حدسك صحيح: الذكاء الاصطناعي يعطي نتائج أفضل عند مخاطبته بالإنجليزية

2 دقيقة
هل يتمكن تشات جي بي تي من إزاحة مساعد جوجل الصوتي عن عرشه على أندرويد؟
حقوق الصورة: shutterstock.com/LALAKA

هل تتذكر عندما كان يطلب منك معلم اللغة الإنجليزية في المدرسة ألا تتعب نفسك بترجمة السؤال في عقلك من الإنجليزية إلى العربية، ثم التفكير في الإجابة بالعربية، ثم إعادة ترجمتها إلى الإنجليزية على الورق؟ كان يقول لك: "فكر مباشرة بالإنجليزية لتكون أسرع وأدق".

المثير أن هذا الأمر لا ينطبق على البشر فقط، بل على الذكاء الاصطناعي أيضاً!

 

ففي فبراير/شباط من عام 2025، نشر باحثون من جامعة أوكسفورد وجوجل ديب مايند دراسة علمية، لم تخضع لمراجعة الأقران بعد، بعنوان: "هل تفكر النماذج اللغوية متعددة اللغات بالإنجليزية؟"، قاد البحث ليزا شوت مع يارين غال وسيباستيان فاركوهار، وركزوا فيه على كيفية عمل النماذج اللغوية الكبيرة (LLMs) عندما تتعامل مع لغات مختلفة.

ووجد الباحثون أن هذه النماذج، مثل لاما (LLaMA) وجيما (Gemma) وآيا (Aya)، حتى عندما نتحدث إليها بالفرنسية أو الألمانية أو الهولندية أو الصينية، فإنها تجري خطوة داخلية مهمة: تفكر أولاً بالإنجليزية عند معالجة الكلمات ذات المعنى الثقيل (مثل: ماء، شمس، علم، اقتصاد)، ثم تعيد صياغة النتيجة باللغة المطلوبة.

بمعنى آخر: حدسك كان صحيحاً، الذكاء الاصطناعي يفكر بالإنجليزية قبل أن يجيبك بأي لغة أخرى.

اقرأ أيضاً: معهد قطر لبحوث الحوسبة بمؤسسة قطر يتصدى للتهديدات الرقمية للغة العربية

كيف اكتشف الباحثون ذلك؟

اعتمدت الدراسة على تقنيات لفحص ما يسمى "التمثيلات الداخلية" داخل النماذج.
فمثلاً، عندما يُطلب من النموذج كتابة جملة بالفرنسية، تظهر أدوات التحليل أن الكلمات الأساسية (مثل "البحيرة" Lac أو "الشمس" Soleil) تمر أولاً بتمثيل إنجليزي ("lake" و"sun")، ثم تترجم للفرنسية.

هذا السلوك لا ينطبق على الكلمات جميعها، بل يقتصر على الكلمات "المحملة بالمعنى"، بينما الكلمات الوظيفية (مثل حروف الجر وأدوات الربط) يعالجها النموذج مباشرة باللغة المطلوبة.

بعبارة أخرى: حتى لو طرحت سؤالاً بالعربية أو الفرنسية، فإن النموذج يترجم داخلياً إلى الإنجليزية ليجري عملية الفهم والاستدلال، ثم يعيد صياغة الجواب.

لماذا الإنجليزية؟

  • التدريب المكثف: معظم البيانات التي تدربت عليها النماذج تأتي من مصادر إنجليزية.
  • التنوع الضخم: المحتوى الإنجليزي على الإنترنت أكثر غنى وتنوعاً من معظم اللغات الأخرى.
  • التأثير الثقافي: الإنجليزية أصبحت لغة وسيطة (Lingua Franca) في العلم والتقنية، وهذا ينعكس في طريقة تفكير الذكاء الاصطناعي.

هذا يجعل "حيز التفكير الداخلي" للنموذج أقرب إلى الإنجليزية، خصوصاً عند التعامل مع المفاهيم الأساسية (مثل: ماء، شمس، علم، إدارة).

ماذا يعني هذا للمستخدم العادي؟

  1. نتائج أكثر دقة بالإنجليزية: إذا طرحت سؤالك بالإنجليزية، فستزيد فرص الحصول على إجابة أدق وأسرع.
  2. ترجمة داخلية قد تضعف الجودة: عند إدخال السؤال بالعربية أو الفرنسية، يضيف النموذج طبقة ترجمة داخلية، ما قد يؤدي إلى أخطاء أو ضعف في الصياغة.
  3. تحيز ثقافي ملحوظ: بما أن "التفكير الداخلي" يجري بالإنجليزية، فقد تميل الإجابات إلى منظور ثقافي غربي أكثر مما هو محلي.

ملاحظة مهمة

هذه الدراسة ركزت على أربعة نماذج مفتوحة المصدر هي ميسترال وآيا وجيما ولاما، ولم تشمل النماذج الأكثر استخداماً تجارياً مثل تشات جي بي تي أو جيميناي أو غروك.
لكن النتائج توحي بأن الظاهرة قد تكون شائعة أيضاً في هذه النماذج، لأن بنيتها التدريبية متقاربة وتعتمد بدورها على الإنجليزية بشكل كبير.

اقرأ أيضاً: حذار من التعلق العاطفي ببوتات الدردشة

نصائح لاستخدام أفضل للذكاء الاصطناعي

  • اكتب بالإنجليزية متى استطعت: خصوصاً إذا كان موضوعك تقنياً أو علمياً معقداً.
  • قسم أسئلتك بالعربية إلى جمل قصيرة: تجنب الجمل الطويلة أو المعقدة عند الكتابة بالعربية، فهذا يقلل الأخطاء.
  • جرب الاستراتيجية المزدوجة: اكتب السؤال بالإنجليزية، واطلب من النموذج أن يترجم الإجابة للعربية.
  • كن واعياً للتحيز: إذا كنت تبحث عن أمثلة مرتبطة بالثقافة العربية، وضح ذلك في السؤال (مثلاً: "أعطني أمثلة من الشرق الأوسط").

الدراسة أثبتت أن النماذج اللغوية الكبيرة لا تفكر بلغتنا الأم مباشرة، بل تفكر بالإنجليزية أولاً.
وهذا لا يعني أن استخدامها بالعربية عديم الفائدة، بل يعني ببساطة أننا إذا عرفنا طريقة تفكيرها، يمكننا أن نتعامل معها بذكاء أكبر لنحصل على أفضل النتائج.

المحتوى محمي