيقها منذ عام 1960، وهي رؤية طموحة للغاية تسعى لجعل مدينة دبي أفضل مكان للحياة في العالم.
أهداف خطة التخطيط الحضري في دبي
تشمل هذه الخطة مجموعة من الأهداف أبرزها:
- توفير وسائل نقل مستدامة ومرنة، بحيث يكون 55% من سكان المدينة على بُعد 800 متر أو أقل من محطات النقل العام.
- تعزيز الاستثمارات وزيادة مساحة المناطق الاقتصادية ضمن المدينة لتبلغ مساحتها الكلية مجتمعة 168 كيلومتراً مربعاً.
- زيادة المساحات الخضراء في المدينة بنسبة 105%.
- زيادة مساحة الشواطئ العامة بنسبة 400%.
- المحافظة على مساحة 60% من المدينة كمحميات أو مناطق ترفيهية.
- المحافظة على المناطق الريفية في إمارة دبي.
- تطوير قانون التخطيط الحضري، الذي يُنظّم العلاقة بين المطورين والمستثمرين والمؤسسات الحكومية.
اقرأ أيضاً: أربعون دقيقة فقط للحصول على الإقامة في مدينة دبي الذكية
المناطق الحضرية
وفقاً للخطة، ستشمل مدينة دبي 5 مناطق حضرية هي:
- المركز التاريخي.
- مركز اقتصادي ومالي.
- مركز للسياحة والترفيه.
- مركز للمعارض والفعاليات.
- مركز للمعرفة والابتكار.
في هذه المناطق الخمس، سيتم توفير 80% من احتياجات السكان ضمن مجال 20 دقيقة.