الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية: كيف يعيد تشكيل تجربة الموظف من التوظيف إلى التطوير المهني؟

6 دقيقة
الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية: كيف يعيد تشكيل تجربة الموظف من التوظيف إلى التطوير المهني؟
حقوق الصورة: Shutterstock.com/Gumbariya

لم تعد تجربة الموظف الإيجابية مجرد إضافة، بل ضرورة استراتيجية، إذ يتميز الموظف المعاصر بأنه لا يبحث عن وظيفة فحسب، بل يبحث عن فرصة للنمو والشعور بالتقدير والازدهار، فعندما يعطي القادة الأولوية لتجربة الموظف في كل مرحلة من مراحل التواصل من التوظيف إلى التطوير المهني، فإنهم يعززون مشاركتهم.

على سبيل المثال، وفقاً لمؤسسة غالوب فإن المؤسسات التي تتمتع بموظفين منخرطين بشكل كبير تبلغ عن زيادة مذهلة في الإنتاجية بنحو 18%، وزيادة في الربحية بنحو 23% وانخفاض في معدل دوران الموظفين بنحو 21%. تظهر هذه الديناميكية تحولاً جوهرياً في العقد الاجتماعي للعمل.

حيث يبحث الموظفون بنشاط عن وظائف توفر رفاهية شخصية أفضل وفرصاً أكبر للتطوير وإدارة متميزة، وسط هذه البيئة يتمتع الذكاء الاصطناعي بمكانة فريدة تمكنه من معالجة هذا الواقع الجديد، من خلال تمكين قسم الموارد البشرية من الوفاء بهذه الوعود من خلال قدرته على التخصيص.

5 حالات استخدام عملية للذكاء الاصطناعي في تحسين تجربة الموظف

من خلال الاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين تجربة الموظف، يمكن للمؤسسات تعزيز التواصل بشكل أعمق وتحسين الروح المعنوية، وفي نهاية المطاف تحويل القوى العاملة الحاضرة إلى قوة عاملة منخرطة وملتزمة، ما يساعد على نجاح المؤسسة.

حالة الاستخدام الأولى: تبسيط عملية التوجيه والتأهيل

المشكلة: عادة ما تكون عمليات التوجيه التقليدية مملة وغير شخصية وتعتمد على الأوراق والعروض التقديمية العامة، ما يجعل الموظفين الجدد يشعرون بالملل وعدم التفاعل، وقد يؤخر ذلك إنتاجيتهم ويؤثر سلباً في انطباعهم عن الشركة منذ البداية.

ما هو دور الذكاء الاصطناعي؟ من خلال تحويل عملية التوجيه إلى تجربة شخصية وديناميكية، مثل أتمتة المهام الإدارية المتكررة وتقديم محتوى مخصص لكل موظف جديد حسب وظيفته، ما يقلل قلقه خلال أيامه الأولى.

أمثلة على الأدوات والحلول:

  • أداة ساب ساكسيس فاكتور SAP SuccessFactors: مساعد ذكي في كتابة رسائل ترحيب مخصصة للموظفين الجدد.
  • أداة وورك داي أسيستانت Workday Assistant: وكيل ذكي لمساعدة الموظفين الجدد في مهام مثل طلب إجازة.
  • أداة لام آبس LumApps: تقدم تجارب ترحيب وإدارة ذكية للمستندات وتتبعاً للتقدم في الوقت الفعلي.

يعود استخدام الذكاء الاصطناعي في عملية دمج الموظفين بفوائد كبيرة لكل من فرق الموارد البشرية والموظفين أنفسهم، فهو يزيد مشاركة الموظفين الجدد ويسرع إنتاجيتهم ويرفع رضاهم خلال أول 90 يوماً.

اقرأ أيضاً: كيف يتنبأ الذكاء الاصطناعي باحتمالية استقالة الموظفين؟

حالة الاستخدام الثانية: التعلم والتطوير الشخصي

المشكلة: في أغلب الأحيان تكون برامج التدريب التقليدية غير فعالة لأنها لا تراعي الاحتياجات الفردية للموظفين، هذا النهج الجامد يؤدي إلى قلة مشاركة الموظفين وضعف استيعابهم للمعلومات، ما يجعلهم يشعرون بأن الشركة لا تهتم بتطويرهم المهني.

 ما هو دور الذكاء الاصطناعي؟ من خلال إنشاء مسارات تعلم ديناميكية وشخصية، حيث تستخدم منصات التعلم التحليلات التنبؤية لتحديد الفجوات في مهارات الموظفين وتقدم لهم توصيات بدورات ومشاريع تتناسب مع أهدافهم المهنية، كما يمكن تكييف صعوبة المحتوى ووتيرته بشكل فوري بناءً على أداء الموظف، ما يضمن تجربة تعليم فعالة.

أمثلة على الأدوات والحلول:

  • أداة وورك داي سكيلز كلاود Workday Skills Cloud: تربط مهارات الموظفين باحتياجات الشركة وتقترح عليهم وظائف داخلية وفرص نمو مناسبة.
  • أداة آي بي إم سكيلز بيلد IBM SkillsBuild: تستخدم التحليلات التنبؤية لتحديد الأدوار المطلوبة في المستقبل، وتقدم برامج تدريبية لتطوير المهارات اللازمة لها.
  • أداة دوسبو Docebo: تعمل على أتمتة المهام الإدارية وتوفر محتوى تدريبياً جذاباً، بالإضافة إلى لوحات معلومات لتتبع تقدم الموظفين.

للتعلم المخصص المدعوم بالذكاء الاصطناعي فوائد كبيرة، فهو يزيد مشاركة الموظفين، كما أن تحديد المسارات المهنية الشخصية يؤدي إلى زيادة الاحتفاظ بالموظفين. علاوة على ذلك، فإن هذا النهج يحرر وقت مسؤولي الموارد البشرية للتركيز على التخطيط الاستراتيجي للقوى العاملة، ما يضمن أن الشركة ستكون مستعدة دائماً للمهارات المطلوبة في المستقبل.

اقرأ أيضاً: كيف تستخدم الذكاء الاصطناعي لتقييم أداء الموظفين؟

حالة الاستخدام الثالثة: تعزيز التفاعل من خلال تحليل المشاعر

المشكلة: تكمن المشكلة في أن الاستطلاعات التقليدية لمشاركة الموظفين لا تجرى إلا كل بضعة أشهر أو سنة، ما يوفر ملاحظات متأخرة، ومن ثم بحلول الوقت الذي تحدد فيه مشكلة ما -مثل انخفاض الروح المعنوية- ستكون قد تفاقمت بالفعل.

ما هو دور الذكاء الاصطناعي؟ استخدام خوارزميات تحليل المشاعر لتحليل النصوص من مصادر مختلفة، مثل ردود الاستبيانات والرسائل الداخلية بهدف الفهم الدقيق لمشاعر الموظفين وتوجهاتهم، وليس مجرد تصنيفها على أنها إيجابية أو سلبية.

أمثلة على الأدوات والحلول:

  • أداة كوالتريكس إكس إم ديسكفر Qualtrics XM Discover: تجمع التعليقات من قنوات متعددة لضمان فهم شامل لمشاعر الموظفين.
  • أداة لاتيس Lattice: تدمج وكلاء ذكاء اصطناعي لمراقبة مشاعر الموظفين في الاجتماعات وتقديم رؤى فورية للمدراء.
  • أداة كين كورب KeenCorp: تقدم مقياساً فورياً لمشاركة الموظفين، عن طريق تحليل بيانات المحادثات النصية في تطبيقات التواصل.

يسمح تحليل المشاعر المتقدم باستبدال الاستبيانات الدورية التقليدية بآلية ملاحظات مستمرة، هذا النهج يمكن مسؤولي الموارد البشرية من اكتشاف المشكلات ومعالجتها فور ظهورها وقبل أن تتفاقم، بالإضافة إلى ذلك يسهم في تحسين التواصل والشفافية في مكان العمل، ما يؤدي إلى زيادة عامة في مشاركة الموظفين.

اقرأ أيضاً: أدوات ذكاء اصطناعي يحتاج إليها الموظفون عن بُعد لزيادة إنتاجيتهم

حالة الاستخدام الرابعة: التحليلات التنبؤية للاحتفاظ بالموظفين

المشكلة: يشكل معدل دوران الموظفين خسارة مالية كبيرة للشركات، حيث تتراوح تكلفة استبدال الموظف الواحد بين 30% و150% من راتبه السنوي، وتكمن المشكلة في أن الإدارة التقليدية تتعامل مع هذه المسألة بشكل متأخر، أي بعد أن يقدم الموظف استقالته، ما يجعلها غير قادرة على منع هذه المشكلة من جذورها.

ما هو دور الذكاء الاصطناعي؟ تحليل مجموعة واسعة من البيانات، مثل تقييمات الأداء ومستويات المشاركة ومدة الخدمة للتنبؤ بالموظفين الذين قد يكونون عرضة لترك العمل. هذا النهج يمكن مسؤولي الموارد البشرية من التحول من إدارة رد الفعل إلى استراتيجية استباقية مبنية على البيانات للاحتفاظ بالموظفين.

أبرز الأدوات والحلول:

  • أداة فيسير Visier: تجمع المنصة بيانات الموظفين من مصادر متنوعة لتحديد أسباب ترك الموظفين العمل.
  • أداة أكيو Akkio: تمكن فرق الموارد البشرية من بناء نماذج تنبؤية مخصصة لتحديد الموظفين المعرضين لخطر الاستقالة.
  • أداة آي بي إم واتسون تالنت IBM Watson Talent : تقدم توصيات مخصصة للاحتفاظ بالموظفين المعرضين لخطر المغادرة.

تتيح التحليلات التنبؤية لمسؤولي الموارد البشرية تحديد مؤشرات خطر الهروب مثل تراجع الأداء، ما يسمح لهم بالتدخل بشكل استباقي عبر استراتيجيات مستهدفة مثل تقديم مسار وظيفي جديد أو تعديل الحوافز المالية.

حالة الاستخدام الخامسة: بوتات الدردشة للرد على الاستفسارات

المشكلة: تتمثل المشكلة في أن أقسام الموارد البشرية غالباً ما تهدر وقتها في الرد على الاستفسارات المتكررة من الموظفين حول الرواتب والمزايا وسياسات الشركة، ما من شأنه أن يمنع مسؤولي الموارد البشرية من التركيز على المهام الاستراتيجية.

ما هو دور الذكاء الاصطناعي؟ تعمل بوتات الدردشة على حل هذه المشكلة من خلال العمل مساعداً رقمياً لقسم الموارد البشرية على مدار الساعة، فهي تستخدم معالجة اللغات الطبيعية لفهم أسئلة الموظفين والتعرف إلى نواياهم وتقديم دعم فوري ودقيق ومخصص لهم.

أبرز الأدوات والحلول:

  • أداة آي بي إم آسك إتش أر IBM AskHR: تعمل على أتمتة أكثر من 80 عملية متكررة للموارد البشرية، ما يوفر وقتاً ثميناً للتركيز على المهام الاستراتيجية.
  • أداة وورك داي أسيستانت Workday Assistant: مساعد دردشة يساعد الموظفين على معرفة معلومات رئيسية، مثل كيفية طلب الإجازة أو الاطلاع على معلومات الرواتب باستخدام أوامر صوتية أو نصية.
  • أداة ماك هاير McHire من ماكدونالدز: بوت دردشة مصمم لعمليات التوظيف حيث يجيب عن أسئلة المرشحين ويجدول المقابلات.ت

تعزز المساعدات الافتراضية المدعومة بالذكاء الاصطناعي كفاءة فرق الموارد البشرية بفضل قدرتها على التعامل مع الاستفسارات الروتينية للموظفين، كما أنها تخدم الموظفين بشكل أفضل من خلال توفير إمكانية الوصول إلى المعلومات على مدار الساعة، وتحسين تجربة التواصل بشكل عام.

اقرأ أيضاً: أدوات ذكاء اصطناعي يمكنها إجراء مقابلات العمل بالنيابة عن مسؤولي التوظيف

التأثير الواقعي: دراسات حالة في تبني الذكاء الاصطناعي بالموارد البشرية

تتجلى القوة التحويلية للذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية بشكل أفضل من خلال أمثلة واقعية ذات نتائج قابلة للقياس أشهرها:

دراسة الحالة 1: تحول شركة يونيليفر في التوظيف المدعوم بالذكاء الاصطناعي

في الماضي كانت شركة يونيليفر تواجه تحدياً كبيراً في إدارة 1.8 مليون طلب توظيف سنوياً، وكانت عملية التوظيف اليدوية تستغرق وقتاً طويلاً يصل إلى 6 أشهر لكل شخص. ولمواجهة هذا التحدي تعاونت الشركة مع شركتي ذكاء اصطناعي هما باي ميتريكس Pymetrics وهاير فيو HireVue لتبسيط العملية.

ونتيجة لذلك، أصبحت عملية التوظيف تجري عبر تقييمات تفاعلية ومقابلات فيديو تحلل بواسطة الذكاء الاصطناعي، وقد أدى هذا التحول إلى نتائج مذهلة:

  • توفير نحو 50,000 ساعة من العمل اليدوي سنوياً.
  • تقليل وقت التوظيف بنسبة وصلت إلى 90%.
  • زيادة التنوع في التوظيف بنسبة 16%، حيث أسهم الذكاء الاصطناعي في تقليل التحيز البشري بالتركيز على المهارات والكفاءات.

دراسة الحالة 2: مساعد الذكاء الاصطناعي الداخلي من آي بي إم

واجهت شركة آي بي إم تحدياً شائعاً تواجهه الشركات الكبيرة، وهو الكم الهائل من استفسارات الموارد البشرية المتكررة التي تستهلك وقتاً ثميناً لكل من الموظفين ومدراء الموارد البشرية. ولحل هذه المشكلة، طورت مساعداً مدعوماً بالذكاء الاصطناعي لأتمتة عمليات الموارد البشرية الشائعة، مثل الإجابة عن الأسئلة الروتينية ومساعدة الموظفين والمدراء في مهامهم.

وقد حققت الأداة نتائج عملية بارزة أهمها:

  • توفير نحو 12,000 ساعة عمل في قسم واحد خلال ثلاثة أشهر فقط.
  • تمكين خبراء الموارد البشرية من التركيز على المهام الاستراتيجية المهمة التي تتطلب خبراتهم.
  • تعزيز إنتاجية كل من الموظفين وقسم الموارد البشرية.

اقرأ أيضاً: قائمة من أدوات الذكاء الاصطناعي تخفف عنك ضغوط العمل اليومية

الطريق إلى الأمام: مستقبل الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية

لا يزال دمج الذكاء الاصطناعي في الموارد البشرية في مراحله الأولى، مع ظهور توجهات وتقنيات جديدة تبشر بإعادة تعريف تجربة الموظف بشكل أكبر وتعزيز تجربته المهنية، إذ أصبح مستقبل العمل يعتمد على الشراكة بين الإنسان والذكاء الاصطناعي، وليس على التنافس بينهما، ومن ثم فإن الشركات التي تتبنى الذكاء الاصطناعي بوضوح وأخلاق من المتوقع أن تجني فوائد كبيرة أهمها قوة عاملة أكثر مرونة، ما يساعد على النجاح على المدى الطويل في سوق العمل التنافسية.

المحتوى محمي