عام 2023 قد يكون العام الذي تعج فيه سماء الإمارات بطائرات دون طيار

4 دقائق
عام 2023 قد يكون العام الذي تعج فيه سماء الإمارات بطائرات دون طيار
حقوق الصورة: shutterstock.com/ Phonlamai Photo

على مدى السنوات الماضية، واكب معظمنا الحديث المكثّف حول إمكانية إجراء خدمة التوصيل عبر الطائرات دون طيار. ومع التقدم المحرز في تكنولوجيا الطائرات دون طيار والطلب المتزايد على خدمة التوصيل السريع، يبدو أن عام 2023 قد يكون العام الذي نرى فيه أخيراً طائرات دون طيار تقوم بتوصيل الطرود إلى عتبات أبوابنا. 

ولكن ما تبعات هذا التحول في مجال التكنولوجيا وخدمة التوصيل بالنسبة لدولة الإمارات ومنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟ هل الأسواق الرئيسية مثل الإمارات والبحرين مستعدة للمضي في مستقبل التوصيل باستخدام تكنولوجيا الطائرات دون طيار؟

إمكانات خدمة التوصيل عبر الطائرات دون طيار 

تظهر إمكانات هائلة في خدمة التوصيل باستخدام الطائرات دون طيار مثل تقليص أوقات التسليم بشكل كبير. ومن شأن ذلك أن يحدث ثورة نوعية في كيفية طلب واستلام السلع والخدمات، وتعزيز مستوى الراحة ورضا العملاء بشكل كبير، وإتاحة الفرص للشركات للتوصيل في المناطق التي يصعب الوصول إليها، كما تسهم عمليات التوصيل جواً في تعزيز قدرة المستهلك على الوصول إلى الخدمات الرئيسية مثل الرعاية الصحية والإمدادات الأساسية الأخرى.

اقرأ أيضاً: برج الطائرات بدون طيار.. رؤية أمازون المستقبلية لتسليم الطرود بسرعة كبيرة

علاوةً على ذلك، تتمتع خدمة التوصيل بواسطة الطائرات دون طيار بمزايا بيئية مقارنة بالطرق التقليدية، إذ تتطلب هذه الطائرات موارد تشغيلية أقل، فضلاً عن إنتاجها انبعاثات أقل مقارنة بالمركبات التي تعمل بمحركات الوقود. وتعد الطائرات دون طيار أقل وزناً وذات بصمة بيئية أصغر من السيارات والشاحنات، إذ لا تسبب ازدحامات مرورية أو تلوثاً ضوضائياً في المناطق المأهولة بالسكان، كما يؤدي انخفاض حركة المرور على الطرق إلى الحدّ من عدد الحوادث.  

بالإضافة إلى عوامل الراحة والسلامة والفوائد البيئية، هناك أيضاً فوائد اقتصادية جراء استخدام الطائرات دون طيار. وفقاً لبحث أجرته شركة باين أند كومباني Bain & Company، يمكن أن توفّر عمليات التوصيل بواسطة الطائرات دون طيار ما يصل إلى 100 مليار دولار من المدخرات، وذلك عن طريق خفض التكاليف المرتبطة بالعمالة والوقود. بمعنى آخر، تقدّم عمليات التوصيل بواسطة الطائرات دون طيار حلاً فعّالاً يحقق عوائد فورية وطويلة الأجل من حيث الكفاءة والتكلفة التشغيلية. 

وتعد تكنولوجيا الطائرات دون طيار قوة ثورية للقطاع الخاص، وخاصة بالنسبة للمؤسسات الناشطة في قطاعات متنوعة مثل شركة المسعود التي تعمل على تطوير تكنولوجيا النقل المستقبلية بهدف المساعدة في إدارة التوزيع ضمن قطاع التجزئة أو تقديم الخدمات الاستهلاكية الشخصية. من المجوهرات الراقية إلى السلع الرياضية، يمكن للتوصيل المبتكر عبر هذه الطائرات دفع عجلة تقدم الأعمال بشكل غير مسبوق، فضلاً عن إحداث ثورة في صناعات اليوم وإطلاق العنان لصناعات جديدة تماماً في المستقبل.

اقرأ أيضاً: بعد السيارات والطائرات: الآن جاء دور القوارب لتصبح ذاتية القيادة

التحديات التنفيذية 

قبل أن نتمكن من الاستفادة من خدمات التوصيل عبر الطائرات دون طيار، لا تزال هناك تحديات يجب علينا التغلب عليها. تعد اللوائح إحدى القضايا الأكثر إلحاحاً. على الرغم من أن بعض الدول مثل سنغافورة قد بادرت بتشريع الاستخدام التجاري للطائرات دون طيار في عمليات التوصيل، فإن العديد من البلدان بما في ذلك الإمارات لا تزال تبحث في القوانين والأنظمة المتعلقة بتشغيل هذه الطائرات. وفي ظل غياب لوائح واضحة، يصعب على الشركات الخاصة إطلاق مخططات تجارية للاستفادة من قدرات الطائرات دون طيار. 

وفي حين أن التطورات التكنولوجية جعلت الطائرات دون طيار أكثر موثوقية مما كانت عليه من قبل، لا تزال هناك جهود يتعين علينا القيام بها قبل أن تصبح هذه التكنولوجيا جزءاً من حياتنا اليومية. على سبيل المثال، تعتمد العديد من البرامج الحالية المعنية بالتحكم بهذه الطائرات على نظام تحديد المواقع (GPS) الذي لا يمكن الاعتماد عليه بحكم عدم توافره دائماً، وذلك بسبب الظروف الجوية أو المباني الشاهقة التي تحجب الترددات التي تحتاجها هذه الطائرات للتنقل بأمان. 

علاوة على ذلك، لا يمكن للبطاريات الحالية التعامل مع الرحلات الطويلة دون إعادة الشحن، ما يحد بشكل كبير من نطاق التحليق. يجب علينا إيجاد حلول لتجاوز هذه العقبات قبل أن يتسنى لنا أن نرى سماء الإمارات تعج بالطائرات دون طيار. 

اقرأ أيضاً: كيف ستتعامل المدن مع التزايد الهائل في أعداد الطرود البريدية؟

طائرات صناعية دون طيار

تمنح الطائرات الصناعية دون طيار فرصاً استراتيجية لمجموعة متنوعة من القطاعات، من الطاقة والبنية التحتية إلى الشحن والبناء. يمكن لهذه التقنية المتطورة رسم خرائط التضاريس أو مواقع المسح أو فحص المعدات بسرعة فائقة، ليس فقط للأغراض التقليدية مثل الزراعة بل أيضاً لمجموعة متنوعة من الاستخدامات.

الطائرات البحرية دون طيار 

تكتسب الطائرات البحرية دون طيار شعبية متزايدة كتقنية ذكية تسهّل استكشاف أعماق البحار. على سبيل المثال، توفّر هذه الطائرات طريقة آمنة وفعّالة لإجراء عمليات التفتيش ومهام البحث والإنقاذ والمراقبة البيئية، مع المساعدة في خفض التكاليف التشغيلية لعمليات السفن التجارية أو بناء القوارب أو استئجار اليخوت.

تسخير الطاقة الشمسية لتشغيل الطائرات دون طيار 

من خلال استخدام الطاقة الشمسية، يتسنى لنا الاستفادة من إمكانات غير مسبوقة في مجال الطائرات دون طيار، مثل إنشاء وسائل نقل صديقة للبيئة ودعم الأبحاث العلمية في مجال تكنولوجيا الطيران. على سبيل المثال، قمنا العام الماضي بإطلاق شمس+ الذي يعد حلاً شاملاً "صُنع في الإمارات". يُستخدم شمس+ لشحن جميع أنواع المركبات بما في ذلك السيارات الكهربائية والمركبات البحرية الهجينة والطائرات دون طيار. تتميز هذه التكنولوجيا المحلية بقدرات متعددة مثل توفير الشحن المستدام للبطارية من خلال الطاقة الشمسية بأعلى سرعة شحن تبدأ من 25 دقيقة. 

تبرز دولة الإمارات كوجهة رئيسية لابتكار خدمات التوصيل عبر الطائرات دون طيار، إذ قدّمت الدولة استثمارات كبيرة بهدف التطوير التقني لدعم الاندماج السلس للمركبات الجوية دون طيار (UAVs) في المجتمع. ولا تزال اللوائح الحكومية في المراحل الأولى من التطوير في أماكن أخرى من المنطقة، حيث من الصعب على الشركات والأفراد حالياً الاستفادة من تكنولوجيا الطائرات دون طيار. 

اقرأ أيضاً: الهيدروجين: المكون الحاسم بمسيرة التحول في الطاقة عالمياً

وعلى الرغم من تردد بعض الحكومات عندما يتعلق الأمر بالسماح للشركات الخاصة بالوصول إلى المجال الجوي لاستخدام الطائرات دون طيار لأغراض تجارية، وفي ظل التدابير الأمنية المشددة ضد سوء الاستخدام، ستتمكن المزيد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا من توفير أنظمة نقل تعتمد على الطائرات دون طيار في المستقبل القريب، خاصةً مع التقدم المستمر نحو تحسين بروتوكولات وأنظمة السلامة.

على الرغم من وجود فجوة في الجهود التي يتعين علينا القيام بها قبل أن نرى اعتماداً واسع النطاق لخدمات التوصيل عبر الطائرات دون طيار في المنطقة، من المرجح أن يكون عام 2023 هو العام الذي تنطلق فيه هذه الخدمات بشكل جدي. 

ومع استمرار الاستثمار في البحث والتطوير إلى جانب الدعم الحكومي القوي، يبشّر عالم الطائرات دون طيار بعصرٍ جديد من خدمات التوصيل السريعة والفعّالة لجميع أنواع السلع والخدمات في الإمارات والمنطقة.

المحتوى محمي