لماذا قد تخيب آمالنا بالمحيطات كوسط لامتصاص ثنائي أوكسيد الكربون؟

3 دقائق
لماذا قد تخيب آمالنا بالمحيطات كوسط لامتصاص ثنائي أوكسيد الكربون؟
تقوم المحيطات، وبشكل طبيعي، بامتصاص نحو ربع انبعاثات ثنائي أوكسيد الكربون التي ينتجها البشر. حقوق الصورة: غيتي إيميدجيز.

تلعب محيطات العالم دور إسفنجة مذهلة الامتصاص للكربون، فهي تقوم حالياً بالتقاط نحو ربع ثنائي أوكسيد الكربون بشري المنشأ، وذلك عندما تتفاعل المياه السطحية معه، أو تقوم المخلوقات البحرية بامتصاصه حتى تنمو.

وقد أثارت هذه الفعالية بعض الآمال بإمكانية تسريع هذه العمليات الطبيعية بطريقة ما لزيادة المقادير التي تسحبها المحيطات، وذلك على أمل إبطاء التغير المناخي.

وتقوم إحدى الأفكار التي بدأت باجتذاب الاهتمام والاستثمارات على إضافة المواد المعدنية التي يمكن أن تحتبس الكربون المنحل في المحيطات.

قيود على استراتيجية امتصاص الكربون بواسطة المحيطات

ولكن دراسةً نُشرت مؤخراً في مجلة "آفاق في المناخ" (Frontiers in Climate) تشير إلى وجود بعض القيود على إحدى النسخ الواعدة من هذه الاستراتيجية، والتي تعتمد على المادة المعدنية البركانية المعروفة باسم الأوليفين (الزبرجد الزيتوني). فمن الناحية النظرية، يُفترض أن تؤدي إضافة الأوليفين المطحون إلى زيادة قلوية مياه البحر، ما يساعد على تحويل الكربون الموجود في الماء إلى شكل مستقر، ويسمح للمحيطات بامتصاص المزيد من ثنائي أوكسيد الكربون من الغلاف الجوي.

وقد قام باحثون في مركز جيومار هيلمهولتز للأبحاث البحرية في ألمانيا مؤخراً بإذابة رمل مطحون ناعم، يتألف بشكل أساسي من الأوليفين، في مياه بحرية اصطناعية. وعلى مدى 134 يوماً، اكتشف الباحثون أن القلوية نقصت في الواقع. ولهذا السبب، إضافة إلى مجموعة من العوامل الأخرى، فقد نقصت كمية الكربون التي تمتصها المياه بنحو 5 أضعاف مقارنة بالكمية المحسوبة نظرياً بعد إضافة الأوليفين، وفقاً للباحثين.

أيضاً، وجدت مجموعات بحثية أخرى مؤخراً أن إذابة الأوليفين في مياه البحر الاصطناعية والمفلترة ينتج زيادة في القلوية بنسبة أقل من المتوقع، كما لحظت الدراسة. وبشكل مماثل، توصل بحث حديث آخر ما زال يخضع لمراجعة الأقران إلى نتائج محيرة بالنسبة لمواد معدنية أخرى كان من المتوقع أن تعزز قلوية مياه المحيطات.

وفي هذه الأثناء، شككت عدة دراسات إضافية أخرى مؤخراً بمقاربة مختلفة تعتمد أيضاً على المحيطات، وذلك عن طريق استنبات الأعشاب البحرية وإغراقها لامتصاص الكربون وتخزينه.

اقرأ أيضاً: ماذا تعني الجائزة التي أعلن عنها ماسك بقيمة 100 مليون دولار لالتقاط الكربون؟

أهمية تكنولوجيات امتصاص الكربون

إن اكتشاف طريقة فعالة لامتصاص غازات الدفيئة سيكون أمراً بالغ الأهمية في العقود المقبلة. وقد لحظ تقرير حول إزالة الكربون باستخدام المحيطات من الأكاديميات الوطنية في ديسمبر/ كانون الأول 2021 أن العالم قد يحتاج إلى امتصاص 10 مليارات طن إضافية سنوياً بحلول منتصف القرن لإيقاف الاحترار عند درجتين مئويتين.

ويمكن لزيادة قلوية المحيطات، من الناحية النظرية، أن تزيل عشرات المليارات من الأطنان كل سنة لوحدها، وذلك وفقاً للمجموعة البحثية "أوشن فيجنز" (Ocean Visions). ولكن لجنة الأكاديميات الوطنية لحظت أن هذا سيتطلب استخراج الصخور وطحنها وشحنها بمقادير ضخمة على نفس المستويات، ما يمكن أن يؤدي إلى عواقب بيئية وخيمة أيضاً.

لم تقدم الدراسات الجديدة حكماً قاطعاً حول إمكانية استخدام أي من هذه الوسائل فعلياً لتحقيق أهداف إزالة الكربون.

ولكن مايكل فور، وهو أحد مؤلفي دراسة الأوليفين وطالب دكتوراه في جيومار، يقول إن نتائجهم تشير أيضاً إلى أن هذه المقاربة "ليست حتى الآن بالسهولة التي كنا نتوقعها". ويضيف إنها قد تنجح بشكل جيد في بعض الأماكن التي تتمتع فيها المحيطات بتركيب كيميائي مناسب. ويتضمن هذا بعض المناطق منخفضة الملوحة والغنية بالرواسب العضوية، والتي قد تزيد الحمضية.

يقول فور وآخرون إننا سنحتاج إلى المزيد من التجارب المخبرية والعمل الميداني لتحديد مدى فعالية هذه الطرق في العالم الحقيقي، وما هي الشروط المثالية، وإمكانية اكتشاف مواد أخرى أكثر فعالية.

وفي رسالة بالبريد الإلكتروني، قالت ماريا إيلينا فوراث، وهي باحثة في معهد ألفريد ويغينر للأبحاث القطبية والبحرية، إن الدراسة تبين أن عملية الأوليفين لا تجري كما كنا نفترض. ولكنها شددت على أن المواد المعدنية ما زالت "إحدى أكثر الطرق الطبيعية ديمومة وفعالية".

وأكملت في الرسالة قائلة: "نحتاج فقط إلى فهم التفاصيل بدقة"، ولحظت أن مزيج المياه وغير ذلك من المتغيرات في المحيطات الفعلية يمكن أن تغير من النتائج المخبرية.

اقرأ أيضاً: أدنوك تعزز استخدام تكنولوجيا التقاط الكربون

شركات ناشئة في هذا الميدان

كانت شركة "بروجيكت فيستا" (Project Vest)، تخطط لإجراء تجربة ميدانية في البحر الكاريبي لعدة سنوات، وتتضمن نشر رمال الأوليفين على طول الشواطئ أو في المياه الضحلة. وقد كانت تعمل أيضاً على إجراء تجارب مخبرية، واختبارات السموم، والتخطيط لتجارب ميدانية على الساحل الشرقي للولايات المتحدة، كما يقول توم غرين الرئيس التنفيذي للشركة.

بدأت شركة بروجيكت فيستا كمؤسسة غير ربحية، ولكنها تحولت الآن إلى ما يسمى شركة امتيازات عامة، ما يعني أنها تسعى إلى تحقيق الأرباح وتحقيق الفائدة للمجتمع في نفس الوقت. وتأمل الشركة في أنها ستقوم في نهاية المطاف ببيع نقاط الكربون لأي غازات دفيئة مُزالة بواسطة الأوليفين، كما يقول غرين.

أيضاً، تعمل مجموعة من الشركات الناشئة الأخرى على أساليب أخرى لزيادة قلوية المحيطات، وذلك عبر طرائق تتضمن العمليات الكهروكيميائية. ومن هذه الشركات "إيب كربون" (Ebb Carbon) و"بلانيتاري تكنولوجيز" (Planetary Technologies) و "سيتشينج" (Seachange)، وجميعها قامت مسبقاً ببيع الأطنان من الكربون المتوقع إزالته إلى شركات تتضمن "شوبيفاي" (Shopify) و"سترايب" (Stripe).

في هذه الأثناء، دعت لجنة الأكاديميات الوطنية إلى إطلاق برنامج بحثي بقيمة تصل إلى 125 مليون دولار أميركي لدراسة إمكانية تطوير أساليب لتوسيع نطاق هذه العمليات أو تسريعها، وتحديد الآثار الجانبية البيئية، ووضع طريقة موثوقة لقياس عملية إزالة الكربون وتأكيدها.

يقول ويل بيرنز، وهو أستاذ زائر في جامعة نورث ويسترن، ويركز في عمله على إزالة الكربون: "إن التركيب الجيوكيميائي للمحيط فائق التعقيد". "وسنحتاج إلى إجراء هذا البحث مرات عديدة في ظروف مختلفة للغاية وعلى مستويات مختلفة للغاية، وذلك للتوصل إلى استنتاجات موثوقة حول إمكانية تطبيق هذه الطرق على نطاق واسع، والاستفادة منها مالياً".