حصلت إحدى الشركات الرائدة التي تصنع البدائل لبطاريات الليثيوم المخصصة للاستخدام في شبكة الكهرباء على قرض يقارب 400 مليون دولار من وزارة الطاقة الأميركية.
تصنع هذه الشركة التي تحمل اسم إيوس إنرجي بطاريات الزنك-هاليد، وتأمل أن تُستخدم هذه البطاريات في المستقبل لتخزين الطاقة المتجددة بتكلفة أقل من تكلفة تخزين الطاقة في بطاريات الليثيوم-أيون المستخدمة حالياً.
يمثّل هذا القرض أول "التزام مشروط" يمنحه مكتب برنامج القروض التابع لوزارة الطاقة الأميركية لشركة تصنّع البطاريات وتركّز على بدائل خلايا الليثيوم-أيون. مولّت الوزارة سابقاً جهود تصنيع بطاريات الليثيوم-أيون ومشاريع إعادة تدوير البطاريات والتكنولوجيات المناخية الأخرى مثل تكنولوجيا الطاقة الحرارية الأرضية.
بطاريات الليثيوم-أيون هي الخيار الافتراضي حالياً لتخزين الطاقة في مختلف الأجهزة، من أجهزة الكمبيوتر المحمولة إلى السيارات الكهربائية. انخفضت تكلفة هذا النوع من البطاريات خلال العقد الماضي كثيراً، ولكن هناك حاجة متزايدة لتطوير خيارات أقل تكلفة. تولّد الألواح الشمسية وعنفات الرياح الطاقة على نحو متقطّع، وتحتاج الجهات المشغّلة لشبكة الكهرباء إلى طرق لتخزين هذه الطاقة حتى يحين وقت استخدامها للحفاظ على استمرارية تغذية الشبكة بهذه المصادر المتجددة التي تعمل على مدار الساعة. قد تحتاج شبكة الكهرباء الأميركية إلى 225-460 غيغاواط من سعة تخزين الطاقة طويلة الأمد بحلول عام 2050.
هل تحل بطاريات الزنك محل بطاريات الليثيوم أيون؟
تستطيع البطاريات الجديدة، مثل التكنولوجيا المعتمدة على الزنك التي تأمل شركة إيوس طرحها تجارياً، تخزين الكهرباء لساعات أو حتى أيام بتكلفة منخفضة. يمكن أن تؤدي أنظمة التخزين هذه وغيرها من أنظمة التخزين البديلة دوراً حاسماً في توفير إمداد مستمر من الطاقة الكهربائية إلى الشبكة وتخفيف الآثار المناخيّة لعملية توليد الطاقة على مستوى العالم.
لا تتألف مهابط البطاريات التي تصنعها شركة إيوس من المزيج الرائج من الليثيوم والمعادن الأخرى. بدلاً من ذلك، المكون الرئيسي فيها هو الزنك الذي يحتل المرتبة الرابعة بين أكثر المعادن إنتاجاً في العالم.
البطاريات المعتمدة على الزنك ليست اختراعاً جديداً؛ إذ حصل الباحثون في شركة إكسون على براءة اختراع لبطاريات تدفّق الزنك والبروم في السبعينيات. لكن شركة إيوس طوّرت التكنولوجيا وعدّلتها على مدار العقد الماضي.
وفقاً لنائب رئيس البحث والتطوير في شركة إيوس، فرانسيس ريتشي، قد تتمتّع بطاريات الزنك-هاليد ببعض المزايا مقارنة ببطاريات الليثيوم-أيون؛ إذ يقول: "تصميم هذه البطاريات مختلف تماماً في كل مرحلة من مراحله".
اقرأ أيضاً: ما الذي يُنبئ بهيمنة الليثيوم-أيون على تقانة البطاريات لفترة طويلة قادمة؟
يقول ريتشي إن بطاريات شركة إيوس تحتوي على كهرل مائي (السائل الذي يحرك الشحنات في البطارية) بدلاً من المذيبات العضوية، ما يجعلها أكثر استقراراً ويمنع اشتعالها. صُممت هذه البطاريات أيضاً بطريقة تطيل عمرها مقارنة بعمر خلايا الليثيوم-أيون (إذ يبلغ عمرها المقدّر نحو 20 عاماً مقارنة بعمر بطاريات الليثيوم-أيون الذي يتراوح بين 10 و15 عاماً)، كما أن استخدامها لا يتطلب العديد من تدابير السلامة، مثل الضبط النشط لدرجة الحرارة.
تحديات فنية يجب التغلب عليها
تقول المديرة الفنية في شركة فولتا إنرجي تكنولوجيز، وهي شركة رأس المال المغامر التي تركّز على تكنولوجيا تخزين الطاقة، كارا رودبي، إن ثمة تحديات فنية يجب أن تتغلب عليها تكنولوجيا البطاريات المعتمدة على الزنك والبطاريات البديلة حتى تُستخدم لتزويد شبكة الكهرباء بالطاقة. تتمتع بطاريات الزنك بكفاءة منخفضة نسبياً، ما يعني أن كمية الطاقة المفقودة في أثناء شحنها وتفريغها أكبر من تلك المفقودة في خلايا الليثيوم-أيون. يمكن أيضاً أن تحدث في بطاريات الزنك-هاليد تفاعلات كيميائية غير مرغوب فيها قد تخفض عمر البطارية إذا لم تُعالج.
تقول رودبي إن هذه المشكلات الفنية قابلة للحل بأغلبها. لكن التحدي الأكبر الذي يواجه شركة إيوس وغيرها من الشركات المصنعة للبطاريات البديلة هو التصنيع على نطاق واسع وخفض التكاليف. تقول رودبي: "هذا هو التحدي الحقيقي. البطاريات هي منتجات منخفضة التكلفة بطبيعتها، وسوق البطاريات منخفضة التكلفة أيضاً".
يجب أن تنخفض تكلفة بطاريات التخزين المستخدمة في شبكة الكهرباء بسرعة، وتتمثّل إحدى طرق تحقيق ذلك في تصنيع عدد كبير منها.
تدير شركة إيوس حالياً مصنعاً شبه آلي في ولاية بنسلفانيا الأميركية يبلغ الحد الأقصى لإنتاجه نحو 540 ميغاواط/ساعة سنوياً من الطاقة الكهربائية (لو أنتج المصنع بطاريات الليثيوم-أيون، فستكون كمية الطاقة هذه كافية لتشغيل نحو 7 آلاف سيارة كهربائية في الولايات المتحدة)، على الرغم من أنه لا يعمل بكامل قدرته الإنتاجية حالياً.
اقرأ أيضاً: إليك الطريقة الصحيحة لتنظيف ألواح الطاقة الشمسية وزيادة كفاءتها
يقول الرئيس التنفيذي للشؤون المالية في شركة إيوس، ناثان كروكر، إن حصول شركته على القرض من وزارة الطاقة الأميركية هو "حدث مهم". عملت الشركة على تأمين هذا التمويل لمدة عامين، وسيمنحها القرض "رأس المال الذي تحتاج إليه بشدة" لتعزيز قدرتها التصنيعية، حسب تعبير كروكر.
تمويل جديد
سيدعم التمويل الجديد ما يصل إلى 4 خطوط إنتاج إضافية مؤتمتة بالكامل في مصنع ولاية بنسلفانيا. يمكن أن تنتج هذه الخطوط عدداً من البطاريات يقابل سعة طاقية تبلغ 8 غيغاواط/ساعة سنوياً بحلول عام 2026، وهي كمية تكفي لتلبية الاحتياجات اليومية لما يصل إلى 130 ألف منزل.
القرض الذي حصلت عليه الشركة هو التزام مشروط، أي يجب على شركة إيوس تحقيق بعض الشروط للحصول على التمويل. يقول كروكر إن هذه الشروط تتضمن قطع مراحل رئيسية فنية وتجارية ومالية.
عانى العديد من الشركات التي طورت البطاريات، التي تعتمد على آليات كيميائية بديلة، في الانتقال من مرحلة تطوير عيّنات العمل في المختبر وإجراء عمليات التصنيع الضيقة النطاق إلى مرحلة الإنتاج التجاري الواسع النطاق. بالإضافة إلى ذلك، تسببت المشكلات المتعلقة بتأمين التمويل والمشترين بانهيار بعض الشركات الناشئة التي تطبّق مجموعة متنوعة من الآليات الكيميائية البديلة في العقد الماضي فقط.
يقول كروكر إن توفير البدائل لسوق تخزين الطاقة قد يكون صعباً، لكنه يعتقد أن هذا هو الوقت المناسب لتُحدث الآليات الكيميائية الجديدة في البطاريات تأثيرها. مع استخدام المزيد من مصادر الطاقة المتجددة في شبكة الكهرباء، أصبحت الحاجة إلى التخزين الواسع النطاق للطاقة أكبر مما كانت عليه قبل عقد من الزمن. أصبحت أيضاً وسائل الدعم الجديدة متوفرة حالياً، مثل الإعفاءات الضريبية المتضمنة في قانون خفض التضخم، وهي تعزز الجدوى التجارية للبطاريات الجديدة.
اقرأ أيضاً: شركة ناشئة تسعى لزيادة كمية الطاقة في بطاريات السيارات الكهربائية
يقول كروكر: "أعتقد أن أمامنا الآن فرصة نادرة لإحداث تأثير يغيّر قواعد اللعبة في مجال اعتماد الطاقة المتجددة".