على الرغم من المزايا التي يوفرها الذكاء الاصطناعي في المجال الصناعي، من قبيل تخفيض التكاليف وزيادة الإنتاج وتنسيق المهام بنجاعة أكبر وضبط مواعيد تسليم السلع والبضائع، إلا أن غالبية أرباب المصانع بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا يفضلّون الطرق القديمة في الإنتاج.
ومقابل هذا الميل للطرق التقليدية في تدبير الإنتاج بالمنطقة، تعتمد المصانع في الغرب بشكل كبير على الذكاء الاصطناعي في تنظيم وإدارة خطوط الإنتاج الخاصة بها.
ومن المهام التي تتكلّف بها الآلات بشكل روتيني داخل هذه المصانع تشغيل المحركات ونقل البضائع وتوفير الطاقة ومختلف الخدمات اللوجستية التي تجعل عملية الإنتاج أكثر كفاءة وسرعة وأقل تكلفة.
فرص ثمينة
ولا يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعي على تشغيل الآلات التي تقوم بالمهام الروتينية والمملة؛ بل يمكن استخدامه في تحليل البيانات ومعالجتها والمساعدة في اتخاذ القرارات الصحيحة. بالإضافة إلى القيام بعمليات مهمة جداً مثل المحاسبة وتوزيع المهام. وبشكلٍ عام، كلما ازداد حجم البيانات التي يتم جمعها في المصانع، تصبح تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي مفيدة بشكلٍ أكبر.
اقرأ أيضاً: هل سيكون الذكاء الاصطناعي بديلاً عن المحاسبين في المستقبل؟
معظم المدراء لا يدركون أهمية الذكاء الاصطناعي
وقد يتصل السبب الذي يجعل الكثير من الشركات لا تقدم على الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي بعدم إدراك هذه الشركات للقيمة الاقتصادية المضافة أو الاعتقاد السائد بأن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي معقدة ومكلفة وغير متاحة بسهولة. وتفوت خشية المسؤولين الانفتاح على الذكاء الاصطناعي في تدبير التصنيع والإنتاج فرصة ثمينة توفر لهم أرباحاً كبيرة وتخفض نفقاتهم بشكلٍ كبير، فجميع الأعمال يمكن دمج الذكاء الاصطناعي فيها، كما أن أدوات الذكاء الاصطناعي متوفرة ولا تتطلب سوى بعض الإمكانات للاستفادة منها.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في جودة اتخاذ القرارات؟
بيانات إحصائية
لإدراك أهمية الذكاء الاصطناعي في المصانع ومجالات العمل المتنوعة، قامت بعض المؤسسات بإصدار بيانات إحصائية مهمة. على سبيل المثال، قالت وزارة الشؤون الاقتصادية والطاقة الفيدرالية في ألمانيا إن الذكاء الاصطناعي سيضيف قيمة إجمالية لسوق العمل تبلغ أكثر من 30 مليار يورو بحلول عام 2023، وذلك في مجال الصناعات التحويلية فقط.
لكن في دول الشرق الأوسط، عدم الاستفادة من الذكاء الاصطناعي يعتبر فرصة ضائعة، ووفقاً لشركة الاستشارات ماكينزي آند كومباني (McKinsey & Company)، ما بين 40 و 45% من الوظائف الحالية في الشرق الأوسط يمكن أن تكون مؤتمتة باستخدام الأدوات والموارد التكنولوجية المدعومة بالذكاء الاصطناعي المتاحة اليوم. ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 55 أو 60% بحلول عام 2030. هذا يوفر الكثير من النفقات ويجعل عملية الإنتاج أكثر دقة.
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الصناعة
فيما يلي أهم تطبيقات الذكاء الاصطناعي بمجال الصناعة:
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الإنتاج
أدخلت الكثير من الشركات حول العالم التكنولوجيا الذكية في مصانعها. على سبيل المثال، تعمل الروبوتات في الإنتاج بسرعة ودقة ولا تواجه أي مشكلة، ويمكنها أن تعمل طوال الوقت ما يضمن استمرارية الإنتاج وتلبية طلبات العملاء.
يبدو أن استخدام الروبوتات في المصانع يحسن من جودة السلع والمنتجات التي يتم تصنيعها، وذلك لأن الروبوتات لا ترتكب الأخطاء التي عادة ما يرتكبها العمال البشر.
اقرأ أيضاً: هل يتسبب إدخال الروبوتات إلى المصانع بزيادة وفيات البشر؟
تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الخدمات اللوجستية
يمكن للذكاء الاصطناعي أن يساهم في تحسين سلاسل التوريد والعمل في المصانع وخارجها وتوصيل السلع والمنتجات للعملاء بطرق أسرع وأفضل.
يستطيع الذكاء الاصطناعي تحليل بيانات العملاء وتقييم طلباتهم ومدى حاجاتهم من أجل تكييف العمل. كما يؤدي دوراً في تشغيل المركبات ذاتية القيادة أو الطائرات بدون طيار لإيصال البضائع.
اقرأ أيضاً: طائرات من دون طيار تُوصل أدوية مُنقذة للحياة في غانا
تطبيقات الذكاء الاصطناعي المستخدمة في تحسين بيئة العمل داخل المصانع والشركات
يمكن أن يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في تحسين بيئة العمل. على سبيل المثال، يمكن الاعتماد على تقنيات الذكاء الاصطناعي للتعرف على وجوه الموظفين والعمال والتحقق من عدد ساعات دوامهم. هذا الأمر يتم بسرعة كبيرة دون الحاجة إلى موظفين لمراقبة العمال.
إيجابيات وسلبيات
أثبتت تطبيقات الذكاء الاصطناعي في مجال الصناعة أنها تقدم الكثير من المزايا مثل:
- زيادة الكفاءة والقدرة على استخدام الموارد المتوفرة بشكل صحيح.
- تنفيذ العمليات الروتينية المملة بشكلٍ أسرع وأكثر دقة.
- التنبؤ بالأخطاء التي قد تحصل والتعلم منها.
- توفير الكثير من الوقت.
- خفض تكاليف العمل والصيانة والتطوير.
- الدقة في العمل وتجنب الأخطاء ما ينعكس على جودة المنتج.
- سرعة التعلم.
- العمل طوال الوقت دون تعب أو الحاجة إلى أخذ إجازة أو راحة.
لكن ذلك لا يخلو من بعض السلبيات، فالاعتماد على الذكاء الاصطناعي يفرض على الشركات:
- تخصيص تكاليف إضافية للاستثمار في التكنولوجيا.
- الحاجة لحماية البيانات وتعزيز الأمن السيبراني و.
- تدريب الموظفين على التعامل مع التكنولوجيا.
- توظيف مهندسين أو خبراء في مجال التكنولوجيا.
- احتلال آلات الذكاء الاصطناعي لوظائف البشر وتهديد سوق الشغل.
اقرأ أيضاً: هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لوظائف البشر؟
خوارزميات تتعّلم المهام بسرعة
بفضل التعلم الآلي، يستطيع الذكاء الاصطناعي جمع البيانات والتعلم منها واكتساب المزيد من الخبرة، ما يساهم في زيادة وتحسين الإنتاج يوماً بعد يوم.
تتم عملية التعلم هذه دون الحاجة إلى تدخل بشري، حيث تقوم الخوارزميات بمعالجة البيانات بشكل مستقل والتعلم منها.
بالإضافة إلى التعلم الآلي، يتمتع الذكاء الاصطناعي بميزة التعلم العميق التي تمكنه من التعامل مع كميات ضخمة جداً من البيانات وتحليلها بشكلٍ متعمق للكشف عن الأخطاء وتجنبها.
آلات تتحدث مع العمّال
معالجة اللغة الطبيعية هي طريقة مفيدة جداً لتكييف الذكاء الاصطناعي ودمجه بسهولة في سوق العمل. إنها تجعل الآلات قادرة على فهم لغة البشر بشكل جيد والاستجابة لأوامرهم الصوتية أو الكتابية. هذا مفيد للغاية في المصانع التي لا يملك فيها الموظفون والعمال خبرة بالتعامل مع الأنظمة والأدوات الذكية، وتوفر لهم إمكانية التحكم وإعطاء الأوامر باللغة البشرية الطبيعية. بذلك تستطيع الشركات توفير التكاليف والوقت، فلن تكون هناك حاجة لخبراء متخصصين في تكنولوجيا المعلومات، ولن يضطر الموظفون لإضاعة وقتهم في التدريب على استخدام الذكاء الاصطناعي.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي واللغة العربية: أهم التحديات وتقنيات معالجتها
اتخذ الخطوة الأولى الآن
قدمنا في هذه المقالة لمحة عن أهمية الذكاء الاصطناعي في مجالات العمل كافة، وخاصة مجال الصناعة، بالإضافة إلى معلومات توضح القيمة الاقتصادية المضافة لدمج الذكاء الاصطناعي في سوق العمل.
إذا كنت تدير مصنعاً أو شركة، عليك أن تفكر في الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لخفض التكاليف وتحسين الإنتاج وتسريع وتقليل الأخطاء. اتخذ خطوتك الأولى لتحقيق ذلك الآن، عن طريق استشارة الخبراء، واستفد من الحلول التي توفرها شركات التكنولوجيا.