حان الوقت لتحديد أهداف العام الجديد، وإن كان هذا المفهوم مرتبطاً عادةً بمحاولات تخفيف الوزن أو ممارسة الرياضة، فإن هذه القرارات تحمل أهمية كبيرة على الصعيد التكنولوجي بالنسبة للشركات التي تتطلع لتجاوز التحديات التي يخبئها عام 2023 بنجاح. وفي هذا السياق، يُرجَّح أن يشهد عام 2023 تراجع الحماسة التي رافقت الرموز غير القابلة للاستبدال (NFT) والعملات الرقمية المشفّرة والميتافيرس خلال العام الماضي؛ مفسحةً المجال لتوجهات أكثر تعقّلاً، خاصة مع الضبابية التي تلفّ المشهدين الاقتصادي والجيوسياسي، والتي ستضفي المزيد من الحذر على المرحلة المقبلة من التطور التكنولوجي.
وعلى الرغم من أن محاولة توقع الأحداث المستقبلية دائماً ما تنطوي على صعوبات جمّة، قرر عدد من قادة ماكنزي للتكنولوجيا التصدي لهذه المهمة، وإلقاء نظرة استشرافية يحاولون من خلالها استكشاف ما قد تخبئه سنة 2023، ليقدموا مقترحاتهم بشأن القرارات الجديرة بالدراسة للعام الجديد.
التركيز على التوجهات التكاملية
ﻻرينا يي
شريكة رئيسية في مكتب سان فرانسيسكو
في عام 2022، حددنا 14 توجهاً تكنولوجياً من شأنها تغيير أسلوبنا في العمل والحياة. وشملت هذه التوجهات مجالات متعددة تراوحت من تقنيات الفضاء إلى التكنولوجيا النظيفة، مروراً بتكنولوجيات الذكاء اﻻصطناعي والواقع اﻻفتراضي التفاعلي. ويمكن لكل من هذه التقنيات بمفردها أن تُحدث تغييراً عميقاً، يكفي هنا أن نتخيل مقدار التحسن الهائل الذي يمكن الوصول إليه في تجربة رعاية العملاء باﻻعتماد على الذكاء اﻻصطناعي؛ إلا أن الشركات تستطيع تحقيق تأثير أكبر من خلال دمج ابتكارات من توجهات مختلفة في الوقت ذاته للوصول إلى قدرات جديدة.
وهكذا، فإن التحدي الذي يواجه المسؤولين التنفيذيين خلال عام 2023 لن يقتصر على اﻻستثمار في التوجهات الفردية أو تعزيز رصيد شركاتهم من كفاءات الهندسة البرمجية وحسب، بل سيشمل التفكير في السُبل التي تُتيح الجمع بين مختلف هذه التقنيات للوصول إلى إمكانات جديدة، وهو ما نُسمّيه "التوجهات التكاملية".
وقد بدأت التوجهات التكاملية تُثمر عن إمكانات جديدة ومميزة في مختلف القطاعات، سواء على مستوى الأعمال الموجهة للمستهلكين أو للشركات.
ونظراً للطيف الواسع من خيارات التكامل الممكنة بين التقنيات المختلفة، فإن اﻹبداع في "مزج المكونات" يصبح أساسياً لتحقيق النجاح. ومن اﻷمثلة على ذلك التقنيات التي تستخدمها السيارات الكهربائية الجديدة، والتي تشمل الحوسبة السحابية والطرفية لتشغيل شبكات الاتصال في السيارات، والذكاء اﻻصطناعي والتعلم الآلي الضروريين لمنطق القيادة واتخاذ القرارات بشكلٍ ذاتي، وتقنيات اﻻستهلاك المستدام والطاقة النظيفة التي تُمثّل جوهر مفهوم السيارات الكهربائية، ومنها على سبيل المثال ﻻ الحصر: المركبات الجديدة خفيفة الوزن والتحسينات في قدرات البطارية، وتقنيات البرمجة من الجيل الجديد التي تُتيح تسريع تطوير المزايا التي يستخدمها العميل مباشرةً، وتقليل الوقت المطلوب لطرح المنتجات تجارياً، وبنى الموثوقية التي تُتيح المشاركة اﻵمنة للبيانات. وتجمع هذه التقنيات المختلفة بين قدرات التشغيل الذاتي واﻻتصالي والذكاء والكهربة لتفتح الباب أمام مستقبل جديد من التنقل البري.
وعلى النحو ذاته، فإن العلاجات الطبية الجديدة، مثل العلاجات المعتمدة على زمرة الدم أو العلاجات الموجهة للخلايا، تعتمد على التطورات التي يتم تحقيقها في مجال الهندسة الحيوية (كالعلاجات المبتكرة المعتمدة على هندسة النُسج الحيوية)، وتقنيات الواقع اﻻفتراضي التفاعلي (كتقنيات العلاج عن بُعد)، وشبكة الويب 3 (التي تُتيح حفظ السجلات الطبية بشكلٍ دائم مع مزايا التوافق التشغيلي وإمكانية التعقب)، والذكاء اﻻصطناعي التطبيقي والتعلم الآلي (كتحسين مستوى معالجة الصورة والتحذيرات الصحية الوقائية)، والحوسبة السحابية والطرفية (التي تعزز قدرات معالجة البيانات والوصول إليها). وهنا، فإن أثر الجمع بين التقنيات المختلفة لا يقتصر على مجموع الأجزاء، بل يفوقه بأضعاف.
إعداد مجلس الإدارة لاعتماد التقنيات الواعدة
كليمنس هيارتار
شريك رئيسي في مكتب كوبنهاغن
نظراً للضبابية التي تخيم على الأفق الاقتصادي لعام 2023، ستضطر مجالس اﻹدارة إلى التفكير بعمق ودقة أكبر لدى اتخاذ القرارات التكنولوجية. وقد تحدثتُ الأسبوع الماضي وحده مع ثلاثة رؤساء تنفيذيين نوّهوا بضرورة الارتقاء بمستوى النقاشات حول التكنولوجيا مع مجلس اﻹدارة.
وبالتوازي مع التوقعات بتخفيض ميزانيات اﻻستثمار في تكنولوجيا المعلومات أو عدم زيادتها، فإن المسألة اﻷهم المطروحة على طاولة مجالس اﻹدارة تتمثل في كيفية إدارة الطاقات المتاحة وتركيزها على الجوانب ذات اﻷهمية الحقيقية في المجال التكنولوجي.
وتأتي أهمية هذا التركيز من كون العديد من التقنيات الثورية المتاحة، مثل شبكة الجيل الخامس والذكاء اﻻصطناعي والحوسبة السحابية، تشارف على نقطة التحول نحو اعتمادها على نطاق تجاري واسع. وكمثالٍ على ذلك، تظهر أبحاثنا أن الشركات تسعى لنقل أكثر من 60% من حجم بُنى تكنولوجيا المعلومات لديها إلى الفضاء السحابي بحلول عام 2025، فيما أفادت أكثر من 50% من الشركات بأنها تعتمد على الذكاء اﻻصطناعي في قسم واحد على اﻷقل من أعمالها.
وأمام هذا المشهد، سيكون على مجلس اﻹدارة الحفاظ على التوجه المستقبلي للأعمال، وإعطاء اﻷولوية التمويلية لتحسين الأسس البنيوية لتكنولوجيا المعلومات، بما يُتيح تعزيز السرعة واﻷمن والقدرة على مواجهة اﻷزمات إلى جانب إمكانية إعادة اﻻستخدام.
وعلى الرغم من أن هذه الجوانب ﻻ تُعد اﻷكثر تميزاً في عالم التكنولوجيا، فإن جهود أتمتة العمليات واﻻستثمار في أسس البيانات، والتخلص من الدين التقني، والتجديد المستمر لبنى تكنولوجيا المعلومات، هي ركائز ضرورية تُتيح للشركات الاستفادة الكاملة من التقنيات الجديدة التي تدخل المشهد.
وينبغي أن يتولى مجلس اﻹدارة بنفسه مهمة رسم الأولويات المتعلقة بتكنولوجيا المعلومات، وهي المهمة التي تُترك أكثر من اللازم لأقسام أو وحدات أعمال منفردة، خاصة وأن اﻻستثمار في اﻷسس التكنولوجية يفيد الشركة بأكملها، لذا فإن قيادة وتوجيه هذه الجهود يجب أن يكونا من مسؤولية مجلس اﻹدارة بالتعاون مع الفرق الإدارية العليا. وكقاعدة عامة، ينبغي تخصيص 15 إلى 20% من ميزانية تحديث بنى تكنولوجيا المعلومات لهذه الجوانب التأسيسية. ولكي يضمن مجلس اﻹدارة المشاركة الفعّالة في القرار على هذا المستوى، ينبغي للرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات والرئيس التنفيذي لشؤون التحول إجراء حوارات أكثر استمرارية وتواتراً مع أعضاء مجلس اﻹدارة بشكلٍ فردي حول اﻻحتياجات والأولويات في مجال التكنولوجيا.
إطلاق العنان لطاقات المهندسين الموجودين في الشركة
عامر بايج
شريك رئيسي في مكتب شيكاغو
من الواضح أن العام الجديد سيحمل معه الكثير من الضغوطات بالنسبة ﻷقسام التكنولوجيا، إذ إن تسريح الموظفين في القطاع، وإجراءات تخفيض النفقات المبدئية التي تشهدها معظم الشركات، تحتّم على قادة أقسام التكنولوجيا إتقان فنّ استثمار الإمكانات المتاحة إلى الحد اﻷقصى خلال عام 2023.
ويتمثل التحدي اﻷصعب في تحفيز الكفاءات التكنولوجية في الشركة لتقديم المزيد، وقد رأينا على أرض الواقع أنه يمكن الوصول إلى مستويات أفضل من اﻹنتاجية من خلال تكليف المهندسين بمهام أقل، بمعنى تقليل المهام اﻹدارية والبيروقراطية واليدوية الملقاة على عاتقهم. وتشير أبحاثنا إلى أن المهندسين في العديد من المؤسسات الكبرى ﻻ يقضون سوى 50% من وقتهم في مهام التطوير الفعلية، ولنا أن نتخيل النتائج التي يمكن تحقيقها عند تحسين هذه النسبة بواقع 10% فقط في شركة ضخمة تضم آﻻف المهندسين.
ويمكن للرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات أن يؤدوا دوراً مهماً في سد ثغرة اﻹنتاجية خلال عام 2023، من خلال اتباع منهجية أكثر علمية وتنظيماً في تطوير وتطبيق حرفة الهندسة. وتتمثل أولى الخطوات لتحقيق ذلك في الدراسة الدقيقة لتركيبة الفريق والتعرّف بشكلٍ أفضل على أعضائه الأفضل أداءً، حيث أظهرت أبحاثنا أن اﻷداء الهندسي للفرد قد يتفاوت بمقدار ضعفين أو ثلاثة أضعاف لدى تغيير الفريق الذي يعمل فيه.
ثانياً، يمكن النظر في عوامل اﻹلهاء التي تعوق المهندسين والتخلص منها قدر اﻹمكان، وهو ما يمكن التوصل إليه بإجراءات بسيطة في الكثير من الأحوال، كتقليل عدد اﻻجتماعات أو تعزيز إنتاجية منهجية الإدارة المرنة "أجايل"، ما من شأنه أن يزيد من الوقت المتاح للعمل.
أمّا الخطوة الثالثة فهي المضيّ في اﻷتمتة إلى أبعد حد ممكن لتقليل معاناة المهندسين من كثرة المهام اليدوية التي تعوق عملهم. وعلى سبيل المثال، من شأن أتمتة عمليات اﻻختبار أو اﻻمتثال أن تؤدي دوراً رئيسياً في تحرير طاقات المهندسين ليستثمروها في المهام التي يحبون ممارستها، وقد تمكن عدد من الشركات فعلاً من زيادة إنتاجية مهندسيها عشرة أضعاف من خلال اﻹجراءات المذكورة وغيرها من الخطوات المماثلة.
ولا تقتصر هذه المشكلة على اﻹنتاجية، فهي تتعلق بالكفاءات أيضاً. وقد تحدث الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات لدى إحدى شركات الاتصالات مؤخراً عن ضرورة أن تكون الشركة وجهة ﻷفضل المهندسين، إلا أنه لم يكن يأخذ بعين اﻻعتبار اﻷهمية التي يحملها أسلوب المطور في العمل كجزء من هذه المسألة.
اﻻستعداد لعصر اللامركزية في الابتكار
فيناياك إتش في
شريك رئيسي في مكتب سنغافورة
أثبتت الأحداث التي شهدها عام 2022 عدم صحة اﻻعتقاد القائل بأن الدور الريادي في اﻻبتكار (في مجال الذكاء اﻻصطناعي مثلاً) سيكون من نصيب الشركات ذات مجموعات البيانات اﻷكبر حجماً، حيث شهدنا ظهور العديد من الشركات الناشئة التي تقدّم منتجات جذابة لتنافس كبرى شركات التكنولوجيا.
وينعكس هذا الواقع في عددٍ من منتجات الذكاء اﻻصطناعي التي تحظى باهتمامٍ كبير، مثل ستيبل ديفيوجن ''Stable Diffusion''، والذي حصد 10 آلاف نجمة على غيت هاب (GitHub) خلال أقل من شهرين، أو تشات جي بي تي ''ChatGPT''، والذي تجاوز عتبة المليون مستخدم خلال خمسة أيام فقط. وقد طلبتُ من تشات جي بي تي مؤخراً كتابة قصيدة حول الويب 3، وقد فاجأتني القصيدة بجودتها، وإن كنت لا أعدّ نفسي ناقداً أدبياً. ومن المؤكد أن هذه التقنيات تنطوي على تطبيقات واسعة النطاق؛ بدءاً من تحسين البحث وليس انتهاءً بتعزيز إنتاجية المطورين.
وتمثّل هذه التطورات مؤشرات على الوصول إلى عصر "اللامركزية" على صعيد الذكاء اﻻصطناعي، والمقصود بها أن تطوير تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي المتقدمة لم يعد حكراً على الأطراف التي تمتلك مجموعات بيانات مركزية وكبيرة الحجم. ويمكن أن يشهد عام 2023 ظهور مؤشرات أولية على التغييرات الكبيرة التي ستحدثها اللامركزية في قطاعات مختلفة، والتي يُرجَّح أن تبدأ في مجالات الترفيه والألعاب واﻹعلام، وهي المجالات التي تكون عادةً اﻷسرع في اعتماد التقنيات الجديدة بشكلٍ عام.
وسيتمثل التحدي والفرصة الأكبر بالنسبة للشركات خلال عام 2023 في إعداد نفسها للاستفادة من قدرات الذكاء اﻻصطناعي اللامركزية الجديدة. وبالنسبة لقادة الأعمال، سيكون من المهم إجراء دراسة عميقة حول كيفية توظيف هذه القدرات والتكنولوجيات في تحسين نموذج اﻷعمال. أمّا الرؤساء التنفيذيون لشؤون التحول أو شؤون المعلومات، فسيكون عليهم إعادة تصميم البنى الموجودة لديهم لتسهيل إدخال واجهات برمجة التطبيقات (كالتي يتيحها مختبر أوبن أيه آي (OpenAI1) أو ستابيليتي أيه آي (Stability AI)) ودمج "الذكاء" في مجموعة واسعة من التطبيقات والعمليات. ويمكن لهذه القدرة مثلاً أن تقدّم اقتراحات لنصوص أو مكتبات كاملة من النصوص البرمجية، أو كتابة نص برمجي تلقائياً لبدء عملية التطوير، وينبغي أن يكون الهدف هو إدماج الذكاء اﻻصطناعي في كل واحد من أجزاء الحزمة التكنولوجية.
ويقتضي هذا الأمر تخصيص الموارد الكافية لإجراء التجارب، حيث تخصص أهم الشركات على مستوى الابتكار نسبة 1 إلى 5 بالمئة من عوائدها لابتكارات من شأنها أن تعود بمردود يفوق اﻻستثمار الموضوع فيها بأضعاف. وسيكون من المهم للغاية المحافظة على هذه الميزانية، خصوصاً في هذه المرحلة التي تشهد ضغطاً في اﻹنفاق، نظراً ﻷن القدرة على الابتكار الفعّال خلال أوقات الركود تؤهّل الشركات لتحقيق نمو سريع عند تعافي اﻻقتصاد.
الاستفادة المثلى من الفرصة الأمنية
جان شيلي براون
شريكة في مكتب نيو جيرسي
أعتقد أن عام 2022 هو العام الذي تغيّرت فيه النظرة إلى القسم الأمني ليصبح أحد الجوانب الأكثر تميزاً على مستوى قطاع التكنولوجيا، بعد أن كان يُنظر إليه لسنوات على أنه عامل معطل، وحساس في الوقت نفسه، يقود إلى إبطاء التقدم لضمان تنفيذ البروتوكولات الأمنية المتبعة. ففي العام الماضي، عززت الشركات بشكلٍ كبير التزامها بتحديث بناها التكنولوجية من خلال اﻻنتقال إلى الفضاء السحابي، مع إعادة النظر في دور قسم اﻷمن، بما يُتيح له أداء دور داعم حقيقي.
وباﻻنتقال إلى عام 2023، يبدو أن هذا اﻻتجاه سيتسارع مع اﻷتمتة المتزايدة لمجال الأمن بحد ذاته، اﻷمر الذي يعود جزئياً إلى اﻻستثمارات التي يقوم بها مزودو الخدمة السحابية في قدراتهم وأدواتهم الخاصة المتعلقة بتقليل المخاطر. ويشمل ذلك فحص النصوص البرمجية التي يرسلها المطورون بشكلٍ أوتوماتيكي لتحري وجود ثغرات أمنية، ليتم رفضها إذا لم تكن متوافقة مع معايير اﻷمن الرقمي، مع إرفاق الرفض بتوصيات واضحة حول اﻹصلاحات الواجب إجراؤها. ونظراً لأن معظم المشكلات الأمنية تنجم عن أخطاء في إعداد النص البرمجي أو النظام، فإن هذه العملية ستقلل جذرياً من عدد الخروقات اﻷمنية التي تتعرض لها العديد من الشركات الكبرى.
ومن اﻷمثلة الحقيقية على ذلك أحد المصارف الذي نجح من خلال أتمتة عمليات اﻷمن الرقمي في تقليل عدد الخروقات بنسبة 70 إلى 80%. أمّا الميزة الثانية فهي ببساطة تسريع عمليات التطوير، حيث سيُتاح للمهندسين إرسال النصوص البرمجية وتحديثها بناء على التقييمات المؤتمتة، ما من شأنه تسريع عمليات التطوير بمقدار يصل إلى عشرة أضعاف. والنقطة المهمة هنا ليست أن الفضاء السحابي بحد ذاته أكثر أماناً، بل أن الانتقال إليه يُشكّل فرصة هائلة بالنسبة للشركات ﻹعادة النظر في وضعها اﻷمني.
أمّا التحول الكبير اﻵخر الذي نتوقع حدوثه فيتعلق بالبيئة التنظيمية. ومع انتقال القطاعات التي تخضع لتنظيم صارم إلى الفضاء السحابي، تعمل الجهات التنظيمية على إعادة النظر في نقاط الضغط ذات الصلة، وقد بدأت فعلاً في إعطاء المزيد من التوصيات التفصيلية حول معايير اﻷمن والامتثال، بالتوازي مع دراسة المسائل اﻷخرى كالخطر الكبير المتمثل في تمركز البيانات: فماذا لو حدث مثلاً عطل لدى أحد المزودين الكبار لخدمات التخزين السحابي، وأدى إلى تعطيل أعمال 30 مصرفاً على سبيل المثال؟ اﻷرجح أن عام 2023 لن يحمل معه أجوبة واقعية عن هذه اﻷسئلة الجديدة، إلا أننا قد نشهد خلاله بداية تشكل ملامح السياسة الجديدة.
اعتماد التقنيات السحابية
ويل فورست
شريك رئيسي في مكتب شيكاغو
أحد أكثر التطورات التي فاجأتني عام 2022 هي السرعة الكبيرة التي غيّر بها الرؤساء التنفيذيون موقفهم من الحوسبة السحابية، من مجرد القيام بمهامها لأن الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات يوصي بذلك، إلى الإقبال الفعّال والسعي إلى الاستفادة منها إلى الحد الأقصى.
وفي الوقت ذاته، فإن إيقاف الشركات التكنولوجية عدداً من الوظائف والبرامج لديها أدّى إلى قفزة في كفاءات النخب اﻷول المتاحة في مجال التكنولوجيا، ما يمثّل فرصة لا تتكرر بالنسبة للشركات لتحقيق اﻷسبقية على مستوى استقطاب أهم الكفاءات في مجال الحوسبة السحابية.
ويبقى السؤال الأهم هنا: كيف يمكن للشركات استثمار هذه القفزة في الكفاءات المتاحة واهتمام الرؤساء التنفيذيين بالتقنيات السحابية؟ بالنسبة للعديد من الشركات، اقتصرت محاولات الدخول إلى الفضاء السحابي حتى اﻵن على نقل تطبيقاتها من خوادمها الخاصة إلى السحابة (وهو ما يُعرف باسم "الرفع والإزاحة")، أو بناء منظومات الاختبار والتطوير لتجريب البرامج الجديدة.
وبدلاً من ذلك، سيكون العام المقبل هو وقت التركيز على بناء أسس سحابية قوية تُتيح للشركات استغلال أهم المزايا التي تُتيحها الحوسبة السحابية (مثل توسيع التطبيقات أو إضافة القدرات بشكلٍ أوتوماتيكي لتلبية الزيادات في الطلب). كما سيكون على الشركات التركيز على تطوير أنماط التطبيقات المناسبة (من خلال اعتماد نص برمجي أساسي يمكن استخدامه في العديد من التطبيقات أو حالات اﻻستخدام)، إلى جانب إعداد قدرات قوية للاقتصاد السحابي، وهو الاتجاه المعروف باسم ''FinOps''.
وقد أظهرت أبحاث أجريت مؤخراً أن الشركات عادةً لا تركّز بشكلٍ حقيقي على تكاليف الحوسبة السحابية إلا عند تجاوزها عتبة المئة مليون دوﻻر أميركي، وهذا ليس مجرد هدر مالي هائل وحسب، بل هو أيضاً إهدار لفرصة توليد القيمة.
تسديد الدين التقني وقياسه
سفين بلومبيرغ
شريك رئيسي في مكتب إسطنبول
على الرغم من كل الصعوبات التي سببتها فترات الإغلاق خلال الجائحة، تصدرت التكنولوجيا المشهد في تلك الفترة لتُتيح للشركات تحقيق إنجازات مذهلة سمحت باستمرارية الأعمال -وحتى الابتكار- بسرعة كانت من قبل تبدو مستحيلة. والمفاجئ أيضاً كان نجاح العديد من الشركات في الحفاظ على هذه السرعة خلال عام 2022.
إلا أن تحقيق هذه الإنجازات تطلب الالتفاف على المشكلات واللجوء إلى حلول سريعة، ما أدّى في العديد من الحالات إلى مراكمة المزيد من الدين التقني على المؤسسة، وهو "الضريبة" التي تدفعها الشركة على هيئة الموارد التي يتطلبها التعامل مع التكنولوجيا القديمة لدى تطوير تكنولوجيا جديدة تحل محلها. ومن الأمثلة على ذلك تحديث خطط الموارد الرئيسية للشركة، والذي قد يتطلب من المهندسين إجراء عدة جولات من الإصلاحات والاختبارات لمعالجة التعقيدات التي تراكمت في النظام مع مرور الوقت.
ووفقاً لتقديرات الرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات، فإن الدَّين أو القرض التقني المتراكم قد يصل إلى ما بين 20 - 40% من القيمة الإجمالية للبنى التكنولوجية في الشركة (قبل الإهلاك). وسيواجه الرؤساء التنفيذيون لشؤون المعلومات وقادة الأعمال العام المقبل موعد استحقاق قسم كبير من هذا الدين، نظراً لأن التخلص منه يُعد ضرورياً للاستفادة الكاملة من التقنيات المهمة كالحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي. وعلى سبيل المثال، فإن ترحيل تطبيق يحمل حجماً كبيراً من الدَّين التقني إلى السحابة دون مراجعة تصميمه البرمجي، يعني أن هذا القرض قد انتقل من مكانٍ إلى آخر دون الاستفادة من المزايا الكاملة للحوسبة السحابية.
ويبدأ سداد الدَّين التقني بمهمة ليست بالبسيطة، وإن كانت تبدو كذلك، وهي تحديد هذا الدَّين وحساب تكاليفه الإجمالية. ويمكن تشبيه الدَّين التقني هنا بالمادة السوداء في الكون، إذ إننا نعرف أنه موجود، لكن التحدي الحقيقي يتمثل في إيجاده وتحديد كميته. ويجب أن يتم هذا القياس الكمي على مستوى التطبيقات لكي يكون مفيداً، الأمر الذي يحتاج إلى فريق متعدد الأقسام، لأن الدَّين التقني الموجود في تطبيق واحد يؤثّر على الأداء التجاري والتكنولوجي على مستوى البنى التحتية في آنٍ معاً. وإذا لم تنجح الشركة في تحديد القيمة المالية الدقيقة لدينها التقني، يصبح اتخاذ القرارات والتنازلات المناسبة ودعمها بشكلٍ مستمر صعباً عليها.
وينبغي على المؤسسة، بعد تحديد حجم دينها التقني، أن تستبق الديون التقنية المتوقعة للمشاريع المستقبلية كافة من خلال إضافة ما نسبته 15 - 20% من الموارد إلى تكاليف التطبيقات بهدف تخليصها من هذه الديون. ومع أن التركيز على هذا الاتجاه سيكون صعباً نظراً للضغوطات التي تركّز على مقاومة الأزمات، إلى جانب تخفيف النفقات في الكثير من الحالات، فإن قيمته بالنسبة لأعمال الشركة قد تكون كبيرة، بما يقتضي من الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات الإصرار على موقفه بهذا الشأن. لذا من المهم للغاية إجراء تحليل لحجم الدَّين التقني الذي تحمله الشركة وأماكن وجوده.
الحفاظ على أفضل المواهب التكنولوجية
سومان تاريجا
شريك في مكتب نيو جيرسي
تواجه الشركات خلال عام 2023 تحدياً كبيراً يتمثل في خطر فقدانها لأفضل مواهبها التكنولوجية، وذلك نتيجة الموجة الأخيرة من التسريحات في قطاع التكنولوجيا، وإجراءات ضغط النفقات التي يُرجَّح أنها ستستمر خلال العام الحالي. لذا من المهم بالنسبة للشركات الاستعداد لاستقطاب الكفاءات التي تدخل سوق العمل بأعداد متزايدة، ولكن دون أن تغفل عن أهمية الاحتفاظ بالكفاءات الموجودة لديها حالياً، وذلك لسببين: الأول أن أفضل الكفاءات التي تدخل سوق العمل يتم توظيفها بسرعة، ما يصعّب المنافسة على الشركات الكبيرة. ووفقاً لتحليل أجرته مختبرات "ريفيليو"، فإن 72% من العاملين في قطاع التكنولوجيا الذين تم تسريحهم خلال عام 2022 في الولايات المتحدة، والبالغ عددهم 160 ألفاً، قد وجدوا بالفعل وظيفة جديدة خلال ثلاثة أشهر.
أما السبب الثاني، فهو أن "موجة الاستقالات الكبرى" أو "موجة تغيير الوظائف الكبرى" لم تنتهِ بعد. ومع أن التوقعات تشير إلى انخفاض حدة هذه الموجة بعض الشيء في حال تراجع الظروف الاقتصادية، فإن الاستقالة تبقى خيار العديد من الموظفين في قطاع التكنولوجيا. ووفقاً للإحصائيات، فقد ازداد عدد الشواغر الوظيفية في المجال التقني في الولايات المتحدة ليتجاوز 5.5 مليون وظيفة شاغرة، وبلغت الزيادة أكثر من 130 ألف وظيفة في شهر نوفمبر/ تشرين الثاني وحده من عام 2022. وعندما يُغيّر موظفو التكنولوجيا عملهم، فإن 80% منهم ينتقلون إلى مؤسسات مختلفة لتحقيق ذلك.
وتفرض هذه المعطيات على قادة الشركات تطوير خطط للاحتفاظ بأفضل الكفاءات التكنولوجية خلال عام 2023، وهو ما يمكن تحقيقه من خلال ثلاث خطوات تُتيح للشركات الحفاظ على اهتمام موظفيها. أولاً، الحرص على مشاركة هذه الكفاءات بشكلٍ فعّال في اتخاذ القرارات (حتى الصغيرة منها). وثانياً، الاعتماد على منهجية التوظيف الداخلي القائمة على تحسين مهارات الموظفين، بهدف إظهار الالتزام بتطويرهم مهنياً والاستعداد لاستغلال التعافي في المشهد الاقتصادي عند حدوثه (بينما تتمثل الطريقة المضمونة لفقدان أفضل الموظفين في تكليفهم بمهام الصيانة البسيطة)، وتتمثل الخطوة الثالثة في الحفاظ على ثقة الموظفين، من خلال الوفاء بالتزامات التوظيف على سبيل المثال، لأن الكفاءات التكنولوجية وغيرها تراقب بعناية أسلوب تعامل الشركات خلال الفترات الاقتصادية الصعبة.
إجراء التقصي اللازم حول البيانات
هولجر هاريس
شريك رئيسي في مكتب دوسلدورف
شهدنا خلال عام 2022 قفزة في عدد الشركات التي تحاول الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في ابتكار حلول جديدة. ولكن هذه التجارب بيّنت، المرة تلو الأخرى، أنه لا يمكن الاستفادة بشكلٍ مثالي من الذكاء الاصطناعي دون بيانات جيدة، إذ فشلت محاولة الشركات لتوسيع نطاق استخدام العديد من منتجات الحد الأدنى، بسبب قصور البنى والإجراءات المعتمدة لديها لإدارة البيانات.
وسيكون على الشركات الاستفادة من بعض هذه الدروس لاجتياز الامتحان الصعب خلال عام 2023 من خلال الاستثمار في تطوير أسس البيانات، وخاصة نموذج التشغيل، والمنهجيات الجديدة مثل منتجات البيانات ومنهجية إدارة البيانات ''DataOps'' إلى جانب بنى وتكنولوجيا البيانات. إلا أن ذلك يجب أن يتم مع أخذ عاملين حاسمين بعين الاعتبار.
يتمثل العامل الأول في الحاجة إلى توسيع الحلول لتناسب حجم الأعمال، إذ كثيراً ما يقتصر تفكير الشركات على إنشاء حلول لإدارة البيانات لاستخدامات محددة دون التفكير في الاستعمالات المشابهة، وهو ما يؤدي إلى إعاقة جهود التوسيع ويُضعف قدرة الشركة على بناء قيمة حقيقية للأعمال. ولهذا السبب، ينبغي أن تركّز الشركات خلال 2023 على تطوير بضعة منتجات لإدارة البيانات تُلبي الاستخدامات ذات القيمة الأعلى بالنسبة لأعمالها، مع ضرورة أن تشكّل إمكانية التوسيع جزءاً رئيسياً من هذه المنتجات منذ البداية.
وعندما تكون منتجات إدارة البيانات مطورة ومدعومة بشكلٍ جيد، فإنها تساعد على طرح حالات استخدام جديدة في مجال الأعمال بسرعة أكبر بنسبة تصل إلى 90%، بالتوازي مع تخفيض التكاليف الإجمالية للملكية بنسبة 30%، بما فيها تكاليف التكنولوجيا والتطوير والصيانة. ويجدر بالشركات ذات التوجهات العملية التفكير في إضافة ما نسبته نحو 10 - 20% إلى تكاليف تطوير حلول البيانات بهدف بناء قدرات التوسيع (مثل واجهات تطوير التطبيقات، والوحدات التركيبية للنصوص البرمجية، والبرمجة المعيارية).
أمّا العامل الثاني فهو ضرورة أن تعمل الشركات على بناء هذه الأسس من خلال سلسلة من المبادرات وحالات الاستخدام التي تُتيح توليد القيمة المضافة بسرعة، خاصة في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة. وإذا لم تنجح هذه المبادرات في توليد القيمة المضافة خلال أقل من ستة أشهر من إطلاقها، فهذا يعني وجود مشكلة ما. فالهدف هنا هو التركيز على المبادرات التي تجمع بين توليد القيمة المضافة على المدى القريب وإرساء أسس قوية للتطوير المستقبلي.
مسؤوليات الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات: التركيز على الأتمتة خلال عام 2023
برانت كارسون
شريك رئيسي في مكتب فانكوفر
سيشهد عام 2023 تزايد الضغط على الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات لأداء مهام متعددة في وقت واحد، والتي تشمل فهم طبيعة أعمال الشركة، وتوليد القيمة المضافة، وتعزيز الإنتاجية، والابتكار، والحفاظ على أعلى مستويات الأمن، وإدارة مؤسسة كبيرة. وسيكون الضغط على الرؤساء التنفيذيين لشؤون المعلومات مُنصباً بشكلٍ خاص على تخفيض النفقات مع تحسين مستوى قسم تكنولوجيا المعلومات من حيث الكفاءة الاقتصادية والسرعة والأداء. ومع أن هذه التحديات لا تبدو سهلة إطلاقاً، فإنها تمثّل فرصة لهؤلاء المسؤولين لاستعادة شيء من مواقع الصدارة التي وصلوا إليها خلال فترة الجائحة، حيث اعتمدت العديد من الشركات على التكنولوجيا كعنصرٍ رئيسي في استجابتها للأزمة.
وفي بعض الحالات، سيكون تحقيق هذه المكاسب عمليةً بسيطةً، إذ إن السنوات الإيجابية الماضية قد أدّت إلى نفقات زائدة سيكون من السهل نسبياً التخلص منها. ومن الأمثلة الواضحة على ذلك عمليات ترحيل البيانات إلى الفضاء السحابي دون إيلاء الاهتمام الكافي لإدارة النفقات. وهنا، يجب أن ينصب تركيز الرئيس التنفيذي لشؤون المعلومات على الفرصة المتاحة للتخلص من الهدر بالاعتماد على الأتمتة.
وقد جعلت إحدى الشركات الرائدة وسريعة النمو في مجال التكنولوجيا من ذلك شعاراً لها من خلال كتابة نص برمجي للتقليل من العمل اليدوي واختصار خطوات من العمليات المختلفة، بما في ذلك أتمتة إجراءات الامتثال (لضمان توافق النص البرمجي مع المواصفات القانونية قبل إرساله) والاختبار (لضمان عدم تسبب النص البرمجي بعطل في النظام) وإنشاء البنى التحتية (بما يُتيح للمهندسين الوصول إلى بيئات تطوير آمنة بمفردهم). ولدى تنفيذ هذه الأتمتة بشكلٍ جيد، فإنها تقدّم فوائد متعددة تشمل تخفيف النفقات وتحسين كفاءة وسرعة التطوير بشكل جذري وتقليل المخاطر، وجميعها مزايا رئيسية للشركات الأعلى أداءً في العصر الرقمي، لذا فإن الاستثمار في الأتمتة خلال فترات الانكماش سيؤهّل الشركة لتحقيق نمو متسارع لدى تحسن الظروف الاقتصادية.
أما العامل الأخير الضروري لإكمال منهجية الأتمتة فيتمثل في إيجاد الطريقة لإيضاح مكاسب الأتمتة بلغة الأعمال. ففي ظل المتطلبات العالية للشركات خلال عام 2023، سيكون عليها استعراض عوائد الاستثمار المتوقعة لحالات الأتمتة بوضوح ودقة، وإدراجها في جميع عمليات المراجعة وضمان تحقيقها على أرض الواقع.
الشمول وسهولة الوصول لتحقيق المزيد من النمو
جاياتري شيناي
شريكة في مكتب نيويورك
نشهد حالياً نمواً لافتاً على مستوى التركيبة السكانية: فبحلول عام 2030، سيكون جميع مواليد فترة الطفرة السكانية في الولايات المتحدة الأميركية (وهم المولودون بين عامي 1946 و1964)، والبالغ عددهم 73 مليوناً، قد بلغوا من العمر 65 عاماً على الأقل. ما يعني أن واحداً من بين كل خمسة أشخاص في الولايات المتحدة سيكون قد وصل إلى سن التقاعد، وهو ما يجسد ارتفاعاً كبيراً في تعداد هذه الشريحة مقارنة بعام 2000، والبالغ 35 مليون نسمة آنذاك.
ويعكس هذا الواقع حاجةً ملحة لدى شريحة كبيرة تعتمد أصلاً بشكلٍ متزايد على الإنترنت والتكنولوجيا، كما أنه يشير أيضاً إلى نقطة أعم، وهي ضرورة إيجاد الشركات لسُبل تُتيح لها التكيّف لتخدم هذه المجموعة السكانية المتنامية. ولحسن الحظ، فإن بعض الشركات، وتحديداً في قطاع البضائع الاستهلاكية وتمويل الأفراد، قد اتخذت بالفعل خطوات ملموسة لتجعل فضاءاتها الرقمية أكثر ملاءمةً وسهولةً في الاستخدام بالنسبة للأشخاص الذين يواجهون صعوبات في استخدام التقنيات المعتادة، مثل تكبير حجم الخطوط وزيادة تباين النص لتسهيل القراءة، وإضافة خيارات صوتية، واستخدام الدردشة الآلية للحوار مع العملاء، واعتماد تقنيات التعرّف على الصوت. ومع تنامي قدرات الذكاء الاصطناعي التي تدخل حيز الاستخدام، يُتوقع أن نشهد زيادة كبيرة في خيارات الوصول وسهولة استخدامها.
وقد يحمل عام 2023 أهمية خاصة بالنسبة للشركات التي تسعى إلى استثمار هذه الشريحة المتنامية من السوق من خلال تسهيل الوصول، إذ يوفّر فرصة لتجريب وتطبيق تقنيات ومنهجيات تسهيل الوصول. ولا يحتاج تحقيق ذلك إلى استثمارات كبيرة في الكثير من الحالات، بل إن التحدي الأكبر على هذا الصعيد يتمثل في اعتماد عقلية منفتحة لإدخال وظائف وتجارب تسهل الوصول إلى عمليات التصميم والتطوير القائمة، والتي تُعد ضرورة لا بُدّ منها.