خلاف أوروبي حول حقوق النشر يثبت صعوبة معالجة مشاكل الإنترنت

3 دقائق

منذ فترة وجيزة، أصدر البرلمان الأوروبي قانوناً جديداً شاملاً سيغير من طريقة مراقبة حقوق النشر على الإنترنت في جميع الدول الثماني والعشرين ضمن الاتحاد الأوروبي. لقد أثار توجيه حقوق النشر جدلاً كبيراً، فقد بادر المئات من الأكاديميين المختصين بالملكية الفكرية إلى الكتابة عنه ووصفه بأنه ظالم للغاية، كما قام ويكيبيديا بتعتيم واجهة الموقع بالأسود احتجاجاً على التوجيه، وجمعت عريضة إلكترونية ضد هذا التوجيه أكثر من خمسة ملايين توقيع.

تُعتبر هذه النقلة هامة بالنسبة لمستخدمي الإنترنت حول العالم. لطالما كانت دول الاتحاد الأوروبي أكثر مبادرة من الولايات المتحدة في اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنظيم عمل الإنترنت والشركات التكنولوجية العملاقة – فقد بدأت بإصدار قوانين حول حماية البيانات، والآن حول حقوق النشر – ولكن مع تغير المزاج العام للشعب الأميركي، بدأ المشرعون الأميركيون بالنظر إلى الأوروبيين بحثاً عن الأفكار.

أثار قسمان محددان من القانون ردة فعل كبيرة. فأولاً، في المادة 11، يجب على محركات البحث والمواقع المشابهة أن تدفع للناشرين عندما تنشر مقتطفات قصيرة من موادهم.

لاحظ منتقدو هذه المادة أن بضعة شركات نشر كبيرة فقط ستتلقى معظم العائدات. ونظراً لأن جوجل وغيرها لا ترغب بدفع هذه التكاليف، فمن المرجح أنها ستلجأ ببساطة إلى عرض معلومات أقل من المواقع التي تفرض هذه الرسوم. وهو ما قد يؤدي إلى الإضرار بتجربة المستخدم، ويشجع مستخدمي محركات البحث على اللجوء إلى مواقع أقل دقة. وإذا حدث هذا، فسوف يؤول الوضع في نهاية المطاف إلى خسارة للجميع على حد سواء: محركات البحث، والناشرين (الذين ستقل زيارات مواقعهم)، والمستخدمين.

أما المادة الأكثر إثارة للجدل فهي المادة 13. والتي تقلل إلى حد كبير من المسؤولية القانونية لمواقع مثل يوتيوب فيما يتعلق بالمواد التي تنتهك حقوق النشر، وبطريقة يمكن أن نعبر عنها بأن المحتوى مذنب حتى تثبت براءته. واستجابة لانتقادات سابقة، أضاف المشرعون استثناءات محددة تشمل المحتوى الساخر وويكيبيديا. ولكن من الناحية العملية، ما زال الخبراء والناشطون يشعرون بالقلق من أن استخدام الفلاتر الآلية سيؤدي حتى إلى فلترة المواد غير المخالفة للقانون، وهذا يعود إلى أن أي موقع كبير يحتوي على مواد يقوم المستخدمون بتحميلها سيحتاج إلى أتمتة نظام التوافق مع حقوق النشر، وقد تتضمن الفيديوهات العديد من مسائل حقوق النشر المتشابكة، مثل المقاطع التي تتضمن عدة برامج، والموسيقى التصويرية، وغير ذلك. وستكون النتيجة حجب كميات كبيرة من المحتوى المتوافق مع القانون من منطلق احترازي.

يقول سيباستيان شويمر، وهو باحث في مركز قانون المعلومات والابتكار في جامعة كوبنهاجن، إن القانون لا يفرض استخدام الفلاتر الآلية، ولكنها "قد تكون من الناحية العملية الوسيلة الوحيدة لتجنب المسؤولية القانونية بالنسبة للمنصات المعنية". ويخشى شويمر أن المادة 13، وعلى الرغم من أنها تحل مشكلة من جهة، فهي تخلق العديد من المشاكل من جهة أخرى، ويقول: "يبدو أن القانون تجاهل المخاوف التي عبر عنها الأكاديميون ومنظمات المجتمع المدني والشركات الناشئة وغيرهم".

هناك بضعة استثناءات من هذه القاعدة، ويُتوقع التجاوب الفوري من أي موقع يتجاوز عمره السنوات الثلاث، ولكن الجهد المطلوب لتحقيق هذا قد يتسبب بالشلل للمواقع الأصغر التي تعمل منذ زمن ولكن بموارد محدودة للغاية عموماً. يُعتبر المؤسس المشارك في ويكيبيديا جيمي ويلز من أعنف المنتقدين لهذا الإجراء، وقد عبر عن إحساسه باليأس إثر إقرار القانون، وحذر أن أثر تطبيقه سيمتد إلى المواقع الصغيرة ذات المصادر المحدودة بدلاً من أن يقتصر على الشركات التكنولوجية العملاقة التي تمتلك الميزانية اللازمة للتكيف معه، وقد ذكر في إحدى تغريداته: "بصفتكَ من مستخدمي الإنترنت، فقد خسرتَ معركة كبيرة اليوم في البرلمان الأوروبي".

أضاف ويلز لإم آي تي تكنولوجي ريفيو شارحاً معارضته للقانون: "ستتعرض الكثير من المواقع الصغيرة والقديمة والجميلة على الإنترنت إلى التنظيم كما لو أنها تمتلك نفس موارد الشركات العملاقة. وهذا يعني زيادة نفوذ المنصات الكبيرة".

أظهرت هذه المعمعة حول المادة 13، على وجه الخصوص، صعوبة إحداث أية تغييرات على الإنترنت. وعلى سبيل المثال، فإن الشركات التي يشملها القانون معرضة لمصدر صداع آخر، حيث أن كلاً من الدول الثماني والعشرين في الاتحاد الأوروبي يمكن لها أن تقرر كيفية تطبيق القانون لديها، ما قد يؤدي إلى 28 نظاماً مختلفاً لفرض هذا القانون، يتوجب حتى على المواقع الصغيرة نسبياً أن تتجاوب معها.

لا شك في أهمية الأسباب التي تدعو إلى استخدام القانون للتعامل مع زيادة النفوذ لدى الشركات التكنولوجية العملاقة. ولكن هناك مصالح لجميع الأطراف، مهما بلغ حسن نيتها، ومن دون عناية واهتمام في وضع القوانين، فمن الواضح أن الناس والمنظمات التي يسعى المشرعون إلى حمايتها، أي المستخدمين والمواقع الصغيرة، هم من سيتعرض إلى المشاكل في نهاية المطاف.