هل ستكون تقنية الشحن الهوائي للهواتف الذكية متاحة قريباً؟

4 دقائق
تقنية الشحن الهوائي للهواتف الذكية
حقوق الصورة: شترستوك. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

منذ عدة عقود، أصبحت طرق نقل البيانات اللاسلكية مثل الواي فاي والبلوتوث وغيرها متاحة للجميع. ساعدت هذه الطرق في جعل حياتنا أسهل، وأصبح بالإمكان توصيل الأجهزة بسهولة مع بعضها بعضاً. وحالياً، تعمل العديد من الشركات الكبرى على تطوير تكنولوجيا تمكننا من شحن الهواتف المحمولة لاسلكياً عن بعد، لنستغني بذلك عن الشواحن السلكية نهائياً.

نحن لا نتحدث عن تكنولوجيا شحن الهاتف اللاسلكي Qi المتوفرة في بعض الأجهزة الرائدة، فهذه التكنولوجيا تتطلب أن يلامس الهاتف سطح الشاحن، كما أن سرعة الشحن فيها تكون محدودة ولا تتجاوز 15 واطاً في الساعة، بل نتحدث عن تكنولوجيا تمكننا من شحن الهواتف بينما نحملها في أيدينا أو نتجول في المنزل.

جهاز الشحن اللاسلكي Mi Air Charge من شاومي

في بداية عام 2021، قالت شركة شاومي الصينية إنها تعمل على تطوير طريقة شحن لاسلكي للهواتف المحمولة، هذه الطريقة لا تتطلب تثبيت الهاتف على جهاز الشحن، بل إنها تستطيع شحن الهاتف عن بعد عدة أمتار.

أطلقت شركة شاومي على جهاز الشحن اللاسلكي اسم Mi Air Charge، هذا الجهاز مزود بـ 144 هوائياً ينقل الموجات التي سيتم استقبالها من خلال 14 هوائياً مدمجاً في الهاتف، ويتم تحويل هذه الموجات إلى طاقة بقدرة 5 واطاً.

من المتوقع أن يكون الجهاز قادراً على شحن الهواتف التي تبعد عنه عدة أمتار حتى لو كانت هناك عوائق تفصل ما بين الهاتف وجهاز الشحن.

على الرغم من ذلك، أكدت شاومي أن هذه التكنولوجيا ليست سوى فكرة تعمل على تطويرها، وأنها لن تكون متاحة للاستخدام قريباً، وحتى الآن لم تقم الشركة بإصدارها.

اقرأ أيضاً: قرارات تكنولوجية ذاتية تجعل 2022 عاماً أفضل بالنسبة لك

فكرة نقل الطاقة لاسلكياً

التكنولوجيا التي تعمل على تطويرها شركة شاومي ليست الأولى من نوعها لنقل الطاقة بطريقة لاسلكية، في الحقيقة، قام العالم الصربي نيكولا تسلا في عام 1901 ببناء برج واردنكليف - الذي يعرف أيضاً باسم برج تسلا - في جزيرة لونغ آيلند بولاية نيويورك الاميركية. وأجرى تجارب لنقل الطاقة وموجات الاتصالات بطريقة لاسلكية.

تسعى العديد من الشركات الناشئة حاليّاً لتطوير حلول شحن لاسلكي للهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة التي تحتوي على بطاريات، من هذه الشركات "يانك تك" (Yank Tech) و"واي تشارج" (Wi-Charge) و"إينيرجيس" (Energous)، وبالفعل قام بعضها بطرح منتجاتٍ للمستهلكين، لكن هذه المنتجات لم تكسب حصة كبيرة من السوق، ويعود السبب في ذلك إلى أن هذه الشركات ما تزال ناشئة وليس لديها دعم مالي كبير.

لذلك، من المتوقع أن يؤدي دخول شركات تقنية عملاقة مثل شاومي وغيرها في هذا المجال إلى توفير موارد هائلة تدفع الأبحاث المتعلقة بنقل الطاقة اللاسلكية نحو الأمام.

اقرأ أيضاً: المحدودية الرقمية: معضلة كبرى تلوح في الأفق

ما سبب عدم توفر تكنولوجيا الشحن اللاسلكي حتى الآن؟

على الرغم من سعي العديد من الشركات الصغيرة والكبيرة لتطوير تكنولوجيا الشحن اللاسلكي وطرح بعضها منتجاتٍ للمستهلكين، لكن الشركات الكبرى التي تصنع الهواتف المحمولة لم تتبنّ هذه المنتجات، كذلك لا تلقى هذه المنتجات حماساً من المستهلكين، فما هو السبب في ذلك؟

السبب الأول والأكثر أهمية هو أن تكنولوجيا الشحن اللاسلكي بطيئة جداً مقارنة مع طرق الشحن السلكية، مثلاً، وفقاً لشركة شاومي إن تكنولوجيا الشحن الهوائي التي تطورها تبلغ قوتها 5 واطاً كحد أقصى، وهذا يعتبر ضئيلاً جداً في عصرنا الذي تتوفر فيه تكنولوجيا الشحن السريع بقدرة 120 واطاً.

بالإضافة إلى ذلك، عند شراء أجهزة الشحن اللاسلكية المتوفرة حالياً في الأسواق، ستحتاج إلى استخدام أدوات إضافية لجعل الهاتف متوافقاً معها. هذا يعني أن الشحن اللاسلكي يفرض مزيداً من التكاليف، وهو أمر يرفضه معظم المستهلكين كون الشواحن السلكية متوفرة ومنخفضة التكلفة.

اقرأ أيضاً: بطاريات الليثيوم-أيون تخطو خطوة كبيرة عبر منتج صغير

ما الذي يدفع الشركات لتطوير هذه التكنولوجيا؟

على الرغم من كل هذه المعوقات والأسباب التي تحد من رغبة المستهلكين في استخدام أجهزة الشحن اللاسلكي، تعمل بعض الشركات مثل شاومي على تطوير هذه التكنولوجيا، فما الذي يدفعها للاستمرار في ذلك؟

بحسب رأي الخبراء التقنيين، ستكون تكنولوجيا الشحن اللاسلكي للهواتف المحمولة مفيدة للغاية وتقدم مزايا وإمكانيات هائلة للشركات التي تصنع الهواتف المحمولة، من بين هذه المزايا نذكر:

جعل البطاريات أصغر حجماً أو الاستغناء عنها نهائياً

إذا قمت بفتح غطاء هاتفك المحمول، سوف تلاحظ أن البطارية هي أكبر المكونات بشغلها أكثر من نصف مساحة الجهاز، كما أن البطاريات هي أكثر أجزاء الهاتف عرضةً للتلف.

بتوفير تكنولوجيا الشحن اللاسلكي ستتمكن الشركات من تقليص حجم بطارية الهاتف أو حتى إزالتها بشكلٍ نهائي، ما يجعل الهواتف في المستقبل أخف وزناً وأكثر متانة وأرخص ثمناً وأطول عمراً.

قد تستطيع الشركات أيضاً استغلال مساحة البطارية الكبيرة من أجل إضافة ملحقات جديدة للهواتف تجعلها ذات إمكانات أفضل.

لا يجب أن ننسى أيضاً أهمية ذلك بالنسبة للبيئة، فصناعة البطاريات والتخلص منها له تداعيات كبيرة على البيئة. ويمكن أن يساهم تقليص حجم البطاريات أو إزالتها في خفض الأضرار البيئية إلى حدٍ كبير، وتقليل حاجتنا إلى بعض العناصر مثل عنصر الليثيوم المستخدم في صناعة أغلب بطاريات الهواتف المحمولة.

جعل الأجهزة دون أسلاك

معظم تكنولوجيا الشحن اللاسلكي موجهة بشكلٍ رئيسي للهواتف المحمولة، لكنها ستفتح أمامنا أبواياً جديدة لتطوير الأجهزة الأخرى، على سبيل المثال، بفضل الشحن اللاسلكي سيتمكن الأطباء من تشغيل أجهزة المراقبة اللاسلكية طوال الوقت لمراقبة حالة المرضى.

في مجال الصناعة، يمكن أن يؤدي استخدام الكابلات إلى جعل الأجهزة أقل كفاءة من حيث القدرة على استخدامها، وقد يؤدي تمديد هذه الكابلات إلى حوادث أو حرائق تسبب خسائر كبيرة.

في مجال الدفاع، ستكون القوات المسلحة من أكثر المستفيدين من هذه التكنولوجيا، حيث يمكن الحصول على الطاقة لشحن الأجهزة في أي مكان، خاصةً في ساحة المعركة حيث تؤدي الاشتباكات المسلحة إلى انقطاع التيار الكهربائي.

نظرة إلى مستقبل تكنولوجيا الشحن اللاسلكي

السؤال الذي يطرحه معظمنا هو: هل ستكون تكنولوجيا الشحن اللاسلكي للهواتف المحمولة متوفرة ومتاحة للاستخدام؟

الإجابة هي نعم، لأن العديد من شركات التكنولوجيا تجري أبحاثاً وتتنافس لتطوير الشحن اللاسلكي، لكن ما تزال هذه التكنولوجيا غير متقدمة وتحتاج إلى الكثير من العمل والوقت حتى تصبح فعالة للاستخدام واسع النطاق.

لا نعرف بالتحديد متى سيكون الشحن اللاسلكي شائع الاستخدام، لكن دخول شركات التكنولوجيا العملاقة مثل شاومي وغيرها في هذا المجال سيساهم بكل تأكيد في تسريع عملية التطوير.