بوينغ تطلق مركبة ستارلاينر للمرة الأولى

3 دقائق
المركبة الفضائية بوينغ سي إس تي 100 ستارلاينر تنطلق على متن الصاروخ أطلس 5 من يونايتد لونش ألايانس.

(تحديث: انطلقت ستارلاينر بنجاح في الساعة 6:36 صباحاً بتوقيت شرق الولايات المتحدة يوم الخميس 19 ديسمبر، وحُدثت المقالة على هذا الأساس).

بعد حوالي عقد من التطوير، انطلقت مركبة سي إس تي 100 ستارلاينر من شركة بوينغ إلى الفضاء، حيث حملها الصاروخ أطلس 5 إلى المدار من قاعدة كيب كانافيرال لسلاح الجو في فلوريدا. وإذا جرى كل شيء وفق المخطط، فسترسو المركبة على محطة الفضاء الدولية، وتنفصل عنها بعد أسبوع، وتعود أدراجها إلى الأرض لتهبط قبل فجر يوم 28 ديسمبر.

وعلى الرغم من أن هذه البعثة ليست مأهولة بطاقم بشري، إلا أنها تمثل محطة هامة بالنسبة لبرنامج الطاقم التجاري في ناسا، وخطوة هامة نحو استئناف إطلاق الرحلات الفضائية من الأراضي الأميركية. وقد قال مدير ناسا جيم برايدنستاين عندما كان في مركز كينيدي الفضائي: "عندما ننطلق هذه المرة، فسوف ننطلق مع شركاء تجاريين. ناسا لا تشتري أو تمتلك التجهيزات أو تقوم بتشغيلها، بل نحن نشتري خدمة، وتهدف ناسا إلى أن تصبح أحد العملاء الكثيرين لسوق تجارية راسخة للرحلات الفضائية البشرية في المستقبل".

فمنذ انتهاء برنامج المكوك الفضائي في 2011، كانت ناسا تعتمد على عمليات إطلاق مركبات سويوز الروسية حتى تنقل رواد الفضاء بين الأرض ومحطة الفضاء الدولية، مما يعني أنه لم ينطلق رائد فضاء أميركي من الأراضي الأميركية منذ 8 سنوات حتى الآن.

وقد أرغمت التأخيرات ناسا على شراء المزيد من المقاعد على رحلات سويوز (وفي فترة تعاني فيها العلاقات الروسية الأميركية من التوتر)، التي وصلت في إحدى المرات إلى مبلغ ضخم يساوي 82 مليون دولار للمقعد الواحد. وبدلاً من بناء نظام جديد للتحليق الفضائي نحو المدار الأرضي المنخفض، قررت ناسا أن تتعاقد مع بوينغ وسبيس إكس لتطوير مركبات مأهولة جديدة (ستارلاينر وكرو دراجون، على الترتيب) يمكن أن تلبي هذه الحاجات.

وقد توقعت الشركتان وناسا الوصول إلى مرحلة التحليق بالبشر في 2017، ولكن الشركتين لن تبدآ بإطلاق بعثات مأهولة بركاب بشر حتى السنة المقبلة. ومن الجدير بالذكر أن سبيس إكس أطلقت كرو دراجون إلى محطة الفضاء الدولية في مارس المنصرم ولكنها ستختبر نظام التوقف الفجائي للرحلة في 11 يناير قبل محاولة التخطيط لبعثة مع رواد فضاء. أما بوينغ فقد قررت تجاوز هذا الاختبار؛ لأن ناسا اعتبرته خطوة اختيارية.

وتمثل هذه البعثة نحو محطة الفضاء الدولية الخطوة الأخيرة قبل أن تستطيع بوينغ إرسال البشر إلى الفضاء الخارجي. وستنقل البعثة حوالي 272 كيلوجراماً من الإمدادات إلى المحطة، ولكنها ستركز بشكل أساسي على اختبار أنظمة الطيران في ستارلاينر، بما فيها الانفصال عن صواريخ الإقلاع، والتلاقي مع محطة الفضاء والرسو عليها، ودخولها إلى الغلاف الجوي الأرضي، والهبوط. وستحمل الكبسولة أيضاً دمية اختبارية سُميت تحبباً روزي (تيمناً بروزي العاملة، الرمز النسوي الشهير في الحرب العالمية الثانية)، وهي مزودة بمقاييس تسارع وغيرها من الحساسات لاختبار قدرة الكبسولة على حماية أجساد الركاب في الداخل من تأثيرات الثقالة خلال الرحلة. أما بقية المركبة الفضائية فهي مزودة أيضاً بحساسات لقياس فعالية عمل أنظمة دعم الحياة، مثل نظام التحكم في الحرارة وضغط الهواء.

يقول بات فورستر، مدير مكتب رواد الفضاء في مركز جونسون الفضائي: "نعتبر هذه البعثة بمثابة تجربة نهائية قبل التحليق الاختباري المأهول". وسيعمل كل شيء تقريباً وكأن البشر موجودون على متن المركبة، باستثناء كمية الأكسجين الاحتياطية.

وما أن تهبط الكبسولة على الأرض (ويفضل أن يحدث هذا دون أية أعطال في المظلات هذه المرة)، ستمضي بوينغ أسبوعين تقريباً في دراسة بيانات الرحلة. يقول فيل ماكاليستر، مدير التحليق الفضائي التجاري في ناسا: "لا شك في أننا سنرى بعض النتائج غير المتوقعة".

وإذا لم تظهر أية مشاكل كبيرة، فمن المفترض أن تقوم ناسا وبوينغ بتحديد موعد تحليق اختباري مأهول، ربما في منتصف العام المقبل، لأخذ رائدي الفضاء من ناسا نيكول مان ومايكل فينك ورائد الفضاء من بوينغ كريستوفر فيرجوسون إلى محطة الفضاء الدولية.

غير أن بوينغ متحمسة لتوسيع نطاق خدمات ستارلاينر إلى خارج ناسا أيضاً، وترغب الشركة في إطلاق برنامج تدريبي للطيارين الخاصين وقادة البعثات وأخصائيي البعثات وربما حتى السياح للسفر إلى المدار الأرضي المنخفض.

يقول برايدنستاين: "نريد أن نخفض التكاليف ونعزز الابتكار ونزيد من إمكانية الوصول إلى الفضاء بشكل غير مسبوق. وهذا الاختبار لبوينغ يمثل الخطوة التالية في هذه الرؤية الكبيرة".

وقد تم بث عملية الإطلاق على تلفزيون ناسا.