هذا الذكاء الاصطناعي يعمل على “تخيل” العالم بشكل مشابه للبشر

2 دقائق

ما تزال الآلات بحاجة لتحسين إدراكها الذاتي للعالم بشكل كبير إن كانت تطمح لتصبح ذكية حقاً. وقد حققت شركة ديب مايند التابعة لشركة ألفابيت والتي تركز على الذكاء الاصطناعي، خطوة في هذا الاتجاه من خلال ابتكار برنامج حاسوبي يمكنه أن يبني صورة ذهنية للعالم من تلقاء نفسه. يمكنك القول إنه يتعلم كيفية تخيل العالم من حوله.

هذا النظام الذي يستخدم ما يطلقون عليه باحثو ديب مايند اسم "شبكة الاستعلام المولّدة" GQN؛ ينظر إلى المشهد من زوايا متعددة ويمكنه بعد ذلك أن يصف كيف سيبدو من زاوية أخرى.

قد يبدو الأمر تافهاً، ولكنه يتطلب قدرة متطورة نسبياً للتعرف على العالم المادي. خلافاً للعديد من أنظمة الرؤية بتقنيات الذكاء الاصطناعي، فإن برامج ديب مايند يحاول إدراك المشهد الذي يتعامل معه كما يفعل الإنسان العادي. حتى وإن كان هناك شيء محجوب جزئياً عن الرؤية، على سبيل المثال، فبإمكانه أن يستنتج الجزء المكمّل للمشهد.

في نهاية المطاف، قد تلعب هذه التكنولوجيا دوراً مساعداً من خلال استخدامها كأساس لمستوى أكثر عمقاً من الذكاء الاصطناعي، مما يسمح للآلات بوصف العالم المادي واستنتاج مكوناته بقدرات بالغة التطور.

قام عالم الأبحاث في ديب مايند، علي إسلامي، رفقة زملائه باختبار مقاربة تعتمد على 3 إعدادات افتراضية: سطح طاولة يشبه المبنى، ذراع روبوتية افتراضية، ومتاهة بسيطة التعقيد. يستخدم النظام اثنتين من الشبكات العصبونية؛ حيث تقوم إحداها بالتعلم، في حين تتولى الأخرى مهمة توليد أو "تخيل" رؤى منظورية جديدة من زوايا مختلفة. يلتقط النظام جوانب المشهد، بما في ذلك أشكال الكائن الظاهر، مواضعه، وألوانه، وذلك باستخدام التمثيل بالمتجهات، ما يمنحه كفاءة نسبية.

يمثل هذا العمل نوعاً من الاتجاه الجديد بالنسبة لديب مايند، وهي التي صنعت اسمها بفضل تطوير برامج قادرة على تنفيذ أعمال مذهلة، بما في ذلك تعلم الطرق التي تلعب بها لعبة "جو" اللوحية المعقدة والمجردة. فالمشروع الجديد يعتمد على الأبحاث الأكاديمية الأخرى التي تسعى إلى محاكاة الإدراك والذكاء عند البشر باستخدام وسائل حسابية مماثلة.

يقول جوش تيننبوم، البروفيسور الذي يرأس مجموعة العلوم الإدراكية الحاسوبية في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (إم آي تي): "إنها خطوة قيمة وفي الاتجاه الصحيح".

يقول تيننبوم إن القدرة على التعامل مع المشاهد المعقدة بطريقة تركيبية مثيرة للإعجاب، ولكنه يضيف بأن المقاربة تظهر نفس القيود التي تعاني منها طرق التعلم الآلي الأخرى، بما في ذلك الحاجة إلى كمية هائلة من بيانات التدريب، حيث يقول: "لا يزال الجدل دائراً حول قدرة هذا الأسلوب على تقديم حل شامل للمشكلة".

يقول سام جيرشمان، الذي يرأس مختبر علم الأعصاب الإدراكي الحاسوبي في جامعة هارفارد؛ إن عمل ديب مايند يجمع بين بعض الأفكار الهامة حول الكيفية التي يعمل بها الإدراك البصري عند البشر. ولكنه يشير إلى أن هذا النظام مثلما هو حال غيره من برامج الذكاء الاصطناعي، محدودٌ بعض الشيء، حيث أن بإمكانه الإجابة فقط على استفسار وحيد: كيف سيبدو مشهد معين من زاوية نظر مختلفة؟

يقول جيرشمان: "في المقابل، يستطيع البشر أن يجيبوا عن مجموعة لا حصر لها من الاستفسارات حول مشهد معين". ويضيف: "كيف سيبدو مشهد معين إذا قمت بتحريك الدائرة الزرقاء قليلاً نحو اليسار، أو رسمت المثلث الأحمر من جديد، أو سحقت المكعب الأصفر؟".

يقول جيرشمان إنه ليس واضحاً ما إذا كان بالإمكان اعتماد مقاربة ديب مايند للإجابة عن أسئلة أكثر تعقيداً، أو ما إذا كان هناك حاجة محتملة لاتباع مقاربة مختلفة تماماً.