يتطور الذكاء الاصطناعي بوتيرة سريعة حاملاً معه وعداً بزيادة الكفاءة والإنتاجية، لكنه يثير أيضاً مخاوف متزايدة بشأن مستقبل العمل. آخر من تحدث عن هذه المخاوف هو داريو أمودي، الرئيس التنفيذي لشركة أنثروبيك الأميركية المتخصصة في تطوير الذكاء الاصطناعي، أمودي دق ناقوس الخطر وقال إن المخاوف بشأن سرقة الذكاء الاصطناعي الوظائف مبررة.
بحسب أمودي، قد يؤدي الذكاء الاصطناعي إلى القضاء على نصف الوظائف الإدارية خلال السنوات الخمس المقبلة. نحن نتحدث عن وضع إذا حدث فقد يتسبب في ارتفاع معدلات البطالة إلى مستويات تتراوح بين 10% و20%، مع ما يترتب على ذلك من عواقب اقتصادية واجتماعية.
اقرأ أيضاً: ما هي المهن التي لن يحل محلها الذكاء الاصطناعي التوليدي؟
ما الذي قاله أمودي؟
قال داريو أمودي لموقع أكسيوس في مقابلة نشرت يوم الأربعاء: "نحن كمنتجين لهذه التكنولوجيا من واجبنا والتزامنا أن نكون صادقين بشأن ما هو قادم".
وأضاف الرئيس التنفيذي أنه يتوقع ارتفاع معدل البطالة بنسبة تتراوح بين 10% و20% خلال السنوات الخمس المقبلة، وأنه يرغب في مشاركة مخاوفه مع الحكومة الأميركية وشركات الذكاء الاصطناعي الأخرى لتحضير البلاد للمستقبل.
وأشار أمودي إلى أن معظم الموظفين والعمال للأسف يجهلون أن هذا التغيير على وشك الحدوث، والكثير منهم سمعوا بذلك لكنهم لا يصدقون أنه سيحدث على الرغم من أن تطوير نماذج اللغات الكبيرة جرى بسرعة هائلة لدرجة أنها أصبحت قادرة على مضاهاة الأداء البشري بل وحتى تجاوزه.
أمودي ذكر أن الحكومة الأميركية تعرف ذلك لكنها التزمت الصمت خوفاً من ذعر العمال والموظفين أو تخلف البلاد عن الصين في سباق الذكاء الاصطناعي، وقال إن على شركات الذكاء الاصطناعي والحكومة الأميركية التوقف عن تجميل مخاطر الإلغاء الجماعي للوظائف في قطاعات التكنولوجيا والتمويل والقانون والاستشارات.
وفي مقابلة أجراها يوم الخميس مع شبكة سي إن إن، قال أمودي: "بدأ الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في المهام الفكرية كلها تقريباً، وسنعمل جميعاً كمجتمع على مواجهته". وأضاف: "سيتحسن الذكاء الاصطناعي ليتفوق على كل ما يفعله الجميع، بما في ذلك ما أفعله أنا، وما يفعله الرؤساء التنفيذيون الآخرون".
على الرغم من هذا التأثير السلبي الواضح، قال أمودي إنه لا يمكن ببساطة إيقاف قطار الابتكار، لكن من الممكن توجيهه نحو مسار أقل صدمة. المفتاح هو التحرك الآن، من خلال زيادة الوعي العام ومساعدة العمال والموظفين على فهم واستغلال إمكانات الذكاء الاصطناعي، وقبل كل شيء التدخل بسياسات هادفة لإدارة عملية الانتقال القادمة.
اقرأ أيضاً: ما الوظائف الجديدة التي سيخلقها الذكاء الاصطناعي؟
البيانات تؤكد ما قاله أمودي
تأتي تعليقات أمودي في الوقت الذي انخفض فيه توظيف شركات التكنولوجيا الكبرى للخريجين الجدد بنحو 50% عن مستويات ما قبل جائحة كوفيد-19، وفقاً لتقرير صادر عن شركة رأس المال الاستثماري سيغنال فاير، الذي أرجع ذلك جزئياً إلى الاعتماد على الذكاء الاصطناعي.
وفي عام 2023، اجتاحت موجة تسريحات جماعية قطاع التكنولوجيا، ألغيت فيها مئات الآلاف من الوظائف في ظل سعي الشركات لخفض التكاليف.
وأشار تقرير سيغنال فاير إلى ارتفاع في معدلات التوظيف بالمناصب المتوسطة والعليا خلال العام نفسه، في حين لم تشهد الوظائف الأساسية انتعاشاً ملحوظاً.
وأشار تقرير سيغنال فاير إلى أن شركات التكنولوجيا تعطي الأولوية لتوظيف المزيد من المحترفين أصحاب الخبرة في حين يستطيع الذكاء الاصطناعي فعل ما كان يفعله المتدربون والخريجون الجدد.
اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي وشبح تهديد الوظائف: كيف تتأقلم الحكومات؟
ما هي الحلول المقترحة؟
إن الخطر الحقيقي يكمن في أن التغيير سيكون سريعاً للغاية بحيث لا يسمح بتحويل القوى العاملة التي ستسرح أو نقلها لوظائف أخرى أو تدريبها لتكون قادرة على إيجاد فرص أفضل.
بحسب أمودي، الحل لن يكون من خلال إيقاف قطار الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، بل من خلال السير مع هذا القطار، أي بزيادة الوعي من جانب الحكومات والشركات.
هناك حاجة ملحة إلى الاستثمار في تدريب الموظفين والعمال ومساعدتهم على تطوير مهارات رقمية ليكونوا قادرين على الاستفادة من إمكانات الذكاء الاصطناعي، بالإضافة إلى تعزيز سياسات الحماية الاجتماعية لمنع التسريح التعسفي. بهذه الطريقة فقط سيكون من الممكن أن يسير قطار الذكاء الاصطناعي بنا نحو مستقبل تكون فيه التكنولوجيا المتقدمة أداة لمساعدة البشر وزيادة الإنتاجية، وليست بديلاً عنهم.