مشروع جديد لتطوير روبوتات ذاتية التحكم قادرة على التكاثر والتطور

3 دقائق
مشروع جديد لتطوير روبوتات ذاتية التحكم قادرة على التكاثر والتطور
حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز. تعديل إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية.

يعمل فريق من العلماء في جامعة يورك البريطانية على تطوير روبوتات بإمكانها التكاثر والتطور والتعلم من التجارب التي تمر بها، تماماً كما يفعل الإنسان، هذا يجعلها قادرة على التكيف مع العالم الحقيقي دون الحاجة إلى التحكم فيها وتوجيهها من قبل البشر.

ما تسعى إليه مجموعة العلماء ليس خيالاً علمياً، إنه مشروع حقيقي يسمى "تطور الروبوت ذاتي التحكم" (Autonomous Robot Evolution)، وهناك خطة عمل يريد العلماء تطبيقها لتحقيق هذه الغاية.

هل ستكون الروبوتات قادرة حقاً على التكاثر؟

الروبوتات هي آلات معقدة للغاية، لهذا السبب، يتم استخدامها في الظروف التي يكون وجودها ضرورياً حقاً، كاستخدامها في المصانع التي تتطلب مهام متعبة؛ فالروبوتات لا تتأثر بالإرهاق الجسدي، لذا فهي مناسبة تماماً لهذا النوع من العمل.

يمكن أن تكون بعض استخدامات الروبوتات بسيطة، مثل تنظيف الأسطح أو التحدث أو تنفيذ بعض الأوامر التي يطلبها الإنسان. باختصار، نحن نفهم سبب وجودها، سواء كانت تستخدم في مهام وأعمال ذات أهمية كبيرة أو لا، فالروبوتات تبسط حياتنا إلى حد كبير.

لكن هل فكرنا يوماً في أن تكون الروبوتات مستقلة عن إرادتنا (ذاتية التحكم) أو أن تكون قادرة على التكاثر؟ من الواضح أن التقنيات المتوفرة الآن لا تستطيع أن تحول هذه الفكرة إلى حقيقة، لكن  الباحثين يعملون على ذلك، ويبدو أن لديهم نموذج عمل لتطبيقه.

يريد العلماء الاستفادة من التطور الكبير الذي شهده الذكاء الاصطناعي لصنع روبوتات أكثر تعقيداً من حيث البنية الهيكلية والقدرة على معالجة المعلومات، وتزويدها بأدوات خاصة تستطيع من خلالها التعلم والتفاعل مع الوسط الذي توجد فيه.

يفكر العلماء أيضاً في تطوير أدوات برمجية يمكن من خلالها جمع وتخزين المعلومات التي اكتسبتها الروبوتات بعد تفاعلها مع البيئة، ثم نقل هذه المعلومات إلى الروبوتات الجديدة لتكتسب خبرة الروبوتات القديمة.

ليس هذا فقط، يفكر العلماء أيضاً في تطوير أكثر من نموذج من هذه الروبوتات، وذلك حسب الاحتياجات والغرض المطلوب منها، ومنحها القدرة على اتخاذ قرارات مستقلة تماماً دون الرجوع إلى البشر، وأيضاً، تعليمها كيف تتصرف وتتفاعل مع الظروف الجديدة التي لم تتم برمجتها عليها.

اقرأ أيضاً: طفرة في الذكاء الاصطناعي تمكّن الروبوتات من التكيف بسرعة في العالم الحقيقي

مشروع تطوير الروبوت ذاتي التحكم

يقوم المشروع على هدف أساسي، وهو تصنيع روبوتات مزودة بأجهزة استشعار تجعلها قادرة على التكيف والتعلم في العالم الحقيقي. تم إطلاق المشروع في عام 2018 بتمويل من مجلس أبحاث الهندسة والعلوم الفيزيائية في المملكة المتحدة، ويستخدم العلماء فيه خوارزميات تمكن الروبوت من إدراك ذاته وجعله واعياً ويميز بين جسمه والأجسام الأخرى.

سيخضع كل روبوت سيتم تطويره في هذا المشروع لدورة من ثلاث مراحل هي: التصنيع والتعلم والاختبار، والتي يسميها العلماء "مثلث الحياة"، ثم مرحلة أخيرة هي التكاثر.

التصنيع

تبدأ المرحلة الأولى التي تشمل تصنيع الروبوت بالاعتماد على طابعة ثلاثية الأبعاد تقوم بإنشاء هيكل بلاستيكي يمثل جسم الروبوت، ثم تقوم ذراع التجميع الآلي باختيار وتوصيل أجهزة الاستشعار وأدوات الحركة الجاهزة، وأخيراً، تتم إضافة كمبيوتر من نوع "راسبيري باي" (Raspberry Pi) يعمل بمثابة الدماغ، وسيكون متصلاً بأجهزة الاستشعار وأدوات الحركة، ثم سيتم تنزيل البرنامج الذي سوف يشغّل هذا الدماغ.

التعلم

تقوم مرحلة التعلم على تشغيل خوارزمية لتحسين الدماغ من خلال إخضاعه لعدة اختبارات في بيئة بسيطة. هذه العملية مماثلة لما يحدث للطفل الذي يتعلم مهارات جديدة في الحضانة. وستنتقل للمرحلة الثالثة الروبوتات التي تنجح في مرحلة التعلم.

الاختبار

لاختبار قدرة الروبوت على التعلم، سيستخدم العلماء نموذجاً لمفاعل نووي، يجب على الروبوت في هذا المفاعل أن يعمل على التخلص من النفايات النووية المشعة، وهذا الأمر يتطلب تجنب العديد من العقبات وتحديد النفايات بشكلٍ صحيح.

بعد الانتهاء من الاختبار، سيحصل كل روبوت على درجة بناءً على أدائه، سيتم إرسال هذه الدرجات إلى حاسوب، وسوف يختار هذا الحاسوب أفضل الروبوتات للتكاثر.

اقرأ أيضاً: ماذا لو تمكنت الروبوتات من أداء المهام الدينية لبعض الأشخاص؟

التكاثر

في مرحلة التكاثر، يقوم البرنامج الذي يحاكي عملية التكاثر بإجراء عمليات نسخ للبيانات والمعلومات التي اكتسبها الروبوت خلال مرحلتي التعلم والاختبار، وسوف يقوم بترتيب هذه المعلومات وتخزينها لتكون بمثابة حمض نووي إلكتروني، يمكن فيما بعد نقله إلى روبوتات جديدة كي تكتسب قدرات الروبوتات القديمة وخبراتها.

سيتم الاحتفاظ بالروبوتات الآباء، حيث يمكنها المشاركة في عمليات تكاثر أخرى، أو إعادة تدويرها لتصنيع روبوتات جديدة. ثم يمكن تكرار المراحل السابقة على الروبوتات عدة مرات، بحيث تكتسب في كل دورة مجموعة جديدة من المهارات والقدرات التي يمكن نقلها إلى روبوتات أخرى فيما بعد.

من خلال تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد والقدرة على إعادة تدوير الروبوتات، سيكون العلماء قادرين على تجربة العديد من النماذج والأشكال لاختيار الأفضل منها والأكثر ملائمة.

وفي حين أنه من المبكر الاعتقاد أن هذه الروبوتات ستكون قادرة على أن تحل محلنا أو أن تكون مستقلة تماماً عنا، لكنها ستتعلم بنفس الآلية التي يتعلم بها البشر منذ ولادتهم، ومع تطورها أكثر، قد تكون قادرة على تنفيذ مهام معقدة للغاية وتمتلك نفس الصفات التي يمتلكها البشر.

المحتوى محمي