ما الجديد الذي سيضيفه الذكاء الاصطناعي إلى مجال الصحافة؟

3 دقائق
ما الجديد الذي سيضيفه الذكاء الاصطناعي إلى مجال الصحافة؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/ ProStockStudio

دخل الذكاء الاصطناعي العديد من جوانب حياتنا، فهو يعرض لك المحتوى الذي ترغب في متابعته على وسائل التواصل الاجتماعي مثلاً. بنفس الطريقة دخل الذكاء الاصطناعي مجال الصحافة، خاصة بعد اعتماده على المواقع الإلكترونية بدلاً من الصحف الورقية، كيف ذلك؟ هذا ما سنوضحه في مقالنا التالي.

فائدة دمج الذكاء الاصطناعي في الصحافة

تزود أنظمة الذكاء الاصطناعي الصحافة بمزايا عديدة

  • السرعة في تنفيذ الإجراءات المعقّدة بناءً على كميات كبيرة من البيانات. 
  • دعم الروتين الصحفي من خلال التنبيهات حول الأحداث وتوفير مسودات النصوص لتستكمل بالمعلومات السياقية.
  • توسيع التغطية الإعلامية إلى المناطق التي لم تكن مغطاة في السابق أو لم تتم تغطيتها جيداً. 
  • تحسين التغطية الإخبارية في الوقت الفعلي.
  • تزويد المتابعين بأخبار تهمهم وفقاً لموقعهم أو تفضيلاتهم.

تعتمد كفاءة هذه الأنظمة على مدى توفر وجودة البيانات التي يتم إدخالها فيها، لأن المدخلات الدقيقة تساعد في الحصول على مخرجات دقيقة.

اقرأ أيضاً: تأثير الذكاء الاصطناعي على الصحافة والإعلام: الفرص والتحديات

كتابة الأخبار أبرز ما يقوم به الذكاء الاصطناعي في الصحافة

يكتب الصحفيون المقالات الإخبارية التي تتحدث عن مجريات الأحداث يومياً. تكون بعض هذه المقالات العادية مجرد تقارير عن بعض الأرقام لكنها تستهلك وقتاً من الصحفي، وتشغله عن كتابة المقالات الأكثر عمقاً. الآن أصبح بالإمكان كتابة هذه المقالات والتقارير بالاعتماد على تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، حيث يتم تقديم البيانات (أرقام، صوت، فيديو) لنموذج ذكاء اصطناعي محدد، ويقوم بدوره في إنشاء مقال إخباري خلال دقائق أو حتى ثوانٍ. 

على سبيل المثال، عند إدخال بيانات عن أصول الشركة في برنامج الذكاء الاصطناعي، سيحلل البرنامج هذه الأرقام ويقدم مقالاً جاهزاً للنشر عنها. بذلك تكون الفائدة من توظيف الذكاء الاصطناعي في الصحافة توفير الوقت وإتاحة المجال أمام الصحفيين لكتابة المقالات الأهم ومقالات الرأي.

تستخدم العديد من الشركات الإعلامية الكبرى مثل واشنطن بوست والبي بي سي الذكاء الاصطناعي لنشر المقالات الإخبارية بمساعدة برامج اللغة، وقدمت البي بي سي صوتاً اصطناعياً لقراءة المقالات المنشورة على موقعها، وأطلقت رويترز العام الماضي نظام فيديو آلياً لتغطية المباريات الرياضية.

تقديم الأفضل للقراء

في منصات التواصل الاجتماعي، يؤدي الذكاء الاصطناعي دوراً كبيراً في عرض المحتوى المرغوب بالنسبة للمتابع. بآلية مشابهة، يعمل الذكاء الاصطناعي في الصحافة، حيث يمكنه تحديد المقالات التي تجذب القارئ، وأقسام الصحيفة أو الموقع الإلكتروني التي تثير اهتمامه لأنه يكتشف عدد المرات التي يقرأ فيها مقالات من قسم محدد. يجمع الذكاء الاصطناعي هذه المعلومات ويقترح محتوى يروق القارئ ويجذبه. في هذه الطريقة، لن يضطر الصحفيون عبر الإنترنت بذل جهد إضافي لجذب القارئ. 

اقرأ أيضاً: كيف يتحكم الذكاء الاصطناعي فيما تراه على وسائل التواصل الاجتماعي؟

أمثلة عن تبني الصحافة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي

تبنت أربع مؤسسات من أصل عشر بالفعل استراتيجيات ذكاء اصطناعي حسبما ذكره تشارلي بيكيت مدير مشروع الصحافة بالذكاء الاصطناعي الذي تدعمه جوجل. هذا المشروع هو عبارة عن مبادرة عالمية تمكّن المؤسسات الإخبارية من استخدام الذكاء الاصطناعي بشكلٍ مسؤول.

 يدعم المشروع "الابتكار وبناء القدرات في المؤسسات الإخبارية لجعل إمكانية الوصول إلى إمكانات الذكاء الاصطناعي أكثر سهولة ولمواجهة أوجه عدم المساواة في وسائل الإعلام الإخبارية العالمية حول الذكاء الاصطناعي". 

بالإضافة إلى ذلك، قدمت جوجل مساهمات كبيرة في تمويل المشاريع التي تستكشف إمكانات التكنولوجيات الجديدة  في أوروبا. فقد دعمت ما لا يقل عن 662 مشروعاً بقيمة 150 مليون يورو. من هذه المشاريع مشروع رادار "RADAR" في المملكة المتحدة، والذي حصل على تمويل قدره 706000 يورو. يقدم المشروع مئات المقالات للمواقع الإخبارية والصحف ومحطات الراديو في المملكة المتحدة اعتماداً على بيانات يتم إدخالها في البرنامج. يعمل فريق من الصحفيين جنباً إلى جنب مع الخوارزميات للقيام بالعمل التحريري بعد الكتابة.

أيضاً، تلقت مجموعة سيساب (SESAAB) في إيطاليا الدعم لتطوير خوارزميات تنظم المحتوى وفقاً لسلوك مستخدمي الإنترنت، بهدف زيادة الاشتراكات وحتى يتمكن الصحفيون من إنشاء محتوى عالي الجودة. 

هل سيحل الذكاء الاصطناعي محل الصحفيين؟

كما يحدث في جميع الوظائف التي يدخل إليها الذكاء الاصطناعي، يخشى العاملون في الصحافة أن يأخذ الذكاء الاصطناعي دورهم ويحل محلهم. لكن لا يوجد دليل يشير إلى أن ذلك ممكن في الوقت القريب، وذلك لعدة أسباب منها التكلفة العالية لبرمجة وتطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي التي لا تتحملها معظم شركات الأخبار، وافتقار النصوص المكتوبة آلياً إلى الحياة التي يبثها الكتّاب البشريون في نصوصهم، ونقدهم للحقائق والأحداث. لا يستطيع الذكاء الاصطناعي إظهار الجانب الإنساني للصحافة، ولا يمكن للذكاء الاصطناعي تحري الدقة من المعلومات بشكل صحيح دائماً.

اقرأ أيضاً: رؤية جديدة للذكاء الاصطناعي في خدمة الناس

يقتصر استخدام الذكاء الاصطناعي على بعض المجالات المحدودة نوعاً ما مثل أخبار الرياضة والاقتصاد والبيئة ونتائج الانتخابات. لكن بالنظر إلى ما قامت به شركة مايكروسوفت، نرى واقعاً مختلفاً، فقد طوّرت بوابة الأخبار (MSN)، واستبدلت الذكاء الاصطناعي بالعديد من موظفيها. وفي حالة أخرى، نشرت صحيفة الغارديان عام 2020 مقالاً مكتوباً بالكامل بواسطة مولد لغة طوّرته شركة أوبن أيه آي يسمى (GPT-3)، لكنه لا يخلو من بعض الانتقادات، لأن النظام لا يفهم ما يكتبه.

يقدم الذكاء الاصطناعي العديد من الفوائد في مجال الصحافة، والأمثلة السابقة خير مثال على ذلك، لكن يجب أن نتذكر دائماً أنه ما زال تكنولوجيا قيد التطوير، وقد يستغرق الأمر سنوات طوالاً حتى نرى آثاره في الصحافة، لكن ما يجب على المهتمين عمله هو تجربة ما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي لخدمتهم في الصحافة.