الحامل ولقاح كورونا: تجارب نساء حوامل أخذن اللقاح

7 دقائق
تأثيرات لقاح كورونا على المرأة الحامل

مع بدء حملات التطعيم باللقاحات المضادة لفيروس كورونا، فإن النساء الحوامل يواجهن أسئلة صعبة تزيد من قلقهن الطبيعي المترافق مع الحمل: هل يحقّ لهن تلقّي اللقاح؟ ما التأثيرات الجانبية للّقاح عليهن وعلى الجنين؟ ما هي توصيات الخبراء بهذا الشأن؟

نستعرض في هذه المقالة أحدث المعلومات والدراسات العلمية حول الموضوع.

ما مدى خطورة إصابة المرأة الحامل بفيروس كورونا؟

مع أن إصابة أي شخص بكوفيد-19 قد تؤدي إلى مضاعفات خطيرة، إلا أن هذه الخطورة منخفضة للغاية لدى النساء الحوامل.

في المقابل، فإن النساء الحوامل المصابات بفيروس كورونا يعانين من أعراض أكثر حدة بالمقارنة مع النساء غير الحوامل من نفس الفئة العمرية؛ حيث وجدت دراسة أجراها فريق من المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها نُشرت في نوفمبر الماضي، بالإضافة إلى دراسات أخرى، أن النساء الحوامل المصابات بكوفيد-19 أكثر احتمالاً لتلقي الرعاية الصحية في المستشفى، كما أنهن أكثر عرضة للدخول إلى وحدة العناية المركزة ووضعهن على أجهزة التنفس الصناعي.

وبناء على هذه الدراسات، فإن المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها قد أدرجت الحمل ضمن العوامل التي تزيد من خطورة الإصابة بأعراض شديدة من كوفيد-19.

كما تشير الأبحاث إلى أن إصابة المرأة الحامل بكوفيد-19 قد تزيد من خطر الولادة المبكرة، لا سيما بالنسبة للاتي يعانين من أعراض شديدة. ووجدت دراسات أخرى أنه من النادر أن ينتقل الفيروس من الأم إلى الطفل أثناء الحمل. وحتى الآن، لم تكشف الدراسات عن ظهور أي عيوب خلقية في الجنين نتيجة الإصابة بفيروس كورونا.

معلومات عن بعض لقاحات كوفيد-19 تهم المرأة الحامل

لا تحتوي لقاحات الرنا المرسال (mRNA) -مثل لقاحي مودرنا وفايزر- على أي جزء من فيروس كورونا. ويقوم الجسم بالتخلص من جزيئات الرنا المرسال المستخدمة في اللقاح خلال ساعات أو أيام. كما أن هذه اللقاحات لا تدخل إلى نواة الخلية، وبالتالي لا تتفاعل مع الحمض النووي (DNA). وتجدر الإشارة أنه من الممكن أن تنتقل المناعة التي يولدها جسم المرأة الحامل عقب اللقاح عبر المشيمة؛ ما يوفر حماية للجنين بعد ولادته.

امرأة حامل تتلقى لقاح كورونا
رغم القلق من عدم توافر معلومات كافية، فإن بعض النساء الحوامل قررن تلقي لقاح كورونا.
مصدر الصورة: شاترستوك، محمية بحقوق المشاع الإبداعي (CC BY-SA)

ورغم أنه لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى أن اللقاح سيشكل خطراً على الحوامل والمرضعات على وجه الخصوص، لكن لا توجد معلومات كافية حول هذا الموضوع حتى الآن. وأشارت هيئة الإذاعة البريطانية بي بي سي إلى أن التجارب السريرية للقاح فايزر لم تشمل الحوامل، وذكرت شركة فايزر أن البيانات المتاحة حتى الآن غير كافية لتحديد أي مخاطر على الحمل يسببها اللقاح.

ووفقاً لما نشره الدكتور صالح العسيري، أستاذ واستشاري علاج العقم وعمليات أطفال الأنابيب والحقن المجهري وجراحات المناظير المتقدمة في جامعة الملك سعود، على تويتر، فإن أكثر الجهات العلمية و الطبية اتفقت أن قرار أخذ لقاح كورونا من شركة فايزر يجب أن يبقى متروكاً للأم الحامل والمرضع مع استشارة الطبيب المعالج لتحديد مدى الفائدة أو الضرر حسب الحالة.

وفي هذا السياق، ننوه إلى أن العديد من اللقاحات التقليدية يتم إعطاؤها للحوامل بشكل آمن؛ حيث توصي المراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بأن تأخذ الحوامل اللقاح الثلاثي بين الأسبوع 27 والأسبوع 36 من الحمل. بينما يختلف التوقيت المناسب لأخذ لقاح الأنفلونزا من فصل لآخر، وبشكل عام توصي المراكز بأخذ هذا اللقاح في أواخر أكتوبر. وتؤكد المراكز على أن هذه اللقاحات آمنة للأم والجنين. كما توصي هيثة الخدمات الصحية الوطنية في المملكة المتحدة بأن تتلقى النساء الحوامل لقاحي الأنفلونزا والسعال الديكي حتى تتمكن أجسامهن من إنتاج الأجسام المضادة المناسبة وتجنب التأثيرات الخطيرة للأنفلونزا والسعال الديكي أثناء الحمل.

ماذا عن التأثيرات الجانبية للقاح على النساء الحوامل؟

قد يؤدي اللقاح إلى بعض الآثار الجانبية الشائعة مثل: الألم في موقع الحقن، والحمى، والصداع، والشعور بالتعب، وآلام العضلات، والخمول. وعادة ما تزول العوارض الخفيفة دون الحاجة إلى علاج. وتعتبر الحمى أحد أكثر الآثار الجانبية المحتملة قصيرة المدى للقاحات الرنا المرسال التي ظهرت أثناء التجارب السريرية، وخصوصاً بعد تلقي الجرعة الثانية من اللقاح. ووفقاً للمراكز الأميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها، فإنه يمكن للمرأة الحامل أن تتعرض لتأثيرات جانبية للقاح مثلها مثل أي شخص آخر، وأوصت في هذه الحالة باستشارة الطبيب الذي قد ينصحها -في حال الإصابة بالحمى أو تأثيرات أخرى- بتناول دواء الأسيتامينوفين.

تجدر الإشارة في هذا السياق إلى أن بعض الأشخاص قد عانوا من ردود فعل تحسسية بعد تلقي اللقاح؛ لذا توصي المراكز جميعَ متلقي اللقاح -بما في ذلك الحوامل- بإخطار مقدمي الرعاية الصحية إذا كان لديهم تاريخ من الحساسية الشديدة لأي لقاح آخر أو لأي علاج عن طريق الحقن.

المرأة الحامل ولقاح كورونا: سياسات بعض البلدان والهيئات الصحية

إليكم سياسات بعض الدول والهيئات الصحية وتوصيات خبرائها بشأن إعطاء لقاح كورونا إلى الحوامل:

منظمة الصحة العالمية

كان لقاح فايزر هو اللقاح الأول المضاد لكوفيد-19 الذي يحصل على ترخيص طارئ من منظمة الصحة العالمية في 31 ديسمبر الماضي. وتقول المنظمة إنها "لا توصي بمنح اللقاح للنساء الحوامل في هذه المرحلة"؛ بسبب عدم توافر ما يكفي من البيانات. لكن في حال كانت المرأة الحامل معرضة لخطر الإصابة بكوفيد-19 بشكل كبير (إذا كانت عاملة في مجال الرعاية الصحية)، تقول المنظمة إنها تستطيع دراسة خيار التطعيم بعد استشارة طبيبها المعالج.

كما توصي منظمة الصحة العالمية بتجنب الحمل لمدة 2-3 أشهر بعد الحصول على اللقاح.

المملكة العربية السعودية

أوضحت وزارة الصحة أن الحامل والمرضع من الفئات الممنوعة من أخذ لقاح كورونا. وذكر حساب الصحة 937 التابع للوزارة على تويتر -رداً على سؤال من أحد المواطنين بهذا الخصوص- أنه "بناء على التوصيات العلمية الحالية، فإن الحامل والمرضع من الفئات الممنوعة من أخذ لقاح فيروس كورونا (فايزر/ بيو إن تك)".

الإمارات العربية المتحدة

أما في الإمارات العربية المتحدة، فقد أوصت وزارة الصحة وحماية المجتمع النساء الحوامل والمرضعات والنساء اللواتي يخططن للحمل في الشهور الثلاثة المقبلة بعدم أخذ لقاح كورونا.

الولايات المتحدة الأميركية

تنص توصيات المراكز الاميركية للسيطرة على الأمراض والوقاية منها على أنه إذا كانت المرأة الحامل تندرج ضمن إحدى المجموعات التي يوصى أن تأخذ اللقاح (مثل العاملين في مجال الرعاية الصحية) فيمكنها اختيار تلقي اللقاح. وتنصح المرأة الحامل باستشارة الفريق الطبي المسؤول عن رعايتها قبل اتخاذ قرارها الشخصي بالحصول على اللقاح. وتدعو المراكز في هذه الاستشارة إلى النظر في مستوى انتقال عدوى كوفيد-19 في مجتمع المرأة الحامل، والمخاطر الشخصية للإصابة بكوفيد-19، والمخاطر المحتملة على الجنين، ومدى فعالية اللقاح وآثاره الجانبية، ونقص البيانات حول تأثيرات اللقاح على المرأة الحامل.

امرأة حامل تلتزم بالإجراءات الوقائية ضد كورونا
نوصى النساء الحوامل بمتابعة الالتزام بالإجراءات الاحترازية حتى بعد تلقي لقاح كورونا.
مصدر الصورة: تشارلز كروبا | أسوشييتد برس

ودعت المراكز النساء الحوامل اللاتي يقررن تلقي لقاح كورونا إلى ضرورة متابعة التزامهن بالإجراءات الاحترازية الهادفة إلى منع انتشار عدوى كوفيد-19 حتى بعد التطعيم، وذلك يشمل ارتداء الكمامة والحفاظ على التباعد الاجتماعي وتجنب الحشود وغسل اليدين بالماء والصابون لمدة 20 ثانية.

المملكة المتحدة

رغم عدم وجود أي دليل حتى الآن على أن لقاحات كوفيد-19 غير آمنة بالنسبة للحوامل، لكن ما زال الخبراء في المملكة المتحدة في انتظار المزيد من الدراسات قبل التوصية بإعطائهن اللقاح بشكل روتيني.

ووفق آخر تحديث لإرشادات اللجنة المشتركة للقاحات والتطعيمات في المملكة المتحدة في 07 يناير، أوصت اللجنة النساء الحوامل بتلقي لقاح فايزر/ بيو إن تك أو لقاح إكسفورد/ أسترازينيكا في إحدى حالتين:

  • إذا كانت المرأة الحامل معرضة بشكل كبير لخطر التقاط عدوى فيروس كورونا بسبب طبيعة عملها (ممرضة أو طبيبة على سبيل المثال).
  • إذا كانت المرأة الحامل تعاني من حالة طبية قد تزيد من خطورة مضاعفات إصابتها بالفيروس.

وفي جميع الحالات، تدعو اللجنة النساء الحوامل إلى استشارة أطبائهن قبل الحصول على اللقاح لمناقشة إيجابيات وسلبيات هذه الخطوة.

كندا

أوصت اللجنة الاستشارية الوطنية لشؤون التطعيم بعدم إعطاء لقاح كورونا إلى الشرائح السكانية التي لم يتم إشراكها في التجارب السريرية للقاحات (وهذا يشمل النساء الحوامل) إلا في حال كانت فوائد التطعيم تفوق المخاطر المحتملة لأخذ اللقاح، وبعد استشارة الطبيب المعالج وإطلاع المرأة الحامل على جميع المعلومات المتوفرة قبل أن تتخذ قرار تلقي اللقاح. كما أوصت اللجنة النساء اللواتي يخططن للحمل بتأخير حملهن لمدة 28 يوماً بعد إكمال الجرعة الثانية من اللقاح.

تجارب نساء حوامل أخذن لقاح كورونا

حتى وقت كتابة هذه المقالة، تلقى حوالي 6 مليون شخص الجرعة الأولى من لقاح كورونا (فايزر أو مودرنا) في الولايات المتحدة الأميركية. وكان العديد من هؤلاء النساء الحوامل العاملات في مجال الرعاية الصحية واللواتي شعرن أن مخاطر تعرضهن لالتقاط عدوى كوفيد-19 تفوق أي مخاطر محتملة تترتب على تلقي اللقاح.

كانت ميجان جاريباي إحدى ممرضات مستشفى كومانش بولاية أوكلاهوما اللواتي أخذن اللقاح في ديسمبر، وهي حامل في الأسبوع 35 ومصابة بسكري الحمل؛ ما يعرضها لخطورة أكبر في حال التقاط عدوى كورونا، وقالت لموقع ويف3: "في البداية، كنت مترددة. لكن بعد أن بحثت حول الموضوع واستمعت إلى آراء العديد من الخبراء وطبيبي الشخصي، قررت تلقي اللقاح". وأضافت: "آمل أن تتمتع طفلتي ببعض المناعة إثر تطعيمي، وقد كان هذا الأمر هو الدافع الحقيقي وراء قراري النهائي بتلقي اللقاح".

طبيبة حامل تتلقى لقاح كورونا
الطبيبة جاكي بارشيم، الحامل في أسبوعها الـ 31، أثناء تلقيها اللقاح.
مصدر الصورة: حساب الطبيبة على تويتر

شهادة أخرى أدلت بها الطبيبة جاكي بارشيم، اختصاصية وعالمة أمراض الأم والجنين في جامعة هيوستن، عبر سلسلة تغريدات على تويتر قالت فيها: "بالنسبة لي فإن تلقي اللقاح كان سبيل الخلاص". وأعلنت بارشيم أنها تلقت اللقاح في أسبوعها 31 من الحمل وشرحت الأسباب التي دفعتها لاتخاذ هذا القرار؛ فهي -بحكم عملها- تتعرض بشكل يومي لخطر التقاط عدوى كوفيد-19، بالإضافة إلى أن تلقي اللقاح قد يمنح وليدها مناعة سلبية ضد فيروس كورونا. وحول سبب عدم انتظارها لحين توافر المزيد من البيانات حول تأثيرات اللقاح على النساء الحوامل، قالت بارشيم إن تلك البيانات لن تتوافر بالسرعة الكافية وأنها سعيدة بالمساهمة في توفير هذه البيانات عبر تلقي اللقاح.

إليكم شهادات أخرى من نساء حوامل عاملات في قطاع الرعاية الصحية وقرَّرن تلقي لقاح كورونا:

إيلانا كروم، طبيبة مقيمة في المركز الطبي لجامعة واشنطن

أليكس بيل، اختصاصية أمراض النساء والتوليد في معهد سياسات الرعاية الصحية والابتكار في جامعة ميشيغان

ميجا جوبتا، طبيبة أمراض الأم والجنين في يال

أخيراً، نشدد مرة أخرى على أن أياً من لقاحات كورونا لم يخضع لدراسة تأثيراته على النساء الحوامل أثناء التجارب السريرية، كما أن الإرشادات المتعلقة بهذا الموضوع في تطور مستمر على ضوء توافر معلومات جديدة كل يوم؛ لذا ندعو النساء الحوامل إلى متابعة أحدث إرشادات الهيئات الصحية واستشارة الطبيب قبل اتخاذ أي قرار بشأن تلقي لقاح كورونا.

المحتوى محمي