ما هي المهارات التقنية التي يجب أن يكتسبها كل مدير في 2025؟

6 دقيقة
ما هي المهارات التقنية التي يجب أن يكتسبها كل مدير في 2025؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Aree_S

يواجه المدراء اليوم مشهداً مختلفاً تماماً عما كان عليه قبل بضع سنوات، إذ أصبح نهج العمل عن بعد والعمل الهجين هو السائد الآن، ويتسارع التحول الرقمي وتدخل الأدوات التكنولوجية في كل جزء تقريباً من بيئة العمل. في هذه البيئة المتطورة لم يعد بإمكان المدراء الاعتماد فقط على الحدس أو مهارات التعامل التقليدية، بل ينبغي أن يكونوا أيضاً خبراء في استخدام الأدوات التكنولوجية وفهم المفاهيم المرتبطة بها.

بعبارة أخرى سيكون المدير الناجح هو الذي يستطيع الاستفادة من التكنولوجيا لاتخاذ قرارات أكثر ذكاءً والحفاظ على المرونة في مواجهة التغيرات الجذرية. ومع استمرار تطور التكنولوجيا ينبغي أن يحرص على تنمية المهارات التقنية اللازمة للتنقل في بيئة العمل الحديثة.

في هذا المقال سنتعرف إلى أبرز المهارات التقنية التي ينبغي أن يمتلكها كل مدير للقيادة بفاعلية في بيئة عمل أصبحت تعتمد كلياً على التكنولوجيا.

لماذا يعد اكتساب المهارات التقنية ضرورة ملحة لمدراء اليوم؟

في سياق الإدارة لا تعني المهارات التقنية بالضرورة القدرة على كتابة الأكواد البرمجية، بدلاً من ذلك يركز التعريف على كيفية الإلمام بالمفاهيم الرقمية واستخدام الأدوات التكنولوجية والاستفادة منها، مثل أدوات تحليل البيانات وأدوات التعاون والاتصال والمعرفة الكافية عن مفاهيم مثل الأمن السيبراني والخدمات السحابية.

حسب تقرير مستقبل الوظائف لعام 2023 الذي أعده المنتدى الاقتصادي العالمي، فإن محو الأمية التكنولوجية تعد من بين أهم 10 مهارات أساسية مطلوبة في المستقبل. وترجع أهمية ذلك إلى التحول السريع الذي تشهده بيئات الأعمال. فوفقاً للتقرير نفسه من المتوقع بحلول عام 2027 أن تعتمد أكثر من نصف الشركات في العالم البيانات الضخمة والحوسبة السحابية والذكاء الاصطناعي في عملياتها التشغيلية، ما يجعل اكتساب المهارات الرقمية للمدراء ضرورة أساسية لا اختيارية ليتمكنوا من اتخاذ القرارات القائمة على البيانات وتبسيط سير العمل.

بالإضافة إلى ذلك، تفضل الشركات بشكل متزايد المهارات التقنية على الشهادات الجامعية التقليدية، إذ كشف استطلاع اتجاهات التوظيف لعام 2024 الذي أعدته شركة ريسيوم جينيس، أن 65% من مدراء التوظيف يفضلون توظيف المرشحين بناءً على مهاراتهم حتى لو كانوا يفتقرون إلى خبرة العمل التقليدية، ما يؤكد أهمية امتلاك المدراء المهارات التقنية ذات الصلة وتطويرها باستمرار ليظلوا قادرين على المنافسة.

كما يتوقع موظفو اليوم أن يكون المدير بارعاً من الناحية التكنولوجية، ما يعني أنه ينبغي له الاستفادة من الأدوات الرقمية للتواصل والتعاون وإدارة الأداء، ويتطلب هذا التحول منه أن يكون ملماً باستخدام التقنيات المختلفة لتلبية توقعات فرق العمل والحفاظ على الإنتاجية.

ما هي المهارات التقنية المهمة التي ينبغي أن يتقنها عام 2025؟

ليس بالضرورة أن يكون المدير مبرمجاً أو عالم بيانات، لكنه بحاجة إلى فهم عملي لكيفية استخدام الأدوات التكنولوجية والفهم العميق لبعض المفاهيم المرتبطة بها، ما يتطلب منه تنمية مهاراته باستمرار، ومن أهم المهارات التقنية المطلوب إتقانها:

1- تحليل البيانات وتفسيرها: تحويل البيانات إلى رؤى قابلة للتطبيق

تعد القدرة على قراءة البيانات وتفسيرها أمراً بالغ الأهمية لمدير اليوم، إذ إن القدرة على فهم الرسوم البيانية واستخلاص الرؤى من التقارير وطرح الأسئلة الصحيحة يعزز اتخاذ القرارات الجيدة. ووفقاً لاستطلاع أجرته شركة داتا كامب عام 2024، فإن 86% من قادة الأعمال يرون أن القدرة على تفسير البيانات مهمة للغاية لتوجيه فرقهم، و69% يقولون الشيء نفسه بالنسبة للذكاء الاصطناعي.

هذا يعني أن المدير الذي يمتلك القدرة على تحليل البيانات وتفسيرها يمكنه اتخاذ قرارات فعالة مثل رصد اتجاهات المبيعات أو العمليات أو آراء العملاء بسرعة وتعديلها وفقاً لمتغيراتها. على سبيل المثال، المدير الذي يستطيع تحليل بيانات المبيعات وتفسيرها مثل ملاحظة انخفاضها في منطقة ما، يمكنه اتخاذ القرار بشكل أسرع وأكثر ثقة من مدير ينتظر تقريراً من موظفيه.

اقرأ أيضاً: 5 من أهم الدورات التدريبية في مجال تحليل البيانات

2- أدوات التعاون الرقمي: القدرة على التنقل في بيئة عمل معقدة

تتطلب إدارة فرق العمل المنتشرة في أنحاء العالم كافة أساليب عمل جديدة، لذا ينبغي للمدير إتقان استخدام أدوات التعاون والتواصل الرقمية التي تبقي الفرق متصلة ومنتجة، إذ أفاد نحو 71% من القادة بأن استخدام أدوات التعاون يزيد رضا الموظفين.

يعني هذا أن المدير الذي ينمي مهارات استخدام أدوات التعاون الرقمي لديه إمكانية كبيرة في إدارة الفرق وتوجيهها بكفاءة، بما في ذلك السلاسة في تسليم المشاريع والتواصل الواضح والقدرة على تحفيز موظفيه، حتى لو كانوا منتشرين عبر مناطق زمنية مختلفة.

3- فهم أساسيات الأمن السيبراني: حماية الحدود الرقمية

مع تحول الشركات إلى الاعتماد المتزايد على الأدوات الرقمية المتصلة، يصبح كل مدير مسؤولاً عن الأمن السيبراني بشكل مباشر، إذ يعد الوعي الأساسي بمفاهيم الأمن السيبراني مثل أنواع التهديدات الشائعة وتطبيق احتياطات الأمان المتقدمة وضمان تخزين البيانات والتعامل معها بمسؤولية ومراقبتها بانتظام وحماية المعلومات الحساسة أمراً ضرورياً لكل مدير.

وهذا يعني أن المدير بحاجة إلى فهم أساسي لمبادئ الأمن السيبراني، ليس فقط لحماية البيانات ولكن لتضمين اعتبارات الأمان بشكل استباقي في القرارات التشغيلية والاستراتيجية كلها، إذ يعد هذا النهج الشامل أمراً بالغ الأهمية للتخفيف من المخاطر وبناء مرونة تنظيمية قوية ضد مشهد التهديدات السيبرانية الداخلية والخارجية المتطورة باستمرار.

4- الذكاء الاصطناعي والأتمتة: تطوير علاقة استراتيجية لتحسين الكفاءة

تعيد تقنيات الذكاء الاصطناعي والأتمتة صياغة آلية إنجاز العمل، في هذه الحالة لا يحتاج المدير إلى بناء النماذج بنفسه بل ينبغي أن يمتلك فهماً عميقاً لكيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي، مثل معرفة الفرق بين كيفية عمل أدوات التحليلات التنبؤية والذكاء الاصطناعي التوليدي ومجالات تطبيق كل منهما.

بالإضافة إلى ذلك، ينبغي للمدير استكشاف قدرات الذكاء الاصطناعي المدمجة في المنتجات التي يستخدمها مثل كيفية أتمتة المهام وتفسير جداول البيانات ومواكبة أحدث التقنيات الناشئة، مثل أين يمكن استخدام بوتات الدردشة أو وكلاء الذكاء الاصطناعي لتحسين سير العمل.

5- الحوسبة السحابية: الاستفادة من الحلول القابلة للتطوير

أصبحت معظم الشركات الآن تعمل على السحابة بطريقة ما، إذ تتوقع شركة غارتنر بحلول عام 2028 أن تتحول الحوسبة السحابية إلى مكون ضروري للحفاظ على القدرة التنافسية للأعمال، ما يفرض على الشركات وقادة تكنولوجيا المعلومات تنفيذ نموذج تشغيل سحابي عالي الكفاءة من أجل تحقيق أهداف الأعمال المرجوة.

لذا ينبغي للمدير فهم مفاهيم الحوسبة السحابية الأساسية مثل التخزين القابل للتوسع ونماذج التكلفة (الدفع حسب الاستخدام) والتوازن بين الاستضافة المحلية و الاستضافة السحابية وكيفية إدارتها، ما يمكنهم من التخطيط بشكل أفضل للمشاريع التي تنمو أو تتقلص مع الطلب.

اقرأ أيضاً: كيف غيرت الحوسبة السحابية عالم الأعمال؟

6- أدوات إدارة المشاريع وسير العمل: توجيه المشاريع نحو النجاح

غالباً ما يصبح تنسيق المشاريع أسهل باستخدام الأداة المناسبة، لذا يعد الإلمام بكيفية استخدام منصات إدارة المشاريع مهارة مطلوبة بشدة للمدير تمكنه من إدارة الجداول الزمنية والموارد ومعرفة الأعمال التي يقوم بها الموظفون ومتى، ما يسمح له بتحسين تعاون الفريق وتسريع تسليم المشاريع والتكيف بسرعة مع متطلبات العمل المتغيرة وتحويل تنفيذ المشاريع من عملية صارمة إلى رحلة مرنة وسريعة الاستجابة.

ما هي الفوائد التي يجنيها المدير عند اكتساب مهارات رقمية جديدة وتحسينها؟

اكتساب المهارات التقنية بالنسبة للمدير يمكنه من توجيه فرقه بكفاءة والقدرة على التكيف وبناء الثقة بين الموظفين المتمرسين في مجال التكنولوجيا، ويعطي انطباعاً بين الموظفين بأن قائدهم "يفهم" الأمر، ما ينعكس إلى فوائد ملموسة تدفع النجاح في العصر الرقمي.

- تعزيز اتخاذ القرار: المدير الذي لديه مهارات تقنية قوية لا سيما في مجال تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي، في وضع أفضل لقيادة الفرق والانتقال إلى اتخاذ القرارات القائمة على البيانات، ما يؤدي إلى نتائج أكثر قوة ونجاحاً.

- زيادة الكفاءة والإنتاجية: تسهم المهارات التقنية لا سيما في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي والأتمتة بشكل مباشر في تحقيق مكاسب كبيرة في الكفاءة والإنتاجية، ما يسمح للمدير بالتركيز على مسؤوليات استراتيجية أكثر تعقيداً.

اقرأ أيضاً: كيف تسهم التكنولوجيا في تصميم هيكل تنظيمي وثقافة مؤسسية أكثر كفاءة؟

- الابتكار والقدرة التنافسية: يضمن الوعي بكيفية استخدام الأدوات التكنولوجية خاصة الأدوات المدعومة بالذكاء الاصطناعي للمدير الاستفادة من التقنيات الجديدة بدلاً من الخوف منها، ما يمكنه من تجنب إهدار الموارد وتحقيق قيمة أعمال جديدة.

- التخفيف من المخاطر والمرونة: إن فهم الفروق الدقيقة في أنظمة الأمان المدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن المدير من بناء المرونة وتحديد المخاطر وتقييمها والتخفيف من حدتها بشكل استباقي، وضمان استمرارية الأعمال حتى في مواجهة التحديات غير المتوقعة.

- تحسين إنتاجية فرق العمل: إن المدير الذي يمتلك فهماً قوياً للتكنولوجيا وأدواتها قادر على قيادة فرق العمل بشكل أفضل وتعزيز قدراتها وإنتاجيتها الإجمالية ومشاركتها وقابليتها للتكيف.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم التكنولوجيا لتحسين إدارة فريقك؟ أدوات عملية لمدير ذكي

نصائح للحصول على مهارات تقنية تدعم مسيرتك القيادية

  • التسجيل في المنصات عبر الإنترنت التي تقدم دورات للتعلم للحصول على المعرفة الكافية واكتساب المهارات التقنية.
  • البحث عن معسكرات تدريبية قصيرة أو ورش عمل في مجالات مثل تحليلات البيانات أو الذكاء الاصطناعي لزيادة معرفتك.
  • التعاون مع مسؤول تكنولوجيا المعلومات أو محلل بيانات في الشركة ومتابعتهم لمعرفة كيفية تعاملهم مع المشكلات أو الطلب منهم مراجعة كيفية استخدامك لأداة تقنية جديدة.
  • بدء مشاريع صغيرة أو تجربة كيفية تفسير البيانات وحدك أو استغلال كل اجتماع كفرصة لتجربة ميزة تعاون جديدة.
  • حضور أي دورات خارجية أو ورش تدريبية تقدمها الشركة في مجالات التكنولوجيا، وإذا لم تكن موجودة فقدم مبادرة لإقامتها.
  • الانضمام إلى مجموعات مهنية متعلقة بالإدارة والتكنولوجيا، إذ يمكن أن يلهمك الاستماع إلى كيفية حل المدراء الآخرين المشكلات في إنشاء نهجك الخاص.
  • استخدام التدريب الذي يقدمه الشركاء أو تشجيع شركتك على الاشتراك في منصات للتدريب الإداري أو تخصيص دورات دراسية لك.

إذا كنت ترغب في دفع مسيرتك القيادية نحو التطور، ابدأ بدمج المهارات التقنية في أسلوب قيادتك وكن المدير الذي يقدم رؤى البيانات في الاجتماع ويقترح أداة رقمية جديدة لتحقيق الكفاءة ويفهم أساسيات التهديدات السيبرانية، وستكون مجهزاً للقيادة في بيئة عمل مترابط بالخوارزميات والأتمتة.

المحتوى محمي