يقول الخبر
حصل مقطع فيديو مدته 25 دقيقة على ملايين المشاهدات بعد نشره على وسائل التواصل الاجتماعي في الأسبوع الماضي. ويظهر في المقطع -الذي يروج لفيلم وثائقي مقبل- أحد معتنقي نظرية المؤامرة المعروفين بمناهضتهم للقاحات. وسرعان ما تعهدت كل من فيسبوك ويوتيوب بحذف نسخ من هذا المقطع عن منصتيهما. وفي يوم 7 مايو، قالت فيسبوك للصحفيين إن الفيلم الوثائقي انتهك سياساتها من خلال الترويج لادعاءات قد تكون مؤذية بأن ارتداء قناع يمكن أن يسبب المرض. ووفقًا لديجيتال تريندز (Digital Trends)، فقد حقق المقطع أكثر من 1,8 مليون مشاهدة و150,000 مشاركة على فيسبوك. كما تمت مشاهدته ملايين المرات على موقع يوتيوب قبل إزالته لانتهاكه سياسات الموقع بخصوص المعلومات الخاطئة المتعلقة بكوفيد-19.
كيف تفشى هذا المقطع؟
اجتذب النشطاء المناهضون للّقاح ملايين المشاهدات على وسائل التواصل الاجتماعي من خلال الترويج لنظريات المؤامرة حول كوفيد-19. وفي الواقع، لا يمثل انتشار هذا المقطع حادثة منفردة؛ حيث يسعى هؤلاء النشطاء وراء الوصول إلى جماهير أوسع أثناء الوباء باستخدام نفس الأساليب التي يستخدمها المؤثرون وصانعو المحتوى على يوتيوب للحصول على المزيد من المشاهدات. لقد سعى هؤلاء إلى إجراء مقابلات مع صانعي المحتوى الأكثر تأثيراً ومتابعة، وعملوا على ربط رسائلهم بالاتجاهات الرائجة حالياً، وشجعوا معجبيهم على نشر مضامين خطابهم على أوسع نطاق، وقاموا ببناء حضور لهم على كل منصات التواصل الاجتماعي التي تقع بين أيديهم. كما أن رينيه ديريستا، الباحثة في مرصد ستانفورد للإنترنت والتي تعمل على مكافحة هذا النوع من المعلومات الخاطئة، قالت لنا هذا الأسبوع إنه إذا شعر نشطاء مناهضة اللقاح أنهم "يمكنهم إنشاء محتوى يجده الناس عند بحثهم عن مصطلح محدد"، فإنهم سيستثمرون وقتهم في هذا الأمر.
عندما بدأت نسخ من مقطع "Plandemic" (أي الوباء المُخطَّط له) في الاختفاء من موقع يوتيوب، قام مناصرو الأفكار التي يحتويها بنشره بشكل مكثف على تويتر، وأرفقوه بادعاءات بأنهم يتعرضون لرقابة ظالمة. وأصبح الفيلم الوثائقي بعد ذلك وسماً رائجاً بحلول يوم 7 مايو، جاذباً المزيد من الانتباه والغضب والتغطية الإعلامية لما يحتويه.
الضرر المحتمل لهذا الفيديو
يحتوي مقطع "Plandemic" وغيره من مقاطع الفيديو التي تدور في فلك نظريات المؤامرة، على العديد من الادعاءات غير الدقيقة التي قد تدفع الأشخاص إلى تجربة علاجات غير فعالة -وأحياناً خطيرة- لكوفيد-19، بل قد تشجع الناس على تجاهل إرشادات الصحة العامة الهادفة للحفاظ على سلامتهم. وفي محادثة مطولة خلال الأسبوع الماضي مع صانع المحتوى على يوتيوب باتريك بيت ديفيد، قالت جودي ميكوفيتس، الشخصية المناهضة للقاح، والتي تظهر في مقطع "Plandemic"، إن لقاح الإنفلونزا الذي تم استخدامه في منتصف العقد الماضي "هو المسؤول عن انتشار الوباء"، وأضافت أن ارتداء الكمامة "سينشِّط" الفيروس في الجسم، وأنه يجب توجيه الاتهام "بالخيانة" إلى أنتوني فوشي. وقد تكررت بعض هذه الادعاءات في مقطع الفيديو، الذي كان من المفترض أن يمثل بحد ذاته إعلاناً ترويجياً لفيلم وثائقي أطول.
كيف يمكن إيقاف انتشار المعلومات المضللة؟
يقول الخبراء إن بعض الإجراءات التي تجربها منصات التواصل الاجتماعي يمكن أن تساعد في مواجهة المعلومات المضللة. ومن هذه الإجراءات على سبيل المثال: إزالة المحتوى الذي يروِّج للمعلومات الخاطئة أو وجهات النظر المتطرفة، وإعطاء أولوية لعرض المعلومات الموثوقة في أعلى قوائم التوصيات ونتائج البحث، وتوفير أطر معلومات فوق مقاطع الفيديو المشكوك في صحتها أو تقديم المنشورات التي توفر معلومات موثوقة من مصادر رسمية. غير أن المنصات مثل يوتيوب وفيسبوك تكافح لتطبيق هذه السياسات بسرعة كافية لمنع مقاطع الفيديو الشبيهة بمقطع "Plandemic" من تحقيق مشاركات ومشاهدات على نطاق واسع من دون أي قيود.
وهناك تحدٍ آخر أيضاً، ألا وهو أن المعلومات الخاطئة -وخصوصاً المعلومات الخاطئة الصحية- تنتشر بقوة عندما تكون المعلومات الموثوقة شحيحة أو غير متوافرة. وهذه مشكلة بارزة على وجه الخصوص في الوباء الحالي؛ حيث يتسابق الأطباء والعلماء لفهم مرض لم يكن موجوداً منذ ستة أشهر. فإذا كان دعاة نظريات المؤامرة وراء معظم المحتوى المتعلق بأفكار أو مصطلحات بحث محددة، فإن الأشخاص الذين يبحثون عن هذه المصطلحات على جوجل بدافع الفضول سيجدون أنفسهم في نفق خوارزمي يعجُّ بالمصادر غير الموثوقة.
لقد عمل بعض الأطباء على سدّ هذه الفجوة في توافر المعلومات من خلال لعب دور المؤثرين بأنفسهم؛ ليقوموا بدحض المعلومات الخاطئة واسعة الانتشار أمام متابعيهم على المنصات التي تتفشى فيها هذه الأفكار؛ حيث قام زوبين دامانيا، وهو طبيب وشخصية معروفة عبر الإنترنت، بنشر مقطع "طبيب يرد على Plandemic" على قناته على يوتيوب في وقت سابق من هذا الأسبوع.
قال دامانيا في الفيديو الذي حقق 1,3 مليون مشاهدة: "هذا جنون؛ لا تضيع وقتك في مشاهدته، ولا تضيع وقتك في مشاركته، ولا تضيع وقتك حتى في الحديث عنه. أنا لا أصدق أنني أهدر وقتي في القيام بهذا الأمر، لكنني أريد فقط عدم تلقي المزيد من الرسائل حول هذا الموضوع".