تتسم المدن بمستوى عالٍ من الضجيج. وتصدر حركة المرور والقطارات والآليات على أنوعها الكثير من الضوضاء. وعلى الرغم من أن هذا لا يتجاوز كونه مجرد إزعاج بسيط في أغلب الأحيان، إلا أنه قد يتحول إلى مشكلة تؤدي إلى إزهاق الأرواح عندما يشوش على عملية كشف الزلازل. ويعود هذا إلى صعوبة كشف الإشارة الدالة على اقتراب الزلزال في بيانات أجهزة الاستشعار الزلزالية في خضم الاهتزازات العامة التي يولدها النشاط البشري عادة في المدن التي تضج بالحيوية، والمعروفة باسم الضجيج الزلزالي الحضري.
أوربان دينويزر: خوارزمية لفصل الضجيج الحضري عن الذي تسببه الزلازل
وقد اكتشف باحثون من ستانفورد طريقة للحصول على إشارة أكثر وضوحاً. فقد قاموا بابتكار خوارزمية تم وصفها مؤخراً في بحث منشور في مجلة "ساينس أدفانسز" (Science Advances)، ويقولون إنها تحسن قدرة شبكات المراقبة على كشف الزلازل في المدن وغيرها من المناطق التي تتضمن مساحات من المباني. وبفلترة الضجيج الزلزالي الحضري، يمكن لهذه الخوارزمية أن تحسن من الجودة الإجمالية للإشارة، وتستعيد إشارات ربما كانت ضعيفة للغاية لدرجة يستحيل تسجيلها.
وقد تكون الخوارزميات المدربة على فلترة الضجيج الزلزالي الحضري مفيدة على وجه الخصوص في محطات المراقبة في المدن المعرضة للزلازل وحولها في جنوب إفريقيا، والمكسيك، ومنطقة البحر المتوسط، وإندونيسيا، واليابان.
اقرأ أيضاً: جوجل تتمكن من توقع الزلازل قبل 5 دقائق وعلى بعد 2,000 كيلومتر باستخدام كابلاتها البحرية الضخمة
وتتم مراقبة الزلازل باستخدام أجهزة الاستشعار الزلزالية، والمعروفة أيضاً بمقاييس الزلازل، والتي تعمل باستمرار على قياس الموجات الزلزالية من الاهتزازات في الأرض. وقد تم تدريب خوارزمية التعلم العميق التي ابتكرها فريق ستانفورد، والتي تحمل اسم «أوربان دينويزر» (UrbanDenoiser)، على مجموعات بيانات من 80,000 عينة من الضجيج الزلزالي الحضري، و33,751 عينة تشير إلى النشاط الزلزالي. وقد تم جمع هذه العينات في كاليفورنيا من مناطق لونغ بيتش المزدحمة ومناطق سان جاسينتو الريفية، على الترتيب.
وعند تطبيقها على مجموعات البيانات المأخوذة من منطقة لونغ بيتش، اكتشفت الخوارزمية عدداً أكبر بكثير من الزلازل، وزادت من سهولة تحديد كيفية ومكان بدئها. وعند تطبيقها على بيانات من زلزال 2014 في مدينة لا هاربا، أيضاً في كاليفورنيا، تمكن الفريق من كشف دلائل زلزالية في البيانات "منزوعة الضجيج" تعادل أربعة أضعاف الرقم المسجل رسمياً.
اقرأ أيضاً: ما هي المدن الذكية؟ وما هي أبرز التكنولوجيات التي تجعلها ذكية حقاً؟
ليست المرة الأولى التي يُستخدم فيها الذكاء الاصطناعي للتنبؤ بالزلازل
ولكن هذا ليس العمل الوحيد الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتعقب الزلازل، فقد كان باحثون من جامعة بنسلفانيا يعملون على تدريب خوارزميات التعلم العميق لتوقع كيفية كشف الزلازل المقبلة بناء على التغيرات في القياسات، وهي مهمة حيرت الخبراء على مدى قرون كاملة. كما قام أفراد من فريق جامعة ستانفورد من قبل بتدريب نماذج على التقاط الطور، أو قياس أوقات وصول الموجات الزلزالية ضمن إشارة الزلزال، وذلك في محاولة لتقدير موقع الزلزال.
وتُعتبر خوارزميات التعلم العميق مفيدة على وجه الخصوص لمراقبة الزلازل لأنها قادرة على تخفيف عبء العمل عن اختصاصيي الزلازل البشر، وذلك كما تقول باولا كويليميجير، وهي أخصائية زلازل في جامعة هولواي الملكية في لندن، ولم تشارك في هذه الدراسة.
اقرأ أيضاً: باحثون يطورون خوارزمية تعلم آلي فائقة السرعة
ففي الماضي، كان أخصائيو الزلازل يدرسون الأشكال البيانية التي تنتجها أجهزة الاستشعار التي تسجل حركة الأرض خلال الزلزال، ويتعرفون على الأنماط بالنظر. وتقول كويليميجير إن التعلم العميق يمكن أن يجعل هذه العملية أكثر سرعة ودقة، وذلك بالمساعدة على دراسة تحليل كميات ضخمة من البيانات.
وتضيف قائلة: "إن إثبات نجاح الخوارزمية في بيئة حضرية مليئة بالضوضاء أمر مفيد للغاية، لأن ضوضاء البيئات الحضرية تمثل مشكلة قد يكون التعامل معها مسألة بالغة الصعوبة".