تعرف على عميد كلية الهندسة المعمارية والتخطيط في جامعة إم آي تي: اللبناني هاشم سركيس

3 دقائق
هشام سركيس.

يبرز اسم هاشم سركيس بين الشخصيات العربية ذات الشهرة العالمية، بإسهاماته اللافتة في مجال التصميم المعماري، فهو عميد كلية الهندسة المعمارية والتخطيط في جامعة إم آي تي منذ عام 2015، وباحث بارز في العمارة والعمران والتطور الحضري وتأثيراته المجتمعية. ولد سركيس في لبنان عام 1964، و نشأ في بيروت، وتلقى تعليمه الأساسي في مدرسة مار يوسف في قرنة شهوان. وتابع دراسته في الجامعة الأميركية في بيروت لمدة سنتين قبل أن ينتقل إلى الولايات المتحدة الأميركية ليكمل دراسته الجامعية في كلية رود آيلاند للتصميم. وفي العام 1998، أسس هاشم سركيس شركته المعمارية الخاصة "هاشم سركيس استوديوز" بمقرين في بوسطن وبيروت. وفي العام 2018، اختير سركيس قيّماً فنياً في بينالي فينيسيا للعمارة 2020.

في مقابلة له مع دورية "ديزاين بوم" العالمية، يقول سركيس، الحائز على درجة الدكتوراه في العمارة من جامعة هارفارد: "في كل يوم جديد، يفرض العالم تحديات مختلفة على الهندسة المعمارية. ودوماً ما أسعى للتعاون مع المعماريين من شتى أنحاء العالم حتى نضع معاً تصورات ومقاربات لتجاوز تلك التحديات". 

وبرغم تعدد وتنوع تصاميمه المعمارية في أنحاء الولايات المتحدة، تركيا، والصين، إلا أن صيت هاشم سركيس ذاع عربياً بالأخص عندما فاز بتصميم قاعة بلدية جبيل في لبنان، وهي واحدة من أقدم البلدات المأهولة بالسكان في العالم. وجاء تصميمه فذاً؛ فقد قسّم المبنى إلى ثلاث كتل كبيرة ولكل كتلة دورها الوظيفي: الإدارات البلدية ومكاتب المجالس البلدية والمتحف التفاعلي. وترتبط المباني الثلاثة ببعضها البعض عبر ممر أرضي واحد، وتتكفل الفجوات الهندسية بين الكتل بتوفير مصدر ضوء طبيعي للداخل. واكتمل تشييد المشروع في العام 2016. 

وكان هناك تصميم آخر شهير لسركيس في موطنه لبنان. ففي العام 2004، أشرف على تنفيذ متنزه المنطاد، الذي صممه مثبتاً في قلب حديقة بإحدى ضواحي العاصمة، وليرتفع بركابه تدريجياً مسافة 300 متر فوق المدينة قبل أن يعاود الهبوط، في رحلة مثيرة تستغرق أقل من 15 دقيقة. وقد حرص سركيس على أن يكون الموقع بمثابة ساحة مجتمعية عامة تحتضن مقهى ومقاعد انتظار وأكشاك لألعاب الفيديو ومرافق خدمات عامة. وخلال افتتاح المشروع، نوّه سركيس إلى دلالات تصميمه، قائلاً: "حققت تصور البراح الفراغي من خلال المبالغة المقصودة في تفريغ الأرض. فالمنطاد يرتفع وكأنه يزيل غطاءً خفياً عن الأرض لتتكشف طبقاتها. وهذا أمر لم يعد ممكناً تحقيقه في المدن". 

يحرص سركيس، الحائز على جائزة أطلس فايدون للعمارة في العالم في القرن الحادي والعشرين، على أن يظهر في أعماله واقع العمارة على المستويات الإنسانية والتاريخية والعمرانية. وهو يرى أن الهندسة المعمارية لا تكون محل إنصاف إن هي انحصرت في البناء والعمران، لأنها في جوهرها اختصاص يمزج بين العلوم التطبيقية والعلوم الإنسانية، "للثقافة بشقيها الاجتماعي والانساني دور كبير في تنمية شخصية المعمار الذي يرتبط نجاحه حتما بقدرته على الجمع بين البناء بمعناه الضيق وقدرته على فهم وترجمة احترام مجموعة من العناصر المجتمعية والإنسانية والتاريخية والبيئية"، هكذا يشرح سركيس. 

شغل سركيس كرسي أستاذ في كلية الدراسات العليا للتصميم جامعة هارفارد باسم الآغا خان للعمارة والمناظر الطبيعية والتخطيط العمراني، هذا بالإضافة الى العديد من التعيينات الزائرة في جميع أنحاء العالم، ومنها الجامعة الأميركية في بيروت وبرنامج متروبوليس في برشلونة. وحصل سركيس على العديد من الجوائز والأوسمة عن أعماله، منها بينالي فينيسيا للعمارة، والعديد من جوائز التدريس في جامعة هارفارد. وصدرت له العديد من الدراسات والأبحاث والكتب التي أسهمت في إثراء أدبيات العمارة الحديثة والتصميم الحضري. 

وبصفته القيّم الفني في بينالي فينيسيا 2020، الذي سوف يقام فى الفترة ما بين 23 مايو إلى 29 نوفمبر، ويعد أشهر معارض العمارة المعاصرة على المستوى الدولى، أراد هاشم سركيس لهذه الدورة من المعرض أن تكتسب شخصية متفردة عما سبقها وما سوف يتلوها من دورات، فاختار لها عنواناً: "كيف سنعيش معاً؟". وخلال مؤتمر صحفي عقدته نقابة المهندسين في بيروت بمناسبة مشاركة الجناح اللبناني في البينالي، شرح المعماري العالمي فكرته بكل حماس، قائلاً: "يحتاج عالمنا اليوم إلى عقد جديد، حول المكان والعمارة والبناء، في ضوء اتساع الانقسامات السياسية وتزايد المشاكل الاقتصادية. إنني أدعو المعماريين الى تخيل مساحات يمكننا أن نعيش فيها سويةً بسلام ورغبة في العطاء. أن نعيش معاً أفراداً يتوقون إلى التواصل مع بعضهم البعض، بل والتفاعل مع الكائنات الأخرى أيضاً، عبر مساحات لا يهم إن كانت حقيقية أم متخيلة". 

ويعتقد سركيس أن العالم يشهد بزوغ مجتمعات ناشئة تصبو إلى الإنصاف والاندماج وتطمح الى العيش في هويات معمارية جديدة. فلا تزال هناك حاجة إلى المزيد من المشاريع المعمارية ذات الصبغة الاجتماعية الأكثر شمولاً والتي تقوي اللُحمة الحضرية والإقليمية والعالمية.