كيف يمكننا أن نميّز الموجة الثانية من تفشي فيروس كورونا؟

3 دقائق
مصدر الصورة: باتريك أسالي عبر أنسبلاش

بعدما بدأت العديد من الدول تستعيد السيطرة على أجزاء بسيطة من الحياة الطبيعية، يخشى الباحثون من حدوث موجة ثانية لجائحة كورونا، التي أدت إلى نتائج وخيمة اقتصادياً وأزهقت الكثير من الأرواح. قسم فيروس كورونا العالم إلى جزئين: بعض الدول تمكنت من السيطرة على منحنى عدد الإصابات لديها، وذلك على غرار دول البلطيق وفنلندا ونيوزيلندا، بينما ما زالت كلٌّ من الولايات المتحدة الأميركية والبرازيل والهند يشهدون إصابات تبلغ الآلاف من المواطنين لديهم.

"ستدمر الموجة الثانية من كورونا الاقتصادَ البريطاني"، بهذه العبارة افتتحت صحيفة ذا جارديان البريطانية حديثَها عن الموجة الثانية من وباء كورونا. التخوف من حدوث الموجة دفع الصحف العالمية إلى التطرق إليها، وتمكن بعض خبراء الأوبئة في وضع شروط معيّنة لتمييزها عن الموجة الأولى. علماً بأن هنالك علماء يرون أن من الصعب التمييز بينهما، ولكن ثمة نقاط عدة يمكن الركون إليها لفصل الموجتين عن بعضهما البعض.

ما أبرز أسباب الموجة الثانية؟

  • لاحظ علماء أن جائحة كورونا لم تُحدث تغيراً ملحوظاً في سلوك البشر، فبمجرد رفع القيود عادت الحانات والمطاعم والمقاهي مكتظة بالبشر دون إجراءات وقائية صارمة.
  • لم يكتسب 65% من السكان المناعةَ الجماعية؛ فبالعودة إلى التاريخ، نجد أن الأوروبيين لم يصلوا إلى نسبة مرتفعة جداً من مناعة القطيع إلا بعد الموجة الثالثة من الأنفلونزا الإسبانية، مما ساهم في القضاء على الوباء قبل قرن من الآن.
  • لقد أتى موسم الصيف مترافقاً مع قيام عدد من الدول برفع القيود، ولكن من جهة أخرى ما زالت الجائحة تحصد آلاف الأرواح يومياً في دول مختلفة حول العالم.
  • عجز المدن الكبرى عن مكافحة الوباء؛ فعلى صعيد الولايات المتحدة، يمكن رصد الموجة الثانية من خلال مقارنة نسبة الإصابات في المدن الكبرى. ففي الوقت الذي انخفض فيه منحنى الإصابات في ولاية نيويورك، أخذ منحنى الإصابات في ولاية كاليفورنيا يرتفع منذ بداية يونيو.

كيف نميّز الموجة الثانية عن موجة التفشي الأولى؟

  • يظهر التاريخ أن الموجة الثانية تحدث بعد ستة أشهر من الموجة الأولى.
  • بحسب عالمة الأوبئة الكندية سنتيا كارا، يمكننا معرفة أننا دخلنا في موجة تفشٍّ جديدة ومنفصلة عن الموجة الأولى حين تظهر بعدة مدة زمنية حالات إصابات جديدة في المناطق التي تم الإعلان عن أنها خالية من الإصابات.
  • دراسة يابانية قالت إنه يمكن معرفة الموجة الثانية في حال أصيب 0.5% من كل 100.000 شخص.
  • في حال تشكلت قمة جديدة في منحنى عدد الإصابات بعد أن كان متقعراً ومستداماً لأسابيع عديدة، فيدل ذلك تلقائياً على دخول منطقة معينة في موجة ثانية.
  • إذا عاود الفيروس الظهور في المدن الكبرى بعد أن انخفض معدل الإصابات فيها إلى حدوده الدنيا.
  • عدد الذين اكتسبوا مناعة جماعية بلغ 10%؛ لذلك يرى الطبيب البريطاني مايك تيلدسلي أن نسبة الذين يُرجح إصابتهم مجدداً مرتفع جداً.
  • مراقبة قيمة (R)، وهي قيمة رياضية يمكن احتسابها بعد رصد حالة مصاب بكورونا وفحص الأشخاص الذين تخالط معهم. في الحالات التي يكون فيها منحنى الإمنخفضاً تكون القيمة أقل من اثنين، أي أن المصاب نقلَ العدوى لشخص واحد فقط، بينما في حال كانت القيمة أكثر من 3 فهذا يعني أن الفيروس عاد للتفشي مجدداً.

الموجة الثانية سببها العودة إلى الحياة الطبيعية

تُجمع مجموعة من العلماء على أن رفع القيود عن الحجر المنزلي سيؤدي إلى الموجة الثانية؛ ففي منتصف شهر يونيو، جذبت كوريا الجنوبية انتباهَ العالم حين صرّح رئيس حكومتها بأن البلاد قد دخلت في الموجة الثانية من الجائحة. تعد كوريا الجنوبية أولَ دولة تدخل في الموجة الثانية، ومن المتوقع أن تليها كندا.

انطلقت الموجة الأولى في كوريا الجنوبية في شهر فبراير الماضي، واستمرت إلى شهر مارس الذي وصل فيه معدل الإصابة إلى 1060 في اليوم، بينما تمكنت الحكومة الكورية من تسطيح المنحنى في شهر أبريل، الذي شهد انخفاضاً ضخماً حين وصلت معدلات الإصابة اليومية إلى أقل من 10 إصابات في اليوم، ولكن في شهر مايو عاد المنحنى ليرتفع مجدداً، وسجلت في 28 يونيو إصابة حوالي 60 شخصاً. وكان جونغ إيون كيونج، مدير المركز الكوري للسيطرة على الأوبئة، قد أكّد على أن زيارة الملاهي الليلة والمطاعم كان سبباً في دخول العاصمة سبول في الموجة الثانية لتفشي الفيروس.

قبل أيام وجيزة، بدأت الصحف الصينية واليابانية تتحدث عن دخول الصين واليابان في موجة ثانية، وقالت صحيفة جابان تايمز (japan times) أن الرعب يسيطر على سكان طوكيو بعد الارتفاع الحاد في أرقام الإصابات في شهر يونيو، وتم الإشارة إلى أن ظهور الفيروس من جديد سببه عودة الحياة الطبيعية للمطاعم والمقاهي التي تكثر فيها التجمعات البشرية.

من جهة أخرى يجري النقاش حول الموجة الثانية في كندا، خصوصاً أن البلاد بدأت تستعيد عافيتها الاجتماعية ونشاطها الاقتصادي، وذلك على ضوء تدنّي معدل الإصابات في المقاطعات التي ضربها الفيروس بقوة كمقاطعة جزيرة الأمير إدوارد ومقاطعة نيوفاوندلاند ولابرادور، فكلتا المقاطعتين لم تشهدا على إصابات جديدة في الأسبوعين الأخيرين.

كذلك فشلت العاصمة بكين في استمرار رفع الحظر؛ فبعد مرور 50 يوماً لم تسجل فيها بكين أية إصابة جديدة، عادت المدينة إلى الحظر مجدداً بعدما رُصدت إصابات جديدة بالفيروس، وقد عمدت الحكومة إلى إغلاق أكبر سوق نتيجة تسجيل حوالي 517 إصابة في السوق وحده، بينما فرضت حظر تجول على 11 منطقة محيطة بالسوق، وبدأ يخضع 11 ألف موظف لاختبارات كورونا. 

كما تبدو إيران ضمن دائرة البلدان التي ستشهد موجة تفشٍّ جديدة؛ فبعد انخفاض المنحنيات لديها إلى مستويات معقولة لمدة شهر كامل، عادت الإصابات لترتفع وتتخطى الموجة الأولى؛ إذ كان أعلى رقم للإصابات في الموجة الأولى 3186 إصابة، وذلك في تاريخ 30 مايو، بينما بلغت الإصابات 3574 في 4 يونيو.

المحتوى محمي