تعرف على الباحثة الجزائرية حليمة بن بوزة وأبحاثها في مجال التكنولوجيا الحيوية

3 دقائق
حليمة بن بوزة

نشأتها ودراستها

ولدت حليمة بن بوزة لعائلة جزائرية، وكان اهتمامها الأول والأخير العلم والمعرفة، وما زادها قوة كان تحفيز والدها وأساتذتها لها. تلقت التعليم الأساسي في ولايتي باتنة وورقلة الجزائريتين، وخالفت نظرة المجتمع إلى الفتاة المتعلمة حين قررت دخول الجامعة عام 1989، وبعد أن حصلت على درجة البكالوريوس قررت مواصلة تعليمها للحصول على الماجستير، وبدأت تفكر في الدراسة بالخارج، وفعلت كل ما بوسعها للحصول على منحة دراسية، حيث تقول: "كان هذا أحد أهداف حياتي".

واجهت بن بوزة عدة تحديات عند اتخاذها هذا القرار، كان أصعبها خوف الأهل عليها كونها كانت صغيرة السن، ووجود مضايقات ضد الفتيات اللاتي يرتدين الحجاب في الدول الأوروبية، لكنها استطاعت إقناع عائلتها بالأمر، وهو الأهم بالنسبة لها، ونجحت في الحصول على إشادة كبيرة من الأساتذة والباحثين في "جامعة باتنة الحاج لخضر".

سافرت إلى بلجيكا عام 1998 لمواصلة دراستها في "جامعة جيملوكس للتكنولوجيا الحيوية الزراعية" والحصول على الماجستير، وركزت في دراستها على تحسين الخصائص الوراثية للنباتات، وربطها بالخصائص العلاجية، وبعد الجائزة التي حصلت عليها عام 2000 لنتائج بحثها في ​​إدارة مكافحة المخدرات في الجامعة، نجحتُ في الحصول على منحة دكتوراه من وزير الدولة البلجيكي للتعاون التقني، فانتقلت إلى "جامعة لييج" البلجيكية، وفيها حصلت على الدكتوراه عام 2004 عن بحث في علم الوراثة وتربية النباتات ورسم خرائط جينات البذور وانتشارها.

مسيرة مهنية

عملت بن بوزة بمنصب مساعد باحث في "جامعة لييج" بين عامي 2006 و2007، وأهلها بحثها في الدكتوراه لتلقي دعوة رسمية عام 2007 من فريق بحث يعمل في مركز أبحاث تابع لخدمة البحوث الزراعية، وهي وكالة تتبع "وزارة الزراعة الأميركية"، حيث كانت تشرف على دراسة مماثلة، وبالإضافة إلى ذلك، عملت لمدة عامين في "شركة داو للعلوم الزراعية" من أجل تحسين مقاومة القطن لمرض الذبول الفيوزاريومي، وهو مرض يهاجم النباتات.

وعملاً بوصية والدها الذي اشترط عليها بعد التخرج العودة إلى الجزائر والإسهام في تطوير البلاد، قررت العودة للجزائر والبقاء فيها، ورفضت مناصب رفيعة في عدة بلدان غربية، فاختيرت في الفترة بين 2013 و2015 على رأس اللجنة التوجيهية لمشروع الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية في الجزائر من قبل رئيس الوزراء الجزائري، ثم تولت إدارة المركز الحكومي الوحيد للتكنولوجيا الحيوية في قسنطينة تحت إشراف وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بين عامي 2010 و2016، وتم اختيارها ممثلة رسمية للجزائر في اللجنة الدولية الحكومية لأخلاقيات البيولوجيا التابعة لمنظمة "اليونسكو" في الفترة بين 2015 و2019.

عملت أستاذة في "جامعة باتنة" في الفترة بين عامي 2008 و2021، حيث درّست طلاب الدراسات العليا في معهد الطب البيطري والهندسة الزراعية، وتعمل حالياً (2021) بمنصب مدير "المجلس الوطني للبحث العلمي والتكنولوجيات" منذ 2021 في الجزائر العاصمة، وتقدم الاستشارات لعدد من المنظمات الدولية حول تعليم السلامة البيولوجية والأمن البيولوجي، وتعمل مراجعة بحثية في مختلف اللجان العلمية الدولية.

اهتمامها البحثي

استطاعت دمج الشق الزراعي بالصحة في أبحاثها، حيث كانت لديها ميول إلى تطوير أبحاث التكنولوجيا الحيوية، لتشمل المجالات الصحية والتكنولوجية، بالاعتماد على العلاقة الكبيرة بين الطب والنبات وحياة الإنسان. تقول: "أنا إنسان قبل أن أكون باحثة، ومشاعري تتحرك للمظاهر والظواهر الاجتماعية، التي هي في الأساس ملهمة أي باحث أو عالم، فالإنسان ابن بيئته. كنت أطَّلع كثيراً وأنا في بلجيكا على أخبار المجاعة في العالم، وكثيراً ما كانت تؤلمني صور الجوع والفقر في إفريقيا وآسيا وأميركا اللاتينية، فقررت التوغل والبحث في كيفية التخفيف من آلامهم، ولو بالقدر القليل"، ولهذا السبب اختارت العمل على نبات القطن لاستخدام البذور في غذاء الإنسان والحيوان كونها غنية بالبروتينات.

استطاعت أن تطور من خلال بحث مقدم في "جامعة لييج" بذور القطن من بذور إنتاجية تسهم في رفع الاقتصاد وتحسينه إلى مادة استهلاكية بإمكانها التخفيف من المجاعة في العالم، باعتبار أن عدداً من تلك المناطق يصلح لزراعة القطن، كما ساعدها ذلك على تقديم مشروع بالتعاون مع باحثين آخرين في الجزائر، من أجل إحصاء أنواع السرطانات والأمراض الوراثية الغريبة الموجودة في الجزائر.

وركزت بحوثها الأخيرة على الخصائص الوراثية للمحاصيل المحلية مثل التمور والزيتون والتي قد تكون مفيدة في علاج مرض السرطان، بهدف توظيفها في علاج الأمراض المزمنة والأورام، ودرست مئات العينات من مناطق مختلفة في الجزائر ووثقت صفاتها الجينية، ويعود الفضل لها في إنشاء مختبر للكشف عن المنتجات المعدّلة وراثياً في التغذية النباتية، ويتمثل دوره في تطبيق التحاليل العلمية من أجل الكشف عن المواد الغذائية المستوردة، وكذلك المواد التي لها علاقة بالأغذية ذات المصدر الحيواني.

جوائز وتكريمات

حصلت حليمة على العديد من الجوائز والتكريمات، حيث تم تكريمها بجائزة "أونتوان بيشون" بعد أن حازت على لقب أفضل عالمة عربية لسنة 2013، وتمنح هذه الجائزة للبحوث التي يتم من خلالها تقديم علاجات لأمراض مزمنة. وفي عام 2014 انضمت إلى قاعة النساء المشاهير في العلوم، وهو تكريم لأفضل عالمة من قبل وزارة الخارجية الأميركية. وفي عام 2016 اختيرت من قبل "منتدى أينشتاين القادم" واحدة من أفضل ست باحثات يُسهمن في دفع عجلة العلوم بالقارة الإفريقية، نظراً لإسهاماتها في تعزيز ثقافة العلم المسؤول ونزاهة البحث في التعليم العالي في الجزائر.