كيف سيحدث بوت الدردشة تشات جي بي تي ثورة في مجال الأعمال؟

4 دقيقة
كيف سيحدث بوت الدردشة تشات جي بي تي ثورة في مجال الأعمال؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ CHUAN CHUAN

أصبحت تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي منذ ظهورها في خمسينيات القرن الماضي ولا تزال أداة مهمة في العديد من المجالات والصناعات، حيث شاهدنا تطبيقاتها المتعددة في القطاع الصناعي، بالإضافة إلى خدمة العملاء التي أحدثت فيها فرقاً كبيراً. ولكن مع ظهور بوت الدردشة تشات جي بي تي (ChatGPT) المدعوم بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، من المتوقع أن تتغير الكثير من الثوابت في مختلف القطاعات ومن ضمنها قطاع الأعمال.

حيث أشاد الكثير من قادة الأعمال بإمكانات بوت الدردشة وقدراته المذهلة، بمن في ذلك الملياردير ورائد الأعمال إيلون ماسك الذي غرّد قائلاً: "إن إمكانات بوت تشات جي بي تي مخيفة جداً، نحن لسنا بعيدين عن الذكاء الاصطناعي القوي بشكل خطير".

ليرد عليه سام ألتمان الرئيس التنفيذي لشركة أوبن أيه آي (OpenAI) المطورة لبوت الدردشة قائلاً: "أوافق على أننا اقتربنا من الذكاء الاصطناعي القوي بشكل خطير، والذي يمكن أن يشكل خطراً كبيراً على الأمن السيبراني"، مع توقعه أن الوصول إلى نموذج الذكاء العام الاصطناعي أصبح قريباً، وربما خلال العقد القادم فقط، ما يحتم على الجميع التعامل بجدية مع المخاطر.

تشات جي بي تي: استعد للتغيير في جميع المجالات تقريباً

ربما تجد أن بوتات الدردشة المنتشرة عبر مواقع الويب في الوقت الحالي مفيدة للغاية، ولكنها مقارنة ببوت تشات جي بي تي فإنها بعيدة كل البُعد عما يريده معظم أصحاب الأعمال، حيث يمكنك كتابة سؤال ثم يقدم لك إجابة قد لا تكون هي ما تبحث عنه أو ربما بعيد عما تريده، حيث إن نطاق الأسئلة التي يمكنه التعامل معها محدود للغاية، أو ربما الأسئلة ليست واضحة بما يكفي لتكون قادرة على استخلاص المعنى، ومن ثم إذا كنت محظوظاً قد يقوم بإحالتك إلى موظف يمكنه التعامل مع السؤال وتقديم الإجابات أو الخدمات.

وهنا الفرق الذي يحدثه بوت تشات جي بي تي، حيث إن أحد الأشياء الرئيسية التي جلبت انتباه جميع المستخدمين وأكثرها إثارة هو اقتراب استجابته للاستفسارات بشكل يشبه نظيرتها عند الحديث مع إنسان حقيقي، حيث يمكنك إجراء محادثة معه، ومع كل كلمة تكتبها تتعلم المزيد ويقدم لك إجابات مثالية وفي بعض الأحيان قد يكون متجاوزاً لما طلبته بالفعل.

ونتيجة لهذه القدرات فإنه يمكنه إحداث ثورة في مجال الأعمال، وتغيير مفهوم كيفية شراء البشر للمنتجات والخدمات والتفاعل مع الشركات، والأكثر إثارة من ذلك هو إمكانية استخدامه كواجهة لتشغيل معدات أخرى مثل السيارة أو المنزل.

كيفية الاستفادة من بوت تشات جي بي تي في الأعمال

منذ ظهوره للعلن لأول مرة في نهاية شهر نوفمبر/ تشرين الثاني من عام 2022، اتفق جميع من استخدمه على أن بوت الدردشة تشات جي بي تي يعتبر تطوراً رائعاً ومذهلاً في رحلة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، فمنذ وقت ليس بالبعيد بدا أن ظهور بوت دردشة بهذا التطور بعيد المنال وضرباً من الخيال لا يوجد إلا في الأفلام السينمائية وروايات الخيال العلمي.

اقرأ أيضاً: فيسبوك تدّعي أنها تفوقت على جوجل بابتكارها أفضل بوت دردشة في العالم

ولكن مع تحسن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي على مر السنين، أصبح الوصول إلى هذه المرحلة حقيقة واقعة ومتوقعاً لها أن تصل إلى أبعد من ذلك، والأهم من ذلك أنه أصبح أكثر دقة، وهو ما يمكن أن يكون نعمة لقطاع الأعمال التي يمكنها الاستفادة منه بطرق لا حصر لها، من ضمنها:

  • تحسين الإنتاجية: من خلال أتمتة مجموعة واسعة من المهام، مثل التعامل مع طلبات العملاء، وإنشاء التقارير، والمواد التسويقية، مثل منشورات منصات التواصل الاجتماعي، وحملات البريد الإلكتروني.
  • تحسين خدمة العملاء: من خلال فهم طلبات العملاء والاستجابة لها بطريقة تبدو شخصية وبشرية، ما يؤدي إلى زيادة رضا  العملاء وتحسين تجربتهم وولائهم.
  • خفض التكاليف: من خلال أتمتة المهام التي تتطلب عادةً مدخلات بشرية، ما يساعد على توفير تكلفة الموظفين.
  • كتابة المحتوى: مثل كتابة المقالات للشركات التي تحتاج إلى إنتاج قدر كبير من المحتوى المكتوب، ولكن قد لا تمتلك الموارد اللازمة للقيام بذلك بمفردها.
  • استخراج البيانات: يكون ذلك مفيداً عند البحث عن موضوع ما، مثل تلخيص موقع ويب كامل وطرح أسئلة حول النص، ما يجعل استخراج معلومات مثل أرقام الهواتف والعناوين من مواقع الويب سهلاً وسريعاً.
  • العصف الذهني: من خلال تقديم موضوع له والطلب منه أن يولد لك أفكاراً، أو إنشاء قائمة ببعض النقاط الرئيسية لفكرة ما والطلب منه إنشاء مقال أو تقرير بناءً عليه.
  • تلخيص التقارير: ميزة مفيدة جداً للأشخاص الذين يحتاجون إلى تلخيص المستندات بسرعة، مثل تلخيص سلاسل البريد الإلكتروني الطويلة.

اقرأ أيضاً: كيف تعمل مايكروسوفت على تهديد جوجل في سوق محركات البحث؟

إذاً، هل هذا يعني أن الذكاء الاصطناعي سيحل محل العاملين البشر؟

بينما تركز معظم الإثارة المحيطة ببوت الدردشة تشات جي بي تي على إمكانياته المذهلة في تقديم نصوص شبه مثالية في معظم مواضيع المعرفة تقريباً، إلا أن تأثيره التجاري الرئيسي يأتي من قدرته على فهم هذا النص، وتوليف المعرفة أو القدرة على تحديد وتقييم وربط المعلومات بسياق شبه كامل، وهو ما يعتبر نقطة التفوق البارزة التي تميزه عن محركات البحث القوية مثل جوجل، ومستودعات المعرفة مثل ويكيبيديا.

ولكن وفقاً لأستاذ القيادة والتغيير التنظيمي والمؤلف في مجال علوم القيادة والتخطيط الاستراتيجي، مايكل دي واتكينز، فإن الميزات التي يقدمها بوت تشات جي بي تي يمكن أن تقدم للمستخدمين محتوى أكثر تخصيصاً وملاءمة، ما من شأنه أن يساعد في عملية صنع القرار، والإجابة عن أسئلة العمل المهمة، مثل كيفية تشكيل استراتيجية تنافسية، ومع ذلك سيظل المستخدمون بحاجة إلى تطبيق منهجية الحكم البشري والسياق على خيارات القرار التي تقدمها بوتات الدردشة.

ويضيف، لا يعتبر ظهور بوت الدردشة تشات جي بي تي مجرد علامة فارقة في تطوير الذكاء الاصطناعي، بل ستكون له آثار جمة على العديد من أنواع الأعمال المختلفة، حيث من المتوقع له أن يطرح احتمالية حدوث ثورة في الإنتاجية، وتسليع المعرفة، وتطوير القرارات الاستراتيجية.

اقرأ أيضاً: 5 وظائف مهددة بسبب «تشات جي بي تي»

ومع ذلك يُحذر من أن هذا ستكون له مخاطر كبيرة دون وجود الضمانات المناسبة، حيث يمكن أن تُسهل بوتات الدردشة مثل تشات جي بي تي عمليات الانتحال على نطاق واسع، بالإضافة إلى تضخيم التحيز البشري، على حساب التنوع والشمول.

ومن ثم وفقاً للكاتب والمؤلف فإن الشركات تحتاج إلى أن تكون على دراية بهذه الجوانب الإيجابية والسلبية، والأهم من ذلك، عدم تحويل مجموعة المعرفة الحالية في أي مجال تقريباً إلى سلعة يمكن شراؤها مثل المنتجات، حيث إن قدرته على إنتاج ردود مقنعة ومتماسكة على الاستفسارات رائعة، إلا أنها غالباً ما تحتاج إلى التحقق منها بشكل يدوي، لذا فهو يمكن أن يكون مفيداً كنقطة بداية، ولكن ليس للمهام الكاملة.

المحتوى محمي