كيف سيغيّر الذكاء الاصطناعي مستقبل التعليم؟

3 دقائق
كيف سيغير الذكاء الاصطناعي مستقبل التعليم؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/Phonlamai Photo

يؤدي تطور الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي إلى تغيير الأدوات والمؤسسات التعليمية ويرسم مستقبل التعليم؛ إذ ثمة العديد من تطبيقات هذه التكنولوجيا في هذا القطاع مثل مهمات تقدير درجات الطلاب والكشف عن السرقة الفكرية (تُعرف أيضاً بـ "الانتحال العلمي") ودعم عملية التعلّم. ومن المتوقع أن تواصل سوق تكنولوجيا التعليم العالمية مسار نموها، وأن يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً مهماً في دفع هذا النمو. 

لا شك في أن دور المعلمين لا غنى عنه؛ لكن ستكون ثمة تغييرات كبيرة في قواعد التدريس والممارسات التعليمية، وقد بدأ قطاع التعليم بالفعل في تطبيق الذكاء الاصطناعي على نحو أساسي من خلال الأدوات التي تساعد على تطوير مهارات الطلاب واختبارها. ومع نضوج الحلول التعليمية القائمة على الذكاء الاصطناعي، فإنه من المتوقع أن يتمكن من سد الفجوات في عمليتيّ التعليم والتعلم؛ ما يسمح للمدارس والمعلمين بالإنجاز أكثر من ذي قبل. 

من خلال تحسين الكفاءة والتخصيص وتبسيط المهام الإدارية، يمكن أن يسمح الذكاء الاصطناعي للمعلمين بتخصيص وقتهم ومهاراتهم لتعزيز القدرات البشرية الفريدة مثل الفهم والقدرة على التكيف، ولما كان طلاب اليوم سيعملون في مستقبل يسيطر عليه الذكاء الاصطناعي، فمن الأهمية بمكان للمؤسسات التعليمية دمج هذه التكنولوجيا في مناهجها وعملياتها. وعلى الرغم من ذلك، فإن هذا التطور يفرض تحديات مثل الاعتبارات الأخلاقية واعتبارات الخصوصية؛ ما يعني أنه على قطاع التعليم التعامل معه بمسؤولية. وفي هذا السياق، نجري فيما يلي تقييماً لإمكانات استخدام الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم ومزاياه والتحديات التي يفرضها.

اقرأ أيضاً: كيف نعلّم أطفال اليوم الذين يتنقلون بين الكتب والأجهزة الإلكترونية؟

أتمتة المهام 

من خلال أتمتة المهام الإدارية، يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي المعلمين على إدارة مجموعات البيانات الكبيرة لمعالجة طلبات تسجيل الطلاب، والبحث عن أنماط متكررة في أداء الطالب. ويتضمن ذلك تقدير درجات الطالب وتقييم أعماله أو حتى الكشف عن السرقة الفكرية. يمكن أن تساعد خوارزميات التعلم الآلي ومعالجة اللغة الطبيعية المعلمين على التعرف بسرعة إلى أنماط أداء الطالب. وإضافةً إلى أن الآلات يمكنها بالفعل تصحيح اختبارات الاختيار المتعدد، فمن المتوقَّع أن تكون قادرة في المستقبل القريب على تصحيح الأجوبة المكتوبة أيضاً، ونظراً لأن الذكاء الاصطناعي يساعد على أتمتة المهام الإدارية، فإنه سيتيح للمعلمين قضاء مزيد من الوقت مع كل طالب؛ ما قد ينعكس إيجاباً على جودة التعلّم. 

اقرأ أيضاً: إليك إيجابيات وسلبيات استخدام الواقع الافتراضي والواقع المعزز في تدريس العلوم

تخصيص التعليم

لسنوات، كان تعديل عملية التعلم بما يلائم احتياجات الطالب الفردية أولوية للمعلمين، وسيقدم الذكاء الاصطناعي مستوىً متقدماً من التمايز لا يمكن تحقيقه في الفصول الدراسية الكبيرة؛ إذ يمكنه إنشاء أدوات تعلّم تكيفية تَستخدم خوارزميات التعلم الآلي لتحليل أداء الطلاب وتكييف الأنشطة وفقاً لذلك. ومع ازدياد الوعي بأهمية التعلم المُخصَّص لتلبية الاحتياجات الفردية للطلاب، ستكون هذه أداة قيّمة للمساعدة على تخصيص مستوى الصعوبة وحتى سرعة التقدم في المنهاج الدراسي لتلبية احتياجات كل طالب على حدة. يمكن أن يكون التعلم المُخصَّص ذا قيمة، ولا سيما للطلاب ذوي الاحتياجات الخاصة أو الذين يعانون صعوبات التعلم؛ حيث يمكن أن يساعدهم على التعلم وفق وتيرتهم باستخدام نماذج التعلم الجديدة المصممة لاحتياجاتهم. 

اقرأ أيضاً: الزرعوني: الأطفال أكثر وعياً بخصوصيتهم وعلينا إعدادهم لوظائف المستقبل

مناهج تعليمية عالية الجودة في متناول الطلاب جميعاً    

يمكن لمنصات التعلم عبر الإنترنت التي تعمل بالذكاء الاصطناعي أن توفر للطلاب إمكانية الوصول إلى موارد تعليمية عالية الجودة من أي مكان وفي أي وقت؛ وهو أمر يفيد على نحو خاص الطلاب الذين يعيشون في المناطق الريفية أو النائية حيث قد يكون الوصول إلى الموارد التعليمية محدوداً. على سبيل المثال، يمكن لأدوات الذكاء الاصطناعي أن تيسر للأفراد الذين يواجهون حواجز لغوية الحصول على التعليم في أي مكان في العالم، وتُعد أداة بريزنتيشن ترانزليتور (Presentation Translator) من مايكروسوفت مثالاً على ذلك؛ وهي مكوّن إضافي مجاني لبرنامج باور بوينت يُظهر ترجمات مباشرة لكلام المعلم، وتتيح هذه التقنية للطلاب الذين يواجهون تحديات مثل المرض أو العجز عن الاطلاع على موضوع معين في المدرسة المحلية المشاركة عن بُعد؛ كما يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي على إزالة الحواجز بين المدارس والمراحل الدراسية التقليدية.

اقرأ أيضاً: 9 تطبيقات مهمة لبوتات الدردشة في قطاع التعليم

تحديات استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم 

على الرغم من فوائد الذكاء الاصطناعي؛ لكن يجب التعامل مع اعتماد التكنولوجيا في قطاع التعليم بعناية ومسؤولية. يثير الذكاء الاصطناعي أسئلة أخلاقية حول دور التكنولوجيا في التعليم؛ مثل: مَن يجب أن يكون المسؤول عن اتخاذ القرار؟ وكيف يمكننا ضمان استخدام الذكاء الاصطناعي في مصلحة الطلاب؟ بالإضافة إلى ذلك، قد يواجه الذكاء الاصطناعي مقاومة من أعضاء هيئات التدريس والموظفين الذين ليسوا على دراية بالتكنولوجيا أو الذين يخشون تأثيرها في وظائفهم ومسؤولياتهم، وسيتطلب ذلك الاستثمار في تدريبهم على استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم وإفهامهم تأثيره في عملهم. أخيراً، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي التحيزات والأحكام المسبقة لمنشئيها، أو البيانات المستخدمة لتدريبها؛ ما يمكن أن يؤدي إلى معاملة غير عادلة لمجموعات معينة من الطلاب ومن ثَم استمرار عدم المساواة القائمة.

اقرأ أيضاً: ما هي الإمكانات التي يقدمها عالم الميتافيرس في مجال التعليم؟

من خلال تسهيل التعلم وتخصيصه أكثر، يمكن للذكاء الاصطناعي إحداث ثورة في قطاع التعليم وتعزيز إمكانية وصول الطلاب إليه في أنحاء العالم جميعها. يجري العمل حالياً على تطوير العديد من تطبيقات الذكاء الاصطناعي في قطاع التعليم؛ مثل مرشدي الذكاء الاصطناعي للمتعلمين، وتطوير المحتوى الذكي، والمؤتمرات العالمية الافتراضية التي تقدم نهجاً جديداً للتطوير المهني للمعلمين. وعلى الرغم من أن تبني قطاع التعليم للذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي قد يكون أبطأ مقارنة بالقطاعات الأخرى، فإن التغييرات جارية بالفعل وستستمر.

المحتوى محمي