كيف يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير الزراعة التقليدية؟

4 دقائق
كيف يمكن أن يساعد الذكاء الاصطناعي في تطوير الزراعة التقليدية؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/KoSSSmoSSS

تعتبر الزراعة من أقدم المهن وأهمها في العالم حيث تؤدي دوراً مهماً في القطاع الاقتصادي، إذ تبلغ عائدات الزراعة 5 تريليون دولار سنويّاً في جميع أنحاء العالم. ومع ذلك فهي صناعة تنطوي على العديد من المخاطر مثل تأثرها بالكوارث الطبيعية، حيث يصبح من الصعب إدارة العمليات المختلفة لأن معظمها ليست رقمية.

وفي الوقت نفسه، يتزايد عدد سكان العالم ويستمرون بالهجرة إلى المناطق الحضرية، ما يؤثر على عادات الاستهلاك ويغيرها. ويتعرض المزارعون لضغوط كبيرة لتلبية الطلب المتزايد، وهم بحاجة إلى وسيلة لزيادة الإنتاجية. وبما أن كمية التربة الخصبة محدودة، فستكون هناك حاجة إلى تجاوز الزراعة التقليدية والبحث عن طرق فعالة لمساعدة المزارعين على تقليل المخاطر، أو على الأقل جعلها أكثر قابلية للإدارة.

نتيجة لذلك، يعد تطبيق تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الزراعة على نطاق عالمي أحد أكثر الفرص الواعدة، حيث يمكن لها أن تغير العمليات المستخدمة فيها بشكل كبير، ما يمكّن المزارعين من تحقيق المزيد من النتائج بجهد أقل مع جلب العديد من الفوائد الأخرى. ولكن كيف يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي من أجل زراعة مستدامة؟ وما هي فرص الذكاء الاصطناعي في الزراعة؟ وكيف يمكن أن يساعدنا في مواجهة التحديات الحالية؟

اقرأ أيضاً: بلانتي كيوب: حاويات ذكية قد تنقل الزراعة إلى المدن

لماذا يعتبر اعتماد الذكاء الاصطناعي تحدياً للمزارعين؟

يميل المزارعون إلى اعتبار تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي شيئاً لا ينطبق إلا على العالم الرقمي، وقد لا يرون كيف يمكن أن تساعدهم. وهذا يعود غالباً إلى قلقهم من المجهول أو عدم فهم التطبيق العملي لأدوات الذكاء الاصطناعي، حيث غالباً ما تبدو التكنولوجيات الجديدة في مجال الزراعة مربكة ومكلفة بشكل غير معقول لفشل موفريها في توضيح سبب فائدة حلولهم وكيفية تنفيذها بالضبط.

ومن ثم فالتحدي الأكبر هو جعل الرؤى التي تأتي من الذكاء الاصطناعي قابلة للتنفيذ وجعل المزارعين يتبنونها. لكن في الوقت نفسه، إذا لم تكن قابلة للاستخدام ومفيدة، فلن يتم استخدامها، حيث يحتاج موفرو خدمات التكنولوجيا الزراعية إلى التركيز بشدة على جعل الحلول قابلة للتنفيذ بطريقة تساعد المزارعين على تحديد أولويات القضايا في مجالاتهم بطريقة أكثر جدوى.

يعود هذا إلى أن الزراعة تتضمن عدداً من العمليات والمراحل، يكون النصيب الأكبر منها يدوياً، وتُواجه بالعديد من التحديات، منها:

  • تلعب العوامل المناخية مثل هطول الأمطار ودرجة الحرارة والرطوبة دوراً مهماً في دورة حياة الزراعة، حيث تؤدي زيادة إزالة الغابات والتلوث إلى تغيرات مناخية، لذلك يصعب على المزارعين اتخاذ قرارات فعالة لإعداد التربة وزرع البذور والحصاد.
  • كل محصول يتطلب تغذية معينة في التربة، لذلك يمكن أن يؤدي نقص المغذيات إلى رداءة نوعية المحاصيل.
  • تعتبر حماية المحصول من الأعشاب الضارة مهمة للغاية فإذا لم تتم السيطرة عليها يمكن أن تؤدي إلى زيادة تكلفة الإنتاج، كما أنها تمتص العناصر الغذائية من التربة ما قد يؤدي إلى نقص التغذية في التربة.

اقرأ أيضاً: عذراً من مناصري الزراعة العضوية… يبدو أنها أكثر ضرراً للمناخ

كيف يمكن أن تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الزراعة؟

أعادت التكنولوجيا تعريف الزراعة على مر السنين، وأثرت التطورات التكنولوجية على الصناعة الزراعية بأكثر من طريقة. ومع ارتفاع عدد السكان الذي سيرتفع وفقاً لتوقعات الأمم المتحدة من 7.5 ملياراً إلى 9.7 ملياراً في عام 2050، سيكون هناك المزيد من الضغط على الأرض حيث سيكون هناك نحو 4% فقط من الأرض ستتم زراعتها بحلول عام 2050. هذا يعني أنه سيتعين على المزارعين فعل المزيد بموارد أقل لزيادة إنتاج الغذاء بنسبة 60٪ لإطعام ملياري شخص إضافي.

ومع ذلك، فإن الأساليب التقليدية ليست كافية للتعامل مع هذا الطلب الهائل، ما يتطلب من المزارعين والشركات الزراعية إيجاد طرق جديدة لزيادة الإنتاج، لذا لن تمكّن الحلول التي تعمل بالذكاء الاصطناعي المزارعين من تحسين الكفاءات فحسب، بل ستعمل أيضاً على تحسين الكمية والجودة وضمان وصول المحاصيل إلى السوق بشكل أسرع.

يمكن أن تتحول الزراعة إلى تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي للمساعدة في إنتاج محاصيل أكثر صحة، ومكافحة الآفات، ومراقبة التربة وظروف النمو، وتنظيم البيانات للمزارعين، والمساعدة في تخفيف عبء العمل، وتحسين مجموعة واسعة من المهام المتعلقة بالزراعة في سلسلة التوريد الغذائية بأكملها.

اقرأ أيضاً: دراسة جديدة: زراعة الأشجار أكثر أهمية بكثير لمواجهة التغير المناخي مما كنا نعتقد

وتشمل أهم التطبيقات المدعومة بتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في مجال الزراعة ما يلي:

  • أنظمة التنبؤ بالطقس

مع التغير في حالة المناخ وزيادة التلوث، من الصعب على المزارعين تحديد الوقت المناسب لبذر البذور، ولكن بمساعدة الذكاء الاصطناعي يمكن تحليل الظروف الجوية باستخدام تكنولوجيات التنبؤ بالطقس ما يساعد المزارعين على التخطيط لنوع المحاصيل التي يمكن زراعتها ومتى يجب زرع البذور. على سبيل المثال وفقاً لشركة "آي بي إم" (IBM) فإن 90% من خسائر المحاصيل ناتجة عن ظروف الطقس، ويمكن تقليلها إلى نحو 25% إذا كان المزارعون قادرين على الوصول إلى خدمات توفر تنبؤات حول الطقس أكثر دقة.

  • أنظمة مراقبة صحة التربة والمحاصيل

يعد نوع التربة وتغذيتها عاملين مهمين في نوع المحاصيل وجودتها، ومن أجل ذلك هناك العديد من الجهود المدعومة بالذكاء الاصطناعي التي تعمل على تحديد جودة التربة. على سبيل المثال يُستخدم تطبيق "بلانتيكس" (Plantix) لتحديد جودة التربة، وهذا يمكن المزارعين من استخدام الأسمدة المناسبة التي تساعد على تحسين جودة النبات.

كما أن لدى شركة "تريس جينوميكس" (Trace Genomics) نظاماً يستخدم تكنولوجيا التعلم الآلي لتفسير بيئة التربة، وإخبار المزارعين بالأماكن المناسبة لزراعة المحاصيل، وتزويدهم بمعلومات عن مسببات الأمراض والبكتيريا والفطريات الموجودة التي يمكن أن تؤثر على المحاصيل، حيث تعتقد الشركة أنه من خلال فهم التربة، يمكن للمزارعين اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً بشأن المحاصيل وإدارة المخاطر بشكل أفضل.

  • أنظمة الزراعة الدقيقة والتحليلات التنبؤية

طورت تكنولوجيات الذكاء الاصطناعي في الزراعة تطبيقات وأدوات تساعد المزارعين على الزراعة الدقيقة والتحكم فيها، من خلال توفير إرشادات مناسبة للمزارعين حول إدارة المياه، والحصاد في الوقت المناسب وغيرها من العمليات، من خلال استخدام خوارزميات التعلم الآلي والبيانات الضخمة التي تتنبأ بالظروف الجوية وبيانات مثل درجة الحرارة، وهطول الأمطار وسرعة الرياح، والإشعاع الشمسي.

اقرأ أيضاً: بلانتي كيوب: حاويات ذكية قد تنقل الزراعة إلى المدن

  • أنظمة الذكاء الاصطناعي الذاتية لاكتشاف الآفات

تستخدم أنظمة الذكاء الاصطناعي صور الأقمار الصناعية والطائرات المسيرة وتقارنها بالبيانات التاريخية باستخدام خوارزميات الذكاء الاصطناعي لاكتشاف هبوط الحشرات الضارة ونوعها على النباتات، وإرسال تنبيهات إلى المزارعين إلى هواتفهم الذكية حتى يتمكنوا من أخذ الاحتياطات المطلوبة واستخدام مبيدات مكافحة الآفات المناسبة.

  • الروبوتات الزراعية

تقوم شركات الذكاء الاصطناعي بتطوير روبوتات يمكنها بسهولة أداء مهام متعددة في مجالات الزراعة، حيث يتم تدريب هذا النوع من الروبوتات على السيطرة على الأعشاب وحصاد محاصيل بوتيرة أسرع مع أحجام أعلى مقارنة بالبشر. بالإضافة إلى التحقق من جودة المحاصيل واكتشاف الأعشاب الضارة عند اختيار المحاصيل وتعبئتها في الوقت نفسه.

اقرأ أيضاً: مصنع وقود يعتمد على المخلفات الزراعية لمواجهة التغير المناخي

ختاماً، لا تساعد تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي في الزراعة المزارعين على أتمتة زراعتهم فحسب، بل تُساهم أيضاً في عمليات زراعية دقيقة وأكثر تخصصاً من أجل الحصول على عائدات أعلى وجودة أفضل مع استخدام موارد أقل. وتعتبر الشركات التكنولوجية والزراعية التي تعمل على تقديم تكنولوجيات التعلم الآلي أو منتجات أو خدمات قائمة على الذكاء الاصطناعي، مثل بيانات التدريب على الزراعة والطائرات المسيرة وتطوير الروبوتات، ذات دور مهم مستقبلاً لهذا القطاع لمساعدتها على التعامل مع قضايا توفر الغذاء مع عدد السكان المتزايد.

المحتوى محمي