الدبلجة هي عملية استبدال الصوت الأصلي للفيديو بلغة مختلفة عادةً لإتاحته لجمهور أوسع. تتطلب الدبلجة مترجمين محترفين لترجمة محتوى الفيديو، وممثلين صوتيين ماهرين يمكنهم تقليد صوت الممثلين الأصليين وعاطفتهم، بالإضافة إلى فنيين يمكنهم مزامنة الصوت مع الفيديو.
مع التطور السريع الذي يشهده الذكاء الاصطناعي، قد تصبح الدبلجة قريباً مهمة لا تحتاج إلى ممثلين، ويمكن أن يقوم بها أي شخص بضغطة زر واحدة. فهل سيكون الذكاء الاصطناعي قادراً على الدبلجة مثل البشر؟ ومتى سيحصل ذلك؟ وكيف يمكن للمدبلجين حماية وظائفهم من الذكاء الاصطناعي؟
كيف يسهم الذكاء الاصطناعي في عملية الدبلجة؟
ثمة العديد من أدوات الذكاء الاصطناعي التي يمكنها استبدال المترجمين والممثلين والفنيين العاملين في مجال الدبلجة، لكن هذه الأدوات لا تزال غير دقيقة ولا تتفوق على البشر، ومنها:
استبدال المترجمين
أحد تطبيقات الذكاء الاصطناعي في الدبلجة هو توفير الترجمة الفورية للأفلام والمسلسلات والبرامج. هذا يعني أننا في المستقبل لن نكون بحاجة إلى مترجمين بشر لترجمة محتوى الفيديو قبل البدء بعملية الدوبلاج.
في الوقت الحالي، لا تتوفر خدمة ترجمة فورية مدعومة بالذكاء الاصطناعي يمكن استخدامها بشكلٍ موثوق للدبلجة، وثمة حاجة إلى تدقيق الترجمة الآلية من قِبل مترجمين بشر. لكن من المؤكد أننا سنشهد في المستقبل أدوات ترجمة آلية قادرة على الترجمة مثل البشر.
اقرأ أيضاً: نظام ذكاء اصطناعي متعدد اللغات من فيسبوك يستطيع الترجمة ما بين 100 لغة
استبدال ممثلي الدبلجة
من الآثار الأخرى للذكاء الاصطناعي في الدبلجة أنه من المحتمل أن يحل محل ممثلي الدبلجة. ممثلو الدبلجة هم محترفون قاموا بتدريب أصواتهم للتكيُّف مع الأدوار والعواطف واللهجات المختلفة، ويجب عليهم اتباع إرشادات ومعايير صارمة لضمان اتساق ودقة أدائهم.
تتوفر اليوم أدوات ذكاء الاصطناعي يمكنها توليد أصوات اصطناعية وتقليد الكلام البشري، لكنها لا تزال غير دقيقة، ولسيت قادرة على مطابقة الكلام تماماً، لكنها قادرة على التعلم من البيانات. ومن المتوقع أن تتحسن جودتها بمرور الوقت.
اقرأ أيضاً: كيف استفاد الممثل الأميركي فال كيلمر من الذكاء الاصطناعي لإنشاء صوته في فيلم Top Gun؟
تقليد أصوات الممثلين الأصليين
يستطيع الذكاء الاصطناعي توليد أصوات تتطابق تماماً مع أصوات الممثلين الأصليين بلغات أخرى. هذا يعني أن المشاهدين يمكنهم سماع أصوات الممثلين الأصليين وهم يتحدثون بلغتهم الأم، بدلاً من الاستماع إلى أصوات ممثلين مختلفين. يمكن لذلك أن يعزز الانغماس والمتعة في أثناء المشاهدة.
مزامنة الأصوات وحركة الشفاه
مزامنة الأصوات ومطابقة الكلام المدبلج مع حركة شفاه الممثلين الأصليين من أبرز تحديات عملية الدبلجة. هذا مهم لأن حركة الشفاه غير المتطابقة يمكن أن تسبب تشتيتاً للمشاهدين، بالإضافة إلى تقليل مصداقية الفيديو وواقعيته.
مطابقة الكلام المدبلج مع حركة الشفاه ليست سهلة، لأن اللغات المختلفة تختلف في طريقة نطقها، وكل ممثل لديه تعابير وجه وإيماءات مختلفة. لذلك، عادة ما تتطلب مزامنة الأصوات وحركة الشفاه الكثير من الوقت والجهد.
يمكن للذكاء الاصطناعي مزامنة الكلام بدقة ومطابقته مع حركة مع شفاه الممثلين. حيث تستطيع تقنيات مثل الرؤية الحاسوبية ومعالجة اللغة الطبيعية اكتشاف أشكال الفم وحركاته عند نطق الكلمات، ثم إنشاء أصوات تتطابق مع حركة شفاه كل ممثل بلغة أخرى. يمكن للذكاء الاصطناعي أيضاً تعديل الفيديو وتغيير حركة شفاه الممثلين لجعلها أكثر طبيعية وواقعية.
اقرأ أيضاً: ميتا تطور أداة ذكاء اصطناعي تمكنك من التحدث بـ 6 لغات
أهم أدوات الدبلجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي
هناك العديد من الطرق التي يمكن للذكاء الاصطناعي فيها أن يسهم في عملية الدبلجة، إليك لمحة عن بعض أهم أدوات الدبلجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي المتوفرة في السوق اليوم:
- بيبركب (Papercup): هو برنامج دبلجة يمكنه التعرف على الكلام في الفيديو وترجمته ثم تحويل الترجمة إلى صوت ومزامنته بشكلٍ دقيق مع الكلام الأصلي، ويدعم البرنامج أكثر من 70 لغة. وتقول الشركة المطورة إنه قادر على توفير ترجمة طبيعية بسعر معقول مقارنة بالتكلفة التي تتطلبها عملية الدبلجة التقليدية.
- ويلوكالايز (Welocalize): هو حل دبلجة مدعوم بالذكاء الاصطناعي يستخدم التعلم الآلي لإنشاء أصوات اصطناعية تطابق أصوات الممثلين الأصليين.
- فلوليس أيه آي (Flawless AI): هي أداة لمزامنة حركة الشفاه بالذكاء الاصطناعي يمكنها أن تجعل أي ممثل يتحدث بأي لغة.
هذه الأدوات ليست مفيدة فقط للدبلجة، بل يمكن استخدامها لأغراض أخرى مثل إنشاء المحتوى والتعليم والترفيه، كما أنها يمكن أن تسهم في تعزيز الوصول والتواصل؛ أي مساعدة الأشخاص الذين يعانون من صعوبة في القراءة أو الرؤية على الوصول إلى المحتوى.
اقرأ أيضاً: كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي صناعة السينما؟
هل الذكاء الاصطناعي اليوم قادر على الدبلجة مثل البشر؟
الإجابة عن هذا السؤال ليست واضحة، لأنها تعتمد على عوامل مختلفة مثل الجودة والتوقعات ومعايير التقييم. يمكننا القول إن الذكاء الاصطناعي اليوم قادر على توفير دبلجة واضحة ومفهومة، لكنها ليست تماماً مثل دبلجة البشر وتفتقر إلى الدقة والعاطفة.
كيف يستطيع العاملون في مجال الدبلجة حماية وظائفهم؟
يواجه العاملون في مجال الدبلجة من مترجمين وممثلين وفنيين خطر فقدان وظائفهم لصالح الذكاء الاصطناعي، لكن هذا لا يعني أن مهنة الدبلجة ستختفي. هناك عدة استراتيجيات يمكن اعتمادها لحماية الوظائف المتعلقة بالدبلجة مثل:
- تطوير المهارات: من خلال تعلم كيفية استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي لتحسين الإنتاجية، وتعلم مهارات مثل لغات أو لهجات جديدة.
- التركيز على الصفات البشرية: يمكن أن تبقى الدبلجة البشرية متفوقة على الدبلجة بالذكاء الاصطناعي، لأن هناك صفات بشرية لا يمكن تكرارها أو استبدالها بسهولة، مثل الإبداع والعاطفة.
اقرأ أيضاً: كيف يؤثر الذكاء الاصطناعي في صناعة الأفلام؟
أدوات الذكاء الاصطناعي اليوم ليست قادرة على أن تحل محل البشر بمهنة الدبلجة، ويمكن استخدامها لجعل عملية الدبلجة أسهل وأسرع وأكثر دقة. لكن في المستقبل، ربما سيكون خيار الدبلجة عبارة عن زر يؤدي الضغط عليه إلى توليد أصوات الممثلين نفسها باللغة التي نختارها.