ما هو المنزل الذكي؟ وما هي أبرز التكنولوجيات التي تجعل منزلك ذكياً؟

7 دقائق
ما هو المنزل الذكي؟ وما هي أبرز التكنولوجيات التي تجعل منزلك ذكياً؟
حقوق الصورة: بيكساباي.

منذ ثمانينيات القرن التاسع عشر بدأ المخترعون في البحث عن طرق وأدوات لجعل المنازل أكثر راحة لساكنيها، حيث تم اختراع أولى هذه الأدوات خلال الثورة الصناعية في أوائل القرن العشرين، وهي المكانس الكهربائية، ثم تلتها مجففات الملابس والغسالات والثلاجات وغسالات الصحون الكهربائية، والتي أحدثت فرقاً كبيراً في حياة الناس، ومهدت لظهور مفهوم المنزل الذكي كما نعرفه الآن.

تاريخ المنزل الذكي؟

يعتبر المخترع والمصمم الأميركي "جيمس سذرلاند" (James Sutherland) هو أول من بنى وصمم نظاماً منزلياً ذكياً متكاملاً، من خلال تصميم جهاز يُسمى "إيكو الرابع" (ECHO IV) في عام 1966 من القرن الماضي، وهو عبارة عن جهاز كمبيوتر منزلي يسمح للمستهلكين بإنشاء قوائم تسوق رقمية والتحكم في درجة حرارة المنزل وتشغيل الأجهزة وإيقافها وحتى الوصول إلى توقعات الطقس.

لاحقاً في عام 1971 أدى اختراع أول "وحدة تحكم فائقة (Microcontroller) إلى تخفيضات كبيرة في أسعار الأجهزة الإلكترونية، وأصبحت شائعة في جميع أنحاء المنزل. ثم في عام 1973 اخترع المهندس الأميركي "بوب ميت كالف" (Bob Metcalfe) شبكة "الإيثرنت" (Ethernet) التي أتاحت إمكانية توصيل عدة أجهزة كمبيوتر مع بعضها بعضاً. وفي عام 1974 أنشأ "فايس هايس" (Vic Hayes)، معيار الاتصال IEEE 802.11 الذي أدى إلى ظهور شبكة الواي فاي في العام 1997 والذي أصبح معياراً شائعاً تستند إليه شبكات المنازل الذكية اليوم.

اقرأ أيضاً: هل سنشهد اختفاء الهواتف الذكية بحلول العام 2030 حقاً كما يتنبأ الرئيس التنفيذي لنوكيا؟

تعريف المنزل الذكي

"المنزل الذكي" (Smart Home) هو بيئة سكنية تستخدم أجهزة متصلة بشبكة محلية أو بشبكة الإنترنت  لتمكين وإدارة الأجهزة والأنظمة ومراقبتها عن بُعد. وتوصف تكنولوجيا المنزل الذكي التي يشار إليها غالباً باسم "أتمتة المنزل" (Home Automation) بشكل أكثر دقة بأنها المنازل التي يرتبط فيها كل شيئ تقريباً، مثل مفاتيح الإضاءة والأجهزة والنوافذ وأنظمة التدفئة والتبريد، بشبكة محلية أو بشبكة الإنترنت ويمكن التحكم فيهم عن بُعد. غالباً عن طريق تطبيق المنزل الذكي على الهاتف أو الحاسوب أو أي جهاز آخر متصل بالشبكة، ما يسمح للمستخدم بالتحكم في وظائف مثل فتح باب المرآب، وضبط درجة الحرارة والإضاءة عن بُعد.

ما هي التكنولوجيات المستخدمة في إنشاء المنازل الذكية؟

غالباً ما يتم بناء المنازل الحديثة مع بنية تحتية تدعم تكنولوجيا المنازل الذكية، ومع ذلك يمكن أيضاً تعديل المنازل القديمة لتصبح ذكية بسهولة، ويعد نظام "زيغبي" (Zigbee) مفتوح المصدر من أكثر بروتوكولات اتصالات الأتمتة المنزلية شيوعاً المستخدمة اليوم، وتستخدمها العديد من شركات تصنيع أدوات المنزل الذكية مثل أمازون وجوجل وفيليبس.

تستخدم تكنولوجيا زيغبي إشارات الراديو قصيرة المدى منخفضة الطاقة لتوفير الاتصال بين أنظمة المنازل الذكية، ولأنها تدعم "الشبكات اللاسلكية المتداخلة" (Mesh Network) يعني هذا أنها يمكن أن تعزز نطاق نقل البيانات وتوفر قدراً أكبر من الاستقرار في الاتصالات، حيث تعتبر على نطاق واسع بديلاً لشبكات البلوتوث والواي فاي لبعض التطبيقات بما في ذلك الأجهزة منخفضة الطاقة التي لا تتطلب الكثير من النطاق الترددي مثل المستشعرات.

ومن ضمن التكنولوجيات التي تستخدم في المنزل الذكي أيضاً وحدة تحكم أتمتة المنزل الرئيسية، تسمى "مركز المنزل الذكي" (Smart Home Hub). وهي عبارة عن جهاز يقوم بالتحكم في جميع الأجهزة الذكية المنزلية بغض النظر عن العلامة التجارية المصنعة لها، ويعتبر بمثابة النقطة المركزية لنظام المنزل الذكي؛ إذ يوحد الأجهزة المختلفة في منزلك في نظام واحد، ويمكنها من العمل معاً ، كما يوفر تطبيقاً واحداً للتحكم في المنزل الذكي بالكامل.

ما هو الفرق بين المباني الذكية والمنازل الذكية؟

في حين أن كل "منزل ذكي" (Smart Home) عبارة عن مبنى ذكي، إلا أنه ليس بالضرورة أن يكون كل "مبنى ذكي" (Smart Building) هو منزل ذكي. حيث ترتبط المباني الذكية بمشروعات "المدن الذكية" (Smart Cities) والتي يمكن أن تشمل المباني التجارية والصناعية والسكنية بجميع الأشكال والأحجام، بما في ذلك المكاتب، وناطحات السحاب، والمباني السكنية، حيث تعتمد هذه المباني على تكنولوجيا إنترنت الأشياء (IoT) لتحسين كفاءة البنية التحتية للمدن وتقليل تكاليف الطاقة والحفاظ على الموارد.

ويتم نشر العديد من نفس التكنولوجيات الذكية المستخدمة في المنزل الذكي في المباني الذكية، بما في ذلك الإضاءة والطاقة والتدفئة وتكييف الهواء. على سبيل المثال، يمكن للمبنى الذكي أن يقلل من تكاليف الطاقة باستخدام أجهزة استشعار تكتشف تلقائياً عدد الموجودين في غرفة الاجتماعات، وبناءً عليه يتم تعديل درجة برودة الغرفة تلقائياً، أو إيقافها كُلياً في نهاية اليوم بمجرد خروج جميع الموظفين.

وبشكل عام نجد أن الفرق بين المنازل الذكية والمباني الذكية هو أن الثانية عبارة عن مشروع صغير ضمن مشروع أكبر وهو المدن الذكية والتي تقوم بها الحكومات، بينما الثاني عبارة عن مشروع يمكن أن ينشئه أي شخص من نقطة الصفر باستخدام لوحة "راسبيري باي" (Raspberry Pi)، أو شراء مجموعة "مجموعة المنزل الذكية" (Smart Home Kit) التي تحتوي على القطع اللازمة لبدء مشروع أتمتة المنزل.

اقرأ أيضاً: كيف تحمي منزلك الذكي من الهجمات السيبرانية؟

دور تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في المنازل الذكية

أصبحت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي عنصراً أساسياً في أنظمة المنازل الذكية، يسمح لتطبيقات أتمتة المنزل الذكي بالتكيف مع بيئاتها. على سبيل المثال تحتوي الأنظمة التي يتم تشغيلها بالصوت مثل "أمازون إيكو" (Amazon Echo) أو "جوجل هوم" (Google Home) و"أبل هوم كيت" (Apple HomeKit) على مساعدين افتراضيين قادرين على التعلم وتخصيص عمليات وإجراءات المنزل الذكي وفقاً لتفضيلات وأنماط ساكنيه.

على سبيل المثال، بدلاً من ترك مكيف الهواء قيد التشغيل طوال اليوم، يمكن لنظام المنزل الذكي المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تعلم السلوكيات والتأكد من أن المنزل يتم تبريده بحلول الوقت الذي يصل فيه أصحاب المنزل من العمل. والشيئ نفسه ينطبق على الأجهزة، مثل نظام الري الذكي الذي يقوم بسقي العشب عند الحاجة ومع الكمية الدقيقة للمياه اللازمة، ما يساعد على استخدام الطاقة والمياه وغيرها من الموارد بشكل أكثر كفاءة.

ما هي تكلفة بناء منزل ذكي؟

تتمثل فكرة معظم الناس عن المنزل الذكي في إضافة مكبر صوت ذكي أو محور منزلي ذكي يمكنه التحكم في الأجهزة الأساسية مثل الأضواء والمقابس وربما قفل الباب وكاميرا الأمان، ولكن إذا كنت تريد أن تجعل منزلك أكثر ذكاءً، فإن هذا يتوقف بشكل كبير على ميزانيتك، حيث يعتبر تحديد التكلفة المادية الدقيقة صعباً، لوجود آلاف الخيارات المتاحة من وحدة التحكم إلى أجهزة الاستشعار إذا أردت تحويل منزلك العادي إلى منزل ذكي، أو إنشاء منزل ذكي من الصفر.

اقرأ أيضاً: كيف تغير تكنولوجيا الصوت حياتنا دون أن نشعر؟

وبشكل عام يعتمد تماماً ما تعتبره منزلاً ذكياً على ما تريده حقاً من أجهزة وماذا تريد لها أن تفعل، حيث تعتبر مفاهيم المنزل الذكي التي تراها على التلفزيون والتي تعمل فيها كل الأشياء بشكل آلي ولا سلكي باهظة الثمن للغاية، لهذا السبب يجب سؤال نفسك عن الجزء الذي تريد جعله ذكياً في منزلك، ثم الانطلاق من هذه النقطة.

على سبيل المثال، إذا أردت كل شيئ أن يكون مؤتمتاً وذكياً ففي هذه الحالة ستكون التكلفة المادية مرتفعة، وإذا كنت ترغب في أتمتة كل شيئ ولكن الميزانية تقف عائقاً، ففي هذه الحالة يمكن البدء بتحديد الأولويات أو الأجهزة الذكية الضرورية التي تريد تضمينها في نظام المنزل الذكي ثم الانطلاق لتضمين باقي الأجهزة كل على حدة بحسب ميزانيتك.

أبرز التكنولوجيات التي تجعل المنزل الذكي ذكياً حقاً

مع تطور مفهوم المنزل الذكي على مر السنين، أصبحت الأجهزة الذكية موجودة تقريباً في كل جانب من جوانب الحياة، بما في ذلك:

  • أجهزة التلفاز الذكية: التي تكون متصلة بالإنترنت وتتيح لك الوصول إلى المحتوى من خلال تطبيقات بث الفيديو أو الموسيقى عند الطلب، بالإضافة إلى ذلك تشمل بعض أجهزة التلفاز الذكية ميزات إمكانيات وصول متقدمة مثل التعرف على الصوت أو الإيماءات.
  • المصابيح الذكية: يمكنها تخصيص الإضاءة بحسب البيئة المحيطة بها، على سبيل المثال ضبط تشغيل الإضاءة بمجرد اكتشاف وجود أشخاص في الغرفة، وإيقاف التشغيل تلقائياً بمجرد شروق الشمس أو توافر ضوء النهار.
  • منظمات الحرارة الذكية: يمكن استخدامها لجدولة درجات حرارة المنزل ومراقبتها والتحكم فيها عن بُعد. بالإضافة إلى ذلك يكون بعض هذه الأجهزة مدعوماً بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي حيث يمكنها أن تتعلم سلوكيات مالكي المنزل وتعديل الإعدادات تلقائياً لتزويدهم بأقصى قدر من الراحة والكفاءة.
  • الأقفال الذكية: تتيح لمالكي المنزل فتح الأبواب تلقائياً بمجرد الاقتراب منها، بالإضافة إلى السماح بدخول الزوار أو رفض دخولهم عند بُعد.
  • كاميرات الأمن الذكية: تتيح للمالكين مراقبة منازلهم عندما يكونون بعيداً أو حتى إذا كانوا في إجازة خارج البلاد، ويمكن لأجهزة مستشعرات الحركة الذكية (Smart Motion Sensor) أيضاً تحديد الفرق بين السكان والزوار والحيوانات الأليفة واللصوص، وإخطار السلطات في حالة الكشف عن سلوك مشبوه.
  • أجهزة المطبخ الذكية: تتوفر هذه الأجهزة من جميع الأنواع، مثل الآلات الذكية لإعداد القهوة ، التي يمكنها إعداد فنجان قهوة جديد تلقائياً في وقت تم تحديده سابقاً، والثلاجات الذكية التي تتتبع تواريخ انتهاء الصلاحية، أو وضع قوائم التسوق أو حتى إنشاء وصفات تستند إلى المكونات الموجودة حالياً، وأدوات الطهي الذكية التي تقيس جودة الطهي، والغسالات والمجففات الذكية وغيرها.
  • مستشعرات ذكية: يمكنها قياس استهلاك الكهرباء وخفضها بناءً على عدة عوامل مثل إيقاف تشغيل الأجهزة غير المستخدمة، أو مراقبة درجة حرارة المياه، أو ري الحديقة في وقت يتم تحديده سابقاً، ومراقبة أنابيب المياه وإيقاف تدفقها عند الحاجة.

اقرأ أيضاً: كيف استفاد الممثل الأميركي فال كيلمر من الذكاء الاصطناعي لإنشاء صوته في فيلم Top Gun؟

إيجابيات المنزل الذكي

واحدة من أكثر الفوائد التي تقدمها أتمتة المنزل هي توفير راحة البال لأصحاب المنازل، مثل فتح باب المرآب بمجرد الاقتراب من المنزل، وإيقاف تشغيل الأضواء والمدفأة وتشغيل الموسيقى المفضلة بمجرد الدخول، وتدارك الأخطار غير المتوقعة مثل إيقاف تشغيل الموقد أو التلفزيون، ومراقبة كِبار السن بشكل مريح وآمن.

سلبيات المنزل الذكي

لكي تكون أنظمة الأتمتة المنزلية فعالة، يجب أن تكون الأجهزة قابلة للتشغيل المتبادل بغض النظر عن الشركة المصنعة، واستخدام نفس البروتوكولات أو على الأقل التي تدعمها، حيث نجد أنه حتى الآن لا يوجد معيار قياسي موحد للأتمتة المنزلية، وهذا يعود إلى أن سوق المنازل الذكية جديد نسبياً حيث تختلف الشركات المصنعة لتكنولوجياتها وأجهزتها وتتعدد البروتوكولات المستخدمة فيها.

بالإضافة إلى ذلك يعد أمن المنازل الذكية أمراً مقلقاً للكثير من المستهلكين، حيث وجد تقرير حديث أعدته شركة "إن تي تي داتا" (NTT Data) أن 80% من المستهلكين في الولايات المتحدة يشعرون بالقلق من أمان أجهزة المنزلية الذكية. بالإضافة إلى انتهاك خصوصية بيانات السكان، حيث وجد التقرير نفسه أن 73% من المستهلكين يشعرون بالقلق إزاء خصوصية البيانات المشتركة بين أجهزتهم المنزلية الذكية.

وفي حين أن مصنعي الأجهزة قد يجمعون بيانات المستهلك لتحسين تصميم منتجاتهم أو تقديم خدمات جديدة ومحسّنة للعملاء، فإن الثقة والشفافية أمران ضروريان للمصنعين الذين يتطلعون إلى الحصول على عملاء جدد.

اقرأ أيضاً: كيف يساهم خفض تكاليف النوافذ الذكية في توفير استهلاك الطاقة؟

التحديات التي تواجه انتشار المنازل الذكية

كافحت أنظمة أتمتة المنازل لتصبح سائدة، حيث تعمل الشركات المصنعة لمعدات وأجهزة وبروتوكولات المنازل الذكية على تقليل التعقيد وتحسين تجربة المستخدم لجعلها ممتعة ومفيدة للمستخدمين من جميع الأنواع والمستويات التقنية. ومع ذلك لن يتم تحقيق الفوائد الحقيقية للمنزل الذكي حتى تكون جميع الأجهزة قابلة للتشغيل معاً، أي قادرة على التواصل مع بعضها بعضاً بغض النظر عن الشركة المصنعة. حيث تعتبر بروتوكولات الشبكات مغلقة المصدر والمعايير الاحتكارية عائقاً رئيسياً في انتشار المنازل الذكية، فقد يضطر المستهلك لاعتماد العديد من البروتوكولات لتوصيل مختلف أجهزته الذكية ذات العلامات التجارية المختلفة، ما يُكلف مالاً وجهداً يجعل المستهلكين الآخرين غير متحمسين لأتمتة منازلهم بالكامل ويكتفون في الغالب بجهاز أو اثنين فقط لتفادي التعقيد والتكلفة المالية المصاحبة.

لذا، ونظراً إلى أن الجميع سيستفيد من الالتزام ببروتوكول واحد مفتوح المصدر لإنشاء المنازل الذكية، هناك الكثير من المبادرات المهتمة بإنشاء منصة اتصالات واحدة مشتركة، على رأسها معيار "ماتر" (Matter) مفتوح المصدر الذي يربط بين مختلف بروتوكولات الاتصال مثل الواي فاي والبلوتوث والإيثرنت ما يسمح للأجهزة بالتواصل مع بعضها بعضاً محلياً دون الحاجة إلى تكنولوجيا السحابة.

اقرأ أيضاً: ما أفضل طريقة لتخزين الطاقة المتجددة؟ شركة إيطالية تسعى لاستخدام ثنائي أكسيد الكربون

يدعم هذا المعيار أكثر من 400 شركة مصنعة لأجهزة المنزل الذكية، بما فيها شركات التكنولوجيا العملاقة مثل جوجل وأمازون وسامسونج مجتمعين معاً ضمن تحالف عالمي يُسمى "تحالف معايير الاتصال" (Connectivity Standards Alliance) -اختصاراً CSA– لتوحيد جميع البروتوكولات المنتشرة الآن ضمن بروتوكول واحد يعمل على تحسين قابلية الاستخدام وإمكانية الوصول للجميع ما يجعل جميع المنازل أكثر ذكاءً.