عبر سلسلةٍ من الفيديوهات المصوّرة ضمن مطبخ منزله في كاليفورنيا، كشف جنسن هوانغ (Jensen Huang)، المدير التنفيذي لشركة إنفيديا، عن مجموعةٍ من الإعلانات الهامة المتعلقة بالجيل الجديد من تقنيات الشركة المرتبطة بمعمارية المعالجة الحاسوبية الجديدة أمبير (Ampere)، وأبرزها إطلاق لوحة المعالجة إنفيديا إيه 100، التي تمثل أقوى لوحة معالجة رسومية على الإطلاق.
تعتبر إنفيديا من أبرز الشركات حول العالم في مجال تصنيع شرائح المعالجة الرسومية (GPUs)، وتوفيرها لحلولٍ رائدة في مجال تطبيقات الذكاء الاصطناعي والحوسبة السحابية ومراكز معالجة البيانات (Data Centers)، ويأتي الإعلان الجديد في وقتٍ تتزايد فيه الاعتمادية على تقنيات الحوسبة السحابية، بالتوازي مع توسع القطاع الصناعيّ المرتبط بمراكز معالجة البيانات، وبحسب الإعلان من المدير التنفيذي للشركة، فإن الحوسبة السحابية تمثل صناعةً ذات قيمةٍ تعادل حوالي 100 مليار دولار، مع نموٍ متوقع قدره 40% في السنة الواحدة. وخلال أزمة فيروس كورونا، تزايدت الاعتمادية على هذا المجال بفضل تحول العديد من الشركات لأسلوب العمل عن بعد والحاجة إلى توفير وسائل تتيح هذا الأمر.
من هذا المنطق وتحت هذه الشروط، أبرز الإعلان أهمية الكشف عن شريحة إيه 100 الجديدة، وهي نمط متقدم وفائق من شرائح المعالجة المستخدمة في المسرّعات الحاسوبية (Computing Accelerators) التي تتضمن قدرات معالجة فائقة، فضلاً عن كونها أبرز قفزة تقنية بين أجيال لوحات المعالجة من إنفيديا، والمخصصة لمراكز معالجة البيانات والحوسبة السحابية.
من الناحية التقنية، تم الاعتماد على تقنية التصنيع بدقة 7 نانومتر من شركة تي إس إم سي (TSMC) لتصنيع ترانزيستورات الشريحة الجديدة، وتم تضمينها بـ 54 مليار ترانزيستور، لتكون أكبر شريحة معالجة تم تصنيعها على الإطلاق من ناحية عدد الترانزيستورات ضمن الشريحة. بالإضافة إلى ذلك، تشتمل الشريحة على ذاكرة عمل بسعة 40 جيجابايت، وقدرة معالجة تبلغ 19.5 تيرافلوب، بالإضافة لتأمين مجال تبادل بيانات على مستوى الذواكر قدره 1.6 تيرابايت بالثانية الواحدة، مع امتلاك الشريحة الجديدة لأنوية معالجة من نوع كودا CUDA يبلغ عددها 6912 نواة معالجة. وبالمقارنة مع الجيل السابق من المسرعات الخاصة بإنفيديا، وهي في 100، نجد أنها تتضمن 21.2 مليار ترانزيستور مع قدرة معالجة تبلغ 15.7 تيرافلوب وتمتلك ذاكرة عمل أعظمية قدرها 32 جيجابايت، وأخيراً عدد أنوية معالجة من نوع كودا قدره 5120 نواة معالجة.
لا تقتصر الميزات المتفوقة التي تتمتع بها الشريحة الجديدة على الخصائص الحاسوبية فقط، فهي تشتمل أيضاً على عددٍ من التقنيات الجديدة من إنفيديا، التي من شأنها تعزيز قدرات المعالجة في مجال الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبونية، وذلك مثل توفير تقنية ميج (MIG) التي تتيح إنشاء وحدات معالجة رسومية متعددة انطلاقاً من وحدة معالجة واحدة، وتقنية تناثر الذكاء الاصطناعي (AI Sparsity) التي تتيح طريقةً لتسريع عمليات المعالجة التي تتم داخل الشبكة العصبونية، عبر تخفيض حجمها الكليّ دون التأثير على آلية وأسلوب العمل، ومن المتوقع أن تتيح هذه التقنية تسريعاً بمعدل مرتين لأداء الشبكات العصبونية. وأخيراً، وفرّت إنفيديا عدداً من صيغ معالجة الأعداد خصوصاً تلك المرتبطة بعمليات معالجة أعداد الفاصلة العائمة (Floating Point Numbers)، مثل نمط تي إف 32 (TF32) المخصص لتسريع عمليات المعالجة المبنية على صيغة إف بي 32 (FP32)، بالإضافة لدعم صيغة إف بي 64 (FP64) وصيغة بي فلوت 16 (bfloat16).
ومن أجل إتاحة الفرصة لاستخدام واستثمار الشريحة الجديدة على أفضل نحوٍ ممكن، قامت إنفيديا بإطلاق لوحة معالجة حاسوبية تحمل أيضاً اسم إيه 100، تمثل لوحة تسريع معالجة يمكن استخدامها في مراكز ومخدمات البيانات. ولم تكتفِ إنفيديا بذلك؛ إذ أعلن المدير التنفيذي للشركة عن إطلاق وحدة المعالجة دي جي إكس إيه 100 (DGX A100) المبنية على لوحة المعالجة إيه 100، وهو الجيل الجديد من أجيال عائلة دي جي إكس (DGX) من إنفيديا والمخصصة لمخدمات البيانات، وهي تمثل المكان الأول الذي سيتم فيه استثمار شريحة إيه 100 الجديدة. تتضمن وحدة المعالجة دي جي إكس إيه 100 ثماني وحدات من لوحة إيه 100، مع سعة تخزين كلية قدرها 15 تيرابايت، بالإضافة لذاكرة عمل بسعة 1 تيرابايت، والتي ستتيح تسريعاً لعمليات المعالجة الخاصة بالحواسيب الفائقة ومخدمات البيانات على نحوٍ غير مسبوق، خصوصاً تلك المعتمدة على خوارزميات الذكاء الاصطناعي والشبكات العصبونية، وأول المستفيدين من نظام المعالجة الجديد مختبر أرغون الوطني في الولايات المتحدة الأميركية، حيث بدأت بالفعل عمليات تنصيب وتشغيل المُخدمات المعتمدة على نظام دي جي إكس إيه 100.
بالرّغم من أهمية الإعلان الخاص بشريحة إيه 100 الجديدة من إنفيديا وقدراتها الحاسوبية الفائقة، فإنها لن تكون مخصصة لمستخدمي الحواسيب المكتبية أو هواة الألعاب؛ اللوحة ضخمة وكبيرة ومخصصة لتطبيقات معالجة متقدمة جداً خارج إطار اهتمام هواة الألعاب أو حتى مصممي الجرافيكس. من ناحيةٍ أخرى، فإن المعمارية الجديدة من إنفيديا (أي أمبير) قد يتم استثمارها لاحقاً من أجل تطوير الجيل الجديد: عائلة المعالجات الرسومية جي فورس (GeForce)، ذات الشعبية العالية جداً بين مستخدمي الحواسيب المكتبية، خصوصاً محبي الألعاب ومصممي الجرافيكس، ولو أنه لا يوجد أي تأكيدٌ رسميّ من إنفيديا حول ذلك.