تمكنت العربة الجوالة بيرسيفيرينس التابعة لناسا من الهبوط بأمان على سطح المريخ. وقد نجت المركبة من رحلتها عبر الغلاف الجوي المريخي، وحققت هبوطاً سلساً في فوهة جيزيرو. وبعد الهبوط بفترة قصيرة، أرسلت العربة هذه الصورة من سطح المريخ باستخدام كاميرات نظام تفادي الأخطار، الذي ستستخدمه أثناء الحركة. وهي صورة محجوبة جزئياً بسبب الغبار.
ماذا حدث بالضبط؟
بدأت بيرسيفيرينس يوم الثلاثاء المنصرم بعد الظهر عمليةَ الهبوط عبر الغلاف الجوي المريخي، وهي عملية أُطلق عليها (تحبباً) اسم: دقائق الرعب السبع. غير أن المركبة تمكنت من النجاة من درجات الحرارة الحارقة بفضل درعها الحراري. وبعد أن أطلقت مظلاتها دون مشاكل، تمكنت العربة الجوالة من تحديد موقع آمن للهبوط والمناورة باتجاهه، ومن ثم قامت أداة الهبوط بإنزال المركبة نحو السطح. وقد أكدت ناسا تحقيق هبوط ناجح في الساعة 3:55 ظهراً بتوقيت شرق الولايات المتحدة. وخلال هذا الهبوط، انتقلت بيرسيفيرينس من سرعة تفوق 19,000 كيلومتر في الساعة إلى 2.7 كيلومتر في الساعة خلال سبع دقائق فحسب.
ونظراً للمسافة الفاصلة بين المريخ والأرض، فإن الاتصالات بين مركز التحكم بالبعثة في ناسا والمركبة الفضائية تتعرض لتأخير زمني قدره 11 دقيقة. وهذا يعني أن عملية الهبوط بأسرها نُفذت بشكل آلي من قِبل المركبة؛ فقد قامت أنظمتها المحمولة بتتبع الأخطار على السطح أثناء الهبوط، وتمكنت من إبعاد العربة الجوالة عن أي مخاطر.
ماذا تفعل هذه العربة الجوالة على المريخ بالضبط؟
قدمت لنا العربات الجوالة السابقة (سوجورنير، وسبيريت، وأوبورتيونيتي، وكيوريوسيتي) معلومات هامة حول الوضع الحالي للمريخ، إضافة إلى تاريخه. وقد توصل العلماء إلى أن الكوكب كان فيما مضى كوكباً دافئاً يعج بالبحيرات والأنهار، وأنه كان موطناً لمواد عضوية معقدة. وتشير هذه المكونات الأساسية مجتمعة إلى أن المريخ كان ربما موطناً لحياة ميكروبية في الماضي السحيق.
وتتلخص مهمة بيرسيفيرينس الأساسية في البحث عن أدلة على وجود هذه الحياة القديمة. وقد تم تزويد هذه العربة الجوالة بترسانة تتألف من 23 كاميرا ومجموعة من الأدوات المصممة للبحث عن الآثار البيولوجية وكشفها، مثل الحموض الأمينية والحموض الدهنية، أو غير ذلك من الأدلة المجهرية التي تشير إلى وجود شكل ما من أشكال الحياة على سطح المريخ في الصخور. ستقوم العربة أيضاً بثقب الصخور المريخية وجمع عينات ستُرسل إلى الأرض في العقد المقبل لإجراء دراسات مخبرية مفصلة عن كثب، وستكون أول عينة يتم جلبها إلى الأرض من المريخ.
أما فوهة جيزيرو -وهي موقع الهبوط- فهي حوض بحيرة سابقة مع دلتا قديمة يحتمل أن المياه كانت تترك فيها كميات من الرواسب التي يمكن أن تحفظ مواداً متحجرة أو غير ذلك من الأدلة على وجود الحياة. والآن، سيمضي مركز التحكم في البعثة عدة أسابيع في اختبار ومعايرة الأدوات قبل أن تبدأ العربة الجوالة باستكشاف جيزيرو بكل جد ونشاط هذا الصيف.
الكثير من التكنولوجيات الجديدة
ستجري بيرسيفيرينس أيضاً بعض الاختبارات العلمية والتكنولوجية المثيرة للاهتمام إلى درجة كبيرة؛ حيث ستقوم أداة موكسي (MOXIE) بتحويل ثاني أكسيد الكربون إلى أكسجين (وتبين إمكانية استثمار هذه التكنولوجيا يوماً ما في مستوطنة مريخية)، كما يمكن أن تثبت حوامة صغيرة تحمل اسم إنجينويتي إمكانية تنفيذ مهام جوية على المريخ وأماكن أخرى في النظام الشمسي.
أيضاً، تحمل بيرسيفيرينس ميكروفونين لالتقاط الصوت أثناء هبوط العربة الجوالة عبر الغلاف الجوي إضافة إلى أصوات السطح المريخي وأصوات الرياح خلال فترة البعثة.
الكوكب الأحمر يضج بالنشاط
تمثل بيرسيفيرينس، التي تم إطلاقها في الصيف المنصرم، إحدى ثلاث بعثات جديدة إلى المريخ. أما البعثتان الأخريان -وهما مسبار الأمل التابع للإمارات العربية المتحدة وبعثة تيانوين-1 التابعة للصين– فقد وصلتا إلى مدار المريخ في الأسبوع الماضي. سيبقى مسبار الأمل في المدار لدراسة الغلاف الجوي، على حين أن تيانوين-1 تتضمن عربة جوالة ستحاول الهبوط على سطح المريخ في مايو.