مع إطلاق بوت الدردشة تشات جي بي تي (ChatGPT)، أصبح مصطلح الذكاء الاصطناعي شائعاً بين الجميع، وسواء أحببنا ذلك أم لا، سيغيّر الذكاء الاصطناعي حياتنا ولا يمكن إيقاف تقدمه. هذا ما جاء في مقالة طويلة كتبها مؤسس شركة مايكروسوفت الأميركية بيل غيتس على مدونته الشخصية غيتس نوتس (GatesNotes).
يقارن غيتس في المقالة بين ظهور بوت تشات جي بي تي الذي أطلقه مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي أوبن أيه آي (OpenAI)، وظهور العديد من التكنولوجيات التي غيّرت حياتنا، مثل واجهة المستخدم الرسومية (Graphical user interface) وشبكة الإنترنت والهواتف الذكية.
اقرأ أيضاً: 5 وظائف مهددة بسبب تشات جي بي تي
تخوف البعض من الذكاء الاصطناعي
يرى بيل غيتس أن الحماس الكبير الذي أبداه الجميع تجاه بوت الدردشة تشات جي بي تي يترافق مع مخاوف وتحذيرات من قبل بعض الخبراء، وهذا الخوف مبرر، فنحن البشر نخاف في كل مرة يتعين علينا فيها التعامل مع اختراعٍ عظيم، من النار إلى الطاقة النووية، إذ ثمة احتمال دائم لأن يستخدم أحد ما هذا الاختراع لأغراض شريرة.
لا تتعلق المخاوف من الذكاء الاصطناعي فقط بطريقة تعاملنا مع اختراع أو أداة جديدة يمكن أن تكون مؤذية إذا وقعت في الأيدي الخطأ، بل لأن هذا الذكاء يتطور بسرعة كبيرة ويمكن أن يضاهي في قدراته عقلنا البشري، لدرجة أنه يمكن في المستقبل أن يتفوق علينا ويهدد مكانتنا وسيطرتنا على العالم.
اقرأ أيضاً: كيف نطوّر الذكاء الاصطناعي المسؤول الذي ينفع المجتمع؟
السرعة المذهلة لتطور الذكاء الاصطناعي
بالنسبة لغيتس، سيحسّن الذكاء الاصطناعي بلا شك عالمنا وحياتنا، لهذا السبب، سيتم دمجه في كل القطاعات دون استثناء، وسوف يستخدمه معظم الموظفين أو ربما سيحل محلهم.
هذا ما تؤكده دراسة قام بها مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي أوبن أيه آي بالتعاون مع باحثين في جامعة بنسلفانيا الأميركية، بيّنت هذه الدراسة أن تشات جي بي تي اليوم يستطيع أن يقوم بنحو 50% من المهام والأعمال التي يقوم بها 19% من الموظفين البشر في الشركات الأميركية.
يرى غيتس أن الذكاء الاصطناعي لم يصل بعد إلى مرحلة يمكنه فيها أن يحل مكان البشر، لأنه ما يزال غير قادر على تعلم تنفيذ أشياء جديدة، لكننا قريبون من ذلك كثيراً.
اقرأ أيضاً: هل يشكل الذكاء الاصطناعي تهديداً لوظائف البشر؟
التوقعات للمستقبل القريب
في المقالة، يشرح غيتس كيف سيتمكن الذكاء الاصطناعي قريباً من تخفيف عبء العمل عن عدد كبير من الموظفين، وسيكون الموظفون قادرين على كتابة طلب بلغة عادية بسيطة، وليس اللغة الإنجليزية فقط، ليقوم نظام الذكاء الاصطناعي بفهم الطلب وتنفيذه.
بالإضافة إلى ذلك، سيصبح الذكاء الاصطناعي بمثابة مساعد شخصي يمكنه قراءة رسائل البريد الإلكتروني والرد عليها وجدولة الاجتماعات التي ينبغي أن يحضرها الموظف وينفذ أي مهمة تطلبها منه، سيؤدي ذلك إلى تحسين العمل في المهام التي ينبغي أن يقوم بها الموظف، ويحرره من المهام التي لا يريد القيام بها.
كل ذلك سيؤدي دوراً في رفع الإنتاجية، وسيستفيد المجتمع كله لأن كل شخص سيتحرر من المهام الروتينية البسيطة التي تسبب ضياع الكثير من الوقت والجهد، وسيكون قادراً على القيام بأشياء أخرى، سواء في العمل أو المنزل، مثل قضاء وقت إضافي مع أفراد العائلة أو تعلم مهارة جديدة أو مساعدة الآخرين.
يمثّل الذكاء الاصطناعي فرصة للمساعدة أيضاً في حل المشكلات الرئيسية التي تواجهنا وتهددنا، مثل علاج الأمراض وابتكار أدوية جديدة وتوقع انتشار الأوبئة، أو حل مشكلة تغيّر المناخ، كل ذلك بفضل قدرته على جمع وتحليل كميات هائلة من البيانات بسرعة.
يتوقع غيتس أيضاً حدوث تغيّر في قطاع التعليم بالمستقبل القريب، ربما خلال 5 إلى 10 سنوات، حيث سيساعدنا الذكاء الاصطناعي على إعداد مناهج تعليمية مخصصة حسب قدرة الطلاب واهتماماتهم، واكتشاف الطرق لتحسين العملية التعليمية.
اقرأ أيضاً: أهم تطبيقات واستخدامات الذكاء الاصطناعي في التعليم
إيقاف تطور الذكاء الاصطناعي غير ممكن
يقول غيتس إن الشيء الوحيد المؤكد الذي نعرفه الآن هو أننا لا نستطيع إيقاف تطور الذكاء الاصطناعي. ومن المؤكد أنه سيتجاوز قدرات العقل البشري يوماً ما، العقل البشري بحسب رأيه يعمل ببطء مثل الحلزون، حيث تنتقل الإشارات فيه بسرعة أقل بـ 100 ألف مرة من سرعة انتقال الإشارات في رقاقة السيليكون. لذلك، حين نطوّر نظام ذكاء اصطناعي متكاملاً، سيكون قادراً على القيام بكل ما يمكن أن يقوم به العقل البشري، ولكن دون أي قيود من حيث حجم الذاكرة أو السرعة التي يعمل بها.