كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد الموارد البشرية في استقطاب أفضل مواهب سوق العمل؟

3 دقائق
كيف يمكن للتكنولوجيا أن تساعد الموارد البشرية في استقطاب أفضل مواهب سوق العمل؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Alexander Supertramp

كشف تقرير صدر مؤخراً عن "بيت دوت كوم"، بوابة التوظيف الإلكترونية الرائدة، أن 91% من المهنيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يفكرون في تغيير وظائفهم في عام 2022. وتشكل هذه التطورات انعكاساً للتوجهات السائدة في الغرب، حيث شهدت ظاهرة "الاستقالة الكبرى" خلال عامي 2021 و2022 تقديم الملايين من الناس طلبات استقالة من وظائفهم، مبررة بالأجور المنخفضة وتضاؤل فرص التطور الوظيفي والشعور بعدم التقدير وبيئة العمل غير المرنة. في حين تختلف بيئة العمل في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا عنها في الغرب، لا سيما في ظل هيمنة القطاع العام على سوق العمل والكثافة السكانية التي يغلب عليها الشباب، وانخفاض مشاركة الإناث بسوق العمل، فإن حالة عدم الرضا الوظيفي تعتبر عابرة للحدود والثقافات.

تداعيات الاستقالة الكبرى العابرة للحدود

كانت للاستقالة الكبرى تداعيات مضاعفة على جهات العمل. ففي حين خسرت هذه الجهات نسبة كبيرة من فرق عملها، فإنها تجد أيضاً صعوبة في تعويضها، حيث أظهر تقرير صادر عن ماكينزي، أن لدى 44% من القوى العاملة في الولايات المتحدة الأميركية الذين تركوا وظائفهم طوعاً دون امتلاك أي عروض عمل أخرى، اهتماماً ضئيلاً أو معدوماً بالعودة إلى الوظائف التقليدية في وقت قريب.

ولا شك أن تزايد احتمالية مغادرة فرق العمل بأعداد كبيرة وفقدان القدرة على التوظيف بحرية يعتبر مسألة بالغة الأهمية لكافة جهات العمل، فهذا قد يؤدي إلى خسائر مالية مباشرة وغير مباشرة، فاكتساب المواهب أمر مكلف. وقد توصلت الدراسات إلى أن استبدال الموظف يكلف معاشاً شهرياً لفترة تتراوح ما بين 6 إلى 9 أشهر في المتوسط. أمّا التكاليف غير المباشرة فلها تأثير مشابه، فعضو فريق العمل المغادر يعطّل الفرق ويؤثّر على الروح المعنوية ويقلل من الإنتاجية، على الأقل في المدى القصير.

اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تستخدم الذكاء الاصطناعي لمنح العاملين درجة إنتاجية

كما تمثل التركيبة السكانية الفريدة لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، حيث نصف السكان دون سن 25 عاماً، فرصة لتكوين قوى عاملة تتسم بالمرونة مدفوعة بالتقنيات الرقمية. فبيئة العمل الرقمية لم تعد عاملاً لاستقطاب الموظفين ذوي القدرات الرقمية فحسب، لكنها عامل حيوي للاحتفاظ بهم. ويبدأ كل شيء مع مجموعة برامج إدارة الموارد البشرية (HRMS) والتي تشمل مسيرة الموظف المهنية بأكملها؛ بداية من جذب المواهب والتوظيف والتأهيل والمشاركة والتقدم الوظيفي.

إعادة تشكيل مشهد بيئة العمل من خلال التقنية

النجاح في استقطاب أفضل المواهب في سوق العمل الرقمي يحتم على جهات العمل إجراء مقابلات مع أفضل المرشحين أينما تواجدوا، سواء كان ذلك عبر الهاتف المحمول أو وسائل التواصل الاجتماعي. وقد أظهرت دراسة أن 67% من جميع طلبات العمل تم تقديمها العام الماضي باستخدام الأجهزة المحمولة. كما يتجه المرشحون بشكلٍ متزايد إلى وسائل التواصل الاجتماعي للتواصل مع أصحاب العمل للعثور على وظائف، وهذه الإحصائيات توضح كيف يمكن لنظام التوظيف القديم أن يفقد جهات العمل أفضل الخيارات وأكثرها تميزاً. 

ويمكن للتكنولوجيا أيضاً أن تؤدي دوراً حاسماً بالارتقاء بعملية التوظيف، فأدوات تحليل السيرة الذاتية والفحص الآلي المسبق وما إلى ذلك، قادرة على تحديد ما إذا كان المتقدم ملائماً لشغل الوظيفة وثقافة الشركة والفروق الدقيقة التنظيمية الأخرى. وعلاوة على ذلك، تتوفر روبوتات محادثة تتفاعل مع المرشحين المحتملين على مدار الساعة، ما يتيح إمكانية استغلال وقت فرق الموارد البشرية بصورة أمثل عبر تحريرهم من عبء معالجة الاستفسارات العادية.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يثبت تفوقه على البشر في اختيار المرشح الأفضل للوظيفة

يستفيد الإعداد الرقمي من أدوات وتقنيات تكنولوجيا المعلومات لتسهيل عملية إدماج الموظف الجديد، كما يتيح مستودع البيانات الإلكتروني استعراض كافة المعلومات المتعلقة بإعداد الموظفين والمساعدة في إدماجهم عبر تجربة متسقة ومبسطة تشمل كافة الموظفين الجدد في كل أقسام جهة العمل.

وفي حين ينبغي أن يلتقي الموظفون الجدد مسؤولي الموارد البشرية وفرق العمل بشكل شخصي، يؤدي التدريب المستند إلى الفيديو ورسائل الإدارة المسجلة والكتيبات الإلكترونية دوراً في تعريف الموظفين الجُدد بثقافة المؤسسة. كما تنسجم تقنية التعرّف البصري على الأحرف (OCR) المعززة بالذكاء الاصطناعي القادرة على مسح وتوثيق الوثائق بما في ذلك جواز السفر والهويات الشخصية والشهادات التعليمية وغيرها، مع التوجهات المتنامية في المنطقة، حيث أصبحت الخدمات العامة بلا أوراق إلى حد كبير.

الحفاظ على فرق العمل 

لا تقتصر عملية إدارة الموارد البشرية الرقمية عند هذا الحد، ولكنها تمثل مفتاحاً لخلق تجربة موظف متميزة. فالروبوت الصوتي وتوافر تقنيات لا تلامسية لتسجيل الحضور عبر التعرف على الوجه تعتبر أمراً بالغ الأهمية لبيئة العمل في مرحلة ما بعد الجائحة. فالتفاعل الاستباقي المدعوم بالتكنولوجيا يحفّز التعاون والعمل المشترك، ويعزز المحادثات الفردية الهادفة للموظفين الذين يعملون عن بُعد أو في المكتب. حيث يعتبر تواصل عملية تزويد وتلقي ردود الفعل، وتسليط الضوء على إنجازات الموظفين، وإدارة الأداء، بعض الوسائل التي تتيح لتكنولوجيا الموارد البشرية التفاعل مع فرق العمل عالية الكفاءة والحفاظ عليها.

كما توفر عملية رقمنة رحلة الموظف لجهات العمل بيانات قيمة يمكن تحليلها لتوليد رؤى تسهم بتطوير استراتيجيات الحفاظ على القوى العاملة عالية المهارة. وعند اقتران الرقمنة مع أنجع الاستراتيجيات الرقمية المخصصة لتطوير المهارات/ إعادة تشكيل المهارات، يمكن لأقسام الموارد البشرية تطوير جهات عمل جاهزة للمستقبل حتى في ظل وجود أسواق عمل تعاني من حالة عدم اليقين.

اقرأ أيضاً: كيف تؤثر الأتمتة على إدارة الأعمال والموظفين؟

تطوير الاستراتيجيات المثالية

وفي ظل تزايد الطلب على الموظفين من ذوي الكفاءة، ينبغي على الشركات اتباع نهج قوي وشامل مدعوم بالتكنولوجيا لاستقطاب أفضل أعضاء فرق العمل من المنافسين. ومن الأهمية بمكان إدراك أن المسألة لا تتعلق فقط بالاستفادة من التقنية، بل بخلق التوازن الصحيح بين التقنيات واستراتيجيات تطوير المواهب من جهة والبُعد الإنساني من جهة أخرى، فجميعنا يدرك أن مقياساً واحداً لن يناسب الجميع، وهنا يأتي دور تكنولوجيا الموارد البشرية في توفير منهجية قابلة للتخصيص تركز على العملاء في المقام الأول.

إن تطبيق تكنولوجيا الموارد البشرية الصحيحة يتيح لإدارة الموارد البشرية والإداريين التركيز على التفكير الاستراتيجي والعمل على تحقيق أهداف العمل.

المحتوى محمي