النشأة والدراسة
ولدت توحيدة بن الشيخ في 2 يناير سنة 1909 في رأس الجبل التابعة لولاية بنزرت في تونس، ودرست فيها حتى إنهائها مرحلة التعليم الثانوي سنة 1928. أرادت توحيدة إكمال تعليمها والحصول على درجة البكالوريوس في الطب البشريّ، إلا أنها واجهت صعوبة عائلية؛ حيث تنحدر من عائلة محافظة اجتماعياً ولم تكن فكرة سفرها وحدها إلى فرنسا مقبولةً في البداية بالنسبة لوالدتها، إلا أن مدرّس توحيدة في المدرسة الثانوية، الدكتور إتيان بورنيه، لعب دوراً هاماً في إقناع والدة توحيدة بالسماح لها بالسفر إلى فرنسا؛ بسبب القدرات المتميزة التي أظهرتها أثناء مرحلة التعليم الثانوي، وبذلك تمكنت توحيدة من متابعة حلمها التعليمي في فرنسا، الذي بدأته عبر الحصول على دبلوم في الفيزياء والكيمياء والبيولوجيا، أهلها للالتحاق بكلية الطب في العاصمة الفرنسية باريس، حيث تمكنت من الحصول على شهادة الطب البشري سنة 1936، لتكون بذلك أول طبيبة من تونس وكذلك أول طبيبة أطفال تونسية، وأول امرأة مسلمة في شمال أفريقيا تحصل على شهادة في الطب البشري.
المسيرة العلمية والمهنية
عادت الدكتورة توحيدة إلى بلدها تونس بعد إتمام مرحلة التعليم الجامعي، وافتتحت عيادةً خاصة بها تمارس عبرها طب الأطفال. وإلى جانب ذلك، عُينت رئيسةً لقسم التوليد في مستشفى شارل نيكول في مدينة تونس، ومن ثم رئيسةً لقسم التوليد في مستشفى عزيزة عثمانة، وهو المنصب الذي احتفظت به حتى 1977، كما أنها عملت لفترة قصيرة مديرةً لديوان الأسرة والعمران البشري.
إلى جانب تميزها كأول طبيبة تونسية، تشتهر الدكتورة توحيدة بدورها وأثرها المجتمعيّ في تونس، فقد لعبت دوراً في السياسات المتعلقة بتنظيم الأسرة وتحديد النسل، فضلاً عن انضمامها أو تأسيسها لعددٍ من الجمعيات، مثل نشاطها في الاتحاد النسائي الإسلامي التونسي وتأسيسها لجمعية الإسعاف الاجتماعي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، وأسست أيضاً جمعية القماطة التونسية التي تهدف للعناية بالرّضع من أبناء العائلات الفقيرة، وتم اختيارها سنة 1958 عضواً في عمادة الأطباء التونسيين، وتولت منصب نائب رئيس جمعية الهلال الأحمر التونسي. كما تولت أيضاً إدارة مجلة “ليلى” التي تعد من أوائل المجلات التونسية المعنية بشؤون المرأة، والناطقة باللغة الفرنسية.
جوائز وتكريمات
توفيت توحيدة بن الشيخ سنة 2010 بعد مسيرةٍ مليئة بالنشاط الطبيّ والاجتماعيّ. وبالرّغم من ذلك، فإن أبرز تكريمٍ حصلت عليه كان بعد وفاتها، والذي تمثل بطبع ورقة نقدية جديدة من فئة 10 دينار في تونس تحمل صورتها، وذلك في شهر مارس من سنة 2020، خلال الوقت الذي أصبحت فيه جائحة فيروس كورونا منتشرةً في كل البلدان، فكانت هذه الخطوة شكراً للأطباء والطواقم الطبية على جهودهم في مواجهة الفيروس، وتكريماً لها على عملها الطبيّ الطويل وجهودها في مجال تنظيم الأسرة والمجتمع.