ما هو دور الواقع الافتراضي في بناء مدن المستقبل؟

3 دقائق
كيف يساعد الواقع الافتراضي في بناء مدن المستقبل؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Elnur

ترتبط تكنولوجيا الواقع الافتراضي بشكل شائع حتى الآن بمجال الألعاب والترفيه، حيث يختبر اللاعبون عوالم غامرة ومثيرة يتم إنشاؤها بواسطة الحاسوب. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي التكنولوجيا أيضاً دوراً حيوياً في إحداث ثورة في العديد من المجالات الأخرى، من ضمنها إعادة تشكيل الحياة الحضرية ومدن المستقبل.

حيث إن هناك مجتمعاً كاملاً من مصممي ومهندسي ومطوري برامج الواقع الافتراضي يأملون في إنشاء مدن ومجتمعات مستقبلية لم نكن نحلم بها من قبل، وإعطاء الفرصة للقيام بأشياء اعتقدنا أنها مستحيلة، ومنحنا تجارب مختلفة لاستكشاف المدن قبل بنائها بالفعل، وتقديم نماذج افتراضية يمكن لها أن تكون واقعاً حقيقياً يبدو قريباً.

الواقع الافتراضي سيغير الطريقة التي نخطط بها لبناء مدن ذكية ومستدامة

تقدم لعبة الواقع الافتراضي ساستاين أيه سيتي (Sustain-a-city) للاعبين فرصة الدخول إلى مدينة افتراضية؛ حيث يُطلب من اللاعب التصرف بحكمة في الموارد المتاحة لديه، بما في ذلك الطاقة والطرق والممرات المائية والمنازل السكنية والمباني التجارية لبناء مدينة مزدهرة وصالحة للعيش. وتهدف اللعبة لإثبات أهمية مفهوم التخطيط الحضري المستدام.

وبمثل هذا المفهوم، تُستخدم تكنولوجيا الواقع الفعلي في التخطيط لبناء مدن المستقبل بشكل أكثر احترافية، تتيح للمخططين والمهندسين التخطيط مسبقاً لشكل المدينة، وكيفية توزيع المرافق والخدمات، والعديد من الاستخدامات الأخرى منها:

  • جولة افتراضية قبل الشراء

تكنولوجيا الواقع الافتراضي هي تطور لتكنولوجيا النمذجة ثلاثية الأبعاد؛ حيث توفر النماذج ثلاثية الأبعاد عرضاً تفصيلياً للمساحة، لكن الواقع الافتراضي يُمكّن الأشخاص من الانغماس في تفاصيل هذه المساحة، فمن خلال الواقع الافتراضي، يمكن للمستأجرين أو أصحاب المنازل القيام بجولة في منازلهم المستقبلية وكذلك البيئة المحيطة بها، مثل المباني والحدائق المجاورة، وحركة المشاة على ممرات المشاة، وحركة مرور المركبات في الشوارع.،حيث يمكنهم المشي عبر مساحة منازلهم ومحيطها كما لو كانوا هناك بالفعل. على سبيل المثال، تقدم شركة العقارات سوثبي (Sotheby) للعملاء المحتملين إمكانية القيام بجولات افتراضية لفحص منازلهم المستقبلية من خلال الانغماس في بيئات افتراضية عالية الدقة.

بالإضافة إلى ذلك، فإن الفرص التي يفرضها الواقع الافتراضي في عالم تكنولوجيات البناء لا حدود لها، بالنسبة للمهندسين المعماريين والشركات. توفر التكنولوجيا طريقة لتصور العناصر الداخلية والخارجية مع مراعاة العوامل المختلفة التي قد يكون لها تأثير على التصميم والبناء، حيث يمكن للمهندسين رؤية تراكب عناصر مثل الضوء والحرارة وميزات السلامة وأدوات التحكم في الأمان ومحاكاتها في بيئة واقع افتراضي لتقييم آثارها وتحديد مجالات التحسين.

اقرأ أيضاً: دراسة في الشرق الأوسط: الواقع الافتراضي يوفّر بيئة أفضل لتدريب العمال على إجراءات السلامة

  • رؤية البيئات الافتراضية عن بُعد

تستخدم تكنولوجيا الواقع الافتراضي في إعادة إحياء بيئات الواقع الافتراضي. حيث يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز التعاون الفعّال بين فرق المشروع عن بُعد، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن يكون مفيداً بشكل خاص للتعاون في المشاريع بين عدة فرق بغض النظر عن موقعها الجغرافي، وخاصة في المناطق التي يصعب الوصول إليها.

على سبيل المثال، تستخدم المنظمة غير الربحية تغير البناء (Build Change) تكنولوجيا الواقع الافتراضي كجزء من جهود إعادة البناء في نيبال، حيث تساعد المنظمة المجتمعات على بناء منازل ومدارس مقاومة للكوارث من خلال إنشاء برنامج جولة افتراضية في قرية الفيل في نيبال لإظهار مدى الضرر الناجم عن زلازل 2015، ومساعدة الفرق في الموقع وخارجه على فهم التغييرات اللازمة لتعديل المنازل المتضررة من الزلزال بشكل فعّال.

  • تحسين المناظر الطبيعية الحضرية

تستخدم تكنولوجيا الواقع الافتراضي بشكل بارز في إعادة إحياء المناظر الطبيعية الحضرية للمدن وإشراك المجتمعات في ذلك. على سبيل المثال ،استخدم الباحثون في جامعة ولاية كارولينا الشمالية تكنولوجيا الواقع الافتراضي لدراسة كيف ينظر سكان المدن إلى المساحات الخضراء في بيئات حضرية معينة، حيث وجدوا أنه في ساحة وسط المدينة الافتراضية، أفاد المشاركون برغبتهم في أن يكونوا محاطين بأكبر قدر ممكن من النباتات الخضراء.

بينما في متنزه الحي الافتراضي، فضّلوا العكس، من خلال رفضهم وجود نباتات محيطة بهم؛ والتي تجعلهم يشعرون بعدم الأمان. وبهذه الطريقة يمكن للمهندسين المعماريين والمخططين اتخاذ قرارات أكثر استنارة عندما يتعلق الأمر بالتصميم الحضري.

  • الواقع الافتراضي كأداة للمشاركة المجتمعية

بالنسبة للمخططين الحضريين، يمكن أن يكون الواقع الافتراضي وسيلة لإشراك المجتمعات في مشاريع التنمية الحضرية وبناء مدن المستقبل. بدلاً من الخطط المعمارية المعتادة ثنائية الأبعاد ونماذج المقياس ثلاثية الأبعاد، يمكن أن توفر المحاكاة الافتراضية رؤية أكثر واقعية، ما يسمح للمواطنين بالتفاعل مع المشاريع واستكشافها؛ ومن ثم يمكنهم بعد ذلك تقديم ملاحظات أكثر فعالية.

على سبيل المثال، أنشأت شركة سكك الحديد في مدينة كانبرا الأسترالية برنامج جولة باستخدام تكنولوجيا الواقع الافتراضي لتطوير السكك الحديدية؛ حتى يتمكن السكان من مشاركة وجهات نظرهم حول الطرق والتوقفات والتغييرات الأخرى، بالإضافة إلى ذلك تم إنشاء تجارب افتراضية لمعرفة الشكل الذي ستبدو عليه محطة الحافلات المكتملة والمنطقة المشتركة ووسط المدينة وإبداء آرائهم. وفي المملكة المتحدة، وفّرت بلدية لندن برنامج جولة عبر الواقع الافتراضي للدراجين لاقتراح ممر للدراجات وتحسينات أخرى في معظم شوارع لندن شديدة الازدحام.

اقرأ أيضاً: كيف يتم توظيف الواقع الافتراضي لاكتشاف الهوية الصوتية والشمية للمدن؟

وأخيراً، مع النمو القادم لسوق تكنولوجيا الواقع الافتراضي، والمتوقع له أن يصل إلى 114 مليار دولار بحلول عام 2027 بمعدل ارتفاع يصل إلى 25% في جميع أنحاء العالم، فإن العقارات أو منشآت البناء بشكل عام تعتبر واحدة من الصناعات التي من المتوقع أن تشهد أكبر قدر من الاستثمار في تكنولوجيا أو محتوى الواقع الافتراضي خلال الفترة المقبلة، وهو ما يُمكّن المخططين والمهندسين من بناء مدن مستقبلية مستدامة ومرنة قابلة للتوسع بطرق حديثة وآمنة.

المحتوى محمي