خروج الباحث الصيني هي جيانكو الذي قام باستيلاد أطفال كريسبر من السجن

3 دقائق
خروج الباحث الذي قام باستيلاد أطفال كريسبر من السجن
حقوق الصورة: إم إس تيك/ صور أسوشييتد برس/ كين تشونغ.

تم إطلاق سراح الفيزيائي البيولوجي الصيني الجريء، والذي قام باستيلاد أول أطفال معدلين جينياً في العالم، وذلك بعد ثلاث سنوات أمضاها في سجن صيني.

وقد تسبب هي جيانكو بصدمة كبيرة في 2018 عندما أطلق ادعاء مذهلاً بأنه قام بتغيير التركيب الجيني لمجموعة من أطفال الأنابيب وزرعها داخل رحم امرأة، ما أدى إلى ولادة توأم من الفتيات. وقد وُلِد طفل ثالث في السنة التالية.

إدانة عالمية لتجربة أطفال كريسبر

وبعد إدانة عالمية للتجربة، تم وضعه قيد الإقامة الجبرية، ومن ثم اعتقاله. وفي ديسمبر/ كانون الأول من العام 2019، تمت إدانته من قبل محكمة صينية، وقد قالت المحكمة إن الباحث "انتهك عمداً" القوانين الطبية، كما "قام بتطبيق تكنولوجيا تعديل الجينات بصورة متهورة في إطار عملية التكاثر البشري بمساعدة الأساليب الطبية".

وقد تم تأكيد إطلاق سراحه من قبل المطلعين على الوضع، كما أنه رد على هاتفه الخلوي عند الاتصال معه. وقد قال قبل إنهاء المكالمة: "ليس الوقت الآن مناسباً للتحدث".

استفاد فريق الباحث هي في جامعة ساوثرن للعلوم والتكنولوجيا في شينجين من كريسبر، وهي أداة الهندسة الجينية متعددة الاستخدامات، وذلك لتغيير الدنا للفتاتين حتى تصبحان مقاومتين للإصابة بفيروس إتش آي في (HIV).

وليس من الواضح ما إذا كان "هي" ينوي استئناف العمل العلمي في الصين أو بلد آخر. تدرب الفيزيائي البيولوجي "هي" في جامعة رايس في ستانفورد، ويصفه من يعرفه بأنه مثالي وساذج وطموح.

اقرأ أيضاً: تكنولوجيا جديدة تعتمد على كريسبر والذكاء الاصطناعي لإجراء تعديلات جينية وتطوير علاجات مستقبلية

من ظنه بأنه سيفوز بجائزة نوبل إلى السجن

وقبل أن تنهار حياته، كان "هي" يعتقد أنه ابتكر طريقة جديدة "للسيطرة على وباء إتش آي في"، وأن طريقته يمكن أن تفوز بجائزة نوبل.

لقد قامت مجلة إم آي تي تكنولوجي ريفيو بالكشف عن مشروع أطفال كريسبر عشية قمة عالمية حول التعديل الجيني في هونغ كونغ، وقد عُقِدت هذه القمة في نوفمبر/ تشرين الثاني من العام 2018. وبعد التقرير الذي نشرته مجلتنا، قام "هي" فوراً بنشر عدة مقاطع فيديو على يوتيوب معلناً ولادة التوأم، والذي أطلق عليهما اسمي لولا ونانا.

وتعرضت التجربة لانتقادات شديدة من جميع أنحاء العالم ومن داخل الصين أيضاً. وقال العلماء إن استخدام التعديل الجيني لا يحقق أي غرض طبي يستحق الذكر، كما كان يمكن أن يؤدي إلى أخطاء في جينات الفتاتين.

ولم تقم أي مجلة علمية بنشر توصيف هي للتجارب التي أجراها. وفي وقت لاحق، حصلت إم آي تي تكنولوجي رفيو على مسودات من بحثه، والذي وصفه أحد الخبراء بأنه مليء "بالأخطاء العلمية والأخلاقية الفظيعة".

أمضى الباحث نحو ثلاث سنوات في نظام السجون الصيني، بما فيها فترة اعتقال مؤقت في انتظار المحاكمة. ومنذ إطلاق سراحه، قام بالاتصال مع عدد من أفراد شبكة معارفه العلميين في الصين وخارجها.

وعلى حين تقع مسؤولية التجربة على "هي" وغيره من أفراد الفريق الصيني، فإن الكثير من العلماء الآخرين كانوا يعرفون بالمشروع ويشجعونه. ومن هؤلاء العلماء مايكل ديم، وهو أستاذ سابق في جامعة رايس وأحد المشاركين في التجربة، وجون زانغ، وهو رئيس عيادة كبيرة لأطفال الأنابيب في نيويورك، وكان يخطط لاستثمار هذه التكنولوجيا تجارياً.

ترك ديم منصبه في رايس في 2020، ولكن الجامعة لم تنشر أي نتائج أو تفسير حول مشاركته في استيلاد الأطفال. وحالياً، تظهر صفحة حساب ديم على موقع "لينكد إن" (LinkedIn) أنه يعمل في شركة استشارات للطاقة قام بتأسيسها.

يقول إيبين كيركسي، وهو أستاذ مساعد في معهد ألفريد ديكن في أستراليا، ومؤلف كتاب "Mutant Project" (مشروع المتحولين)، وهو كتاب حول تجربة هي ويتضمن مقابلات مع بعض المشاركين فيها: "من المذهل وغير المألوف أن يتم سجن هي جيانكوي وبعضاً من زملائه بسبب هذه التجربة". "على الرغم من أن الكثير من المتعاونين معه من كافة أنحاء العالم –مثل مايكل ديم وجون زانغ- لم يتعرضوا إلى أي عقوبات أو معاملة سلبية رسمية بسبب مشاركتهم".

ويضيف كيركسي: "إنها معاملة غير عادلة، وفقاً لعدة وجهات نظر".

لقد دفع "هي"، وهو متزوج ولديه أطفال، ثمناً باهظاً. فقد طُرِد من عمله في الجامعة، وأمضى وقته في السجن بعيداً عن بلدته الأم شينجين.

ويبدو أن عقاب "هي" تسبب بتأخير تجارب إضافية حول تعديل الجينات لدى الأطفال، على الأقل في الصين بشكل مؤكد. أما في الولايات المتحدة، فإن إجراء هذه العملية محظور فعلياً من خلال قانون يمنع إدارة الغذاء والدواء من الموافقة على دراسة كهذه.

إضافة إلى ذلك، فهناك مطالبات بالعدالة للأطفال الثلاثة المولودين بسبب هذه التجربة، والذين ما زالت هوياتهم سرية. فقد وافق أهلهم على الانضمام للتجربة لأن آباء الأطفال كانوا مصابين بفيروس إتش آي في وكانوا محرومين من اللجوء إلى عيادات أطفال الأنابيب وفقاً للقوانين الصينية.

وفي فبراير/ شباط، ووفقاً لتقارير إخبارية في مجلة "نيتشر" (Nature)، فقد دعا اثنان من اختصاصيي الأخلاقيات البيولوجية الصينيين إلى تأسيس برنامج بحثي للإشراف على صحة أطفال كريسبر. وقد صنفا الأطفال على أنهم "مجموعة معرضة للأذى"، ودعيا إلى إجراء تحليل جيني عليهم لمعرفة ما إذا كانت أجسامهم تحتوي على أخطاء جينية يمكن أن تعبر إلى الأجيال التالية. 

المحتوى محمي