كيف تحل القوارب الطائرة مشكلة التلوث البحري؟

4 دقائق
كيف تحل القوارب الطائرة مشكلة التلوث البحري؟
حقوق الصورة: إم آي تي تكنولوجي ريفيو العربية. تصميم: مهدي أفشكو.

تعد صناعة النقل البحري من أهم الصناعات العالمية، حيث تعتمد العديد من الدول على تلك الصناعة في تبادل السلع والبضائع بينها؛ حيث نجد أن نحو 90% من حجم التجارة العالمية يتم نقلها عن طريق البحر. ومع ذلك، فإن نقل البضائع عبر المحيطات يتسبب في إصدار كميات كبيرة من الانبعاثات الضارة التي تؤثر سلباً على البيئة والصحة العامة، ما يجعلها من أكثر الصناعات خطراً على البيئة. فقطاع النقل البحري الدولي مسؤول عما يقرب من 3% من إجمالي الانبعاثات العالمية، وإذا كانت دولة تنتج هذه الانبعاثات، فستكون سادس أعلى مصدر باعث في العالم.

في عام 2018، حددت المنظمة البحرية الدولية (IMO) هدفاً لعام 2050 يحث على خفض الانبعاثات بنسبة 50% مقارنة بعام 2008. وعلى الرغم من ذلك، يرى الخبراء أن الهدف يجب أن يكون خفض الانبعاثات بنسبة 100% للحد من ظاهرة الاحتباس الحراري عبر خفض معدل ارتفاع درجة الحرارة بنحو 1.5 درجة مئوية.

لذا، هل يمكن لصناعة النقل أن تنظف عملها؟

نحو صناعة نقل بحري نظيفة

يمكن تشغيل القوارب بالبطارية لمسافات قصيرة، ولكن بالنسبة للنقل الدولي، فإن الوقود الأخضر القائم على الهيدروجين يميل إلى أداء دور مركزي في إزالة الكربون من الصناعة، ولكن الانتقال إلى الهيدروجين سيتطلب تغييرات جذرية في البنية التحتية للتزود بالوقود. ويعتبر التخزين والتكلفة من التحديات الكبيرة، فضلاً عن تكيّف السفن نفسها لتمكينها من العمل على الهيدروجين.

لمعالجة هذه المشكلة، يقوم بعض الباحثين بالعمل لإيجاد حلول جذرية. ومن بين تلك الحلول الحديثة التي تساعد في الحد من تأثير النقل البحري السلبي على البيئة، القوارب الطائرة التي تعتمد على المحركات الكهربائية والتي تعمل بطريقة مبتكرة تساعد في تقليل الانبعاثات الضارة. 

اقرأ أيضاً: لماذا لا ترقى بدائل الوقود الأحفوري إلى مستوى التوقعات المتعلقة بالانبعاثات في صناعة الطيران؟

في هذا المقال سنتعرف على كيفية مساهمة القوارب الطائرة في الحد من مشكلة التلوث البحري بطريقة مبتكرة وفعّالة.

ما هي القوارب الطائرة وكيف تعمل؟

تعد القوارب الطائرة إحدى التقنيات المبتكرة التي تستخدم في صناعة النقل النظيف، وتتميز بأنها تعتمد على المحركات الكهربائية بدلاً من استخدام الوقود الأحفوري الذي يتسبب في إصدار كميات كبيرة من الانبعاثات الضارة.

تتكون القوارب الطائرة عادةً من جسم رئيسي مصمم بشكل يشبه القارب، ويستخدم هذا الجسم محركات كهربائية تمكنه من الطيران بشكل منخفض فوق سطح الماء، وتولد المحركات الكهربائية الطاقة الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح.

تتميز القوارب الطائرة بمزايا عديدة، حيث تتمتع بكفاءة عالية في استهلاك الوقود وتعمل بصمت تام، ما يجعلها ملائمة للاستخدام في مناطق حساسة بيئياً، كما أنها تحتاج إلى صيانة أقل بكثير مقارنة بالقوارب التقليدية.

وعلاوة على ذلك، فإن القوارب الطائرة تتميز بسرعتها العالية وقدرتها على تحمل الشحنات الثقيلة، ما يجعلها مناسبة للاستخدام في صناعة النقل النظيف. وتساعد تلك التقنية في تحسين الأداء البيئي لصناعة النقل البحري، وتخفيض الانبعاثات الضارة، وتوفير تكاليف الصيانة والوقود.

اقرأ أيضاً: 6 طرق لإعداد خطط الوصول إلى صافي صفري من الانبعاثات

كيف تسهم القوارب الطائرة في تقليل التلوث البحري؟

تعتبر مشكلة التلوث البحري أحد أهم التحديات التي تواجه العالم اليوم، حيث يعتبر التلوث البحري تهديداً جاداً للحياة البحرية والإنسانية. تتسبب المواد الضارة التي تصدرها السفن والقوارب التقليدية في تلوث المحيطات والبحار، ما يؤثر سلباً على الحياة البحرية والأنظمة البيئية البحرية بشكل عام.

تأتي فكرة القوارب الطائرة كحل مبتكر وفعّال لمكافحة التلوث البحري، حيث تتميز هذه القوارب باستخدام محركات كهربائية تسهم في تقليل الانبعاثات الضارة والحفاظ على نظافة المحيطات والبحار. وتتميز هذه القوارب أيضاً بالقدرة على الطيران فوق سطح المياه، ما يساعد في تخطي العقبات المائية والوصول إلى الموانئ بسرعة وكفاءة.

اقرأ أيضاً: كيف يمكن أن نمنع تلوث الماء؟

تسهم القوارب الطائرة أيضاً في تقليل التلوث البحري والحفاظ على الحياة البحرية عن طريق توفير طريقة نظيفة وفعّالة لنقل البضائع عبر المحيطات، حيث تتيح هذه القوارب إمكانية نقل البضائع بطريقة صديقة للبيئة، ما يحمي الحياة البحرية والأنظمة البيئية من الأضرار المحتملة.

هناك العديد من الأمثلة على استخدام القوارب الطائرة في تقليل التلوث البحري في بعض دول العالم. منها:

  • أطلقت الشركة السويدية كانديلا Candela القارب الطائر C8 والذي يستخدم المحركات الكهربائية وشاشة عرض رقمية في محاولة لكي تكون هذه الشركة هي تسلا البحار.
  • في أيرلندا، قدّمت شركة أرتميس تكنولوجيز Artemis Technologies فكرة نموذج حديث ومتطور لتصميم قوارب هيدروفويل كهربائية تستخدم لنقل البضائع بشكل أكثر نظافة وفعالية.
  • في الصين، تم إطلاق أول خط إنتاج للقوارب الكهربائية عام 2019، وهي تستخدم لنقل الركاب عبر نهر اليانغتسي. 
  • في النرويج، تستخدم شركة فيجينز أوف ذا فيوردس Vision of The Fjords قارباً طائراً يعمل بالطاقة الشمسية لجمع النفايات البحرية والقمامة من المياه السطحية، وهو قارب بلاستيكي يتم تشغيله بواسطة محرك كهربائي، ما يجعله صديقاً للبيئة بشكل كامل.
  • في فرنسا، تستخدم شركة سي بابلز SeaBubbles قارباً طائراً يعمل بالطاقة الكهربائية لنقل الركاب بين الشواطئ والموانئ، يتميز بعدم إصدار أي انبعاثات ضارة.

تعتبر هذه الأمثلة مبادرات إيجابية لتطبيق التكنولوجيات النظيفة في صناعة النقل والمحافظة على البيئة البحرية. ولكن قطاع النقل ما زال يواجه العديد من التحديات لجهوده في تحقيق نقل نظيف وتقليل التلوث البحري. 

اقرأ أيضاً: الإجراءات المناخية تكتسب زخماً متزايداً في ضوء تفاقم الكوارث

وعلى الرغم من ذلك، فإن التكنولوجيات النظيفة والمبتكرة مثل القوارب الطائرة والسفن الكهربائية واستخدام الغاز الطبيعي المسال كوقود تمثل خطوات مهمة نحو تحقيق أهداف النقل النظيف والحفاظ على البيئة البحرية. يمكن أن تحدث هذه التكنولوجيات تحولاً في صناعة النقل من خلال تقليل الانبعاثات الضارة وتحسين جودة الهواء والمحافظة على الحياة البحرية.

ومع ذلك، فإن التطبيق العملي لهذه التكنولوجيات يشكل تحدياً بالنسبة للصناعة، فتوفير الاستثمارات والتدريب على التكنولوجيا وتوفير البنية التحتية اللازمة لاستخدام هذه التقنيات يتطلب جهوداً كبيرة، كما يحتاج الأمر إلى إرادة قوية من قبل الشركات المعنية والحكومات لتحقيق تغيير حقيقي ومستدام.

على الرغم من وجود هذه التحديات وغيرها، فإن مستقبل صناعة النقل النظيف يبدو واعداً. فمن المتوقع أن يزداد الاهتمام بالتكنولوجيا النظيفة في السنوات القادمة، ومن المرجح أن تتبنى المزيد من الشركات والحكومات الحلول النظيفة للحفاظ على البيئة البحرية، كما أن الابتكارات والتطور المستمر سيساعدان في تحقيق أساليب نقل نظيف وفعّال ومستدام بيئياً في المستقبل.