أصبحت الساعات الذكية من أكثر الأجهزة القابلة للارتداء شعبية في العالم. تشير الإحصائيات إلى أن عدد مستخدمي هذه الساعات عام 2024 يبلغ 224.31 مليون شخص. ومن المتوقع أن يصل العدد إلى أكثر من 740 مليوناً بحلول عام 2029.
خلال السنوات الأخيرة، تطورت الساعات الذكية من مجرد أجهزة لعرض الوقت وإشعارات الهاتف إلى أدوات صحية متقدمة تسهم بشكلٍ ملموس في تحسين جودة الحياة وحتى إنقاذ الأرواح، وذلك بعد أن دمجت الشركات المصنّعة لها مجموعة من أجهزة الاستشعار التي تراقب الحالة الصحية للمستخدم وتحللها.
التقنيات الصحية المدمجة في الساعات الذكية ودورها في إنقاذ الأرواح
فيما يلي لمحة موجزة عن بعض التقنيات الصحية الشائعة المدمجة في الساعات الذكية المتوفرة اليوم في الأسواق:
1. مراقبة معدل ضربات القلب
توجد في الكثير من الساعات الذكية أجهزة استشعار خاصة يمكنها مراقبة تدفق الدم عبر الجلد. وهي بذلك تراقب معدل ضربات القلب بشكلٍ مستمر ويمكنها تنبيه المستخدم في حال كان المعدل مرتفعاً أو منخفضاً بشكلٍ غير طبيعي.
كيف تسهم في إنقاذ الأرواح؟
إذا اكتشفت الساعة معدل ضربات قلب مرتفعاً أو منخفضاً بشكلٍ غير طبيعي في أثناء الراحة، تُرسل إشعاراً للمستخدم. هذه التنبيهات ساعدت العديد من المستخدمين على تشخيص حالات صحية خطيرة مثل الرجفان الأذيني أو النوبات القلبية في وقتٍ مبكر، ومكّنتهم من طلب الرعاية الطبية قبل أن تصبح حالتهم مهددة للحياة.
2. قياس مستوى الأوكسجين في الدم
تعمل هذه التقنية على تقدير كمية الأوكسجين المرتبطة بخلايا الدم الحمراء، وهي مفيدة بشكلٍ خاص للرياضيين والأشخاص الذين يعانون أمراضاً في الجهاز التنفسي أو مشكلات النوم مثل انقطاع التنفس في أثناء النوم.
كيف تسهم في إنقاذ الأرواح؟
تراقب الساعة مستوى الأوكسجين في الدم باستمرار، وتُصدر تنبيهاً إذا انخفض إلى مستوى خطير. تساعد هذه التنبيهات على الكشف عن مشكلات تنفسية حادة مثل انقطاع التنفس في أثناء النوم أو الأزمات التنفسية لدى الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة مثل الربو.
3. مراقبة النشاط البدني
تعتمد على أجهزة قياس التسارع وتتبع حركة الجسم، وتُستخدم لحساب عدد الخطوات والمسافات المقطوعة وتقدير السعرات الحرارية المحروقة. بعض الساعات تتعرف تلقائياً إلى أنواع معينة من التمارين مثل الجري وركوب الدراجات والسباحة.
كيف تسهم في إنقاذ الأرواح؟
إذا اكتشفت الساعة انخفاضاً في النشاط البدني أو قضاء وقت طويل دون حركة، تُرسل تنبيهاً للمستخدم لتشجيعه على التحرك. يسهم ذلك في تقليل مخاطر الإصابة بأمراض مثل الجلطات الدموية الناتجة عن الجلوس فترات طويلة.
اقرأ أيضاً: كيف يمكنك ممارسة الرياضة بمساعدة الذكاء الاصطناعي؟
4. التخطيط الكهربائي للقلب
هذه التقنية متوفرة في بعض الساعات الذكية المتطورة مثل ساعة آبل ووتش (Apple Watch). وتُتيح للمستخدم رسم المخطط الكهربائي لضربات القلب عن طريق لمس المستشعر، ويُمكنها الكشف عن مشكلات مثل الرجفان الأذيني وتقديم معلومات طبية دقيقة ومشاركتها مع الأطباء.
كيف تسهم في إنقاذ الأرواح؟
إذا اكتشفت الساعة نشاطاً غير طبيعي في القلب في أثناء تسجيل رسم مخطط القلب الكهربائي فإنها تبلغ المستخدم وتوصيه بزيارة الطبيب.
وفّرت هذه التنبيهات معلومات مبكرة عن مشكلات القلب الخطيرة، وساعدت المستخدمين على تجنب مضاعفات خطيرة مثل النوبات القلبية.
5. قياس ضغط الدم
تستخدم بعض الساعات تقنيات استشعار مبتكرة، مثل أجهزة استشعار ضوئية أو مستشعرات قائمة على النبضات لقياس ضغط الدم، تتطلب بعض الأجهزة معايرة مع جهاز طبي تقليدي لتوفير قياسات دقيقة.
6. مراقبة مستويات التوتر
تعتمد هذه الخاصية على تحليل معدل ضربات القلب، حيث يُعتبر اختلاف وتيرات نبضات القلب مؤشراً على الإجهاد أو التوتر، كما تقدّم بعض الساعات تمارين تنفس موجهة للمساعدة على تخفيف التوتر.
كيف تسهم في إنقاذ الأرواح؟
تراقب الساعات الذكية معدل ضربات القلب والتغيرات في التنفس لتحديد مستويات التوتر. إذا كانت مرتفعة بشكلٍ مفرط، تُنبه المستخدم.
من خلال تنبيهات التوتر، تساعد الساعات الذكية على الوقاية من الأزمات النفسية الحادة أو الأزمات القلبية المرتبطة بالتوتر المفاجئ.
7. قياس درجة حرارة الجسم
تستخدم هذه الميزة مستشعرات حرارة مدمجة لقياس درجة حرارة الجلد بدقة وتوفير معلومات دقيقة حول التغيرات الصحية مثل الحمى أو الدورة الشهرية عند النساء.
كيف تسهم في إنقاذ الأرواح؟
تقيس الساعة درجة حرارة الجلد، وإذا اكتشفت ارتفاعاً غير طبيعي تُصدر تنبيهاً. ما يساعد على الكشف المبكر عن حالات مثل الحمى التي قد تكون مؤشراً لحالات طبية طارئة.
8. الكشف عن السقوط
تُعدّ من التقنيات المميزة في الساعات الذكية الحديثة. وتستخدم مستشعرات الحركة مثل مقياس التسارع لتحديد سقوط المستخدم. إذا تم اكتشاف سقوط قوي، تظهر الساعة نافذة يُمكن للمستخدم تجاهلها إذا كان بخير، أو طلب المساعدة من خلال إرسال تنبيه إلى إحدى جهات الاتصال أو الطوارئ. إذا لم يتجاهلها المستخدم أو يرسل تنبيهاً، تُرسل الساعة تلقائياً موقعه إلى إحدى جهات الاتصال أو الطوارئ. هذه الخاصية مفيدة بشكلٍ خاص لكبار السن أو الأشخاص المعرضين للسقوط.
كيف تسهم في إنقاذ الأرواح؟
حين تكتشف الساعة أن المستخدم قد سقط ولم يتحرك بعد السقوط، ترسل تنبيهاً لخدمة الطوارئ أو جهة اتصال تم تعيينها مسبقاً.
هذه الميزة أنقذت حياة العديد من كبار السن الذين تعرضوا لحوادث سقوط ولم يتمكنوا من طلب المساعدة بأنفسهم.
اقرأ أيضاً: ما السيناريوهات المحتملة لحل أزمة حظر بيع ساعات آبل في الولايات المتحدة؟
الساعات الذكية المدعومة بتقنيات الذكاء الاصطناعي
تعتبر الساعات الذكية أدوات متقدمة لدمج تقنيات الذكاء الاصطناعي في تكنولوجيتها، بفضل اعتمادها على تحليل البيانات الصحية والسلوكية للمستخدم. فيما يلي بعض الأدوار التي يؤديها الذكاء الاصطناعي في هذه الأجهزة:
التنبؤ بالمشكلات الصحية
تستخدم الساعات الذكية خوارزميات التعلم الآلي لتحليل بيانات المستخدم مثل معدل ضربات القلب ومستوى الأوكسجين في الدم وأنماط النوم، لتتمكن من التنبؤ بمشكلات صحية مثل الرجفان الأذيني أو السكتات القلبية قبل ظهور الأعراض الخطيرة، ما يُتيح تدخلاً مبكراً.
التخصيص وتحسين الأداء
تعتمد الساعات الذكية على الذكاء الاصطناعي لتقديم توصيات شخصية تتعلق بالصحة واللياقة البدنية بناءً على أنشطة المستخدم اليومية وسلوكياته.
على سبيل المثال، يمكنها تعديل خطط التمارين الرياضية بناءً على أداء المستخدم أو اقتراح تغييرات لتحسين النوم.
تحليل البيانات الضخمة
يمكن بفضل الساعات الذكية جمع كميات ضخمة من البيانات الصحية من ملايين المستخدمين حول العالم، ومن خلال تحليلها بالذكاء الاصطناعي يمكننا اكتشاف أنماط عامة تفيد في تحسين الخدمات الصحية والتنبؤ بانتشار الأمراض.
اكتشاف حالات الطوارئ
تعتمد ميزة اكتشاف السقوط أو تغيرات الصحة المفاجئة على الذكاء الاصطناعي لتحليل الحركة أو معدل ضربات القلب، واكتشاف الأنماط التي تشير إلى حالة طبية طارئة. ليتم إرسال تنبيه إلى جهات الاتصال أو الطوارئ بشكلٍ تلقائي.
اقرأ أيضاً: التنبؤ بجودة الهواء: كيف يمكن للذكاء الاصطناعي تغيير مستقبل الصحة العامة؟
مستقبل الساعات الذكية ودورها في الصحة
تتجه الساعات الذكية إلى أن تصبح أكثر تطوراً، ومن المتوقع أن تؤدي دوراً محورياً في الصحة من خلال:
- تحسين دقة أجهزة الاستشعار الصحية: مثل قياس مستويات السكر في الدم دون وخز، وتتبع ضغط الدم بشكلٍ مستمر.
- التكامل مع الأجهزة الطبية: بحيث تصبح جزءاً من أنظمة الرعاية الصحية عن بُعد.
- تحليل البيانات الصحية على المدى الطويل: باستخدام الذكاء الاصطناعي لتوقع الأمراض المزمنة مثل السكري وأمراض القلب.
- الكشف المبكر عن الأمراض المزمنة: مثل العلامات المبكرة لأمراض كارتفاع ضغط الدم واضطرابات القلب.
- الوقاية الشخصية: من خلال تقديم نصائح مخصصة بناءً على البيانات الصحية مثل نمط النوم ومستوى النشاط اليومي.
دور الساعات الذكية في دعم المؤسسات الصحية
تُتيح الساعات الذكية جمع البيانات الصحية لملايين الأشخاص، ما يمكّن المؤسسات الصحية من:
- التنبؤ بالأوبئة: إذا بيّن تحليل البيانات وجود ارتفاع درجة حرارة لدى آلاف المستخدمين في منطقة معينة، فإن ذلك قد يشير إلى انتشار وباء.
- دعم الأبحاث الطبية: بفضل البيانات التي يتم جمعها، يمكن للباحثين تحسين فهمهم لأمراض معينة وتطوير علاجات جديدة.
بشكلٍ عام، تُعدّ الساعات الذكية أدوات مفيدة للغاية يمكن أن تغيّر الرعاية الطبية بشكلٍ جذري، لكنها يجب أن تبقى مكملاً طبياً وليس بديلاً عن الرعاية الطبية التي يقدّمها الأطباء.