بطاريات جديدة تخفض تكلفة السيارات الكهربائية

4 دقائق
بطاريات جديدة ستجعل السيارات الكهربائية أقل تكلفة
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Andrew Harker

ستظهر بطاريات جديدة في أميركا.  فمؤخراً، أعلنت شركة فورد (Ford) عن خططها لبناء مصنع جديد في ميشيغان لإنتاج بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد لسياراتها الكهربائية. من المتوقع أن يكلف هذا المصنع 3.5 مليار دولار، كما من المتوقع أن يبدأ بالإنتاج في 2026، وسيكون المصنع الأول لهذه البطاريات في الولايات المتحدة.

وقد قالت حاكمة ميشيغان، غريتشن ويتمر، في المؤتمر الصحفي للإعلان عن خطة بناء المصنع: "إنه أمر فائق الأهمية". وبفضل زيادة خيارات البطاريات، ستتمكن فورد من بناء "المزيد من السيارات الكهربائية بصورة أسرع، وجعلها أقل تكلفة في نهاية المطاف"، كما يقول بيل فورد، الرئيس التنفيذي لمجلس إدارة الشركة.

بطاريات ليثيوم فوسفات الحديدي

تُعرف هذه البطاريات أيضاً باسم بطاريات ليثيوم فوسفات الحديدي "إل إف بي" (LFP)، وسيتم إنتاجها في المصنع الجديد كبديل أقل تكلفة للبطاريات التي تحتوي على النيكل والكوبالت، والمستخدمة في معظم السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة وأوروبا حالياً. وعلى حين شهدت هذه التكنولوجيا انتشاراً متزايداً في الصين، فإن مصنع فورد، والذي تم تطويره بالتعاون مع شركة كاتل (CATL) الصينية العملاقة المختصة بالبطاريات، يمثّل مرحلة مفصلية في الغرب. ومن خلال تخفيف التكاليف، وزيادة سرعة الشحن، وإطالة عمر البطارية، يمكن لبطاريات "إل إف بي" أن تساعد على زيادة الخيارات المتاحة من السيارات الكهربائية للمستهلكين.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن للبطاريات القديمة أن تزود السيارات الكهربائية بالطاقة مستقبلاً؟

تحتوي جميع بطاريات الليثيوم أيون على الليثيوم، والذي يساعد على تخزين الشحنات في الجزء المسمى بالمهبط في البطارية. ولكن الليثيوم لا يقوم بهذه المهمة لوحده، فالمهبط يحتوي إضافة إلى الليثيوم على مجموعة من المواد الأخرى الداعمة.

ويحتوي النوع الأكثر شيوعاً من المهابط في السيارات الكهربائية حالياً على النيكل، والمنغنيز، والكوبالت، إضافة إلى الليثيوم. وتستخدم بعض شركات السيارات الأخرى، مثل تسلا (Tesla)، تركيبة كيميائية أخرى للمهبط، مؤلفة من النيكل والكوبالت والألمنيوم. ولكن أهمية هذه الأنواع من المهابط تعود جزئياً إلى كثافتها الطاقية العالية، ما يعني أن البطارية ستكون أصغر حجماً وأخف وزناً من البطاريات الأخرى القادرة على تخزين القدر نفسه من الطاقة.

بطاريات أقل تكلفة شهدت نمواً في الصين

وعلى حين كان هذان النوعان يعتبران الخيارين الافتراضيين لبطاريات السيارات الكهربائية، فإن بطاريات ليثيوم فوسفات الحديد -وهي تركيبة كيميائية أقدم منهما- شهدت تجدداً في شعبيتها في السنوات القليلة الماضية، ويعود هذا بصورة أساسية إلى النمو الهائل في الصين.

اقرأ أيضاً: تعرف على سيارات الميثانول: البديل الذي تراهن عليه الصين ليحل محل محركات الوقود الأحفوري

فهذه البطاريات التي تحتوي على الحديد أقل تكلفة بنسبة 20% تقريباً من غيرها من بطاريات الليثيوم أيون، بالسعة الحالية ذاتها. ويُعزى هذا، جزئياً، إلى أن بطاريات "إل إف بي" لا تحتوي على الكوبالت أو النيكل، وهما مادتان باهظتا الثمن، وشهدتا تقلبات كبيرة في الأسعار في السنوات الأخيرة. ويعمل صانعو البطاريات أيضاً على تخفيض محتوى الكوبالت في البطاريات، لأن تعدين هذا المعدن اقترن بظروف عمل مؤذية للغاية.

المشهد العام المتغير لمجال بطاريات السيارات الكهربائية 

ارتفعت نسبة بطاريات "إل إف بي" (LFP) التي تحتوي على الحديد من أقل من 10% من سوق السيارات الكهربائية إلى 40% تقريباً خلال أربع سنوات وحسب.

Made with Flourish
المصدر: بلومبرغ إن إي إف – الرسم البياني لكيسي كراونهارات، إم آي تي تكنولوجي ريفيو
البيانات التي تبدأ في 2022 عبارة عن توقعات.

ويمكن لصنع المهابط الخالية من الكوبالت والنيكل أن يساعد صانعي السيارات على تخفيف التكاليف، كما أن بعضهم بدأ منذ الآن بتغيير التركيب الكيميائي للبطاريات المستخدمة في السيارات المبيعة في الولايات المتحدة. فشركة تسلا تستورد خلايا إل إف بي من الصين لبعض طرازاتها حالياً، بما في ذلك طراز "موديل 3". أما فورد، فقد أعلنت سابقاً أنها ستبدأ باستخدام هذه التكنولوجيا في سيارتها ماك-إي (Mach-E) في 2023، وفي إف-150 لايتنينغ (F-150 Lightning) في 2024.

فورد أول شركة سيارات تنتج بطاريات إل إف بي في الولايات المتحدة

ومع هذا المصنع الذي تم الإعلان عنه مؤخراً، ستصبح فورد أول شركة سيارات تنتج بطاريات إل إف بي في الولايات المتحدة. وستساعد هذه المنشأة الجديدة، والتي ستعتمد على التكنولوجيا من شركة كاتل، على إطلاق إنتاج بطاريات إل إف بي في الولايات المتحدة على نطاق أكبر. تقول المختصة بتحليل تكنولوجيا البطاريات في شركة الأبحاث التي تركز على الطاقة، بلومبرغ إن إي إف (BloombergNEF)، إيفلينا ستويكو: "إنها مرحلة مفصلية بالنسبة للمشهد التصنيعي في أميركا الشمالية".

اقرأ أيضاً: تمويل بالمليارات لإطلاق صناعة مواد البطاريات الأميركية

من المرجح أن تبدأ عدة منشآت أصغر بإنتاج بطاريات إل إف بي بالتزامن مع مصنع فورد.

ففي أكتوبر/ تشرين الأول من عام 2022، أعلنت الحكومة الفيدرالية الأميركية عن استثمار بقيمة 200 مليون دولار تقريباً لمساعدة شركة آي سي إل-آي بي أميركا (ICL-IP America) على بناء مصنع في ولاية ميزوري. وسيقوم هذا المصنع بصنع المواد لمهابط بطاريات إل إف بي، والتي ستُستخدم لصنع البطاريات. ومن المفترض أن يبدأ بالإنتاج في 2025.

اقرأ أيضاً: الرئيس السابق لقسم التكنولوجيا في تسلا: إليكم توجهات إعادة تدوير البطاريات

وفي هذه الأثناء، فإن شركة أميركان باتيري فاكتوري (American Battery Factory) في ولاية يوتاه تخطط لبناء مصنع لإنتاج بطاريات إل إف بي في مدينة توسان بولاية أريزونا. ومن المتوقع أن تكلف هذه المنشأة 1.2 مليار دولار تقريباً، ومن المفترض أن تبدأ العمل في 2026.

وعلى الرغم من أن تزايد التراكيب الكيميائية البديلة للبطاريات يمكن أن يعني زيادة كبيرة في الخيارات لشركات صناعة السيارات والمستهلكين، فإن بطاريات إل إف بي لن تحل محل تكنولوجيات أخرى بالكامل. تقول ستويكو: "إنها ليست بطاريات مثالية بالتأكيد".

إل إف بي ليست بطاريات مثالية

بطاريات إل إف بي أقل تكلفة من البطاريات ذات التراكيب الكيميائية الأخرى، كما يمكن أن تكون أطول عمراً، ولكنها تميل أيضاً إلى أن تكون أضخم حجماً وأثقل وزناً. وهو ما قد يمثّل مشكلة للسيارات، فإذا كانت البطارية أثقل وزناً، فسيتطلب تحريكها طاقة أكبر، ما يحد من مجال حركة السيارة. كما أن البطاريات الكبيرة يمكن أن تشغل حجماً إضافياً من الممكن تخصيصه للمقاعد أو الحمولة.

يميل السائقون في الولايات المتحدة وأوروبا إلى السيارات الأكبر حجماً وذات المدى الأطول. وهو ما يزيد من أهمية تخزين كمية أكبر من الطاقة ضمن حيز فراغي محدود، ولهذا، فقد لا تتمكن بطاريات إل إف بي على الإطلاق من تحقيق الهيمنة على الغرب بصورة مماثلة لهيمنتها في الصين، كما تقول ستويكو.

اقرأ أيضاً: كيف تتم إعادة تدوير بطاريات السيارات الكهربائية؟

ومن المرجح أن النمو في نسبة استخدام بطاريات إل إف بي سيتوقف هذه السنة، ويستقر عند 40% تقريباً من سوق بطاريات السيارات الكهربائية العالمية، كما تقول ستويكو. كما تشير التوقعات إلى أننا قد نشهد قريباً ظهور تراكيب كيميائية جديدة لبطاريات السيارات. 

فقد تؤدي إضافة المنغنيز للبطاريات التي تحتوي على الحديد إلى تعزيز الكفاءة، والحفاظ على انخفاض التكاليف في الوقت نفسه. ومن الممكن أن تتخلى شركات صناعة السيارات عن بطاريات الليثيوم-أيون بالكامل، وتنتقل إلى استخدام بطاريات الليثيوم-المعدن الصلبة، والتي قد تتميز بكثافة طاقية أعلى. ومن المحتمل أن يتم التخلي عن الليثيوم بالكامل حتى في السيارات الكهربائية المستقبلية، بما أن بطاريات الصوديوم-أيون قد تتحول لاحقاً إلى خيار أقل تكلفة.

قد يكون كل من هذه التراكيب الكيميائية حلاً لوسائل النقل في المستقبل. ومع أنها لحظة تألق بطاريات إل إف بي، إلا أننا قد نشهد ظهور الكثير من البدائل قريباً.

المحتوى محمي