كيف يساهم الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية؟

4 دقائق
مصدر الصورة: شاترستوك

نشرة خاصة من ألغوريثما

يستعين مزودو الخدمات الطبية في عملهم بأحجام ضخمة من البيانات التي تجعلها أكثر تعقيداً. وفي حين يمكن لتطبيقات الذكاء الاصطناعي أن تساعدهم في تنظيم مجموعات البيانات، إلا أن الأمر لا يقتصر على ذلك فحسب؛ فمن الممكن استخدام الذكاء الاصطناعي بشكل منفرد أو دمجه مع تقنيات أخرى لتطوير حالات استخدام متعددة من شأنها أتمتة العمليات والتخلص من الأخطاء البشرية. 

هناك عدة أنواع من تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي التي بدأت خدمات الرعاية الصحية وشركات علوم الحياة تنشط في تطبيقها. وتشمل المجالات الرئيسية للتطبيقات كلاً من العمليات الإدارية، والتوصيات الخاصة بالتشخيص والعلاج، ومقابلة المرضى.

هناك طلب كبير على منتجات الذكاء الاصطناعي عالية الجودة في قطاع الرعاية الصحية، وهي فرصة هائلة بالنسبة لمزودي خدمات الذكاء الاصطناعي. وقد أدركت شركة الخدمات التكنولوجية المتكاملة ألغوريثما "Algorythma" -التي تتخذ من أبوظبي مقراً لها- إمكانات التكنولوجيا منذ أيامها الأولى، مما دفع الشركة إلى التركيز على الذكاء الاصطناعي بشكل مباشر، أو من خلال نظامها البيئي. وعلى سبيل المثال، فقد قدمت الشركة الدعم لإطلاق شركة سال Saal، وهي شركة لحلول الذكاء الاصطناعي تهدف إلى التأثير على البشرية بشكل إيجابي. يضم فريق سال خبراء في مجالات كل من علوم الحاسوب، وعلم الأعصاب، وعلم البيانات، وعلم النفس، وغيرها من المجالات.

وفي هذا الصدد، يقول فيكرامان بودوفال، الرئيس التنفيذي لشركة سال: " أصبح الدور الذي يقوم به الذكاء الاصطناعي في ضمان جودة خدمات الرعاية الصحية ضروريًا للغاية، فمع قوة هذه التقنيات المتقدمة واعتبارها مصدر إفادة حقيقية وملموسة في حياة الأفراد، تتسارع شركات التكنولوجيا الناشئة في قطاع الرعاية الصحية على ابتكار وتوفير حلول ذكية لدعم المحترفين الطبيين، ومساعدتهم في تشخيص الأعراض المبكرة للمرضى، وتوقع الأمراض والوقاية منها ومعالجتها. كما أن هذه الحلول المبنية على خوارزميات الذكاء الاصطناعي تقوم على تقليص الفجوات في القدرات وتحسين الجودة والسلامة والتجربة في جميع أنحاء الرعاية الصحية وتجربة المريض الشاملة.

تقييم أثر الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية

يمتلك الذكاء الاصطناعي إمكانات هائلة يمكن تحقيقها في المستقبل، ولكن هذه التكنولوجيا بدأت بفتح مجالات جديدة من الإمكانيات في الوقت الحالي، وهي ترتقي بقطاع الرعاية الصحية إلى مستوى متقدم.

في منتصف فبراير لهذا العام 2020، ذكر عملاق الخدمات المهنية KPMG في تقرير له أن 89% من المسؤولين التنفيذيين في قطاع الرعاية الصحية يعتقدون أن الذكاء الاصطناعي بدأ يحقق جوانب من الكفاءة في أنظمتهم الصحية. وقد قال أكثر من نصفهم إن قطاع الرعاية الصحية كان متقدماً على القطاعات الأخرى من حيث اعتماد الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، فقد قال 37% من المشاركين في الاستطلاع إن وتيرة التقدم لا تزال بطيئة.

وقد علقت مليسا إدواردز، المديرة الإدارية في وحدة التمكين الرقمي في KPMG قائلة: "إن ملاحظتي العامة لمجريات الأمور، هي أن العدد المتزايد للخدمات والحلول المتعلقة بالذكاء الاصطناعي -التي يتم تطويرها في مجال الرعاية الصحية اليوم- يتركز بدرجة كبيرة في نطاق المعالجة السريرية، ومقابلة المرضى. وتثبت الأشكال الأساسية للأتمتة بأنها ’حلولٌ أولية‘ ستمهّد الوصول إلى أشكال متقدمة من الذكاء الاصطناعي، مثل مسح المستندات ضوئياً لتحديد مدى الحاجة الماسة لمعالجة إحدى الإحالات. ويعد تطبيق الذكاء الاصطناعي لإجراء تشخيصات مبكرة للأمراض الخطيرة أحد المجالات الرئيسية".

ويتشاطر المشاركون في الدراسة الاستقصائية آراءً متشابهة؛ حيث يتوقع 68% منهم أن الذكاء الاصطناعي سيصبح فعالاً في تشخيص الأمراض والحالات التي يعاني منها المرضى، ويثق 47% منهم في أن عمليات التشخيص المستندة إلى الذكاء الاصطناعي سيكون لها تأثير كبير خلال العامين القادمين.

في يناير من هذا العام، نشر المنتدى الاقتصادي العالمي 3 طرق سيغير الذكاء الاصطناعي من خلالها قطاعَ الرعاية الصحية بحلول 2030:

  • سوف يصل الذكاء الاصطناعي والتحليل التنبؤي إلى مختلف مصادر البيانات لتحديد الأنماط الكامنة في الأمراض والمساعدة في تقديم العلاج.
  • سيكون لدى أنظمة الرعاية الصحية القدرة على توقع خطر إصابة شخص معين بأمراض معينة، والتوصية باتخاذ تدابير وقائية.
  • سوف يقلل الذكاء الاصطناعي من أوقات الانتظار بالنسبة للمرضى، وسيعزّز الكفاءة في الأنظمة الصحية.

بدأت بعض الشركات العملاقة باتخاذ خطوات ملموسة لتسريع اعتماد الذكاء الاصطناعي في قطاع الرعاية الصحية. ففي نهاية يناير الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت عن إطلاق مشروع "إيه آي فور هيلث AI for Health" للذكاء الاصطناعي الموجه للأغراض الصحية، وهو مشروع مدته خمس سنوات وبقيمة 40 مليون دولار. سيركز هذا المشروع على دعم الابتكارات في مجال الأبحاث الطبية، وتحسين الحصول على الرعاية الطبية، وضمان الحماية من الأزمات الصحية.

يشرح جون كاهان، رئيس تحليل البيانات في مايكروسوفت، قائلاً: "من خلال مشروع إيه آي فور هيلث، سوف ندعم عدداً محدداً من المنظمات غير الربحية، ومبادرات التعاون الأكاديمي مع علماء البيانات الرواد في مايكروسوفت، وإتاحة الوصول إلى أفضل أدوات الذكاء الاصطناعي وخدمات الحوسبة السحابية، وتقديم المنح النقدية الممتازة".

حالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية

بالرغم من أن معظم تطبيقات الذكاء الاصطناعي تتضمن تحليل البيانات وإدارتها، إلا أن هناك العديد من حالات الاستخدام الأخرى التي قامت الشركات ذات التوجه التكنولوجي بتنفيذها في جميع أنحاء العالم. نذكر فيما يلي بعض حالات الاستخدام التي يمكنها أن تُحدث تحولاً في هذه الصناعة:

  • يتم استخدام التعلم الآلي من قِبل أخصائي علم الأمراض لإجراء تشخيصات أكثر دقة.
  • يتم استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي من قِبل  أخصائي الأشعة لتحليل صور المسح الشعاعي تلقائياً.
  • يتم استخدام الذكاء الاصطناعي لكشف وتطوير عقاقير جديدة للأمراض المناعية وغيرها من الأمراض.
  • يتم استخدام التعلم العميق لتطوير العلاج المناسب للمرضى من خلال تحسين القدرة على تحديد المجموعات المستهدفة.
  • غالباً ما يُستخدم الذكاء الاصطناعي في العمليات الإدارية الأساسية، مثل التحقق من استيفاء الشروط، وترحيل البيانات. وقد كان موظفو القطاع الصحي يتولون القيام بهذه الأنشطة التكرارية، ولكن الآن بات بإمكان التكنولوجيا أن توفر الوقت والمال بحيث يمكن إعادة توجيههما لتنفيذ مهام أكثر أهمية.

في الختام، ليس من قبيل المبالغة أن نقول إن الذكاء الاصطناعي على وشك إحداث تحول في قطاع الرعاية الصحية بأكمله.

وتجدر الإشارة إلى أن الإمارات العربية المتحدة تمثل المركز الرئيسي لاعتماد الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية؛ فمنذ أكثر من عامين، عينت الدولة عمرَ بن سلطان العلماء كأول وزير دولة لشؤون الذكاء الاصطناعي، وبذلك أصبحت أول دولة في العالم لديها وزارة تتولى شؤون هذه التكنولوجيا الخاصة.

وفي مايو 2018، وضعت دائرة الصحة في أبوظبي سياسة جديدة لتنظيم الذكاء الاصطناعي في مجال الرعاية الصحية، بحيث يكون لدى مزودي الخدمات الطبية وشركات الذكاء الاصطناعي إطارٌ قانوني لتطوير عملياتهم.