لم يعد الذكاء الاصطناعي بحاجة إلى ترويج بين قادة الأعمال، فمعظمهم بات يدرك تماماً قوته وتأثيره المتنامي. ووفقاً لتقرير "اتجاهات تجربة العملاء لعام 2024" الصادر عن زينديسك Zendesk، وهي منصة أميركية متخصصة في إدارة خدمة العملاء، يرى 65% من مسؤولي تجربة العملاء أن الذكاء الاصطناعي أصبح عنصراً أساسياً لا غنى عنه، إلى درجة أن الأساليب التقليدية في إدارة تجربة العملاء باتت تبدو قديمة وغير مفيدة.
على الرغم من هذا الإدراك المتزايد، لا يزال العديد من الشركات في طور التعلم والتجريب ويبحث عن أفضل الطرق لتوظيف الذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة العملاء. والخبر السار أن هناك طرقاً واعدة يمكن أن تجعل تجربة العملاء أسرع وأكثر تخصيصاً وأقل تكلفة، وسوف نستعرض أبرز هذه الطرق في السطور التالية.
1. دعم فوري للعملاء على مدار الساعة
أصبح العملاء اليوم يتوقعون الحصول على دعم سريع في أي وقت، سواء من موظفين بشريين أو من بوتات الذكاء الاصطناعي. ووفقاً لتقرير اتجاهات تجربة العملاء الصادر عن زينديسك، فإن 51% من العملاء يفضلون التفاعل مع البوتات عندما يحتاجون إلى خدمة فورية.
وهنا يأتي دور الذكاء الاصطناعي التفاعلي، الذي يوفر محادثات طبيعية على مدار الساعة، بما في ذلك عطلات نهاية الأسبوع وساعات الليل المتأخرة، حين لا يكون الموظفون في مكاتبهم. حيث تتولى بوتات الدردشة تقديم الخدمة من خلال الرد الفوري على الأسئلة بناءً على قاعدة بيانات مدربة مسبقاً، هذا يمنح الموظفين البشريين فرصة للتركيز على الحالات الأكثر تعقيداً.
اقرأ أيضاً: 10 طرق يساعد فيها الذكاء الاصطناعي العاملين عن بعد
2. تسريع تدريب فريق خدمة العملاء
عند تدريب موظفي خدمة العملاء الجدد، يمكن للذكاء الاصطناعي أن يؤدي دوراً محورياً كمساعد افتراضي ذكي، يقدم لهم الدعم والملاحظات الفورية في أثناء تعلمهم كيفية التعامل مع العملاء.
فبدلاً من الاعتماد الكامل على التدريب التقليدي، يرشد الذكاء الاصطناعي الموظفين الجدد خطوة بخطوة من خلال اقتراح تعديلات على الردود لتكون أكثر ودية أو رسمية حسب الحاجة، أو من خلال عرض نماذج لطلبات دعم مشابهة، ليكونوا على اطلاع بكيفية تعامل زملائهم مع مواقف مماثلة.
هذا النوع من التوجيه العملي يساعد الموظفين على اكتساب الثقة والمهارات بسرعة، ويقلل الوقت اللازم للوصول إلى مستوى أداء فعال، ويعزز جاهزية الفريق ويحسن تجربة العملاء بشكل عام.
3. تقديم تفاعلات مخصصة للغاية
يتيح الذكاء الاصطناعي للشركات تقديم تجربة أكثر تخصيصاً لكل عميل، من خلال تحليل بياناته السابقة وتفضيلاته وسلوكياته، يمكن فهم احتياجاته بشكل أعمق وتقديم حلول أكثر دقة وملاءمة له.
يتم ذلك من خلال تحليل البيانات الكاملة لكل عميل، مثل سجل الطلبات ونمط التواصل والمشكلات السابقة، ما يساعد على بناء علاقة أكثر شخصية ويعزز فاعلية الخدمة.
4. توقع احتياجات العملاء والمشكلات المحتملة
يساعد الذكاء الاصطناعي الشركات على الانتقال من رد الفعل إلى المبادرة، من خلال تحليل بيانات العملاء مثل سجل الطلبات والسلوكيات والتفضيلات، يمكن توقع احتياجاتهم وتحديد المشكلات المحتملة التي قد يواجهونها قبل حدوثها.
على سبيل المثال، طبقت شركة موتال روكس Motel Rocks، وهي شركة متخصصة في بيع الأزياء، نظام زينديسك أيه آي Zendesk AI لتبسيط عمليات خدمة العملاء. يحلل النظام الرسائل الواردة ويصنفها تلقائياً بناءً على نية العميل ونبرة الرسالة العاطفية، ويتمكن من فهم السياق وتحديد أولويات الردود بكفاءة أكبر.
ولإضفاء لمسة بصرية سريعة، يستخدم رمز إيموجي يعبر عن الشعور العام للعميل، من السلبي إلى الإيجابي جداً، ما يساعد موظفي خدمة العملاء وبوتات الذكاء الاصطناعي على الاستعداد للتفاعل بطريقة مناسبة.
اقرأ أيضاً: من الأبسط إلى الأكثر تعقيداً: دليل شامل لوكلاء الذكاء الاصطناعي
5. تقديم عروض خاصة للعملاء
يعد الذكاء الاصطناعي أداة قوية لتقديم عروض ترويجية مخصصة وجذابة في الوقت المناسب تعزز احتمالية الشراء وتحسن تجربة العميل. من خلال تحليل بيانات العملاء، مثل سجل الشراء وسلوك التصفح والبيانات الديموغرافية، يستطيع الذكاء الاصطناعي تحديد المنتجات أو الخدمات التي تهم كل عميل.
على سبيل المثال، يوصي الذكاء الاصطناعي بمنتجات منخفضة السعر إذا وجد أن سجل التصفح الخاص به يركز على أسعار محدودة، أو يقترح منتجات مشابهة لمشترياته السابقة. كما يمكنه استخدام البيانات الجديدة لتقديم عروض ترويجية. فمثلاً، إذا ترك العميل منتجاً في سلة التسوق دون إتمام الشراء، يولد بوت الذكاء الاصطناعي ويرسل رمز خصم لتحفيزه على إكمال العملية.
هذا النوع من التفاعل الذكي يجعل العميل يشعر بأن تجربته مصممة خصيصاً له، ما يعزز الولاء ويطيل دورة حياته مع العلامة التجارية.
6. خفض تكاليف التشغيل
يسهم دمج الذكاء الاصطناعي في تقليل التكاليف التشغيلية لخدمة العملاء بشكل كبير، من خلال أتمتة المهام منخفضة القيمة، وتبسيط التفاعلات عبر أدوات الخدمة الذاتية، هذا يقلل الحاجة إلى موارد إضافية مثل موظفين أو تدريب أو أدوات.
فالذكاء الاصطناعي لا يقدم فقط حلولاً ذكية، بل ينفذ أيضاً مهام متعددة بكفاءة، مثل توصية المحتوى المناسب، وتحليل البيانات للتنبؤ باحتياجات العملاء. ويمكن الفرق من التعامل مع أعداد متزايدة من الطلبات دون التأثير في جودة الخدمة أو الحاجة إلى زيادة عدد الموظفين.
اقرأ أيضاً: تسخير الذكاء الاصطناعي التوليدي للارتقاء بتجربة العملاء
يتضح من المحاور السابقة أن الذكاء الاصطناعي لم يعد مجرد خيار تقني، بل عنصراً أساسياً في بناء تجربة عملاء أكثر ذكاءً وفاعلية. فمن تسريع تدريب الفرق الجديدة، وتحسين الكفاءة والإنتاجية، إلى تقديم تفاعلات مخصصة وتوقع الاحتياجات، يسهم الذكاء الاصطناعي في رفع مستوى الخدمة دون زيادة الأعباء التشغيلية.
كما يتيح تقديم عروض موجهة في الوقت المناسب، ويساعد على خفض التكاليف من خلال الأتمتة والتحليل الذكي، ما يمكن الشركات من التكيف مع التحديات الاقتصادية دون التضحية بجودة الخدمة.