الذكاء الاصطناعي يساعد على تغيير قواعد التفتيش الأمني في المطارات

5 دقائق
الذكاء الاصطناعي يساعد على تغيير قواعد التفتيش الأمني في المطارات
حقوق الصورة: سوفت وير أدفايس.

كما هو معروف، فإن وضع السوائل في أكياس خاصة وإخراج الأجهزة الإلكترونية مثل الحواسيب والأجهزة اللوحية من الحقائب لفحصها بشكل منفصل، أصبحت ممارسة قياسية موجودة في جميع المطارات منذ أن كشفت الشرطة البريطانية في مطار هيثرو عن محاولة لمهاجمة الرحلات الجوية باستخدام المتفجرات السائلة في العام 2006.

وقد ساهم هذا لاحقاً في الحد من خطر حدوث الهجمات على الطائرات، ولكن في الوقت نفسه أضاف أعباء إضافية غير مباشرة على مسؤولي الأمن وشركات الطيران نتيجة الاضطرار إلى القيام بفحوصات أمنية متعددة المراحل لأمتعة المسافرين.

ولكن الآن بدأت العديد من المطارات حول العالم بإدخال تكنولوجيا فحص جديدة تُسمى "التصوير المقطعي المحوسب" (Computed Tomography)، تعمل على إعطاء نتائج فحص أكثر دقة أمنياً وفي الوقت نفسه تساهم بشكل كبير في تقليل عمليات الفحص اليدوي.

هذا من شأنه أن يعمل على تسريع عمليات التفتيش الأمني لأمتعة الركاب بصورة كبيرة. ولكن كيف تعمل تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب؟ وما هو الفرق بينها وبين التكنولوجيا المستخدمة الآن في المطارات؟

اقرأ أيضاً: المراقبة في المطارات تكاد تصل إلى مستوى جديد كلياً من السخافة

ما هي تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب وكيف تعمل؟

بدأت تكنولوجيا "التصوير المقطعي المحوسب" (Computed tomography) تتصدر عناوين الصحف لأول مرة في عام 2018، وهي عبارة عن ترقية لتكنولوجيا الفحص بالأشعة السينية التي يتم استخدامها حالياً في نقاط التفتيش الأمني في المطارات من أجل الكشف عن المواد المحظور التي يمكن وضعها في حقائب الركاب التي تُحمل في اليد.

ولكن بدلاً من المسح بالأشعة السينية ثنائي الأبعاد (2D)، تعمل تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب على دمج مئات من قياسات الأشعة السينية الفردية من زوايا مختلفة لإنشاء صورة ثلاثية الأبعاد (3D) يمكن عرضها وتدويرها بزاوية 360، ما يوفر كشفاً أكثر دقة لمحتويات الحقيبة بدون الحاجة إلى إخراج المحتويات السائلة أو الأجهزة الإلكترونية من الحقيبة.

ويمكن للصور ثلاثية الأبعاد الأكثر تعقيداً التي يتم إنشاؤها عند دمجها مع خوارزميات الذكاء الاصطناعي للكشف عن المتفجرات والمواد المحظورة الأخرى، أن تحدث ثورة في أمن المطارات عند مقارنتها بأنظمة فحص الأشعة السينية التقليدية، والتي ظلت متشابهة إلى حد كبير في التشغيل منذ سبعينيات القرن الماضي.

اقرأ أيضاً: توزع كاميرات المراقبة في مدينة أميركية يثير مخاوف الخصوصية والتمييز

وفي هذا الصدد يوضح "كيفين ريوردان" (Kevin Riordan) المسؤول في شركة "سميث ديتكشن" (Smiths Detection) الرائدة في توفير تكنولوجيا المعدات الأمنية للمطارات: "إذا كان لديك صورة ثلاثية الأبعاد فستحصل على الكثير من المعلومات، ومن وجهة نظر أمنية يتيح ذلك اتخاذ قرارات دقيقة للغاية بشأن المواد الموجودة في الحقيبة، وهو ما يمثل أماناً أفضل وقرارات أفضل".

ويضيف: "إن الوقت الذي سوف يستغرقه الفحص الأمني ​​للركاب سينخفض ​​إلى النصف بسبب التكنولوجيا الجديدة، ولذلك ليس من المستغرب أن ردود فعل الركاب كانت إيجابية للغاية في المطارات حيث تم اختبار التكنولوجيا الجديدة".

اقرأ أيضاً: دائرة دبي الذكية توفّر تجربةً ذكية للسفر عبر تطبيق "دبي الآن"

تكنولوجيا واعدة جذبت انتباه المطارات في جميع أنحاء العالم

في السنوات القليلة الماضية قامت العديد من المطارات وسلطات الطيران في العالم بتجربة تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب لتأكيد فوائدها وتحديد الطرق الأفضل لطرحها بشكل أوسع، وتعد إدارة "أمن النقل الأميركي" (TSA) من أوائل الجهات التي بدأت بتجربة هذا النظام منذ العام 2017.

وقد أعلنت مؤخراً عن منح طلبين بقيمة إجمالية تصل إلى 781.2 مليون دولار إلى شركة "أنالوجيك" (Analogic)، إحدى الشركات البارزة في تطوير هذه التكنولوجيا لشراء وصيانة أنظمة التصوير المقطعي المحوسب ونشرها في نقاط التفتيش الأمنية في المطارات الأميركية.

وتأمل TSA في تثبيت ما يصل إلى 938 نظاماً للتصوير المقطعي المحوسب في معظم المطارات الأميركية الكبرى خلال السنوات القليلة المقبلة،  وسيتم تركيب أول 38 ماسحة ضوئية بحلول هذا الصيف لمقابلة الازدحام المتوقع لموسم السفر.

وفي بيان لها ذكرت: "توفر أجهزة التصوير المقطعي المحوسب لموظفي الأمن واحدة من أفضل الحلول لفحص العناصر المحمولة للركاب، كما تعمل على تحسين تجربة الركاب من خلال السماح لهم بالاحتفاظ بمزيد من العناصر في حقائبهم المحمولة أثناء عملية الفحص".

اقرأ أيضاً: ما هي تفاصيل الخطة الهادفة إلى إصلاح الإخفاقات الأميركية المتكررة في الأمن السيبراني؟

كما تعمل المطارات الأوروبية الرئيسية على اختبار هذه التكنولوجيا،  حيث أعلن مطار هيثرو أنه يستثمر 50 مليون جنيه إسترليني (نحو 62 مليون دولار) في طرح تدريجي للتكنولوجيا عبر مطارات في إنجلترا بحلول نهاية عام 2022.

كما أصبح مطار شيفول بمدينة أمستردام الهولندية  (AMS) من أوائل المطارات الرئيسية في أوروبا التي تحولت إلى استخدام تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب لفحص أمتعة الركاب بدلاً من تكنولوجيا الأشعة السينية القديمة، حيث نشرت التكنولوجيا في جميع نقاط التفتيش الخاصة به منذ عام 2020.

اقرأ أيضاً: لماذا تتمسك صناعة النقل الجوي بأجهزة محاكاة الطيران القديمة؟

أبرز فوائد نشر تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب في المطارات

على الرغم من أن السفر الجوي يعتبر من أشهر وأفضل وسائل التنقل في العالم مقارنة بالوسائل الأخرى، إلا أن التهديدات والمخاوف الأمنية دائماً ما تكون هي الشغل الشاغل للركاب ومسؤولي الأمن في المطارات، ومن ثم يمكن أن يؤدي نشر تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب إلى توفير العديد من المزايا والفوائد للجميع، ومن ضمن هذه الفوائد:

  • تقليل الاتصال بين المسافرين والشاشات

 يؤدي استخدام تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب إلى تقليل الوقت الذي يقضيه الركاب في الصفوف مع الركاب الآخرين، ومن ثم تقليل الاتصال الجسدي للحد الأدنى، بالإضافة إلى ذلك بقاء السوائل والأجهزة الإلكترونية في الحقائب أثناء الفحص. هذا من شأنه أن يؤدي إلى تقليل عدد الصواني المستخدمة في الفحص اليدوي والتي يتعامل معها كل من الموظفين والركاب.

  • اتخاذ قرارات أكثر دقة

مع عمل الأنظمة القائمة على تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب على إنشاء صور ثلاثية الأبعاد باستخدام الذكاء الاصطناعي، فإن هذا من شأنه أن يمكّن الأنظمة من اتخاذ قرارات دقيقة للغاية بشأن محتويات أمتعة الركاب، ونتيجة لذلك تخفيض معدلات الإنذار الخاطئ إلى ما يصل 5%. ومع تطوير وتحسين الخوارزميات لتقليل معدل الإنذار الخاطئ لأجهزة الفحص،  فإن هذا سيؤدي لتقليل عدد الفحوصات الثانوية -التي تتطلب تفاعلاً وثيقاً بين الفاحصين والركاب وممتلكاتهم- وزيادة حركة الركاب.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن لآلات امتصاص الكربون أن تساعد في الحد من الانبعاثات الناجمة عن الطيران؟

  • تحسين الكفاءة التشغيلية والأمان

عند دمج الماسحات الضوئية لنقاط التفتيش التي تستخدم تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب في نظام إدارة نقاط التفتيش الذي يدعم الفحص المركزي من مكان بعيد، يستفيد المسافرون وموظفو الأمن من انخفاض التلامس مع الحقائب المحمولة وخطر تلوثها في عملية الفرز.

كما يزيد وجود العديد من شاشات الفحص من إنتاجية الموظفين والمرونة في التخطيط للاستجابة لأعداد المسافرين المتغيرة،  حيث يمكن تمييز أي حقائب مشبوهة عبر شاشة أخرى والتعامل معها بشكل منفرد بينما تسير باقي عمليات الفحص كالعادة، ما يجعل عمليات إعادة الفحص أسرع وأقل تدخلاً.

  • تحسين قدرات الكشف عن التهديدات في المطارات

 مع المزيد من التطوير يمكن لتكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب أن تكون ذاتية الخدمة ومؤتمتة بالكامل. ويتضمن هذا التحول استخدام إمكانيات الذكاء الاصطناعي للتعرف التلقائي على الأشياء، ما يؤدي إلى إلغاء التفاعل البشري الوثيق والاتصال بالأسطح ويزيد من الأمان.

وأخيراً، على الرغم من التحديات التي يمكن أن تواجه نشر تكنولوجيا التصوير المقطعي المحوسب مثل التكلفة المادية العالية نسبياً والتي تصل إلى ضعف سعر أنظمة فحص الأشعة السينية التقليدية، إلا أنه بمجرد أن تتمكن المزيد من المطارات من إكمال عملية النشر الكامل فإن هذا من شأنه أن يحدث ثورة في مجال النقل الجوي. خاصة مع تخفيف قيود السفر الجوي بعد انحسار جائحة كورونا، وبدء تعافي صناعة النقل الجوي بعد الفترة العصيبة التي مرت بها خلال العامين السابقين، ومن ثم فإن إدخال حلول تكنولوجية ذكية وأكثر تقدماً يعتبر الخيار الأكثر منطقية لمواجهة التهديدات الأمنية التي تواجه قطاع السفر الجوي.

المحتوى محمي