ما هي مشكلة خطة إيلون ماسك لجعل خوارزمية تويتر مفتوحة المصدر؟

بعد ساعات وحسب من إعلان شركة "تويتر" (Twitter) قبولها لعرض الشراء الذي قدمه إيلون ماسك، أعلن الرئيس التنفيذي لشركة "سبيس إكس" (SpaceX)، وبوضوح، عن خططه لهذه الشبكة الاجتماعية. وفي بيان صحافي، وضح ماسك التغييرات الشاملة التي ينوي تطبيقها، بما فيها فتح الخوارزميات التي تحدد ما يراه المستخدمون في الصفحة الرئيسية.

لماذا يريد إيلون ماسك تحويل خوارزميات تويتر إلى خوارزميات مفتوحة المصدر؟

ويُعزى طموح ماسك لتحويل خوارزميات تويتر إلى خوارزميات مفتوحة المصدر إلى مخاوفه القديمة حول مشكلات الرقابة السياسية على المنصة، ولكن ليس من المرجح أن يؤدي هذا الإجراء إلى الأثر الذي يطمح إليه. وبدلاً من ذلك، فقد يؤدي إلى عدد من المشكلات غير المتوقعة، كما يحذر الخبراء.

وعلى الرغم من أن ماسك قد يكن البغض للسلطة، إلا أن رغبته في تحقيق شفافية الخوارزميات تتوافق مع أمنيات الكثير من السياسيين حول العالم، فقد كانت هذه الفكرة حجر أساس في محاولات عدة حكومات لمواجهة الشركات التكنولوجية الكبيرة في السنوات الأخيرة.

وعلى سبيل المثال، فإن ميلاني دوس، الرئيسة التنفيذية لمؤسسة "أوفكوم" (Ofcom)، والتي تنظم عمل وسائل التواصل الاجتماعي في المملكة المتحدة، تقول إنه سيتعين على منصات التواصل الاجتماعي أن تشرح كيفية عمل برمجياتها. كما أقر الاتحاد الأوروبي مؤخراً قانون الخدمات الرقمية الذي نال الموافقة في 23 أبريل/ نيسان، والذي سيلزم المنصات أيضاً بدرجة أعلى من الشفافية. أما في الولايات المتحدة، فقد قدم مجموعة من السيناتورات الديمقراطيين اقتراحات حول قانون المسؤولية الخوارزمية في فبراير/ شباط من العام 2022. وتهدف هذه الاقتراحات إلى زيادة الشفافية والإشراف على الخوارزميات التي تتحكم بصفحاتنا الرئيسية والمنشورات التي نراها، وتقريباً كل شيء آخر.

مخاطر الخوارزميات مفتوحة المصدر

إن السماح بكشف خوارزمية تويتر أمام الآخرين واستخدامها من قبل المنافسين يعني نظرياً أنه يمكن لأي شخص أن ينسخ الرماز البرمجي المصدري لتويتر ويعيد إطلاق موقع مطابق بعلامة تجارية مختلفة. تعمل أجزاء كبيرة من الإنترنت باستخدام برمجيات مفتوحة المصدر، ومن أشهرها مجموعة أدوات الحماية "أوبن إس إس إل"(OpenSSL) المستخدمة على نطاق واسع في الويب، والتي تعرضت في 2014 إلى خرق أمني كبير.

وهناك حتى أمثلة عن شبكات تواصل اجتماعي مفتوحة المصدر في الوقت الحالي. وعلى سبيل المثال، فإن منصة "ماستودون" (Mastodon) للتدوين المصغر ظهرت بعد مخاوف حول هيمنة تويتر، وتسمح للمستخدمين بالاطلاع على رمازها البرمجي، والذي تم نشره على موقع تخزين البرمجيات "غيت هاب" (GitHub).

ولكن رؤية الرماز البرمجي الذي تعتمد عليه الخوارزمية لا يوضح بالضرورة كيفية عملها، ولن يمنح الشخص العادي بالتأكيد أي معلومات قيمة حول هيكلية الشركة والعمليات التي تساهم في بنائها.

يقول جوناثان غراي، وهو محاضر أساسي في دراسات البنى التحتية الحساسة في كليّة الملك في لندن: "إن هذا أشبه بمحاولة فهم المخلوقات القديمة عن طريق المادة الجينية لوحدها، فهي ستمنحنا بعض المعلومات، ولكنها لن تكون بالتأكيد كافية حتى نطلع على أسلوب حياة هذه المخلوقات".

علاوة على ذلك، لا توجد خوارزمية واحدة تتحكم بتويتر. تقول كاثرين فليك، والتي تدرس الحوسبة والمسؤولية الاجتماعية في جامعة دو مونتفورت في المملكة المتحدة: "تقوم بعض الخوارزميات بتحديد ما يراه الناس على الصفحة الرئيسية من حيث التوجهات أو المحتوى أو المتابعات المقترحة". وسيهتم الناس بشكل أساسي بالخوارزمية التي تتحكم بالمحتوى الذي يظهر على الصفحة الرئيسية، ولكن حتى هذا لن يكون مفيداً إلى درجة كبيرة دون بيانات التدريب.

تقول جنيفر كوب، وهي باحثة مساعدة في مرحلة ما بعد الدكتوراه في جامعة كامبريدج: "عندما يتحدث الناس عن المسؤولية الخوارزمية حالياً، فنحن ندرك أن الخوارزميات نفسها ليست هي المقصودة فعلياً في أغلب الأحيان، بل المعلومات حول طريقة تطويرها". ويعود هذا، وبدرجة كبيرة، إلى المخاوف حول قيام الخوارزميات بنشر التحيز البشري الموجود في البيانات المستخدمة لتدريبها. ويمكن أن تتأثر نتائج الخوارزميات إلى حد كبير بهوية مطوريها وماهية البيانات المستخدمة لتدريبها.

وبالنسبة لكوب، فإن المخاطر تفوق الفوائد المحتملة، فالرماز البرمجي الحاسوبي لا يقدم لنا أي معلومات حول كيفية تدريب الخوارزميات أو اختبارها، والعوامل والاعتبارات الداخلة في تصميمها، وأولويات عملية التصميم، ولهذا فإن تحويلها إلى خوارزميات مفتوحة المصدر قد لا يكون ذا أثر مهم في تحسين شفافية تويتر. ولكن، ومن ناحية أخرى، فقد يؤدي إلى بعض المشكلات الأمنية المهمة.

فغالباً ما تقوم الشركات بنشر تقديرات الأثر لسبر أنظمة حماية البيانات واختبارها لكشف نقاط الضعف والأخطاء. وعند اكتشافها، يتم إصلاحها، ولكن البيانات تُحجب في أغلب الأحيان منعاً للمخاطر الأمنية. وبالتالي، فإن جعل خوارزميات تويتر مفتوحة المصدر سيجعل الرماز البرمجي الأساسي الكامل للموقع متاحاً للجميع، ما قد يسمح للأطراف الخبيثة بإجراء دراسة برمجية عليه لكشف نقاط الضعف التي يمكن استغلالها.

يقول إريك بواتين، وهو أستاذ في الأمن السيبراني في جامعة دو مونتفورت: "لا أعتقد، ولو للحظة واحدة، أن إيلون ماسك يخطط لتحويل جميع البنى التحتية وأنظمة الحماية في تويتر إلى أنظمة مفتوحة المصدر".

عملية محفوفة بالمخاطر وقد تعيق الهدف منها

إضافة إلى هذا، فإن تحويل خوارزميات تويتر إلى خوارزميات مفتوحة المصدر، يمكن أن يؤدي إلى مشكلة أخرى، فقد يساعد الأطراف الخبيثة على التلاعب بالنظام، وهو ما يمكن أن يزيد من صعوبة تحقيق هدف آخر من الأهداف التي أعلنها ماسك: "إزالة جميع بوتات الرسائل المزعجة".

يقول بواتين: "قد لا يحدث هذا بالضرورة بسبب قدرة الأفراد على استيعاب تفاصيل عمل الرماز البرمجي للخوارزميات. ولكنهم سيتمكنون من بناء تصور تقريبي حول كيفية تحديد تويتر لتوصياته حول المنشورات على الصفحة الرئيسية للمستخدم". وعلى الرغم من أن مستخدمي تويتر يمتلكون فكرة لا بأس بها حول عمل المنصة، فإن تحويل الخوارزميات إلى مفتوحة المصدر يمكن أن يتيح للأطراف الخبيثة أساليب جديدة للعمل واستغلال المنصة، كما يقول.

هناك أيضاً عواقب أخرى غير مقصودة، وأكثر إثارة للمخاوف. ومن أهمها الخلافات الحتمية التي ستبدأ مع محاولة الناس لاستيعاب وتفسير عمل الخوارزميات، وبأسلوب خالٍ من الاحترافية. وهو ما يمكن أن يؤدي إلى المزيد من النقاشات المسيئة والعقيمة.

تقول فليك: "أشعر بالقلق من تحول هذه المسألة العادية إلى محط خلافات هائلة. هناك الكثير من الضجيج الإعلامي حول الخوارزمية الغامضة، ولكن في الحقيقة، فمن المرجح أن السلوك السيئ يؤدي إلى عواقب اجتماعية تنعكس على تثقيل تغريدات هذه الأشخاص".

لن يؤدي تحويل الخوارزميات إلى خوارزميات مفتوحة المصدر إلى إصلاح أي مشكلات تتعلق بالتحيز، كما أن اتخاذ الإجراءات للتعامل مع التحيزات المكتشفة سوف يُنظر إليه من وجهة نظر سياسية لا تكنولوجية بالتأكيد، وذلك في وقت وصلنا فيه إلى أقصى درجة من الاستقطاب السياسي.

وعلى سبيل المثال، فإن بحثاً جديداً من باحثي تويتر يبين كيف تقوم الخوارزميات بالترويج للمحتوى اليميني أكثر من اليساري، وقد أصبح هذا البحث مثاراً لجدل حاد للغاية. تقول فليك: "ستعم الفوضى والتعقيدات دون شك".