كيف تُحدِث بوتات الدردشة الذكية تحولاً في القطاع المصرفي؟

5 دقيقة
حقوق الصورة: Shutterstock.com/NESSDesign

ملخص: تؤدي بوتات الدردشة الذكية المصرفية دوراً مهماً في تحسين خدمات البنوك. هذه البوتات تعتمد على الذكاء الاصطناعي وتكنولوجيا معالجة اللغة الطبيعية للتفاعل مع العملاء وتلبية احتياجاتهم. من الأمثلة البارزة عليها البوت إيريكا (Erica) الذي يستخدمه بنك أوف أميركا (Bank of America). يمكن للبنوك استخدام منصات تقدّم بوتات جاهزة قابلة للتخصيص حسب احتياجاتها، أو تطوير روبوتات مخصصة من الصفر، وهو أمر سهل لا يتطلب أي خبرة برمجية. وعلى الرغم من فوائدها، فإن البنوك التي تدمج البوتات في عملها تواجه بعض التحديات، أبرزها الحفاظ على خصوصية وأمان البيانات وصعوبة فهم اللهجات المختلفة.

في ظل التحول الرقمي السريع الذي يشهده القطاع المصرفي، أصبحت بوتات الدردشة الذكية جزءاً أساسياً من تقديم الخدمات المالية بطريقة سريعة وفعّالة. تعتمد هذه البوتات على الذكاء الاصطناعي لمعالجة الطلبات وخدمة العملاء، وتستطيع الإجابة عن الاستفسارات وإجراء المعاملات المالية.

من أبرز الأمثلة على هذه البوتات، نجد البوت إيريكا (Erica) الذي يستخدمه بنك أوف أميركا (Bank of America)، وبوت آمي (Amy) الذي يستخدمه بنك إتش إس بي سي (HSBC). توفّر هذه البوتات خدمات تلبي احتياجات العملاء على مدار الساعة، وتعتبر أداةً حيوية للبنوك كافة في عصرنا.

اقرأ أيضاً: كيف تميّز إن كان محدثك بوت دردشة أم شخصاً حقيقياً؟

ما هي بوتات الدردشة الذكية المصرفية؟

بوتات الدردشة الذكية المصرفية هي أنظمة ذكاء اصطناعي قادرة على معالجة اللغة الطبيعية (NLP)، وهي تتفاعل مع العملاء بشكلٍ آلي ومباشر عن طريق الرسائل النصية أو الصوتية. هذه البوتات مصممة لمساعدة العملاء على تنفيذ مجموعة واسعة من المهام المالية، مثل الإجابة عن الاستفسارات، وإجراء المعاملات المصرفية البسيطة، وتقديم توصيات شخصية، وحتى إدارة الحسابات بشكل آلي.

تتوفر بوتات الدردشة المصرفية على منصات مختلفة مثل تطبيقات البنوك على الأجهزة المحمولة ومواقع الويب وتطبيقات المراسلة الشائعة مثل واتساب وفيسبوك ماسنجر.

كيف تعمل بوتات الدردشة المصرفية؟

تستخدم بوتات الدردشة الذكية تكنولوجيا التعلم الآلي وتحليل البيانات للتفاعل مع العملاء بطريقة تشبه التفاعل البشري. تبدأ البوتات بفهم الاستفسار الوارد من العميل عن طريق تحليل الكلمات والجمل باستخدام تكنولوجيا معالجة اللغة الطبيعية. بعد ذلك، تبحث في قاعدة بياناتها أو في النظام المصرفي لتقديم الرد المناسب. وفي حال كانت البوتات متقدمة، يمكنها التعلم من التفاعلات السابقة لتحسين أدائها مع مرور الوقت.

لماذا تحتاج البنوك إلى بوتات الدردشة الذكية؟

البنوك والمؤسسات المالية تحتاج إلى بوتات الدردشة الذكية لعدة أسباب أبرزها:

تحسين خدمة العملاء

توفّر بوتات الدردشة خدمة سريعة للعملاء؛ فبدلاً من الانتظار فترات طويلة للحصول على ردود من موظفي خدمة العملاء، يمكن للبوتات تقديم الإجابات بشكلٍ فوري. بالإضافة إلى ذلك، يمكنها العمل على مدار الساعة وخدمة العملاء في أي وقت.

خفض التكاليف التشغيلية

باستخدام بوتات الدردشة، يمكن للبنوك خفض التكاليف المرتبطة بخدمة العملاء؛ فعوضاً عن توظيف عدد كبير من الموظفين، يمكن للبنك الاعتماد على البوتات لمعالجة طلبات العملاء.

تحسين الكفاءة

بوتات الدردشة الذكية تستطيع التعامل مع عددٍ كبير من العملاء في الوقت نفسه دون أي تأخير. هذا يعزز كفاءة تقديم الخدمات ويقلل من الفترة الزمنية التي قد يحتاج إليها العميل لإنهاء طلبه أو استفساره. كذلك، يمكن لهذه البوتات أن تقدّم معلومات أسرع وأدق عند إجراء المعاملات الروتينية مثل الاستفسار عن الرصيد وتحويل الأموال ودفع الفواتير.

التخصيص

تستطيع بوتات الدردشة الذكية تحليل بيانات العملاء وتقديم توصيات مخصصة بناءً على سلوكهم السابق واحتياجاتهم المالية. مثلاً، يمكن أن تقدّم اقتراحات حول الخدمات والحلول المصرفية المناسبة أو نصائح لإدارة الأموال الشخصية بناءً على المعاملات الأخيرة.

الحد من الأخطاء البشرية

تعتبر الأخطاء البشرية شائعة في خدمة العملاء، لكن بوتات الدردشة تكون دقيقة في الردود والإجراءات. يسهم ذلك في تحسين جودة الخدمة وتقليل المشكلات المحتملة.

التفاعل المتعدد اللغات

الكثير من بوتات الدردشة الذكية يدعم لغات متعددة، يُتيح ذلك للبنوك تقديم خدماتها لعددٍ أكبر من العملاء دون الحاجة إلى توظيف موظفين يتحدثون لغات مختلفة.

اقرأ أيضاً: أبرز بوتات الدردشة التي قد تقدم معلومات مضللة عند استخدامها

التطبيقات العملية لبوتات الدردشة الذكية في البنوك

فيما يلي بعض أبرز التطبيقات العملية لبوتات الدردشة الذكية في البنوك:

  • الاستفسارات العامة: الإجابة عن الاستفسارات البسيطة مثل معرفة أوقات العمل وفروع البنك وأحدث العروض والخدمات.
  • التحقق من الرصيد والمعاملات: يستطيع العميل طلب معلومات حول الرصيد وآخر المعاملات المالية أو طلب كشف حساب.
  • إجراء المعاملات المصرفية: بعض بوتات الدردشة المتقدمة تُتيح للعملاء إجراء معاملات مصرفية مثل تحويل الأموال ودفع الفواتير وإعادة تعبئة بطاقات الائتمان.
  • الإبلاغ عن الاحتيال: مساعدة العملاء على الإبلاغ عن الأنشطة غير القانونية أو الاحتيالية بطريقة سريعة وآمنة.
  • التوجيه والنصائح المالية: بعض البوتات تقدّم للعملاء إرشادات مالية مخصصة، مثل طرق لتوفير المصاريف أو إدارة القروض، وذلك بناءً على تحليل سلوك العميل المالي.

التحديات والمخاوف المتعلقة ببوتات الدردشة المصرفية

على الرغم من فوائدها الكبيرة، فهناك بعض التحديات التي قد تواجه البنوك التي تستخدم بوتات الدردشة الذكية لخدمة عملائها، من أبرز هذه التحديات:

الأمان والخصوصية

تتعامل بوتات الدردشة المصرفية مع بيانات حساسة للغاية، لذا يجب أن تكون مؤمنة من الاختراقات والهجمات السيبرانية. تحتاج البنوك إلى ضمان أن البيانات الشخصية للعملاء محمية وأن التفاعل مع البوتات يتم عبر قنوات آمنة ومشفرة.

الاعتماد المفرط على التكنولوجيا

في بعض الأحيان، قد لا تكون بوتات الدردشة قادرة على التعامل مع الاستفسارات المعقدة التي تتطلب تدخلاً بشرياً. لذلك، من الضروري وجود نظام لتحويل العميل إلى موظف خدمة العملاء في حال لم يتمكن البوت من تقديم الحل المناسب.

فهم اللهجات والتعبيرات

معظم بوتات الدردشة تدعم لغات متعددة، لكنها قد تواجه صعوبة في فهم اللهجات المختلفة أو بعض التعبيرات غير الشائعة، ما قد يؤثّر في دقة ردودها.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم بوتات الدردشة دون الإفصاح عن أسرارك؟

كيف تطوّر البنوك بوتات دردشة خاصة بها؟

بالنسبة للبنوك التي ترغب في الاستفادة من بوتات الدردشة الذكية، هناك خياران متاحان، الأول هو تخصيص بوتات الدردشة الجاهزة التي طوّرتها شركات تكنولوجيا متخصصة بتطوير حلول الذكاء الاصطناعي لخدمة العملاء، والثاني هو تطوير بوت دردشة من الصفر، وهو أمر لم يعد صعباً في ظل توفر حلول وأداوت سحابية جاهزة لتحليل البيانات ومعالجة اللغة الطبيعية. إليك التفاصيل حول كلا الخيارين:

1. تخصيص بوتات دردشة الجاهزة

العديد من شركات التكنولوجيا توفّر بوتات دردشة جاهزة يمكن للمصارف تخصيصها وتعديلها بسهولة. من أبرز هذه الشركات:

  • أميليا (Amelia): توفّر هذه الشركة بوتات دردشة قابلة للتخصيص لمختلف قطاعات الأعمال بما فيها البنوك والمؤسسات المالية.
  • كاسيستو (Kasisto): شركة متخصصة في حلول الذكاء الاصطناعي التفاعلية للخدمات المصرفية والمالية، توفّر للبنوك بوتات جاهزة وقابلة للتخصيص بسهولة وقادرة على إجراء محادثات طبيعية مع العملاء.

2. تطوير بوتات دردشة من الصفر

إذا كان البنك يرغب في تطوير بوت مخصص يلائم احتياجات لا توفرها البوتات الجاهزة، يمكن ذلك بسهولة نسبياً عن طريق خدمات وأدوات متاحة في السوق. هذه العملية تتم على عدة خطوات:

  1. اختيار المنصة المناسبة: هناك العديد من المنصات والأدوات التي تُسهّل عملية تطوير بوتات دردشة دون الحاجة إلى خبرة برمجية، من أبرزها مايكروسوفت بوت فريم وورك (Microsoft Bot Framework) وأمازون ليكس (Amazon Lex).
  2. تخصيص البوت وتدريبه: يجب تدريب البوت ليتمكن من فهم الاستفسارات الشائعة والرد عليها بشكلٍ دقيق. يمكن ذلك عن طريق جمع أبرز الاستفسارات الشائعة التي يتلقاها موظفو خدمة العملاء في البنك وتدريب البوت على الرد عليها.
  3. دمج البوت مع النظام المصرفي: يتطلب دمج البوت مع النظام المصرفي الاتصال بواجهات برمجة التطبيقات (APIs). يضمن ذلك وصول البوت إلى قواعد البيانات الخاصة بالبنك ونظام إدارة الحسابات.
  4. التأمين والحماية: بما أن هذه البوتات تتعامل مع بيانات حساسة ومهمة للغاية، يجب أن يتم تأمينها ضد الاختراقات وضمان توافقها مع المعايير الأمنية.
  5. الاختبار والإطلاق: قبل إطلاق البوت للعملاء، يجب أن يمر بمرحلة اختبار لتقييم قدرته على التعامل مع مختلف الحالات. بعدها يمكن البدء بإطلاقه لعددٍ محدود من العملاء ثم التوسع تدريجياً ونشره للعملاء كافة بعد التأكد من جودة أدائه.

اقرأ أيضاً: ما هي المجالات التي عليك أن تتجنب فيها استخدام بوتات الدردشة؟

نستنتج من ذلك أن بوتات الدردشة الذكية المصرفية ليست تكنولوجيا عادية، فقد أصبحت ركيزة أساسية تؤدي دوراً محورياً في تقديم الخدمات المالية، وتوفّر خدمة عملاء سريعة ودقيقة وتساعد البنوك على خفض التكاليف التشغيلية. ومع استمرار تطور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي، ستصبح هذه البوتات أكثر قدرة على تلبية احتياجات العملاء. لذا فإن تبنييها لم يعد خياراً، بل ضرورة استراتيجية للبنوك الراغبة في مواكبة التطور التكنولوجي وضمان مكانتها في السوق المستقبلية.