الذكاء الاصطناعي يثبت تفوقه على البشر في اختيار المرشح الأفضل للوظيفة

3 دقائق
الذكاء الاصطناعي يثبت تفوقه على البشر في اختيار الموظف المرشح الأفضل
حقوق الصورة: shutterstock.com/Blue Planet Studio

دخل الذكاء الاصطناعي عملية التوظيف وساهم في تسهيل الإجراءات، وقد أثبتت دراسة أجرتها مبادرة الدمج (TII) في مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية (LSE) أن الذكاء الاصطناعي له قدرات البشر في عملية التوظيف، بل وأفضل منهم، لكن في المقابل لدى الناس رد فعل سلبي تجاهه. 

الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف

أثر تطوّرُ الذكاء الاصطناعي في عمليات التوظيف كثيراً، فقد أصبح بالإمكان عبر تقنية التعلم الآلي اختيار المرشح المثالي للشاغر الوظيفي، بالإضافة إلى أتمتة المهام اليدوية في عملية التوظيف، وخاصة المهام المتكررة التي تحتاج وقتاً طويلاً من موظفي الموارد البشرية.

على سبيل المثال، صُممت بعض برامج التعليم الآلي الخاصة بعمليات التوظيف لفحص آلاف السير الذاتية تلقائياً، وهي مهمة صعبة وتحتاج جهداً ووقتاً كبيرَين من أجل تحديد المرشحين المناسبين من مجموعة كبيرة من المتقدمين، فهو أصعب جزء في عملية التوظيف، ولحسن الحظ يمكن للذكاء الاصطناعي إنجازه بكفاءة، ما يحسّن جودة التوظيف، بإيجاد المرشح المناسب.

على الرغم من ذلك، يواجه تطبيق الذكاء الاصطناعي في مجال التوظيف تحديات كبيرة، لأنه يتطلب الكثير من البيانات اللازمة لتدريب نماذج التعلم الآلي على اختيار الأفضل، كما يمكن للذكاء الاصطناعي تعلم التحيزات البشرية، بالإضافة إلى عدم تقبل الجميع للفكرة.

يساهم الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف بعدة طرق: 

برنامج الفحص الذكي

في هذا النوع من البرامج، يتعرف التعلم الآلي على المرشحين الذين أصبحوا موظفين ناجحين وغير ناجحين بناءً على أدائهم ومدة عملهم. ويتعلم عن خبرة الموظفين الحاليين ومهاراتهم وصفاتهم الأخرى ويطبق هذه المعرفة على المتقدمين الجدد من أجل ترتيب المرشحين الأقوى وتصنيفهم ووضعهم في قائمة مختصرة تلقائياً.

يمكن للبرنامج أيضاً إثراء السير الذاتية للمرشحين باستخدام مصادر البيانات العامة حول أصحاب العمل السابقين وكذلك ملفاتهم الشخصية على وسائل التواصل الاجتماعي. لا يعطل هذا النوع من البرامج سير العمل ولا المرشح، ويتطلب الحد الأدنى من دعم تكنولوجيا المعلومات.

بوتات الدردشة

عند استخدام بوتات الدردشة بالتوظيف، توفر تفاعلاً في الوقت الفعلي للمرشحين من خلال طرح الأسئلة بناءً على متطلبات الوظيفة وتقديم الملاحظات والتحديثات واقتراحات الخطوة التالية. يترك هذا انطباعاً إيجابياً عند المرشحين عن الشركة بسبب الرد المباشر، وعدم اضطرارهم للانتظار أو عدم تلقي رد مطلقاً.

المقابلات الرقمية

تختلف المقابلات الرقمية عن المقابلات العادية عبر الإنترنت، لأن الذكاء الاصطناعي يقيّم اختيارات المرشحين للكلمات وأنماط الكلام وتعبيرات الوجه ومدى ملاءمتهم للوظيفة وربما حتى الشركة وثقافتها.

اقرأ أيضاً: نصائح لكتابة سيرة ذاتية تنال إعجاب الذكاء الاصطناعي

الذكاء الاصطناعي يتفوق على البشر في التوظيف

راجع الباحثون في مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية الأدبيات الأكاديمية التي تنظر في فعالية الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف، لمقارنة أداء الذكاء الاصطناعي بأداء البشر فيما يتعلق بعملية التوظيف واختيار المرشح المناسب للوظيفة، وكانت نتائجهم مفاجِئة، فقد توصلوا إلى أن الذكاء الاصطناعي يحسن الكفاءة في التوظيف من خلال عدة نقاط:

  • السرعة في تحديد المرشح المناسب.
  • زيادة معدل ملء الوظائف الشاغرة. 
  • التوصية بالمرشحين الذين لديهم احتمالية أكبر للتوظيف بعد المقابلة. 

في المقابل، كانت قدرة الذكاء الاصطناعي على التنبؤ بنتائج الموظفين بعد تعيينهم محدودة، لكنها أفضل من قدرات البشر بكثير. قيّم الباحثون أيضاً إمكانية تقليل اتخاذ القرار المتحيز وتحسين تنوع المرشحين المختارين، عن طريق الذكاء الاصطناعي.

في هذا الصدد، قالت الدكتورة "جريس لوردان"، الأستاذة المشاركة في كلية لندن للاقتصاد والعلوم السياسية، والمدير المؤسس لمبادرة الدمج: "هناك دليل على أن عمليات التوظيف الحالية تعاني من المحسوبية والتحيز. لقد حان الوقت لأن يسلّم البشر عملية التوظيف للآلات التي ليس لديها هذه الميول". وأضافت أنه: "يمكن التخفيف من حدة التحيزات المضمنة في الخوارزميات إلى حد ما بمزيد من العناية من أولئك الذين يكتبونها، ويمكن للبشر مراقبة العملية للتخفيف من أي مخاوف بشأن الإنصاف".

على العموم، أظهرت هذه الدراسة المنشورة في دورية "آرتيفيكال إنتيليجينت ريفيو" (Artificial Intelligence Review)، أن النتائج التي يقدمها الذكاء الاصطناعي في عملية التوظيف، أكثر تنوعاً مما يمكن للبشر القيام به في هذا المجال.

اقرأ أيضاً: إليكم نتائج اختبار أداتي توظيف بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي

لم تتوقف الدراسة هنا، بل أراد الباحثون معرفة رأي المتقدمين إلى الوظائف، والقائمين على عمليات التوظيف بتسليم الذكاء الاصطناعي مهمة التوظيف، ووجدوا أن ردود الفعل كانت سلبية للغاية، فقد وجدوا أن الناس بشكل عام يثقون في التوظيف البشري أكثر من الذكاء الاصطناعي لأن لديهم مخاوف تتعلق بالخصوصية، بالإضافة إلى ذلك، يرون أن الذكاء الاصطناعي أقل جاذبية، وأن المنظمات التي تستخدم الذكاء الاصطناعي أقل جاذبية من تلك التي توظف من خلال البشر. 

قال "باريس ويل"، كبير مستشاري أبحاث الشركات في TII: "بشكل جماعي، تؤدي هذه النتائج إلى فجوة بين كيفية أداء الذكاء الاصطناعي وكيفية إدراكه. فبينما أظهرت ممارسات التوظيف بالذكاء الاصطناعي في المتوسط ​​تحسناً مقارنة بالطرق البشرية، يتفاعل الناس معها بشكل سلبي. يعد هذا أمراً مهماً لاعتماد أساليب التوظيف بالذكاء الاصطناعي وقد يعيق تنفيذ تقنيات التوظيف الأفضل".

من المرجح أن يعود السبب في خوف المتقدمين من الذكاء الاصطناعي إلى النظرة السلبية التي تُظهرها وسائل الإعلام، إذ يقول الدكتور "داريو كربان"، الأستاذ المساعد في العلوم السلوكية في كلية لندن للاقتصاد: "تُصوِّر وسائل الإعلام عادةً توظيف الذكاء الاصطناعي بشكل سلبي وتؤكد كيف يمكن للذكاء الاصطناعي التمييز ضد المرشحين وإلحاق الضرر بهم". وهذا عكس ما أظهرته نتائج الدراسة.

اقرأ أيضاً: الذكاء الاصطناعي يرسم مستقبل عملية التوظيف في الشركات

ختاماً، يجدر القول أنه: "حتى لو لم يكن الذكاء الاصطناعي مثالياً، فهو أكثر إنصافاً وفعالية من القائمين على التوظيف البشري"، على حد تعبير الدكتور "كربان" الذي يؤكد أيضاً على أهمية مقارنة الذكاء الاصطناعي بممارسات التوظيف البديلة لفهم القيمة التي يجلبها لعملية التوظيف، قبل الحكم بطريقة غير مدروسة.