فاز البروفيسور عمر ياغي، أردني الأصل، أستاذ الكيمياء بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، بجائز نوبل للكيمياء لعام 2025. وقد تقاسم البروفيسور ياغي الجائزة مع العالمين سوسومو كيتاغاوا من اليابان، وريتشارد روبسون من أستراليا، وذلك تقديراً لجهودهم الرائدة والمشتركة في "تطوير مجال الأطر المعدنية العضوية".
وكان البروفيسور ياغي قد فاز بجائزة نوابغ العرب عن فئة العلوم الطبيعية لعام 2024، لتقديمه إسهامات استثنائية في مجال الكيمياء الشبكية؛ حيث أسهمت ابتكاراته في تطوير تطبيقات رائدة لمواجهة تحديات الطاقة والمياه والبيئة، ونشر أكثر من 300 بحث علمي، وحظيت أعماله بأكثر من 250,000 استشهاد علمي.
وقد هنأه رئيس وزراء الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في تغريدة على إكس، مشيداً بإنجازاته وإسهاماته العلمية، وذكر في المنشور:
"نبارك للفائز بجائزة نوابغ العرب عن فئة العلوم الطبيعية لعام 2024، البروفيسور عمر ياغي من الأردن. قدم البروفيسور عمر ياغي، أستاذ الكيمياء بجامعة كاليفورنيا، بيركلي، إسهامات استثنائية في مجال الكيمياء الشبكية؛ حيث أسهمت ابتكاراته في تطوير تطبيقات رائدة لمواجهة تحديات الطاقة والمياه والبيئة، ونشر أكثر من 300 بحث علمي، وحظيت أعماله بأكثر من 250,000 استشهاد علمي".
نشأته وخبراته
ولد عمر ياغي في 9 فبراير 1965 في مدينة عمّان بالأردن. وعندما كان في الصف الثالث، واجه أمراً ترك تأثيراً كبيراً في حياته؛ حيث تسلل خلال إحدى استراحات الغداء إلى مكتبة المدرسة ورأى رسومات للجزيئات، وعلى الرغم من أنها كانت غامضة بالنسبة له، فإنه وجدها جميلة وساحرة. عندها بدأ يفكر في معنى هذا الجزيئات، وكان يشعر بأن هناك شيئاً رائعاً في داخله لم يستطع فهمه بشكل كامل.
عندما أصبح ياغي بعمر 15 عاماً، غادر الأردن إلى الولايات المتحدة، حيث حصل على شهادة البكالوريوس من جامعة نيويورك - ألباني عام 1985، وعلى درجة الدكتوراة من جامعة إلينوي - أوربانا عام 1990، قبل أن يعمل زميلاً في مرحلة ما بعد الدكتوراة في جامعة هارفارد بين عامي 1990 و1992، كما عمل في هيئات التدريس بجامعة ولاية أريزونا وجامعة ميشيغان وجامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس. ويعمل حالياً أستاذاً في الكيمياء في جامعة كاليفورنيا بيركلي، ويشغل منصب كبير علماء هيئة التدريس في مختبر لورنس بيركلي الوطني. وهو أيضاً المدير المؤسس لمعهد بيركلي العالمي للعلوم، والمدير المشارك لكل من معهد كافلي لعلوم الطاقة النانوية وتحالف أبحاث كاليفورنيا.
أشهر إنجازاته
يشتهر ياغي بمساهماته في تقديم مجموعات أكاسيد المعادن كمثبتات لربط الروابط العضوية في بِنى بلورية مفتوحة قوية ذات مسامية دائمة. تأخذ هذه البنى المعدنية العضوية الجديدة (MOFs) أرقاماً وفق تسلسل اكتشافها الزمني، وتعد ذات فوائد قصيرة وطويلة الأمد بالنسبة لكوكبنا.
حطم ياغي الرقم القياسي العالمي التاريخي للمسامية عام 1999 من خلال تطويره البنية المعدنية العضوية ذات الرقم 5 (MOF-5) ومتجانساتها، التي تمتلك أعلى مساحة سطح معروفة حتى الآن (65 ألف متر مربع/غرام)، ما يجعلها مفيدة في العديد من التطبيقات، بما فيها تخزين وفصل الهيدروجين والميثان وثاني أوكسيد الكربون، وتحويل ثاني أوكسيد الكربون إلى وقود ومواد كيميائية عالية القيمة، واحتجاز المياه من الهواء لإنتاج المياه العذبة، والانقسام الانتقائي للببتيدات باستخدام التحفيز المستوحى من الإنزيمات، وتخزين الأيونات في أجهزة المكثفات الفائقة، ونقل البروتونات والإلكترونات في البنى الموصلة.
أدى النهج البنائي الذي طوره ياغي إلى نمو هائل في إنشاء مواد جديدة بتنوع وتعدد لم يكن له مثيل في الكيمياء. أطلق ياغي على هذا المجال اسم "الكيمياء الشبكية" وعرفه على أنه "ربط وحدات بناء جزيئية ضمن بِنى ممتدة بواسطة روابط قوية". ويطبق الآن هذا المجال من الكيمياء باستخدام الأساليب التي طورها ياغي منذ عام 1995 في مئات المختبرات في الأوساط الأكاديمية والصناعية في أنحاء العالم كافة.
وكان ياغي بين عامي 2000 و2010 ثاني أكثر علماء الكيمياء استشهاداً بمقالاتهم البحثية حول العالم؛ إذ نشر خلال تلك السنوات العشر نحو 200 ورقة علمية في مختلف المجلات والدوريات المرموقة، التي استُشهدت بها أكثر من 60 ألف مرة.
تكريماته ومساعيه
فاز ياغي بالكثير من الجوائز الوطنية والدولية بما فيها ميدالية ساكوني لعام 2004 من قسم الكيمياء غير العضوية بالجمعية الكيميائية الإيطالية، وميدالية جمعية أبحاث المواد لعام 2007، وجائزة الجمعية الكيميائية الأميركية في كيمياء المواد لعام 2009، والجائزة المئوية للجمعية الملكية للكيمياء لعام 2010، وجائزة الملك فيصل الدولية للعلوم لعام 2015، وجائزة سبيرز من الجمعية الملكية للكيمياء لعام 2017، وجائزة الملك عبد الله الثاني للتميز من الدرجة الأولى لعام 2017، وغيرها من الجوائز والتكريمات.
يحرص ياغي على تشجيع العلوم في كل البلدان؛ فقد أسس العديد من المراكز البحثية في فيتنام وكوريا واليابان والأردن والمملكة العربية السعودية، التي أتاحت الكثير من الفرص للباحثين الشباب.
يدرك ياغي الآن قوة تلك الرسومات الجزيئية التي رآها في مكتبة مدرسته؛ فقد قادته إلى تحقيق اكتشافات كبيرة وخلق مجالات بحثية جديدة. وأدت اكتشافاته على مدى السنوات الـ 25 الماضية إلى نمو هائل في كيمياء المواد، وتركت أثراً كبيراً في أنحاء العالم كافة.