في 21 كانون الثاني/ يناير 2023، نشر الرئيس التنفيذي لشركة دونت باي (Do Not Pay) جوشوا براودر تغريدة على تويتر قال فيها: "في 22 فبراير الساعة 1.30 مساءً، سيُصنع التاريخ. لأول مرة على الإطلاق، سيمثّل البوت "دونت باي" شخصاً في قاعة محكمة أميركية، وسوف يهمس في أذن هذا الشخص بما يجب أن يقوله بالضبط. سنصدر النتائج ونشارككم المزيد بعد المحاكمة. أتمنى لنا التوفيق!".
انتشرت هذه التغريدة على نطاقٍ واسع، وتم الحديث عن الموضوع في الكثير من وسائل الإعلام، البعض اعتبرها بداية لحقبة جديدة يكون فيها الذكاء الاصطناعي قادراً على أن يحل مكان المحامين ويقدم للناس استشارات قانونية.
لكن بعد 4 أيام من التغريدة التي أثارت الجدل، غرّد براودر قائلاً: "صباح الخير! أخبار سيئة: بعد أن تلقيت تهديدات من محامين في نقابة المحامين بالولاية، يبدو أنهم سيضعونني في السجن لمدة 6 أشهر إذا قمت بإحضار البوت المحامي إلى قاعة محكمة حقيقية".
فما الذي حدث؟ ولماذا قد يتعرض جوشوا براودر للسجن إذا استخدم بوت الذكاء الاصطناعي "دونت باي" في محكمة فعلية؟
ما هو بوت دونت باي؟
تم إطلاق بوت دونت باي (Do Not Pay) الذي يعني اسمه "لا تدفع المال" عام 2015 باعتباره بوت دردشة يهدف إلى مساعدة الناس على تجاوز العقبات البيروقراطية والقانونية. يعمل هذا البوت كتطبيق على أي هاتف متصل بالإنترنت، ويمكنه التحدث أو كتابة النصوص التي تساعد الأشخاص الذين يرغبون في تجنب أو تقليل الغرامات التي يتعرضون لها أو تكاليف الرعاية الصحية أو الاشتراكات التي يدفعونها.
بحسب الموقع الرسمي للشركة، فإن "دونت باي" هو بوت مدعوم بالذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد المستهلكين في حل مشكلاتهم دون أن يحتاجوا للدفع إلى الشركات الكبيرة. الهدف الأساسي منه هو تحقيق تكافؤ الفرص وجعل المعلومات في متناول الجميع، بما في ذلك المعلومات القانونية.
البوت قادر على تقديم العديد من الخدمات مثل الاستشارة القانونية لأي شخص حول أي قضية، دون الحاجة إلى محامٍ.
قال جوشوا براودر إن هدفه من إدخال البوت إلى المحاكم نبيل، وهو لا يريد أن يحل الذكاء الاصطناعي مكان المحامين البشر، لكنه يعلم أن الكثير من الناس يحتاجون إلى استشارات قانونية ولا يملكون المال اللازم ليدفعوا للمحامين.
قال براودر في تغريدة نشرها باليوم نفسه الذي أعلن فيه سحب "بوت دونت باي" من المشاركة في المحاكم: "لا يوجد محامٍ ينهض من فراشه لمساعدتك على استرداد 400 دولار".
يقصد براودر في تغريدته هذه أن المحامين يتقاضون مبالغ كبيرة لدرجة أن استرداد مبلغ 400 دولار في المحاكم سيكلف أكثر من 400 دولار.
اقرأ أيضاً: كيف سيحدث بوت الدردشة تشات جي بي تي ثورة في مجال الأعمال؟
مخالفة قانونية
بمجرد الإعلان عن خبر مشاركة البوت في المحكمة، بدأت ردود الفعل العنيفة من المحامين ونقابات المحامين، طالب البعض بمنع استخدام البوت لأنه يشكل مخالفة قانونية، ففي معظم الولايات الأميركية، يتم حظر إدخال الهواتف والأجهزة المتصلة بالإنترنت إلى المحاكم للحفاظ على الخصوصية ومنع تسريب المعلومات الشخصية للمتخاصمين.
لكن براودر قال لموقع جيزمودو (Gizmodo) إنه وجد ثغرة قانونية لتجاوز ذلك عن طريق استخدام سماعات أبل إير بودز (Apple AirPods)، الفكرة هي وضع الهاتف المتصل بالإنترنت خارج قاعة المحكمة وربطه عن طريق البلوتوث بسماعات إير بودز يرتديها الشخص داخل المحكمة ويسمع ما يقوله البوت، فالقانون الأميركي لا يتضمن أحكاماً تحظر الأجهزة المتصلة بالبلوتوث بشكلٍ صريح، ولا تمنع المساعدة القانونية التي يقدمها الذكاء الاصطناعي.
وعندما سئُل عما إذا كانت المحكمة ستكون على علم بمساعدة الذكاء الاصطناعي أثناء الجلسة، أجاب براودر: "بالتأكيد لا".
وفي حال التعرض لأي غرامات بسبب الاستعانة بالبوت، قال براودر إن الشركة ستتكفل بدفع أي غرامات مالية.
اقرأ أيضاً: بوت تشات جي بي تي مبدع وسهل الاستخدام لكن مخاطره كثيرة
لكن عدداً من ممثلي نقابات المحامين اتصلوا بالشركة وهددوا بتوجيه اتهامات لها، وقالوا إن ما يحاول براودر فعله يعتبر ممارسة غير مصرح بها قانوناً، أي مزاولة مهنة دون الحصول على ترخيص، وهي تهمة يمكن في حال إدانته بها أن يعاقب بالسجن لمدة ستة أشهر على الأقل. وقد تصل إلى سنتين.
يرى براودر أن استخدام دونت باي في المحكمة لا يستحق عناء التعرض للسجن، خاصةً أنه مواطن بريطاني لا يحمل الجنسية الأميركية، ويمكن أن تؤدي إدانته بأي حكم قضائي إلى الدعوة لترحيله من الولايات المتحدة ومنعه من دخولها مجدداً.